في هذا الزمان ومع تعقيدات الحياة المتزايدة ومع انتشار ثقافة سوء الظن وتفسير النوايا وعدم التماس الأعذار أصبح الكلام مع الآخرين وتبادل الأحاديث معهم من الأمور الصعبة جدا فأنت تحرص على انتقاء ألفاظك بعناية فتكتب في ذهنك كلمة قبل أن تسارع بشطبها والحيلولة دون وصولها إلى لسانك وتجد نفسك تقدم رجلا في كلامك وتؤخر أخرى دون أن تشعر وكأنك تسير في حقل من الألغام.
أصبح البحث عن إنسان لا تتكلف في الحديث معه ولا تراعي جانب إفساد الود بينكما وأنت تتحدث معه أصعب من البحث عن إبرة في كومة قش حتى إنك إذا ما وفقك الله في الحصول على واحد من هذا النوع فعض عليه بالنواجذ وحاذر من إخبار الآخرين عنه حتى لا تصيبكما عين حاسد.
في السابق كنت أبدي استغرابي من أولئك الذين يدفعون الأموال للذهاب إلى الأخصائيين النفسيين للحديث معهم والبوح بكل مكنونات النفس لهم دون مراعاة لأي جانب ودون الخوف من إفشاء الأسرار واليوم أجدني أميل لالتماس العذر لهم فلعلهم بحثوا في من حولهم عن من يقدم لهم هذه الخدمة بالمجان فلم يجدوا فذهبوا يبحثون عنها بمقابل مادي.
لأن الكلام مع الآخرين دون حذر صار صعبا ولأن البوح بمكنونات النفس معهم صار خطيرا فأنا مع من يقول (الحكي صار أصعب من معافر الخيل النشيطة)