النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: خلق الأزمات ( خطبة جمعة )

  1. #1

    خلق الأزمات ( خطبة جمعة )



    الخطبة الأولى
    اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعَزَّ مِنْ أَطَاعَهُ وَاتَّقَاهُ ، وَأَذَلَّ مِنْ خَالَفَ أَمْرَهُ فَعَصَاهُ ، النَّاصِرُ لِدِينِهِ وَأَوْلِيَائِهِ ، الْقَائِلُ فِي مُحْكَمِ آيَاتِهِ: ((إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ، وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ، وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ )) وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحَدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَخَلِيلُهُ وَمُصْطَفَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ ،وَصَحِبَهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
    أمّا بعدُ : أَيُّهَا النَّاسُ / اتَّقَوْا اللَّهَ حَقَّ التَّقْوَى ، فَتَقَوَّى اللَّهُ سَبَبٌ فِي الْحُصُولِ عَلَى الْعِزِّ وَالتَّمْكِينِ ، وَفِي الْفَرَجِ وَالْمُخْرِجِ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ وَشِدَّةٍ وَحَرَجٍ ، وَفِي جَلْبِ الرِّزْقِ مِنْ وَجْهٍ لَا يَحْتَسِبُهُ وَلَا يَشْعُرُ بِهِ أَحَدٌ (( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ))
    أيّها الْمُسلمون / يقولُ اللهُ تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ))
    ويقولُ تعالى ((وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ )) ويقولُ تَعالى ((شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ ))
    فَاللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَاتِ يَأْمُرُ عِبَادَهُ بِتَحْقِيقِ التَّقْوَى وَإِقَامَةِ شَرَائِعِ الدِّينِ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ ، وَالْبُعْدِ عَنْ الِاخْتِلَافِ فِي الْعَقِيدَةِ وَالِاتِّبَاعِ ، وَالْحَذَرِ كُلِّ الْحَذَرِ مِنْ التَّفَرُّقِ وَالتَّحَزُّبِ ؛ وَهَذَا الِاجْتِمَاعُ وَهَذِهِ الْوَحْدَةُ لَا يَقْتَصِرَانِ عَلَى زَمانٍ ولا عَلَى مَكَانٍ ولا أمّةٍ، بَلْ هَذِهِ الْأُمَّةُ الَّتِي وَصَفَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهَا أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ ؛ كما قالَ تَعالى ((إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)) هِيَ أُمَّةُ الْعَقِيدَةِ مِنْ لَدُنْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى آخَرِ مُوَحَّدٍ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا ، مِمَّنْ يَأْذَنُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَبْضِ رُوحِهِ فِي آخَرِ الزَّمَانِ ، كُلُّ هَؤُلَاءِ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ يَجْتَمِعُونَ عَلَى مَقْصِدٍ عَظِيمٍ ، وَهُوَ مَا قَامَ لَهُ الْكَوْنُ كَما قالَ تَعالى ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)) صِدْقُ التَّوَجُّهِ لِلَّهِ تَعَالَى بِتَحْقِيقِ التَّوْحِيدِ ، مَعَ صِدْقِ الِاتِّبَاعِ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهَذِهِ الْوَحْدَةُ وَالِاتِّفَاقُ عَلَى سَلَامَةِ الْعَقِيدَةِ وَالِاتِّبَاعِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُسَاوَمَ عَلَيْهَا ، وَلَا يُتَنَازَلَ عَنْهَا ، فَالْخِلَافُ فِيهَا هُوَ الْخِلَافُ الْمَذْمُومُ الْأَكْبَرُ الَّذِي ذَمَّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَذَمَّ أَهْلَهُ وَأَصْحَابَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ))
    قَالَ السِّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَفْسِيرِهِ لِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ : أَيْ مِنْ يُخَالِفُ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُعَانِدُهُ فِيمَا جَاءَ بِهِ ((مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى )) بِالدَّلَائِلِ الْقُرْآنِيَّةِ وَالْبَرَاهِينِ النَّبَوِيَّةِ .
    (( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ )) وَسَبِيلُهُمْ هُوَ طَرِيقُهُمْ فِي عَقَائِدِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ (( نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى )) أي: نَتْرُكُهُ وَمَا اخْتَارَهُ لِنَفْسِهِ ، وَنَخْذُلُهُ فَلَا نُوَفِّقُهُ لِلْخَيْرِ ، لِكَوْنِهِ رَأَى الْحَقَّ وَعِلْمَهُ وَتَرَكَهُ ، فَجَزَاؤُهُ مِنْ اللَّهِ عَدْلًا أَنْ يُبْقِيَهُ فِي ضَلَالِهِ حَائِرًا وَيَزْدَادُ ضَلَالًا إِلَى ضَلَالِهِ .
    فَاتَّقُوا اللَّهِ عِبَادَ اللَّهِ ، وَاسْتَمْسِكُوا بِعَقِيدَتِكُمْ ، وَسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاحْرِصُوا عَلَى وَحْدَةِ أُمَّتَكُمْ ،وَعَدَمِ التَّفَرُّقِ فِي دِينِكُمْ ،وَاعْمَلُوا عَلَى تَحْقِيقِ أَسْبَابِ الِائْتِلَافِ ، وَالْبُعْدِ عَنْ أَسْبَابِ الِاخْتِلَافِ .
    أقولُ ما تَسْمَعُونَ، وأسْتغفِرُ اللهَ لِي ولكُم ولِجميعِ الْمُسلميِنَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فاسْتَغْفِروهُ إنّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرّحِيم.

