بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على سيد المرسلين
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الاخوة الكرام :
يقول المولى عز وجل فى سورة محمد الآية 24
"أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها"
ويقول أيضا فى سورة النساء الآية 82
"أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه إختلافا كثيرا"
واستجابة لهذه الدعوة الكريمة نبدأ موضوعنا وهو يتعلق هذه المرة بقوامة الرجال على النساء
ولا أريد ان أخوض فى مجدالاته ولكنى فقط أريد ان أنبه الى كلمة واحدة من ثلاثة أحرف غاية
فى البلاغة وهى ترمى بسهم فى قلب الموضوع إلا ان احدا لم يعتبرتلك الآية من ضمن الآيات
المتعلقة بالقوامة.
عندما بدأت اكتب هذا الموضوع استوقفتنى كلمة أخرى فى نفس الآية جعلتنى انشغل بها عن هذا الموضوع ونشرت الجزء الاول من بحث عن العبودية بعنوان
"شرف العبودية لله ومقاماته ( بحث جديد به مفاجآت)"
فصدق الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام عندما قال "من عمل بما علم علمه الله ما لم يعلم "
نسأل الله تعالى ان يزيدنا علما وان ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا
ونعود لموضوعنا عن القوامة أى قوامة الرجال على النساء
وأول شىء يخطر بالبال اننا نتحدث عن الرجال والنساء
من اى ملة كانوا وفى اى مكان او زمان
وبالرغم من انى لا احب الجدال ولا افضل الخوض فى المواضيع الجدلية ، رأيت انه من واجبى
ان الفت النظر الى هذه الكلمة التى وردت فى آية كريمة لم ترد ضمن مجادلات الطرفين المنكر والمصر على قوامة الرجال على النساء
وهى تؤكد لنا وجود النظرة الشاملة فى القرآن ، بمعنى انك لا تجد اى اختلاف فى امر القوامة فى القرآن سواء نظرت إليه من وجهة نظر الرجال ام من وجهة نظر النساء
هذه الآية لم تذكر القوامة باللفظ ولكن المعنى واضح
فهى تتحدث عن علاقة بين رجلين وإمرأتين عاشوا فى زمنين مختلفين
والكلمة هى كلمة "تحت"
الواردة فى سورة التحريم
فى الآية رقم 10
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ
سبحان الله
سيدنا نوح عليه السلام عاش فى الزمن القديم
وسيدنا لوط عليه السلام عاش فى زمن سيدنا ابراهيم وبينه وبين سيدنا نوح آلاف السنين ، إلا ان الآية الكريمة ربطت بينهما وبين إمرأتيهما فى وصف واحد .
هاتين الإمرأتين كانتا برضاهما "تحت" هاذين العبدين الصالحين
وهل من الممكن ان تكون هذه العلاقة "التحتية" إلا علاقة عادلة مع عبدين صالحين
من عباد الله ؟
أيجوز لعبد صالح يخاف الله ان يطغى على إمرأة تحت إمرته او قيادته او سلطته ؟
هنا القوامة لم تذكر باللفظ
ولربما هذا هو السبب ان عمي هذا المعنى عن المجادلين
وظهر السر للمتدبرين
فلله الحمد
وأحمدك اللهم أنى أحمدك
إن التأمل والتدبر فى هذه الكلمات "عبدين صالحين من عبادنا " هو الذين قادنى الى بحث " شرف العبودية لله ومقاماته".
فكأن القرآن العظيم يرينا صورة أخرى لنفس الامر وهو قوامة الرجال على النساء
فعندما ننظر الى الامر من زاوية الرجال نجد "على" فى قوله تعالى
{الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم } (النساء:34)
وعندما ننظر إليه من زاوة النساء نجد "تحت"
وعندما ننظر إليه من زوايا أخرى نجد
(ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة) (البقرة: 228)
وهذه العلاقة التى يطيب لى ان أسميها "التحتية" كانت برضى الطرفين وأن الاخلال بها
وصف بأنه خيانة فى قوله تعالى "فخانتاهما"
فأستحقا بذلك عقابين فى الدنيا والآخرة
ففى الدنيا إحداهما كانت من المغرقين
والاخرى خسف بها الارض
وفى الآخرة لم تغنى عنهما صلتهما القديمة برسل الله من دخول النار.
أسأل الله تعالى أن يعاقب نساء هذا الزمان اللواتى لا يرضين بسنة الله فى خلقه
كما عاقب إمرأتى نوح ولوط عليهما وعلى نبينا السلام .
وأسأل الله ان يصبرنا على ايذائهن .
وفقنا الله جميعا الى فهم كتابه والتدبر فى آياته والامتثال لاوامره وإجتناب نواهيه
والصلاة والسلام عليك يا سيدى يا رسول الله
وعلى آلك وصحبك ومن والاك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المفضلات