لا بد وأن يكون من يتابع الشأن العراقي , قد سمع بذلك التحالف القبائلي والعشائري في العراق .
سبب هذا الأمر وسبب تكراره في مضى لأكثر من مره , بدأ ببداية القرن التاسع عشر حينما حاول أحمد النراقي وهو برتبة سيد , تجديد فكره فارسيه تنم عن رغبه طامعه وجشعه في استعادة الحكم الفارسي على العراق العربي , وعنوان الفكرة هو جواز الحكم بالنسبه للفقهاء ..
فكرة ولاية الفقيه بدأت قبل ذلك بزمن , فبعد سقوط الدوله الصفويه في ايران " لا أعادها الله " وهجرة أعداد كبيرة من العلماء والمواطنين الفرس الشيعة الى العراق وخصوصا الى كربلاء , حاولت تلك الأهواء الفارسيه تعميم مسألة ولاية الفقيه بين العراقيين , ففي تلك الأثناء كان الفكر السياسي الشيعي يتطور ويتقدم خطوة كبيرة الى الأمام بقبول علماء الشيعة منذ أيام الشيخ علي عبد العالي الكركي(940هجرية) بنظرية (النيابة العامة عن الامام المهدي) ، وقد تطورت المرجعية الدينية على يدي السيخ " حرفت الشين الى سين عمدا " جعفر كاشف الغطاء , بعد قوله بوجوب اخراج الخمس وتسليمه الى (مراجع الدين) , وذلك الأمر لتقوية الفقهاء السياسيون الفرس ولتضعيف المدخرات العراقيه . ثم شهد الفكر السياسي لمراجع الدين بعد أن تغلغلوا بين العراقيين , حالات من التعاون والتنسيق بين المراجع وسلاطين الشيعة الصفويين والقاجاريين في ايران ، ولكنه لم يرتق الى مستوى استلام السلطة ..... والسبب :
أن الفكر السياسي الشيعي العام في العراق , يعتبر اقامة اي شكل من الحكومة نوعا من اغتصاب السلطة الشرعية المحصورة بالامام المعصوم الغائب .
الأمر الآخر هو قيام العشائر العربيه الشيعيه بالإتحاد فيما بينها في الجنوب كاتحادات الخزاعل والمنتفق وبني لام , لمواجهة الاتحادات الفقهيه العراقيه الإيرانيه التي أقامة مجلس شورى تحت اشراف الفقهاء في الجنوب .
مما لا جدال فيه أن الدم العربي يرفض أن يكون في مستوى دوني أو في وضع خدماتي لأعراق أخرى غير عربيه كالأتراك أو البريطانيين وغيرهم , وهذا ما حدث أن اتحدت القبائل العربيه الشيعيه مرة أخرى , ولكن بتوسع لتشمل قبائل سنيه أخرى في الموصل والشمال مثل شمر والعشائر البغداديه و الأحزاب التي فيها , والتي تدعوا الى الأستقلال ووحدة الأرض .
فعندما استفتى الحاكم البريطاني السير ويلسون الشعب العراقي بين الإستقلال أو البقاء تحت الوصايه البريطانيه , أفاض الشعب العراقي وبجميع طوائفه وميوله وأهوائه الى رغبته في الاستقلال فوق وطن عربي يرأسه ملك مسلم من أحد أبناء الشريف حسين , وهذا ماأصدره المندوبون السنة والشيعة في بيانهم في 22 كانون الثاني 1919 , متجاهلين " بالنسبه للشيعه " أصحاب العمائم من عملاء فارس ومتجاهلين أيضا سنية الأشراف !!
مسألة ولاية الفقيه لم تنتهي , فقد أتى مجدد البدع , والخميني من أعني بهذه المسأله , وألف عنها كتابا يحدد الضوابط والروابط عن ولاية الفقيه , هو في واقع الأمر يدعوا الى أن يتولى هو الولايه نيابة عن الإمام المهدي المزعوم , الا أنه نبذ وطرد من كربلاء حيث كان لاجئا فيها , قابعا تحت ضوء خافت من مصابيح الضلال , يكتب ما رفضه العراقيون سابقا .... ولاحقا .
وهذا ما جعل القبائل والعشائر العراقيه الآن بإعادة الاتحاد السابق فيما بينها بعد أن رأت الأخطار التي تحدق بوطنهم الأبي العراق من جهة الشرق الفارسي والشمال التركي والمحيط الأميركي .
ما لفت نظري هو أن اسم قبيلة شمر قد ظهر في أول يوم من صدور بيان الاتحاد العشائري العراقي , الا أنني لم أشاهده فيما بعد , فلا أدري هل سقط الإسم سهوا أم ماذا ؟
أيضا ما لفت نظري هو ما يقال عن أن عزة إبراهيم قد شن في اجتماع عقد بالموصل , هجوماً على عشائر شمر وعوائل من مدينة الموصل واتهمها بالتآمر والعمالة لجهات أجنبية وعربية ... هذا الأمر ان صح " ولا أجزم به " يدعوا للتفكير والتحير في آن واحد !!
فمعروف أن شمر لها شأن ومقام في العراق لا ينكره أحد , كما أنها قد أحدثت توازنا في الشمال العراقي بين الأكراد " المارقين " والعرب , ناهيك عن أن الوضع العراقي القائم لا يحبذ أن يصدر من مسؤول عراقي هذا الأمر ضد قبيلة مثل شمر , لها ميول قوميه ودفاعيه عن وحدة العراق وسلامة أراضيه , ما يستشهد بها في التاريخ العراقي .
أمر آخر ورد علي في هذا الأمر ... وهو الفريق ركن فوزي الشمري والذي انشق من الحزب الحاكم العراقي وذهب الى واشنطن , وقد رشح الشمري ليكون بطلا لأحد السيناريوهات الأميركيه , حيث رسم له أن يستولي على الحكم بعد أن تستحدث زعزعه وانشقاقات في الحرس الجمهوري العراقي بمساعدة الشمري وبسمعته الموثوق بها بين أفراد الحرس وبين شعب العراق أيضا ...
الا أن الشمري قد همش وأبعد من الخطط الأميركيه تماما , بل أنه لم يكن من ضمن الضباط السبعين والمنشقين , الذين اجتمعوا مؤخرا في بريطانيا !!
ما يقال عن الشمري فوزي هو أنه رفض الخطط الأميركيه والتي ترمي الا استنفاذ المقدرات والآليات لدى الجيش العراقي , وجعله في مستوى ضعيف لا يكاد يدفع الضر عن العراق , كذلك رفض الفريق الشمري الرغبه الجامحه الأميركيه في تجويع الشعب العراقي وتعريضه للقتل والقصف والمواد الفتاكه السرطانيه التي تريد أميركا أن تجربها أولا على العراق ... وأي ابن للعراق يرضى بهذا , الا إذا لم يكن من من تربى بين عراق النخل وعراق النهر بلد العزة والصمود بلد ... الأعراق ؟
المفضلات