خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1436 هـ
كتبها / عبدالله بن فهد الواكد
إمام وخطيب جامع الواكد بحائل
الخطبة الأولى
الحمدُ للهِ واللهُ أكبرُ
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ
اللهُ أكبرُ عددَ من أقبلَ وأدبرَ ، اللهُ أكبرُ عددَ من سبَّحَ واستغفرَ ، اللهُ أكبرُ عددَ من هلَّلَ وكبَّرَ ، اللهُ أكبرُ ، عددَ من طافَ وسعى ، وقصَّرَ ورمى ، اللهُ أكبرُ ، عددَ من وقفَ بعرفات ، ورمى الجمرات ، اللهُ أكبرُ وللهِ الحمدُ ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُه صلى اللهُ عليهِ وسلمَ تسليماً كثيراً
أما بعدُ أيها المسلمونَ : فاتقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى ، فإنَّ التقوى هي زمامُ الأمورِ، وهي الحرزُ من الوقوعِ في المحذورِ ، وهي الجُنَّةُ منَ الفتنِ والمهالكِ والشرورِ ، قالَ تعالى ( يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْعَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ).
أيها الناسُ : قد بلغتُمْ عيدَكُم وغيرُكُم ما بلَغَهُ ، فاشكروا الذي أتّمَّ عليكُم نِعَمَهُ وأسبَغَهُ ، كُلما أُجِّلَ للمسلمِ في أجَلِهِ ، ووُفِّقَ العبدُ لصالحِ عَمَلِهِ ، كلما كانَ له في صحائِفِه بُنيان ، ومِنْ خالقِهِ توفيقٌ وإمتنان ، فللَّهِ الأمرُ كُلُهُ ، دِقُّهُ وجُلُّه ، ولهُ الشكرُ والحقيقُ بأنْ يُشكر ، ولهُ الفضلُ والجديرُ بأن يُذكر ، فاحمَدُوا حميداً كريماً ، واشكروا شاكراً عليماً ، فقد بلغتُمْ موسماً كريماً ، ويوماً عظيماً ، رفعَ اللهُ قدرَهُ ، وأعلى ذكرَهُ ، وسمَّاهُ يومَ الحجِّ الأكبرِ، جعلَهُ عيدًا للمسلمينَ ، حُجاجًا ومقيمينَ ، صَعَدَ الحجيجُ يومَ الأمسِ إلى عرفاتٍ ، وبعدَ غروبِ الشمسِ ، من يومِ الأمسِ ، أفاضوا من عرفةَ ، وباتوا بمزدلفةَ ، فأتمُّوْا حجَّهُم وقَضَوْ تَفَثَهُم ، وهاهُمُ الآنَ في مِنىً لإكمالِ نُسُكِهِمْ ،
أيها المسلمونَ : بشَّرَ اللهُ خليلَهُ بغلامٍ ، ، ثُمَّ قالَ العزيزُ العلامُ : ( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ) ( فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ )) سلامٌ عليهِ ، بعدَ سنينٍ منَ العنتِ والمشقةِ يولدُ لإبراهيمَ ، إسماعيلُ عليهِما السلامُ ، فيؤمَرُ بتركِهِ وأمِّهِ بوادٍ غيرِ زرعٍ عندَ بيتِ اللهِ المحرَّمِ ، ولماَّ بلغَ معَهُ السعيَ ، يؤمَرُ الخليلُ بذبحِ إسماعيلَ ، فينقادُ الوالدُ والولدُ إذعاناً لربَّ العالمينَ ، فلمَّا حكمَ القضاءُ ، تجلَّى الولاءُ ، واشتدَّ البلاءُ ، فأمرَ اللهُ بفدائِهِ ، ليكشفَ عن بلائِهِ ، ويأمرَ بمنتِهِ وسخائِهِ ، أنْ يُفدَى بذِبْحٍ عظيمٍ ، فكانتِ الأضاحي ، ملةَ إبراهيمَ ، وسنةَ رسولِنا الكريمِ ، ففي الصحيحينِ أنه صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ، ضحَّى بكبشينِ أقرنينِ أملحينِ ، ذبحَهُما بيدِهِ وسمَّى وكبَّرَ.
