خطبة جمعة
بعنوان
( بعد عام من العاصفة )
كتبها / عبدالله بن فهد الواكد
إمام وخطيب جامع الواكد بحائل
الخطبة الأولى
أيها الإخوةُ المسلمون : لقد أوصى النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ أمتَهُ بالتمسكِ بسنتِه فعن العرباضِ بنِ ساريةَ ؛ قال : وعَظَنا رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ يوماً بعدَ صلاةِ الغداةِ موعظةً بليغةً ، ذرفتْ منها العيونُ ، ووجلتْ منها القلوبُ ، فقالَ رجلٌ : إنَّ هذهِ موعظةُ مودعٍ ، فماذا تعهدُ إلينا يا رسولَ اللهِ ؟ قالَ ( أوصيكم بتقوى اللهِ، والسمعِ والطاعةِ، وإنْ تأمَّرَ عليكُمْ عبدٌ حبشيٌّ؛ فإنهُ مَنْ يعشْ منكم ، يرَ اختلافاً كثيراً ، وإياكم ومحدثاتُ الأمورِ ، فإنها ضلالةٌ ، فمن أدركَ ذلكَ منكم ، فعليكم بسنـتي وسـنةِ الخلفاءِ الراشدينَ المهديينَ ، عضوا عليها بالنواجذِ )
أيها المسلمونَ : سنةٌ كاملةٌ ، مرتْ على عاصفةِ الحزمِ ، وهي تُبددُ أحلامَ الحوثيينَ ، وتعصفُ بآمالِ الفرسِ والمجوسِ الحاقدينَ ، والروافضِ المتربصينَ ، سنةٌ كاملةٌ شهدَ العالمُ أجمعُ ، كم من أطنانِ السلاحِ والعتادِ الذي ملأَ أرضَ اليمنِ ، ليُقتلَ بهِ أهلُ اليمنِ ، ويحاصرَ بهِ أهلُ اليمنِ ، ويهدمَ بهِ الإسلامُ وأهلُ السنةِ ، نحمدُ اللهَ أنَّ أهلَ اليمنِ ، علموا المؤامرةَ الكبرى ، فاستنجدوا بأهلِهِم وعشيرتِهِم وجيرانِهِم ، قالَ تعالى ( وإنْ استنصروكُم في الدينِ فعليكُم النصر ) وقال رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ ( المسلمُ أخو المسلمِ، لا يظلِمُه ولا يُسلِمُه ) نحمدُ اللهَ أنناَ على دينِ الحقِّ ، وعلى هَدْيِ محمدٍ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ وأصحابِه ، نحنُ نقفُ معَ أمتِناَ الإسلاميةِ والعربيةِ ، دفاعاً عن دينِنا وحمايةً لسنةِ نبيِّنا محمدٍ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ .
أيها المسلمونَ : لو سألتَ نصرانياً ، مَنْ أفضلُ الناسِ ، لقالَ لكَ هُم أصحابُ عيسى بنِ مريمَ عليهِ السلامُ ، ولو سألتَ يهودياً ، مَنْ خيرةُ الناسِ ، لقالَ لكَ هُم أصحابُ موسى عليهِ السلامُ ، ولكنَّكَ لو سألتَ شيعياً رافضياً ، مَنْ هُم شرارُ الناسِ ، لقالَ لكَ هُم أصحابُ محمدٍ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ، فأيُّ إسلامٍ هذا الذي يدَّعُونَهُ ، وأيُّ شرعٍ هذا الذي ينتهجُونَهُ ،
لقد توالتْ على أمةِ الإسلامِ منهُم وبسببِهِم ، مؤامراتٌ ونكباتٌ وويلاتٌ ، تدبَّجُ في الخفاءٍ ، وتحاكُ في الظلماءِ ، ولم يعدْ خافياً على الناسِ جميعاً ، صغيرِهِم و كبيرِهِم ، عِظَمُ المؤامرةِ ، وجسامةُ الخُبْثِ الذي يُحاكُ للإسلامِ والمسلمينَ ، ولأهلِ السنةِ خاصةً ، من الرافضةِ وأذنابِهِم ، في كلِّ مكانٍ ، لأنَّ لكلِّ خيانةٍ ومكرٍ ، أذنابٌ من بني جلدتِنا ، فحزبُ اللهِ في لبنانَ ، والحوثيونَ في اليمنِ ، وأمثالُهُم في العراقِ والشامِ ، مِنْ سُلالاتِ السبئيَّةِ والعلقميَّةِ ، وصدقَ شيخُ الإسلامِ بنُ تيميةَ رحمهُ اللهُ إذْ قالَ في الفتاوى ، (الرافضةُ أشدُّ خطرا على الإسلامِ من اليهودِ والنصارى) ويقولُ (الشيعةُ ترى أنَّ كفرَ أهلِ السُّنةِ أغلظُ مِنْ كفرِ اليهودِ والنصارى ) ، فتاريخُ الروافضِ على مدى الأيامِ ، حالكٌ أسودٌ ، فمتى خاضَ الروافضُ حرباً للإسلامِ ! ولكنْ كلّ فتنةٍ وبليةٍ في بلادِ الإسلامِ وبينَ المسلمينَ هيَ مِنْ مكرِهِم وتدبيرِهِم ، قالَ بنُ كثيرٍ في كتابِهِ (البداية والنهاية) (كانَ ابنُ العلقميِّ وزيراً للخليفةِ العباسِيِّ المستعصمِ باللهِ ، وكانَ ابنُ العلقميِّ شيعياً رافضياً، والخليفةُ سنيٌّ على طريقةِ واعتقادِ أبيهِ وجَدِّهِ ، لكنْ كانَ فيهِ لينٌ وعدمُ تيقظٍ ، فكانَ وزيرُه الشيعيُّ الرافضيُّ يكيدُ للدولةِ العباسيةِ مِنْ حينٍ لآخرَ، يُخططُ لها لإبادةِ أهلِ السنةِ ودُوَلِهِم وإقامةِ دولةٍ رافضيةٍ ، فكانتْ العساكرُ في آخرِ أيامِ المستنصرِ قريباً من مائةِ ألفِ مقاتلٍ ، فلم يَزلْ يجتهدُ في تقليلِهِم ، حتى لم يبقَ منهم سوى عشرةِ آلافٍ ، ولماَّ تمَّ لهُ ذلكَ ، وأصبحتْ بغدادُ بلا جيشٍ يدافعُ عن الإسلامِ والمسلمينَ ، كاتبَ التتارَ ، وأطمعَهم في أخذِ البلادِ وسهَّلَ عليهم ذلكَ وحكى لهم حقيقةَ الحالِ ، وكشفَ لهم ضَعفَ الرجالِ ، وحينما قَدِمَ التتارُ بغدادَ بقيادةِ سلطانِهم هولاكو خان ، أشار ابنُ العلقميُّ والطوسيُّ على الخليفةِ العباسيِّ المعتصمِ بالخروجِ إليهِ ، والمثولِ بينَ يديهِ ، لتقعَ المصالحةُ ، على أنْ يكونَ نصفُ خراجِ العراقِ لهم ، ونصفُهُ للخليفةِ ، وظلَ يُقنعُ الخليفةَ بذلكَ ، وشيئاً فشيئاً حتى قُتلَ الذينَ معَ الخليفةِ ، ثُم أمرَ هولاكو بقتلِ الخليفةِ ، ويقالُ : إنَّ الذي أشارَ بقتلِ الخليفةِ هو ابنُ العلقميُّ والطوسيُّ)
يقولُ ابنُ كثيرٍ رحمهُ اللهُ (بعدَ قتلِ الخليفةِ مالوا على البلدِ ، فقتلوا جميعَ من قدروا عليهِ من الرجالِ والنساءِ ، والولدانِ والمشايخِ ، والكهولِ والشبابِ ، ودخلَ كثيرٌ من الناسِ في الآبارِ والحشوشِ ، يكمُنونَ أياماً لا يظهرونَ ، ويهربونَ إلى أعالي الأمكنةِ ، فيقتلونَهُم بالأسطحةِ ، حتى تجري أوديةٌ من الدماءِ في الشوارعِ ، وكذلكَ عملوا بمنْ في المساجدِ والجوامعِ ، ولم ينجُ منهم أحدٌ سوى اليهودُ والنصارى ، ومن التجأ إليهم ، وإلى دارِ ابن العلقميِّ الرافضيِّ ، الذي دبَّرَ هذهِ المكيدةَ للمسلمينَ الأبرياءِ ، حتى ذُكرَ أنَّ عددَ القتلى بلغَ ألفَ ألفَ وثمانَمائةَ ألفٍ ) أي مليونَ وثمانمائةَ ألفٍ
هؤلاءِ هلْ يؤمنُ لهم جانبٌ ، هؤلاءِ هم سلالةُ بنِ العلقميِّ والطوسيِّ الذين حاربوا الإسلامَ وأهلَهُ ، بالتحريشِ واشعالِ الفتنِ الطائفيةِ ، يعتقدونَ كفرَ صحابةِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ الذين بشَّرَهُم النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ بالجنةِ ، ويعتقدونَ أنَّ القرآنَ الذي تكفلَ اللهُ بحفظِهِ ناقصٌ والمصحف الكامل عندهم وهو ما يُسمَّى مصحفُ فاطمةَ ، يعتقدونَ الفُحشَ والزنا في أُمِّ المؤمنينَ ، عائشةَ الطاهرةِ العفيفةِ ، التي برَّأها اللهُ في وجهٍ كاملٍ من سورةِ النورِ ، عليهم من اللهِ ما يستحقونَ ، فهلْ بعدَ ذلكَ منْ شيءٍ ، بل وأكثرُ من ذلكَ وأشنعُ مذكورٌ في كتُبِهم ، فهم يُبطنونَ خلافَ ما يُظهرونَ ، فجذورُهُم الخائنةُ راسخةٌ في النفاقِ ، وعندهُم عقيدةُ التقيَّه ، ويقولونَ مَن ليسَ له تُقيَّه فليسَ بشيعيٍّ وليس برافضيٍّ ، ويقولُ الهالكُ الخمينيُّ ( إنَّ لأئِمَتنا منزلةً لا يبلُغُها ملكٌ مقربٌ ولا نبيٌّ مرسلٌ ) ، فالرافضةُ معلومٌ شرُّهُم ومفهومٌ خطرُهُم ، وظاهرٌ سعيُهُم لهدمِ أصولِ الإسلامِ ،