    الخطبة الثانية
    الْحَمْدُ للهِ على إِحْسَانِهِ ، والشّكْرُ له على توفيقه وامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ ألاّ إله إلا الله تعظيماً لِشَانهِ ، وأشهدُ أن نبيّنا محمداً عبدُه ورسولُهُ الدّاعي إلى رِضْوانِهِ ، صَلّى الله عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وأصْحابِهِ وأعْوانِهِ وسَلّم تَسْلِيماً كثيراً .. أمّا بَعْدُ عِبادَ اللهِ :
    يَقُولُ اللهُ تَعَالى ((وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ))
    وقالَ العِرْبَاضُ بنُ سَارِيةَ رضِيَ اللهُ عنهُ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى لَنَا صَلاةَ الْغَدَاةِ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ ، فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا ؟ فَقَالَ : ((أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ ؛ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ )) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ
    فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَاجْتَمِعُوا وَلَا تَفْتَرِقُوا ، وَاتَّحِدُوا وَلَا تَنَازَعُوا ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ لَمْ يُبْتَلُوْا بِشَيْءٍ فِي هَذَا الْعَصْرِ أَخْطَرُ وَلَا أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ الِاخْتِلَافِ وَالتَّفَرُّقِ وَالتَّشَرْذُمِ ، وَلَمْ يَتَسَلَّطْ عَلَيْهِمُ الْأَعْدَاءُ إِلَّا لِتُفَرِّقَهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ ، فَخُلَقَتْ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ الْحُرُوبُ ،وَالِانْقِلَابَاتُ ،وَالْمَنَاهِجُ التَّكْفِيرِيَّةُ ،وَالْأَزَمَاتُ الاقْتِصَادِيَّةُ ، وَغَيْرُهَا ، نَسْأَلُ اللّهَ تَعَالَى أَنْ يَحْفَظَ لِأُمَّتِنَا الْإِسْلَامِيَّةِ عِزَّهَا ، وَأَنْ يُجَنِّبَهَا الْفِتَنُ ماظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنٍ ؛ هذا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا على مَنْ أَمَرَ اللهُ باِلصّلاةِ والسّلامِ عَلَيْهِ ، فَقَال ((إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا))



    الملفات المرفقة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. خطبة جمعة بعنوان ( آخر جمعة في رمضان 1437 )
    بواسطة الشيخ/عبدالله الواكد في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 30-06-2016, 22:35
  2. خطبة جمعة الغد بعنوان ( أول جمعة في رمضان ) 1436/9/2هـ
    بواسطة محمدالمهوس في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 18-06-2015, 15:01
  3. خطبة جمعة : حرس الثغور
    بواسطة الشيخ/عبدالله الواكد في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-01-2015, 00:15
  4. أزمة احصاء الأزمات ! !
    بواسطة المشرف العام في المنتدى المضيف العام
    مشاركات: 29
    آخر مشاركة: 08-04-2010, 16:29
  5. خطبة أول جمعة في رمضان
    بواسطة عبيد الرشيد في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 08-10-2007, 04:23

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع ما يطرح بالمضايف يعبر عن وجهة نظر صاحبه وعلى مسؤوليته ولا يعبر بالضرورة عن رأي رسمي لإدارة شبكة شمر أو مضايفها
تحذير : استنادا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية, يجرم كل من يحاول العبث بأي طريقة كانت في هذا الموقع أو محتوياته