النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: خطبة جمعة بعنوان ( الغيبة والنميمة )

  1. #1
    مشرف المضايف الإسلامية الصورة الرمزية الشيخ/عبدالله الواكد


    تاريخ التسجيل
    09 2001
    الدولة
    www.alwakid.net
    العمر
    60
    المشاركات
    1,693
    المشاركات
    1,693

    خطبة جمعة بعنوان ( الغيبة والنميمة )



    خطبة جمعة

    بعنوان
    (الغيبة والنميمة)
    27/6/1444 ه

    عبدالله فهد الواكد

    جامع الواكد بحائل

    الخُطْبَةُ الأُولَى
    الحَمْدُ للهِ ، إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ، يُعذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ ، خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ ، تَرَادَفَتْ عَلَيْنَا نِعَمَهُ ، وَتَوَالَتْ بِنَا آلاَؤُهُ، وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ] [النحل: 53].
    وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ وَصَحَابَتِهِ الأَخْيَارِ الذِينَ هَدَوْا بِالحَقِّ وَبِهِ كَانُوا يَعْدِلُونَ،
    أَمَّا بَعْدُ : فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ القَائِلِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [الحديد: 28].
    إتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَابْتَغُوا الكَرَامَةَ فِي التَّقْوَى ، وَالِعبَادَةَ فِي الوَرَعِ ، وَالأُنْسَ فِي القُرْآنِ ، وَالنَّصْرَ فِي الصَّبْرِ ، وَالغِنَى فِي القَنَاعَةِ ، وَالنَّجَاةَ فِي الصِّدْقِ ، وَالشُّكْرَ فِي الرِّضَا ، وَالرَّاحَةَ فِي تَرْكِ الحَسَدِ ، وَثُقْلَ المِيزَانِ فِي حُسْنِ الخُلُقِ ، وَالسَّلاَمَةَ فِي حِفْظِ اللِّسَانِ .
    أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : مَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ ضَعْفِ الدِّيَانَةِ ، وَقِلَّةِ الوَرَعِ ، وَمُوبِقَةٌ مِنْ مُوبِقَاتِ الآثَامِ ، وَحَالِقَةٌ مِنْ حَالِقَاتِ الدِّينِ ، تَنْهَشُ فِي الأَعْرَاضِ وَالحُرُمَاتِ ، خَصْلَةٌ مِنْ خِصَالِ السُّوءِ ذَمِيمَةٌ ، وَكَبِيرَةٌ قَاتِمَةٌ دَمِيمَةٌ ، إِنَّها الغِيبَةُ وَكَذَلِكُم النَّمِيمَةُ ، تَغْشَى النَّاسَ فِي تَجَمُّعَاتِهِمْ وَمَجَالِسِهِمْ وَمُنْتَدَيَاتِهِمْ ، لَا يَكَادُ يَسْلَمُ مِنْهَا أَحَدٌ ، لَا عُلَمَاءُ وَلَا عَامَّةٌ ، وَلَا رِجَالٌ وَلَا نِسَاءٌ ، وَلَا صِغَارٌ وَلَا كِبَارٌ ، جُرْمُهَا خَطِيرٌ، وَعِلَاجُهَا عَسِيرٌ، وَدَاؤُهَا يَهْدِمُ المُجْتَمَعَاتِ ، وَيُقَوِّضُ الأَبْنِيَةَ ، وَيَقْطَعُ العُرَى ، وَيُمَزِّقُ الأَوَاصِرَ ، وَيُوغِرُ الصُّدُورَ، وَيَشْحَنُ النُّفُوسَ ، وَيُفْسِدُ المَوَدَّةَ ، وَيَنْشُرُ الضَّغَائِنَ ، وَيُوَلِّدُ الأَحْقَادَ .
    دَاءٌ يَهْتِكُ الأَسْتَارَ، وَيَنْتَقِصُ الأَخْيَارَ ، وَيُلَفِّقُ الأَخْبَارَ ، يَشْتَرِكُ فِي جُرْمِهَا الضَّيْفُ وَالمُضِيفُ وَالقَائِلُ وَالسَّامِعُ ، إِنَّهَا ضِيَافَةُ الفُسَّاقِ ، وَجُهْدُ الكُسَالَى وَالمُحْبَطِينَ ، وَمَرْتَعُ اللِّئَامِ ، أَصْحَابُهَا أكَلَةُ لُحُومِ البَشَرِ وَجِيَفِهِمْ ، إِنَّهَا الغِيبَةُ ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا الغِيبَةُ ، وَالنَّمِيمَةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَالنَّمِيمَةُ ، وَقَاكُمْ اللهُ مِنْهَما ، وَصَرَفَكُمْ عَنْهَما ، قَالَ تَعَالَى {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ. هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ. مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ. عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ. أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ. إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ. سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} والنَّمَّامُ أَو المَشَّاءُ بِالنَّمِيمٍ يا عِبَادَ اللهِ : هُوَ مَنْ يَمْشِي بَيْنَ النَّاسِ بِمَا يُفْسِدُ قُلُوبَهُمْ، وَيَقْطَعُ صِلَاتِهِمْ، وَيَذْهَبُ بِمَوَدَّاتِهِمْ .
