الْخُطْبَةُ الْأُولَى
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، أَمَرَ بِالْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ ، وَنَهَى عَنْ الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ ، وَأَشْهَدَ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَالْحَمْدُ وَالْعَظَمَةُ وَالسُّلْطَانُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمُؤَيَّدُ بِالْمُعْجِزَاتِ وَالْبُرْهَانِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ نَشَرُوا دِينَهُ فِي عُمُومِ الْأَوْطَانِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا .
أَمَّا بَعْدُ ، أَيُّهَا النَّاسُ / اِتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى حَقَّ التَّقْوَى ، تَأْمَنُوا فِي دِيَارِكُمْ ، وَتَهْنَئُوا فِي عَيْشِكُمْ ، وَتَسْتَقِرُّ أُمُورُكُمْ ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ))
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ / أَرْضُ الْيَمَنِ دَارُ السَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ ، وَالْفِقْهِ وَالْإِيمَانِ ، وَالْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ ، هُمْ أَصْلُ الْعُرُوبَةِ ، وَمِنْ أَرْضِهِمْ تَخَرَّجَ الْعُلَمَاءُ وَالْفُقَهَاءُ وَالْأُدَبَاءُ ، فَأَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَهْلُنَا ، نَحْنُ مِنْهُمْ ، وَهُمْ مِنَّا ، يُؤْذِينَا مَا يُؤْذِيهِمْ ، وَيُفْرِحُنَا مَا يُفْرِحُهُمْ ، فَهُمْ أَهْلُ جِوَارٍ ، وَلِلْجَارِّ حَقِّهِ وَحُرْمَاتِهِ ، وَهُمْ إِخْوَةُ الدِّينِ وَالْعَقِيدَةِ وَالْمَنْهَجِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ )) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى )) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
يَا أَخِي الْمُسْلِمُ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَبَلَدٍ * أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ كَرُوحٍ فِي جَسَدْ
يَا أَخِي الْمُسْلِمُ وَالْإِسْلَامُ دِينٌ لِلْإِلَهِ * فِي حِمَاهُ قَدْ تَسَاوَى كُلُّ فَرْدٍ بِسِوَاهُ
فَبِلَالُ كَعَلِيٍّ لَيْسَ مِنْ فَرْقٍ تَرَاهُ * كُلُّهُمْ لِلَّهِ عَبْدٌ وَلَهُ تَحْنُوا الْجِبَاهُ
وَمَعَ أَنَّهُمْ إِخْوَةٌ لَنَا فَقَدْ ظُلِمُوا مِنْ الْعِصَابَاتِ الْحُوثِيَّةِ الرَّافِضِيِّةِ ، مَسَاجِدُ إِخْوَانِنَا تُحْرَقُ ، وَمَنَازِلُهُمْ تُدَكُّ وَتُهْدَمُ ، وَمُدُنُهُمْ سُرِقَتْ فِي وَضَحِ النَّهَارِ ،ودُمِّرَ بَعَضُهَا بِقَصْفِ الْأَسْلِحَةِ الثَّقِيلَةِ وَالدَّبَّابَاتِ ، اسْتِهْدَافٌ وَإِرْهَابٌ ، حِصَارٌ وَإِرْعَابٌ ، وَتَهْجِيرٌ لِلنِّسَاءِ وَالْأَطْفَالِ وَالشَّبَابِ.
تَحَالَفَتْ الْأَفَاعِيُّ وَالْعَقَارِبُ * * * وَأُجْلِبَتُ الذِّئَابُ مَعَ الثَّعَالِبِ
وَأَقْبَلَتِ الْوُحُوشُ لَهَا نُيُوبٌ * * * مُسَمَّمَةٌ تُعَاضِدُهَا الْمَخَالِبُ
ضَعُفَتْ قُوَّةُ إِخْوَانِنَا فِي الْيَمَنِ ، وَقَلَّتْ حِيلَتُهُمْ ، فَاسْتَنْجَدُوا بِإِخْوَانِهِمْ الْمُسْلِمِينَ ، حُكَّامًا وَمَحْكُومِينَ ، فَجَاءَتْ عَاصِفَةُ الْحَزْمِ مِنْ رَجُلِ الْعَزْمِ وَ الْحَزْمِ لِتُعِيدَ الْحَقَّ إِلَى أَهْلِهِ ، وَلِتَقْطَعَ الْيَدَ السَّارِقَةَ الْغَاصِبَةَ ، مُتَمَثِّلَةً قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا عِنْدَ مَوْطِنٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ ،إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ ، وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ )) رَوَاهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. فَأَرْضُ الْيُمْنِ ، إِرْثٌ إِسْلَامِيٌّ عَرَبِيٌّ أَصِيلٌ ، وَلَيْسَتْ أَرْضَ شَرَكٍ ، وَشَتْمٍ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا أَرْضَ وَلَاءٍ لِأَهْلِ الْفُرْسِ وَعَبَدَةِ الْقُبُورِ .
