الحمد لله، ( الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) واشهد ألا اله إلا الله وحده لا شريك له يعلم ما كان وما يكون. وما تسرون وما تعلنون. واشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق المأمون، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون. وسلم تسليما كثيرا إلى يوم يبعثون : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدا ً* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) أما بعد:أيُّها الأحبةُ في الله ، فإنَّ هذه البلادَ ـ وللهِ الحمدُ ـ آمنةٌ مطمئنّةٌ ، بدينِها الإسلاميِّ السّمحِ ، وأخلاقِها الفُضلَى وشريعتِها السّمحاءِ ،لكِنَّهُ كدَّرَ صفوَ قلوبِ الغيورينَ على الدِّينِ ، وعلى البلادِ ومصالِحِها ، فئةٌ ضلَّتْ في فهمِها، وشطحتْ في فكرِها ، وتخبَّطتْ في آرائِها، وخالفتِ القرآنَ والسنّةَ بجُرمِها، وخرجتْ على وليِّ الأمرِ ، الذي أوجبَ اللهُ طاعتَهُ، وشقَّتْ عصَا الطاعةِ، وخالفتِ المسلمينَ، وعاثَتْ في الأرضِ فسادًا، فقتلتْ رجالَ الأمنِ المسلمينَ، وقتَلتْ من المواطنينَ الآمنينَ، وقتلتِ المستأمَنينَ من غيرِ المسلمينَ الذينَ حرَّمَ اللهُ قتلَهم، وأتلفتِ الأموالَ المعصومةَ، وعثتْ ، بأعمالٍ تخريبيّةٍ ، مدمِّرةٍ غادرةٍ ، هي غايةٌ في القبحِ والشناعةِ والعياذُ باللهِ ،أَعمالٌ يحاربُها الإسلامُ أشدَّ المحاربةِ، ويتبرَّأُ منها ، وهاهُم يقتلونَ المصلين ، الذين يقفون بين يدي ربِّ العالمين ، أيُ دينٍ هذا الَّذي يُتَوجّهُ من خِلالهِ ، إلى قَتلِ النَّاس في المساجِد ،ولكنَّ هذا هوَ منهجُ الخوارج ، الذين ينتمونَ إلى دولة الخوارج المزعومة ، والتي أطلقوا عليها اسم الدولة الإسلامية ، والإسلامُ منْ أَفعالِها براء ؛ والتي تَنطَلِقُ من مبدءِ التكفيرِ ، ثم التَّفجِير ، فَتَجرَّؤا على قتلِ كل من يخالِفَهُم ، ولو كان أقرب قريب لهم ، ومن ذلك ترويع الآمنين وقتل المصلين ، وتفجيرِ دُور العِبَادة ، وآخرُها ماحدث في مسجدِ قواتِ الطوارئ الخاصةِ ، بأبها قبلَ أمس ، والذي استُشهد فيه عددٌ من جُنودِنا ، وإصابةَ الكثيرين ، إنَّها جَريمةٌ نَكراء ، واعتداءٌ وعُدوانٌ ، وعَمَلٌ إجرامِيٌ ، ومَسلكٌ رخيصٍ فاضحٌ ، لِكُلِّ من يَحترمُ آدميّتَهُ وإنسانيّتَهُ ، فضلا عن أن يحترمَ دينَهُ وأمانتَهُ ، أُريقت دِمائَهُم في بيتِ الله ، وجُرِحَ وأُصيبَ عددٌ كبيرٌ ، في بيتِ الله ، لقد تعدى من فعلَهَا ، على الدِّينِ والكتَابِ والسُّنة ، وإجماع فُقهاء الإسلام ، من جميعِ المذاهب ، مَنْ تقتل ؟ وأينَ تقتُلُ ؟ في بيتٍ من بيوتِ الله ، إنَّهُ شذوذٌ وعدوانٌ وإجرامٌ ، أننا نُدينُ ونستنكرُ ونستَشنِعُ هذهِ الأعمالَ الإجراميةَ الإرهابيةَ ، ونعزو ذلكَ إلى فكرٍ زائغٍ ضالٍ مُنحرفٍ ، عرفَهُ أهلُ العلمِ منذُ عهدِ الصحابةِ وعَرَّفُوهُ ، هؤلاءِ همُ الخوارجُ ، مدعومٌ فِكرُهُم ومُلقَّحٌ بأفكارِ المجوسِ ، وحِقدِهم وكُرهِهم للإسلامِ وأهلِهِ ، فالمجوسُ أولُ منْ تجرَّأَ على القتلِ في المساجدِ ، فهم منْ قتلوا الخليفةَ عمرَ بنَ الخطابِ رضيَ اللهُ عنهُ ، وهو يؤُمُّ الناسَ في صلاةِ الفجرِ ، قتلَهُ أبو لؤلؤةَ المجوسيُّ عليهِ لعنةُ اللهِ ، والخوارجُ هم مَن قتلوا ذا النورينِ عثمانَ رضيَ اللهُ عنهُ وأرضاهُ ، وهو يقرأُ القرآنَ في بيتِهِ ، والخوارجُ هُم مَن قتلوا عليَّ بنَ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنهُ وأرضاهُ ، قتلَه عبدُالرحمنِ بنُ مُلجمٍ ، الذي تربَّى في كَنفِ عليٍّ رضيَ اللهُ عنهُ ، وأحسنَ إليهِ ، وأنفقَ عليهِ ، لمَّا تَعَاهَدَ هو وثُلةٌ منَ الخوارجِ على قتلِ عليٍّ ومعاويةَ وعمرو بنَ العاصِ ، إختارَ هُوَ علياًّ الذي رباهُ وأحسنَ إليهِ ، فطعنَهُ في المسجدِ وهو قائمٌ من سجودِهِ في التاسعِ عشرَ من رمضانَ ، هذا الفكرُ الإرهابيُّ ، الذي هوَ مِن صُنعِ عبدِاللهِ بنِ سبأِ اليهوديِّ إنتشرَ بينَ الشبابِ ، عبرَ وسائلِ التُّواصلِ الإجتماعيِّ ، وعبرَ التويتر والفيس بوك . ودينُ محمدٍ، براءٌ من هذهِ الأفكارِ المنكوسةِ ، والمَنَاهِجِ المدسوسةِ ، في الحديثِ الصحيحِ:يقولُ عليهِ الصلاةُ والسلام {لا يزالُ المرءُ في فُسحةٍ من دينِهِ ما لم يصبْ دماً حرامًا} وفي التنزيلِ العزيزِ: ( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا *وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ عُدْوٰنًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرًا ) فحسبنا الله ونعم الوكيل ، أينَ هَؤلاءِ من قولِ الله تعالى(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) وقولِ رسوله {مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ ، فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي بِسَيْفِهِ يَضْرِبُ بَرَّهَا ، وَفَاجِرَهَا لا يَتَحَاشَى مُؤْمِنًا لإِيمَانِهِ ، وَلا يَفِي لِذِي عَهْدٍ بِعَهْدِهِ ، فَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِي ، وَمَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِلْعَصَبِيَّةِ ، وَيُقَاتِلُ لِلْعَصَبِيَّةِ ، وَيَدْعُو لِلْعَصَبِيَّةِ ، فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً} رواه مسلم ، ألا فاتقوا الله عباد الله واحذروا وحذروا من هؤلاء الخوارج ، ومن مذهبهم الضال ، وكونوا يداً واحدةً مع ولاةِ أمرِكُم ، في صَدِّ هذا الفكرِ ودَحرِهِ وصَدِّ كلِّ فكر يُريد عَقيدتَنَا ، وأَمنَنا وبلادَنا ، كائناً مَن ْكان ، ثبتنا الله وإياكم على السنة وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن ، أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.
الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ ، وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .عباد الله / روى مسلم في صحيحه أن النبي قال{تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا جِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَتِهِ بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ} وقال {عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ }وقال {رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ وَأَمِنَ الْفَتَّانَ }رواه مسلم .وقال {مَا اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ} رواه البخاري .فاحمدوا الله على نعمه الظاهرة والباطنة واشكروا لمن يقوم بحراسة بلاد الإسلام واعرفوا لهم فضلهم ، وكونوا معهم ولو بدعوة صادقة خالصة لهم ؛ فاللهم اجزهم خير الجزاء وأعظم أجورهم يا أكرم الأكرمين ، اللهم من أراد أمننا وأمن بلادنا وبلاد المسلمين بسوء اللهم عليك به واجعل تدميره في تدبيره .اللهم اهدي شباب الإسلام وجنبهم فكر الخوارج ومنهجه وحبب لهم الإسلام والسنة واجعلهم من الصالحين ، أَلَاْ وَصَلُّوْا عَلَىْ اَلْبَشِيْرِ اَلْنَّذِيْرِ ، وَاَلْسِّرَاْجِ اَلْمُنِيْرِ ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اَلْلَّطِيْفُ اَلْخَبِيْرُ ، فَقَاْلَ مِنْ قَاْئِلٍ عَلِيْمَاْ : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلَّذِيْ رَوَاْهُ اَلْإِمَاْمُ أَحْمَدُ وَاَلْنَّسَاْئِيُ ، يَقُوْلُ { مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ ، وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ ، وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ} اللهم صل وسلّم وأنعم وأكرم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمّد ، ورض اللهم عن أصحابه الأطهار ماتعاقب الليل والنهار أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائِرِ أصحابِ نبيّك أجمعين ، وعن التابعين ، وتابعيهم بِإحسانٍ إلى يومِ الدّين ، وعنّا معهم ، بمنك وفضلك ورحمتك ، يا أرحم الراحمين ، اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ،وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، ومن كَرِه الإسلامَ والمسلمين ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ أعفوا عنَّا ، ويا وسعَ المغفرةِ أغفر لنا ، ويا قريبَ الرّحمةِ أرحمنا برحمتك الواسعة ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ يارب العالمين ، اللهم واجعل في قلوبِنا نوراً ، نهتدي به إليك ، وتولنا بِحُسنِ رعايتِك ، حتى نتوكلَ عليك ، وارزقنا حلاوةَ التذلُلِ بين يديكَ ، فالعزيزُ من لاذَ بعزِكَ ، والسعيدُ من التجأَ إلى حماكَ وجودِك ، والذليلُ من لم تُؤَيّدْهُ بعنايتِكَ ، والشقيُّ من رضيَ بالإعراضِ عن طاعتِكَ ، اللهم نَزِّه قلوبَنا عن التعلقِ بمن دونِك ، واجعلنا من قومٍ تُحبُهم ويحبونَك ، وخفف عنا ثُقل الأوزار ، وارزقنا عيشةَ الأبرار ، اللهم احفظْ بلادَنا وولاةَ أمرِنا وعلماءَنا ودُعاتَنا ، اللهم وحِّدْ كلمتَنا وقوي شوكتَنا ياربَّ العالمينَ ، واجعل هذا البلد رخاءً سخاءً آمِناً مُطمَئِناً ، وسائر بلاد المسلمين يا ربَّ العالمين ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنيين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات ، اللهم ربنا ( آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)
المفضلات