    أَيُّهاَ المُسْلِمُونَ : أَتَدْرُونَ مَا أَرْبَى الرِّبَا : إِنَّهُ اسْتِطَالَةُ المَرْءِ فِي عِرْضِ أَخِيهِ ، حَدَّهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبَيَّنَهَا بَيَانًا شَافِيًا فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : « الغِيبَةُ : ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ »
    أَتَنْتَقِصُ أَخَاكَ فِي خَلْقِهِ وَخُلُقِهِ ، وَدِينِهِ وَدُنْيَاهُ ، وَبَدَنِهِ وَلِبَاسِهِ ، وَوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ ، وَزَوْجِهِ وَأَهْلِهِ ، وَخَادِمِهِ وَهَيْئَتِهِ ، وَعَمَلِهِ وَتَعَامُلِهِ ، وَحَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ ،
    الغِيبَةُ بِالقَوْلِ تَقَعُ ، وَبِالفِعْلِ تَقَعُ ، وَبِالوَصْفِ تَقَعُ ، وَبِالحَرَكَاتِ تَقَعُ ، وَبِالإِشَارَاتِ تَقَعُ ، وَبِالرُّمُوزِ تَقَعُ ، تَصْدُرُ عَنْ اليَدِ وَاللِّسَانِ ، وَعَنْ العَيْنِ وَالبَنَانِ ، وَعَنْ الغَمْزِ وَالهَمْزِ وَاللَّمْزِ ، لَا تَنْقَصِرُ فِي طَرِيقَةٍ ، وَلَا تَنْحَصِرُ فِي وَثِيقَةٍ ، تَلُوكُهَا بَوَاعِثُ النُّفُوسِ ، وَتَسُوسُهَا مَآرِبُ الرُّؤُوسِ ، يُخْرِجُهَا المُغْتَابُ حِيناً فِي قَالَبِ التَّدَيُّنِ وَالصَّلاَحِ ، وَالعَفَافِ وَالوَرَعِ ، فَتَرَاهُ يَقُولُ : فُلَانٌ غَفَرَ اللهُ لَنَا وَلَهُ ، فَيهِ كَذَا وَكَذَا ، لَعَلَّ اللهَ أَنْ يُعَافِيَهُ ، وَيُخْرِجُهَا تَارَةً فِي صِيغَةِ التَّعَجُّبِ فَيَقُولُ : أَعُوذُ بِاللهِ ، كَيْفَ يَفْعَلُ فُلَانٌ كَذَا ، وَكَيْفَ يَفْعَلُ فُلَانٌ كَذَا ،
    وَيُلْبِسُهَا تَارَةً أُخْرَى ، ثَوْبَ التَّحَسُّرِ وَالمَحَبَّةِ وَالشَّفَقَةِ ، فَيَقُولُ : لَقَدْ آلَمَنِي حَالُ فُلَانٍ ، وَضَايَقَنِي أَمْرُ فُلَانٍ ، لِمَا فَعَلَ كَذَا وَكَذَا ، عَافَانَا اللهُ وَإِيَّاهُ ، وَيَسُوقُهَا المُغْتَابُ تَارَةً تَعْرِيضاً بِالكَلَامِ ، فَإِذَا سُئِلَ كَيْفَ حَالُ فُلَانٍ؟ قَالَ : أَصْلَحَنَا اللهُ وَإِيَّاهُ ، وَ عَافَانَا اللهُ وَإِيَّاهُ ، وَ هَدَانَا اللهُ وَإِيَّاهُ ، وَيُورِدُهَا المُبْتَلَى حِيناً بِأِسْلُوبِ الإِنْكَارِ ، وَقَصْدُهُ التَّنْكِيرُ وَالتَّشْهِيرُ ، فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ .
    أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : قَرَّرَ أَهْلُ العِلْمِ ، أَنَّ مُجَرَّدَ سُوءِ الظَّنِّ بِالمُسْلِمِ ، يُعْتَبَرُ مِنْ الغِيبَةِ ، قَالَ الإِمَامُ الغَزَالِيُّ رَحِمَهُ اللهُ : " إِذَا قَالَ بِلِسَانِهِ : اسْكُتْ ، وَهُوَ يَشْتَهِي اسْتِمْرَارَهُ فَهُوَ نِفَاقٌ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ الإِثْمِ".
    وَالغِيبَةُ حَفِظَكُمْ اللهُ مِنْهَا : لَيْسَ لِطَرَائِقِهَا حَدٌّ وَلَا لِأَبْوَابِهَا سَدٌّ ، وَحِينَمَا سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُ : أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ : « إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ اغْتَبْتَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ » أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ.
    وَيَقُولُ الحَسَنُ رَحِمَهُ اللهُ : " ذِكْرُ الغَيْرِ : ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ : الغِيبَةُ وَالبُهْتَانُ وَالإِفْكُ ، فَالغِيبَةُ : أَنْ تَقُولَ مَا فِيهِ ، وَالبُهْتَانُ : أَنْ تَقُولَ مَا لَيْسَ فِيهِ ، وَالإِفْكُ : أَنْ تَقَولَ مَا بَلَغَكَ عَنْهُ".
    أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : يَخُوضُ المُتَخَوِّضُونَ فِي شَبَكَاتِ المَعْلُومَاتِ وَالإِنْتَرْنِتْ ، وَخُصُوصاً فِي تُويتَرْ ، فِي نَشْرِ المَعَايِبِ وَالمَثَالِبِ ، وَمَنْ دَخَلَ تُويتَرْ أَدْرَكَ خُطُورَةَ الأَمْرِ ، وَعِظَمَ بَلَاءِ مَنْ سَاخَ فِي وَحْلِهَا ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ ، فَكَمْ مِنْ مُسْلِمٍ تَهَاوَنَ فِي أَمْرِهَا ، جَرَّدَ لِسَانَهُ مِقْرَاضًا لِلأَعْرَاضِ ، وَمَحَشًّا لِلْحُرَمَاتِ ، فَهَذَا طَويلٌ ، وَذَاكَ قَصِيرٌ، وَهَذَا أَحْمَقٌ، وَذَاكَ فَاسِقٌ ، وَهَذَا مُنَافِقٌ ، وَذَاكَ مُدَاهِنٌ ، فَيَا لَلْأَسَى ، تَوَرَّعَ عَنْ الظُّلْمِ وَالفَوَاحِشِ ، وَصَلَّى وَصَامَ ، وَتَصَدَّقَ عَلَى الأَرَامِلِ وَالأَيْتَامِ ، وَلِسَانُهُ يَفْرِي لُحُومَ الأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رِضِيَ اللهُ عَنْهُ : ( وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ قَالَ مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ )
    أَيُّهَا النَّاسُ : مَجَالِسُ الغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ ، هِيَ مَجَالِسُ الفِتْنَةِ وَالشَّرِّ وَالبَلَاءِ ، هِيَ مَحَارِقُ الحَسَنَاتِ ، تُؤكَلُ فِي هَذِهِ المَجَالِسُ ، لُحُومُ المُؤْمِنِينَ ، وَتُنتَهَكُ فِيهاَ أَعْرَاضُ الغَافِلِينَ ، مَوَائِدُ هَلَاكٍ ، وَمَسَالِكُ تِيهٍ وَخُسْرَانٍ ، وَمَجَالِسُ وَقِيعَةٍ وَأَذَى ، يَقُولُ سُفْيَاُن بْنُ عُيَيْنَةَ رَحِمَهُ اللهُ : " الغِيبَةُ أَشَدُّ عِنْدَ اللهِ مِنْ الزِّنَا وَشُرْبِ الخَمْرِ ، لِأَنَّ الزِّنَا وَشُرْبَ الخَمْرِ ، ذَنْبٌ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِنْ تُبْتَ تَابَ اللهُ عَلَيْكَ ، وَأَمَّا الغِيبَةُ لَا يُغفَرُ لَكَ حَتَّى يَغْفِرَ لَكَ صَاحِبُكَ". فَمَنْ وَقَاهُ اللهُ شَرَّ مَا بَيْنَ لِحْيَيْهِ وَشَرَّ مَا بَيْنِ رِجْلَيْهِ دَخَلَ الجَنَّةَ .
    مَعَاشِرَ المُسْلِمِينَ : حِينَمَا عُرِجَ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَرَّ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ ، يَخْمِشُونَ بِهاَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ ، فَقَالَ : « يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ : هَؤُلَاءِ الذِينَ يَأكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ » أَخْرَجَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَهُوَ صَحِيحُ الإِسْنَادِ.
    وَفِي الصَّحِيحِ ، عَنْ عَائِشَةَ رِضِيَ اللهُ عَنْهَا ، قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا َوكَذَا ، تَعْنِي: أَنَّهَا قَصِيرَةٌ ، فَقَالَ : « لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ البَحْرِ لَمَزَجَتْهُ » أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ ،
    فَيَا أَيُّهَا المُغْتَابُ : كَمْ مِنْ أَشْعَثٍ أَغْبَرٍ خَيْرٌ مِنْكَ عِنْدَ اللهِ ، وَخَيْرٌ مِنْكَ فِي نَفْسِهِ ، وَخَيْرٌ مِنْكَ فِي أَهْلِهِ ، لِأَنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ عَنِ اللهِ : صَاحِبُ القَلْبِ القَاسِي ، وَلَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ ، وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ ، فَاشْتَغِلْ بِعُيُوبِ نَفْسِكَ ، وَذُدْ عَنْ إِخْوَانِكَ ، فَمَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ القِيَامَةِ ، وَمَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ ، تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَهُ ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَهُ ، فَضَحَهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ بَيْتِهِ ،
