الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ، ، أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيْمِ سُلْطَاْنِهِ ، وَأَشْكُرُهُ عَلَىْ فَضْلِهِ وَاَمْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ
وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ ، وَصَفِيُهُ وَخَلِيْلُهُ ، وَخِيْرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ ، صَلَىْ اللهُ عَلِيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ أَجْمَعِيْنَ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ أيّها النَّاس :
تَقْوَىْ اللهِ ، وَصِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ لِعِبَاْدِهِ ، فَهُوَ الْقَائِلُ
فِي كِتَابِهِ : وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِيْنَ أُوتُوا الْكِتَاْبَ مِنْ
قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوْا اللَّهَ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
زَوَّجَ اَلْنَّبِيُ ، إِبْنَتَهُ فَاْطِمَةَ ـ عَلِيْهَاْ اَلْسَّلَاْمُ ـ عَلِيَ بِنِ أَبِيْ طَاْلِبٍ ، وَمِمَّاْ حَدَثَ فِيْ هَذَاْ اَلْزَّوَاْجِ : دُعَاْءُ اَلْنَّبِيِ لَهُمَاْ بِاَلْبَرَكَةِ ، حَيْثُ قَاْلَ : (( جَمَعَ اَللهُ بَيْنَكُمَاْ ، وَبَاْرَكَ فِيْ سَيْرِكُمَاْ ، وَأَصْلَحَ بَاْلَكُمَاْ )) ، وَثَبَتَ عَنْهُ ، أَنَّهُ إِذَاْ رَأَىْ أَحَدَاً مِنْ أَصْحَاْبِهِ ، حَدِيْثَ عَهْدٍ بِزَوَاْجٍ ، دَعَاْ لَهُ بِقَوْلِهِ : (( بَاْرَكَ اَللَّهُ لَكَ ، وَبَاْرَكَ عَلَيْكَ ، وَجَمَعَ بَيْنَكُمَاْ فِيْ خَيْرٍ )) ، فَاَلْبَرَكَةُ فِيْ اَلْزَّوَاْجِ ، نِعْمَةٌ مِنْ نِعَمِ اَللهِ ، يُنْعِمُ بِهَاْ عَلَىْ مَنْ يَشَاْءُ مِنْ عِبَاْدِهِ ، وَاَلْزَّوَاْجُ مَنْزُوْعُ اَلْبَرَكَةِ ، لَاْخَيْرَ فَيْهِ ، وَلَاْ تَسَلْ عَنْ مَاْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ مَشَاْكِلَ أُسَرِيَّةٍ وَاَجْتِمَاْعِيَّةٍ وَنَفْسِيَّةٍ ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَغِبْ أَمْرُ اَلْبَرَكَةِ ، وَاَلْدُّعَاْءُ بِهَاْ ، عَنْ اَلْنَّبِيْ ، عِنْدَمَاْ زَوَّجَ اِبْنَتَهُ فَاْطِمَةَ ـ عَلَيْهَاْ اَلْسَّلَاْمُ ، لِاِبْنِ عِمِّهِ عَلِيِ بِنْ أَبِيْ طَاْلِبٍ ، وَعَنْدَ زَوَاْجِ كُلِّ مِنْ يَعْلَمُ بِزَوَاْجِهِ مِنْ أَصْحَاْبِهِ ، وَمَعْنَىْ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ (( بَاْرَكَ اَللَّهُ لَكَ )) : أَيْ كَثَّرَ لَكَ اَلْخَيْرَ فِيْ هَذَاْ اَأَ ُمْرِ ، وَاَلْبَرَكَةُ : هِيَ اَلْنَّمَاْءُ وَاَلْزِّيَاْدَةُ وَاَلْسَّعَاْدَةُ ؛ (( وَبَاْرَكَ عَلَيْكَ )) أَيْ أَنْزَلَ عَلَيْكَ اَلْخَيْرَ وَاَلْرَّحْمَةَ وَاَلْرِّزْقَ وَاَلْبَرَكَةَ فِيْ اَلْذُّرِّيَةِ ؛ (( وَجَمَعَ بَيْنَكُمَاْ فِيْ خَيْرٍ )) ، أَيْ فِيْ طَاْعَةٍ وَصِحَّةٍ وَعَاْفِيَةٍ وَسَلَاْمَةٍ ، وَحُسْنِ عِشْرَةٍ ، وَتَكْثِيْرِ ذُرِّيَةٍ صَاْلِحَةٍ .