جَاءَتْ عَاصِفَةُ الْحَزْمِ – عِبَادَ اللَّهِ - لِنُصْرَةِ الْمَظْلُومِ ، وَرَدْعِ الظَّالِمِ الْمُجْرِمِ ،كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ((وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ )) قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَانْصُرُوهُمْ إِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي قِتَالٍ دِينِيٍّ عَلَى عَدُوٍّ لَهُمْ ؛ فَانْصُرُوهُمْ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْكُمْ نَصْرُهُمْ لِأَنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ.
نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَنْصُرَ هَذَا التَّحَالُفَ وَيُعْلِيَ كَلِمَتَهُ وَيُسَدِّدَ رَمْيَهُ ، وَيَنْتَقِمَ مِنْ هَذَا الْعَدُوِّ الْفَاجِرِ، وَمِنْ كُلِّ مَنْ أَيَّدَهُ وَنَاصَرَهُ ، إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمِ .
اَلْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، والشّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْظِيمًا لَشَانِهِ ، وأشهدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ ، صَلّى الله عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وأصْحَابِهِ وأعْوانِهِ وسَلّم تَسْلِيماً كثيراً .
عِبَادَ اللهِ / وَنَحْنُ نَعِيشُ مَعَ أَحْدَاثِ عَاصِفَةِ الْحَزْمِ ، هَذِهِ بَشَائِرُ النَّصْرِ تَلُوحُ فِي كُلِّ رُبُوعِ الْيَمَنِ ، وَأَنَّ الْقُوَّاتَ الشَّرْعِيَّةَ سَتَكُونُ قَرِيبًا وَبِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ دَاخِلِ الْعَاصِمَةِ صَنْعَاءَ ؛ لِتَتَبَدَّدَ آمَالُ وَأَحْلَامُ الْحُوثِيُّ وَمَنْ مَعَهُ بِحِزْبِ لَاتٍ فِي الْيَمَنِ، وَمَرْكَزِ لَطْمٍ وَشَرَكٍ فِي بِلَادِ أَهْلِ السُّنَّةِ، لِيَتَوَاصَلَ الِاعْتِدَاءُ وَالتَّسَلُّطُ عَلَى بِلَادِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ ، فَاتَّقَوْا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ ،وَكُوُنُوا مَعَ إِخْوَانِكُمْ فِي أَرْضِ الْيَمَنِ بِالدُّعَاءِ لَهُمْ ، وَمَدِّ يَدِ الْعَوْنِ لَهُمْ بِالطُّرُقِ النِّظَامِيَّةِ ، وَكَذَلِكَ لَا تَنْسَوْا جُنُودَنَا الْبَوَاسِلَ الْأَبْطَالَ، فَهْمٌ عَلَى ثَغْرٍ لِلْإِسْلَامِ عَظِيمٌ ، وَعَمَلٌ فِي الدِّينِ قَوِيمٌ , فَهُمُ الْيَوْمَ حُمَاةُ أَرْضِ الْحَرَمَيْنِ ،وَحُرَّاسُ أَمْنِهِ ؛ حَقَّهُمْ عَلَيْنَا كَبِيرٌ؛ بِالْوُقُوفِ مَعَهُمْ ، وَالدُّعَاءِ لَهُمْ بِالنَّصْرِ والتَّثْبِيِتِ ، وَإِخْلَافِ أَهْلِهِمْ بِخَيْرٍ ، وَتَفَقُّدِ أَحْوَالِهِمْ ، وَإِعَانَتِهِمْ .
نَصَرَ اللَّهُ إِخْوَانَنَا ، وَدَحَرَ اللَّهُ أَعْدَائَنَا ، وَجَعَلَ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطَمْئِنًا ،وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ ، هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ ، فَقَالَ (( إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا )) وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ صَلّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلّى الله ُعَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)) رَوَاهُ مُسْلِم .
المفضلات