    وَإِذَا فَشَتْ الغِيبَةُ وَالنَّمِيمَةُ فِي المُجْتَمَعَاتِ ، خَبَتْ الأُخُوَّةُ فِي اللهِ ، وَذَهَبَتْ مَعَهَا مَحَاسِنُ الخُلُقِ وَالدِّينِ ، قَالَ تَعَالَى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ] [الحجرات: 12].
    بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالقُرْآنِ العَظِيمِ، وَبِهَدْيِ سَيِّدِ المُرْسَلِينَ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ المُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمِ
    ----------------------------------------------------
    الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
    الحَمْدُ للهِ ، تَعَاظَمَ مَلَكُوتُهُ فَاقْتَدَرَ، وَتَوَالَى عَطَاؤُهْ وَانْتَشَرَ ، وَقَدْ وَعَدَ أَنْ يَزِيدَ مَنْ شَكَرَ ، فَأَحْمَدُهُ وَأَشْكُرُهُ ، ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، يَعْلَمُ مَاخَفِيَ وَماَ ظَهَرَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ المُؤَيَّدُ بِالآيَاتِ وَالسُّوَرِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ ، وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ ،
    أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ : فَالغِيبَةُ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ ، وَكَبَائِرُ الذُّنُوبِ ، لَا تُكَفِّرُهَا الحَسَنَاتُ مِنْ الصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَسَائِرِ القُرُبَاتِ ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الإِقْلَاعِ وَالنَّدَمِ ، وَالتَّوْبَةِ النَّصُوحِ ، وَاسْتِحْلَالِ مَنْ وُقِعَ فِي عِرْضِهِ.
    وَالغِيبَةُ يَتَضَاعَفُ خَطَرُهَا ، إِذَا تَضَاعَفَ أَثَرُهَا ، وَأَصْبَحَتْ مَقْرُونَةً بِالنَّمِيمَةِ ، فَكُلَّمَا كَانَ العَبْدُ أَعْظَمَ إِيمَانًا وَأَظْهَرَ صَلَاحًا ، كُلَّمَا كَانَ اغْتِيَابُهُ أَشَدَّ ، فَغِيبَةُ الوُلَاةِ وَأَهْلِ العِلْمِ وَالفَضْلِ ، أَشَدُّ مِنْ غِيبَةِ غَيْرِهِمْ ، لِأَنَّ لَهَا أَثَرٌ عَظِيمٌ فِي شَقِّ الصَّفِّ ، وَانْتِقَاصِ القَدْرِ، وَنَزْعِ الثِّقَةِ ، وَاضْطِرَابِ الأُمُورِ، فَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ ، وَصُونُوا مَجَالِسَكُم ، وَذُبُّوا عَنْ أَعْرَاضِ إِخْوَانِكُمْ ، وَاجْمَعُوا كَلِمَتَكُمْ ، لِيَسْلَمَ لَكُمْ دِينُكُمْ ، وَتَبْقَى أُخُوَّتُكُمْ ، وَتَسْتَقِيمَ أَحْوَالُكُمْ.
    وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم ، كَمَا أَمَرَكُمْ رَبُّكُمْ ، قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].



    الملفات المرفقة


معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. خطر الغيبة والنميمة وأثرهما على الفرد والمجتمع
    بواسطة محمدالمهوس في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 18-01-2023, 09:53
  2. خطبة جمعة الغد بعنوان ( أول جمعة في رمضان ) 1436/9/2هـ
    بواسطة محمدالمهوس في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 18-06-2015, 15:01
  3. مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 26-11-2004, 16:26
  4. سؤال : مالفرق بين الغيبة والنميمة والأفك والبهتان
    بواسطة بدر الشمال في المنتدى منتدى الشباب
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 27-10-2004, 12:12

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع ما يطرح بالمضايف يعبر عن وجهة نظر صاحبه وعلى مسؤوليته ولا يعبر بالضرورة عن رأي رسمي لإدارة شبكة شمر أو مضايفها
تحذير : استنادا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية, يجرم كل من يحاول العبث بأي طريقة كانت في هذا الموقع أو محتوياته