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ
أيها الإخوة المسلمونَ : هذه المُدى ، المُشرَعةُ لذبحِ الأضاحي ، حبَّذَا لو تذبحونَ بها شيئاً آخرَ ، شيئاً هتكَ اللُّحمةَ ، وشتتَ الأمةَ ، وفرقَ الكلمةَ ، حبَّذا لو تذبَحُونَ في هذا اليومِ ، نزغاتِ الشيطانِ ، ونزعاتِ اللسانِ ، نزواتِ الإنسانِ ، حبذا لو تذبحونَ الشقاقَ والنزاعَ ، والتدابرَ والقطيعةَ ، والبغضاءَ والشحناءَ ، والهجرَ والجفاءَ ، حبَّذا أنْ يكونَ هذ العيدُ ، ناسخاً لما قبلَهُ من حظوظِ النفسِ ، وأنصباءِ الهوى المرادِ ، حبذا لو التقينا على صعيدِ الحُبِّ والإِخَاءِ ، والمودةِ والصفاءِ ، الدينُ أيها المسلمونَ : ألَّفَ بينَ الأعداءِ ، فأصبحوا بنعمةِ اللهِ أحبةً وأشقاءَ ، (واذكروا نعمةَ اللِه عليكُم إذْ كنتُم أعداءً فألَّفَ بينَ قلوبِكُم فأصبَحْتُم بنعمتِهِ إخواناَ (
أيها المسلمون : قلَّمَا نجدُ قلوباً متناحرةً ، ونفوساً متهاجرةً ، إلاَّ ولأهوائِها على شرعِ اللهِ غلَبَه ، ولأنفُسِها في دينِ اللهِ نزعة ، فاللهُ واحدٌ ، والدينُ واحدٌ ، والشريعةُ واحدةٌ ، فمالَناَ ولمُمَزِّقِنا كلَّ مُمَزَّقٍ ، لو انجفلَ الناسُ لدينِهِم ، وأذلُّوا أنفةَ نفوسِهِم لقرآنِه ، واحتكموا فيما شجرَ بينَهم ، لحُكمِهِ وبيانِه ، أتَرى ، تحتَ الأديمِ وفوقَ الثَّرى ، مثلَ توادِهِم وتراحُمِهِم وتعاطُفِهِم
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ
الإسلامُ يا أهلَ الإسلامِ ، بناءٌ شامخٌ عظيمٌ ، في كنَفِهِ العباداتُ و المعاملاتُ ، شاملٌ لجميعِ مناحي الحياةِ ، قائمٌ على شؤونِ الأفرادِ والمجتمِعاتِ ، نظامٌ متكاملٌ ، أبهرَ العقولَ ، وسلبَ الألبابَ ، الإسلامُ دينُ رحمةٍ ورفقٍ وتسامحٍ ، الإسلامُ ليسَ دينَ قتلٍ وتفجيرٍ وتمثيلٍ وترويعٍ وغدرٍ وسلبٍ ونهبٍ ، كيفَ يكونُ كذلكَ ! وهو الذي جاءَ لعصمةِ الأنفسِ ، وحفظِ الأموالِ والأعراضِ ، كيفَ دخلتْ هذه الملايينُ منَ الأُمَمِ ، مشارقَ الأرضِ ومغارِبَها دينَ الإسلامَ ، أَدَخَلُوهُ بالقسوةِ والغلظةِ ؟ أمْ بالتفجيرِ والإرهابِ ؟ (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ) إنتشر الإسلام على أعقابِ الرحمةِ واللينِ ، والعفوِ والتسامح ِ ، وليسَ على ضَلالِ ما يفعلُهُ هؤلاءِ الأغرارُ المغررُ بِهم ، منَ القسوةِ والتمثيلِ ، وسفكِ الدماءِ المؤمنةِ ، وقتلِ المستأمنينَ ، والتفجيرِ وقتلِ المصلينَ ، تلكَ الأمَمُ التي دخلتْ في دينِ اللهِ أفواجاً ، رأوْ سماحةَ الإسلامِ وصدقهِ ووفائهِ ووضوحِ تعاليمِهِ ، فدخلُوهُ أفواجاً ، وصارُوا دعاةً للإسلامِ في بُلدانِهم ، فلنحافِظْ على صورةِ الإسلامِ الناصعةِ ، ولا نَطْمسْ تلكَ المآثرَ المُشرقةَ ، والأغصانَ المورقةَ ، بسوءِ فهمِنا لمقاصدِ الشريعةِ الغراءِ ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ
أيها المسلمونَ : لتكنْ تهانيكُم بهذا العيدِ كنَفاً كَريماً ، وقَلباً رحيماً ، وبلسماً شافياً ، وفؤاداً صافياً ، فأنتمْ في مُجتمعٍ كسائرِ المجتمعاتِ ، فيهِ الضعيفُ واليتيمُ ، والفقيرُ والمسكينُ ، والمقعدُ والمريضُ ، والأرملةُ والمعاقُ ، والمغتربُ والسجينُ ، ولكنَّ الذي ميزَكُم عن غيرِكُم ، أنكُم كُنتُم لهؤلاءِ نهراً جارياً وقلباً حانياً ، فما أشدَّ حاجَتَهُم إلى قلوبِكُمُ الرقيقةِ ، وأنفسِكُمُ الشفيقةِ ، ليكن لهم نصيبٌ منكم ، فواللهِ إنَّ ذلكَ من أفضلِ مُودَعَاتِ الأعمالِ ، أَهدُوهُم وصِلُوهُم من فضلِ اللهِ عليكُم ، واعلموا أنَّ لباسَ العيدِ الذي تلبسونَ ، إنَّما هو زينةٌ للأبدانِ ، ( ولباسُ التقوى ذلكَ خيرٌ ) ( ومَنْ يُعظِّمْ شعائرَاللهِ فإنها من تقوى القلوبِ)
يومُكُم هذا ، أليسَ يومَ العيِد ؟ بلى ،
فهوَ غايةُ الرحمةِ والألفةِ ، هذا اليومُ هوَ يومُ تقبيلِ رؤوسِ الآباء والأمهات ، وعِناقِ الإبناءِ والبناتِ ، والإخوةِ والأخواتِ ، اليومَ يومُ الدعاءِ للموتى بالرحمة والمغفرة ، وللمرضى بالشفاءِ والعافيةِ ، وللأسرى والمسجونين ، بالفَكَاكِ والفَرَجِ ، وللغائبينَ بالعودةِ سالمين ، العيدُ أيها المسلمونَ : عيدُ صلةِ الأرحامِ ، ونبذِ الخصومةِ والشحناءِ ، وتركِ الحسدِ والحقدِ والبغضاءِ ، والتخلصِ من الكذبِ والغشِ والخيانةِ ، والبعدِ عن الغيبةِ والنميمةِ ، المسلمُ ياعبادَ اللهِ ، إنموذجاً بشرياً لأحاسنِ السلوكِ ، ولمكارمِ الأخلاقِ اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ
أيها المسلمونَ ، اللهَ اللهَ بالصلاةِ مع الجماعةِ ، فإنها نَعِمَتِ الطاعةُ ، وحَسُنَتِ البضاعَةُ ، مُروا بالمعروفِ وانهوا عن المنكر، أمرًا رفيقًا ، ونهيًا رقيقًا ، الحِسبةُ هي ركيزةُ الدينِ ، بها نالتِ الأُمَّةُ الخيريةَ على العالمِينَ ، فهي صمامُ الأمانِ ، فكونوا لها أوفياءً ، وبأهلها أحفياءً ، حتى لا تغرقَ سفينةُ الأمةِ ، احفَظوا للعلماء قدرَهُم ، وصونوا أعراضَ المحتسبينَ ، والدعاةِ الفُضَلاءِ ، وأطيعوا وُلاةَ أمرِكُم ، وكونوا يداً واحدةً ، وصفاً واحداً ، فما دُمتُم كذلكَ فلا ينالُ عدوٌّ منكُم نيلاً ، فكما ترونَ المسلمينَ اليومَ ، تموجُ بهمُ الفتَنُ، وتحيطُ بهم المصائبُ والإِحنُ ، يسعى الأعداءُ لتفريقِ صفوفِهِم ، ويبذُلونَ كُلَّ جُهدٍ وطاقةٍ ، لبذرِ أسبابِ العداءِ بينَ أبنائِهِم وشبابِهِم ، وبثِّ روحِ التباغُضِ في المجتمعاتِ ، فاحذروا أيها الشبابُ من دعاةِ الفُرقةِ ، واحذروا الفتنَ ما ظهرَ منها وما بطنَ ، احذروا التسويغَ لهاَ ، والتهوينَ من شأنِها ، فأنتم بفضلِ اللهِ في بلادٍ آمنةٍ مطمئنةٍ ، والحُسَّادُ والمبغضونَ ، يتجلْبَبُونَ رداءَ الشفقةِ عليكُم ، والوقوفِ معَكُم ، وهم واللهِ كاذبونَ ، فلا تغرنَّكُم العباراتُ المنمَّقةُ ، والمشاعرُ الملفقةُ ، ففي الإنترنت ، جُنودٌ مُجَنَّدةٌ ، تَظاهَرُوا لسَرْدِ لُحْمَتِكم ، وتَظَافَرُوا لشقِّ صفِّكُم ، وتَخَابَرُوا لتمزيقِ وحدَتِكم ، فاحذروهُم ، والزموا العقيدةَ الصافيةَ ، كتابَ اللهِ وسنةَ محمدٍ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ، وعليكُم بمنهجِ الوسطيةِ في الدينِ ( وكذلك جعلناكُم أمةً وسطاً) وإياكُم والغلوُّ والتطرُّفُ ، فإنَّ الفضيلةَ وسطٌ بينَ رذيلتينِ ، تراحَمُوا وتلاحَمُوا وتسامَحُوا، وكونوا عبادَ اللهِ إخوانًا ، احذروا الربَا ، ولا تقرَبوا الزنا، واجتنبوا المسكِراتِ والمخدِّراتِ، فإنها من الكبائرِ ، وإياكُم وجمعَ الأموالِ من المسالكَ المعوجَّةِ والطرقَ الملتوِيةِ
أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ ( مَنْ عَمِلَ صَـٰلِحًا مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَوٰةً طَيّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )
وأسأل الله أن يبارك لي ولكم في القرآن، وينفعنا بالآيات والهدى والبيان ، واستغفروا ربكم وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ واللهُ أكبرُ.
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ ، الحمدُ للهِ مُعيدِ الأعيادِ ، المُنَزَّهِ عنِ الشُّركاءِ والأندادِ ، وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأشهدُ أنَّ نبينا محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه صلى اللهُ عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
عبادَ اللهِ : مِنْ أعظمِ ما يتقربُ بهِ العبادُ إلى اللهِ في هذهِ الأيامِ الأضاحي ( لَن يَنَالَ اهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ ) يقول المصطفى صلى اللهُ عليه وسلم ((أيامُ العيدِ أيامُ أكلٍ وشُربٍ وذكرٍ للهِ تعالى)) وتجزئُ الشاةُ عن واحدٍ، والبدنةُ والبقرةُ عن سبعةِ أشخاص ٍ.