أيها المسلمونَ : وأما في السنواتِ الأخيرةِ فقد استطالَ شرُّهُم ، واستفحلَ ضررُهُم ، وبلغَ تطاولُهُم على بلادِ المسلمينَ ، وبلادِ العربِ كالعراقِ والشامِ ولبنانَ واليمنِ ، فهم لا يخوضونَ حرباً مباشرةً معَ أحدٍ ولكنَّهُم يخوضونَ حروباً بالوكالة ، بالتحريشِ واستمالةِ الجهلةِ ممَنْ هُم على مذهبِهِم منَ الأقلياتِ الشيعيةِ في بلادِ السنةِ ، يدعمونَهُم بالأموالِ الطائلةِ ، والسلاحِ ، ثمَّ هم من بعيدٍ يحرِّضُونَهم ويمنُّونَهم بنُصرَتِهم والوقوفِ مَعَهُم ويَعِدُونَهُم ، ( وما يعدُهُم الشيطانُ إلا غروراً ) هكذاَ أدخلوا بلادَ المسلمينَ في دواماتٍ من الصراعِ والإقتتالِ ، فهُم لا يحفظونَ حُسنَ جِوارٍ ، ولا يرقبُونَ إلاًّ ولا ذمةً ، ولا يُتمُّونَ عهداً ولا ميثاقاً ، يدَّعُونَ الإسلامَ ، وهُم مَنْ يَهدِمُ الإسلامَ ،
أيها المسلمونَ : بعدَ عامٍ من عاصفةِ الحزمِ ، اليمنُ سيبقى بإذنِ اللهِ يمنُ الإسلامِ والعروبةِ ، لا يكونُ إلا لأهلِ اليمنِ الشرفاءِ ، ليسَ لحفنةٍ منَ المأجورينَ أنْ يستبِدُّوا بِحُكْمِ اليمنِ تحتَ سطوةِ السلاحِ ، وتوجيهاتِ ملالي إيرانَ ، فأهلُ اليمنِ الحقيقيونَ ، هم إخوانُنا ديناً وأصلاً وعروبةً ، هم الطيبونَ الشرفاءُ ، وستعودُ اليمنُ بإذنِ اللهِ لأهلِها الذين يُريدونَ لها الخيرَ والإستقرارَ ، وستعودُ بلادُ المسلمينَ جميعُها إلى أقوى وأشدّ مما كانتْ عليهِ ، ولا يلزمُنا اليومَ جميعاً إلاَّ أنْ نكونَ صفاً واحداً ، قال تعالى ( واعتصموا بحبلِ اللهِ جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمةَ اللهِ عليكم إذ كنتم أعداءً فألفَ بين قلوبِكُم فأصبحتُم بنعمتِهِ إخواناً ) بارك الله لي ولكم بالقرآن الكريم ، ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين ، أقول ماسمعتم ، وأستغفر الله لي ولكم ، ولسائر المسلمين من كل ذنب ، فاستغفروه وتوبوا اليه ، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
أيها المسلمون : بعدَ عامٍ منَ العاصفةِ تمَّ إضعافُ شوكةِ الحوثيينَ المتمردينَ ، ومَنْ ساندَهُم ، وتم ضربُ معاقِلِهُم العسكريةِ حمايةً لأهلِ اليمنِ وأهلِ الإسلامِ مِنْ شرِّهم ولبلادِنا من تهديداتِهم وكفاًّ لتسلطِهِم على أبناءِ اليمنِ الشقيقِ حتى يعودَ الأمنُ والإستقرارُ والشرعيةُ لليمنِ ، وللهِ الحمدُ لم يبقَ إلا القليلُ وتعودُ اليمنُ عزيزةً شامخةً
وواجبُنا جميعاً الإلتفافُ حولَ قيادتِنا والسمعُ والطاعةُ لولاةِ أمرِنا ، كونوا جميعاً أيها المسلمونَ جنوداً لدينِكم ومقدساتِكم وأوطانِكم وأمتِكم . أيها الشباب : اللهَ اللهَ بالحفاظِ على ولائِكم لدينِكم وولاةِ أمرِكم وبلادِكم ، والإحتراسِ لأفكارِكم ، من أنْ تُدنَّسَ ، وادرأوا الشُبَهَ ، بسؤالِ الراسخينَ من أهلِ العلمِ ، وفَّقَنا اللهُ وإياكُم وهدانا وهداكُم ، لطريقِ الفضيلةِ والرشادِ ،صلوا وسلموا على خير البرية محمد....
المفضلات