انتبهت مؤخرا ومع تقدمي في السن كثرة حالات الوفاة التي أشهدها وعدد الجنائز الكبير الذي أحضره فما تكاد تمر أيام قليلة إلا وأسمع أن فلانا قد توفاه الله عز وجل والصلاة عليه في المسجد الفلاني بعد الصلاة الفلانية وسيدفن في المقبرة الفلانية حتى أصبح الأمر شبه اعتيادي يمر مرور الكرام ولا يحرك المشاعر أبدا.
نعم الموت حق ولا مهرب منه ولا مفر وكلنا لا محالة إليه صائر


هو الموت ما عنه ملاذ ومهربُ
متى حُطّ ذا عن قبره ذاك يركبُ


ولكن كثرة المساس كما يقولون تميت الإحساس والإنسان إذا ألف شيئا أصبح لا يهتم له كثيرا لذلك أصبحنا لا نتأثر بهذا الأمر المهم والخطب الجلل الذي أوصانا نبينا صلى الله عليه وسلم بالإكثار من ذكره.


قبل أيام شاهدت مجموعة من الناس تضحك في المقبرة وأثناء دفن أحد الجنائز فاستغربت من هذه الاستهانة فلما أنكر عليهم أحد الحاضرين قال أحدهم معتذرا: نسأل الله السلامة يا إخوان والله صرنا نحضر للجنائز من باب أداء الواجب الاجتماعي لا أكثر قتبلدت مشاعرنا مع الأسف.


كلنا ذاك الرجل ولكن الإنسان يحاول بين حين وآخر أن يتحسس قلبه وأن يذكر نفسه أنه لا محالة ميت وأنه حتما سيحاسب ويسأل وأن هؤلاء الراحلين من المقصرين لو قدر لهم تمني أمنية واحدة لقالوا بصوت واحد (ربّ ارجعون) وأنى يستجاب لهم؟!


كل ابن أنثى وإن طالت سلامته
يوما على آلة حدباء محمولُ