أيها المسلمون : سِنُّ الإضحيةِ المعتبرُ شرعا ، خمسُ سنينَ في الإبلِ، وسنتانِ في البقرِ، وسنةٌ كاملةٌ في المعزِ، وستةُ أشهُرٍ في الضأنِ ، واحرصوا أنْ تكونَ سالمةً منَ العيوبِ التي نهى الشارعُ عنها ، وهي (المريضةُ البينُ مرضُها، والعوراءُ البينُ عورُها، العرجاءُ البينُ ضَلْعُها ، والعجفاءُ التي لا تَنقى )
والذبحُ يبدأُ مِنْ بعدِ الفراغِ من صلاةِ العيدِ وينتهي بغروبِ شمسِ اليومِ الرابعِ من أيامِ العيدِ ، فمن كانَ يُحسِنُ الذبحَ فليذبحْ إضحيتَهُ بنفسِهِ، ومن لا يُحسِنُهُ فليوكِّلْ غيرَهُ ، وارفُقُوا بالبهائمِ ، وليُرحْ أحدُكُم ذبيحتَهُ، وليُحِدْ شفرَتَهُ، فإنَّ اللهَ كتبَ الإحسانَ على كلِّ شيءٍ، حتى في ذبحِ البهيمةِ، ثُمَّ ليسمّ أحدُكُم عندَ ذبحِها ويقولُ: بسمِ اللهِ واللهُ أكبرُ، اللهمَّ هذا منكَ ولكَ، اللهم هذهِ عن فلانٍ أو فلانة، ويسمي صاحبَها ويُلحِقُ به من شاءَ صاحبُهَا من أهلِ بيتِهِ الأحياءِ والميتينَ ، وكُلُوا منها وأهدُوا وتصدقُوا قالَ تعالى ( فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَـٰانِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ) ولا يُعطي الجزارُ أجرتَهُ منها.
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ. يا نساءَ المسلمينَ : أيتُها الأخواتُ المسلماتُ : أنتُنَّ أشرفُ نساءِ الدنياَ ، اللهُ رفعكُنَّ وشرَّفكُنَّ، وأعلى قدْرَكُنَّ ومكانتَكُنَّ، وحَفِظَ حقوقَكُنَّ، فاشكُرنَ النعمةَ، واذكُرنَ المنَّةَ، الحجابُ والجِلبابُ ما فُرِضَ إلاّ حمايةً لأعراضِكُنَّ وصيانةً لنفوسِكُنَّ وطهارةً لقلوبِكُنَّ، وعصمةً لكُنَّ من دواعي الفتنةِ ، فعليكُنَّ بالحشمةِ ، واغضُضنَ من أبصارِكُنَّ واحفظْنَ فروجَكُنَّ، ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ) واحذرْنَ هذا الزمان ، زمانَ الجوالاتِ والإنترنت ، فإنَّ حبائلَ الشيطانِ فيها مُشرعةٌ ، فأنتُنَّ من أُسَرٍ كريمةٍ ، ومن حمائلَ فاضلةٍ ، ومن قبائلَ عريقةٍ ، ولا يخفى عليْكُنَّ ، كثرةُ من ينخُرُ في شأنِ المرأةِ ، ويدعوا لتحريرِها وكأنَّها مغتصبةٌ وهيَ في حرزِ اللهِ الأمينِ ، وفي حصنهِ المكينِ ، فكفاكُنَّ اللهُ شرَّ كلِّ ذي شرٍّ ، فحافظي على دينِ اللهِ والتزمي بشرعِ اللهِ أسألُ اللهَ أن يحفظَكِ ويرعاكِ ويستُرَكِ يا أمةَ اللهِ
اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ وأذلَّ الشركَ والمشركينَ اللهم آمنا في أوطانِنا وأصلح أئمتَنا وولاةَ أمورِنا ، وانصر جندنا ، وأصلح أحوالَ المسلمينَ في كلِّ مكانٍ ، اللهم اجعلْ عيدَنا عيدَ أمنٍ في الأوطانٍ وصحةٍ في الأبدانِ وحفظٍ للأهلِ والولدانِ سبحانَ ربِّكَ ربِّ العزةِ عما يصفونَ، وسلامٌ على المرسلينَ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلى اللهُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِهِ وأصحابِهِ أجمعينَ، والتابعينَ ومن تبعهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
وعادَ عيدُكُم جميعاً وجعلَكُمُ اللهُ مِنْ عُوَّادِهِ
المفضلات