النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: عشر ذي الحجة ( فضائل وأعمال )

  1. #1

    عشر ذي الحجة ( فضائل وأعمال )



    الخُطْبَةُ الأُولَى
    إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيِكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُـحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.
    أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيِثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ.
    أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: تَسْتَقْبِلُ الأُمَّةُ الإِسْلاَمِيَّةُ أَيَّامًا جَلِيلَةً فَاضِلَةً، هِيَ أَفْضَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ، لَهَا مَكَانَةٌ عَظِيمَةٌ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، تَدُلُّ عَلَى مَحَبَّتِهِ لَهَا وَتَعْظِيمِهِ لَهَا؛ أَيَّامَ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، عَشْرٍ مُبَارَكَاتٍ كَثِيرَةِ الْحَسَنَاتِ، عَالِيَةِ الدَّرَجَاتِ، مُتَنَوِّعَةِ الطَّاعَاتِ.
    فَمِنْ فَضَائِلِهَا: أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَقْسَمَ بِهَا فَقَالَ: {وَالْفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ} وَلاَ يُقْسِمُ تَعَالَى إِلاَّ بِعَظِيمٍ، وَلَهُ أَنْ يُقْسِمَ بِمَا يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ، وَلاَ يَجُوزُ لِخَلْقِهِ أَنْ يُقْسِمُوا إِلاَّ بِهِ.
    وَمِنْ فَضَائِلِهَا: أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَكْمَلَ فِيهَا الدِّينَ؛ إِذْ تَجْتَمِعُ فِيهَا الْعِبَادَاتُ كُلُّهَا، وَبِكَمَالِ الدِّينِ يَكْمُلُ أَهْلُهُ، وَيَكْمُلُ عَمَلُهُ، وَيَكْمُلُ أَجْرُهُ، وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ -وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ- عَنْ ‏عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-‏: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَؤونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا، قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قال: ﴿اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا﴾ قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ.
    وَمِنْ فَضَائِلِهَا: أَنَّهَا أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا عَلَى الإِطْلاَقِ، دَقَائِقُهَا وَسَاعَاتُهَا وَأَيَّامُهَا، فَهِيَ أَحَبُّ الأَيَّامِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ تَعَالَى، فَهِيَ مَوْسِمٌ لِلرِّبْحِ، وَهِيَ طَرِيقٌ لِلنَّجَاةِ، وَهِيَ مَيْدَانُ السَّبْقِ إِلَى الْخَيْرَاتِ، لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ تَعَالَى مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ» يَعْنِي: أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: «وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
    وَمِنْ فَضَائِلِهَا: أَنَّ فِيهَا يَوْمَ عَرَفَةَ، وَهُوَ يَوْمٌ مَعْرُوفٌ بِالْفَضْلِ وَكَثْرَةِ الأَجْرِ وَغُفْرَانِ الذَّنْبِ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‏‏مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَهُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الأَعْظَمِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَجُّ عَرَفَةُ»، وَيَوْمُ عَرَفَةَ يُسْتَحَبُّ صِيَامُهُ لِغَيْرِ الْحَاجِّ، فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: وَسُئِلَ -أَيْ: رَسُولُ اللهِ ‏صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ».
    وَمِنْ فَضَائِلِهَا: أَنَّ فِيهَا يَوْمَ النَّحْرِ، وَهُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَهُوَ أَفْضَلُ الأَيَّامِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ: «أَفْضَلُ الأَيَّامِ يَوْمُ النَّحْرِ».
    وَمِنَ الأَعْمَالِ الْمَشْرُوعَةِ فِيهَا: التَّكْبِيرُ وَالتَّهْلِيلُ وَالتَّحْمِيدُ: لِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَلاَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ»، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: كَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا، وَصِفَتُهُ: (اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ).
    بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِمَا مِنَ الآياتِ وَالْحِكْمَةِ.
    أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

    الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
    الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْظِيمًا لَشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وأصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا .. أَمَّا بَعْدُ:
    اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى عِبَادَ اللهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنْ أَفْضَلِ مَا يُعْمَلُ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ حَجَّ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلا الْجَنَّةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
    وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ هُوَ الْحَجُّ الْمُوَافِقُ لِهَدْيِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، الَّذِي لَمْ يُخَالِطْهُ إِثْمٌ مِنْ رِيَاءٍ أَوْ سُمْعَةٍ أَوْ رَفَثٍ أَوْ فُسُوقٍ.
    وَمِنَ الأَعْمَالِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ: الأُضْحِيَةُ, وَهِيَ سُنَّةٌ وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- وَمَنْ بَعْدَهُمْ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلاَ يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَجَعَلَ الأُضْحِيَةَ مَرْدُودَةً إِلَى إِرَادَةِ الْمُسْلِمِ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَلَيْسَ وَاجِبًا. لَكِنْ تَتَأَكَّدُ الأُضْحِيَةُ عَلَى مَنْ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ؛ حَيْثُ يُوجِبُهَا بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَيْهِ.
    فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَاسْتَغِلُّوا أَوْقَاتَكُمْ فِيمَا يُقَرِّبُكُمْ إِلَى اللهِ.
    هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} وَقَالَ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» رَوَاهُ مُسْلِم .



    الملفات المرفقة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. فضائل شهر رجب
    بواسطة عدنان ابو ماهر في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 23-07-2012, 01:58
  2. فضائل رمضان
    بواسطة سهو الليل في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 18-08-2009, 11:23
  3. فضائل للصدقة
    بواسطة ابو ندى في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 29-03-2007, 00:33
  4. فضائل صوم 6 من شوال
    بواسطة تذكار في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 17-11-2004, 18:14
  5. فضائل صوم ست من شوال
    بواسطة تذكار في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 16-12-2003, 20:55

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع ما يطرح بالمضايف يعبر عن وجهة نظر صاحبه وعلى مسؤوليته ولا يعبر بالضرورة عن رأي رسمي لإدارة شبكة شمر أو مضايفها
تحذير : استنادا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية, يجرم كل من يحاول العبث بأي طريقة كانت في هذا الموقع أو محتوياته