فَاَلْزَّوَاْجُ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ لَنْ يَكُوْنَ زَوَاْجَاً حَقِيْقِيَّاً ، فِيْهِ اَلْمُتْعَةُ اَلْنَّفْسِيَّةُ ، وَاَلْسَّعَاْدَةُ اَلْحَيَاْتِيَّةُ ، وَاَلْمَوَدَّةُ اَلْقَلْبِيَّةُ ، وَاَلْسَّكَنُ ، إِلَّاْ إِذَاْ كَاْنَ زَوَاْجَاً مُبَاْرَكَاً ، وَلَنْ يَكُوْنَ اَلْزَّوَاْجُ مُبَاْرَكَاً إِلَّاْ إِذَاْ كَاْنَ وِفْقَ شَرْعِ اَللهِ ، خَاْلِيَاً مِنْ اَلْمُخَاْلَفَاْتِ اَلَّتِيْ تُغْضِبُ اَللهَ ، مُوَاْفِقَاً لِمَاْ جَاْءَ فِيْ سُنَّةِ رَسُوْلِ اَللهِ .
فَارْتِفَاْعُ نِسَبِ اَلْطَّلَاْقِ ، وَضَنْكُ مَعِيْشَةِ بَعْضِ اَلْأُسِرِ ، وَفَسَاْدُ اَلْذُّرِّيَةِ ، وَكَثْرَةُ اَلْمَشَاْكِلِ اَلْزَّوْجِيَةِ ، وَاَلْحِقْدُ وَاَلْبُغْضُ وَقَطِيْعَةُ اَلْرَّحِمِ ، نَتَيْجَةٌ مِنْ نَتَاْئِجِ نَزْعِ اَلْبَرَكَةِ مِنْ كَثِيْرٍ مِنْ اَلْزَّوَاجَاتِ ، لِكَوْنِهَاْ تُبْنَىْ وَبُنِيَتْ عَلَىْ غَيْرِ مَاْ يُرْضِيْ اَللهَ ، فمُرَاْعَاْةُ مَاْ يَقُوْلُهُ اَلْنَّاْسُ عنْ هَذا الزَّواجِ ، أَمْرٌ يَخَاْفُ مِنْهُ الْكَثِيروُنَ ، أَكْثَرَ خَوْفَاً مِنْ اَللهِ ، وَهَذَاْ مِمَّاْ جَعَلَهُمْ يَقَعُوْنَ بِمَاْ حَرَّمَ اَللهُ ، مِنَ اَلْإِسْرَاْفِ وَاَلْتَّبْذِيْرِ ، وَاَلْاخْتِلَاْطِ وَاَلْتَّصْوِيْرِ وَاَلْغِنَاْءِ ، وَاَلْسَّفَرِ إِلَىْ بِلَاْدِ اَلْتَّبَرِّجِ وَاَلْسُّفِوْرِ ، وَاَلْبِدَعِ وَغَيْرِهَا ، دُوْنَ عِلْمٍ يَقِيْهُمُ اَلْشُّبُهَاْتِ ، وَلَاْ دِيْنٍ يَمْنَعُهُمْ مِنَ اَلْشَّهَوَاْتِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّاْ يَفْعَلُهُ ضِعَاْفُ اَلْإِيْمَاْنِ ، اَلَّذِيْنَ يَصْدِقُ عَلِيْهِمْ قَوْلُهُ : يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ، فَنَزْعُ اَلْبَرَكَةِ مِنْ زَوَاْجٍ هَذِهِ حَاْلُهُ ، أَمْرٌ طَبِيْعِي ، وَسُنَّةٌ رَبَّاْنِيَةٌ ، يَقُوْلُ اَلْنَّبِيُ فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ : (( إِنَّ مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ تَيْسِيرَ خِطْبَتِهَا ، وَتَيْسِيرَ صَدَاقِهَا ، وَتَيْسِيرَ رَحِمِهَا )) ، مِنْ يُمْنِهَاْ : أَيْ مِنْ بَرَكَتِهَاْ . (( تَيْسِيرَ خِطْبَتِهَا )) ، أَيْ : سُهُوْلَةَ طَلَبِ زَوَاْجِهَاْ مِنْ وَلِيِّهَاْ ، وَسُهُوْلَةَ مُوَاْفَقَتِهِ عَلَىْ ذَلِكَ ، (( وَتَيْسِيرَ صَدَاْقِهَا )) ، أَيْ : عَدَمَ اَلْمُغَاْلَاْةِ فِيْهِ ، وَتَكْلِيْفُ اَلْزَّوْجِ فَوْقَ طَاْقَتِهِ فِيْ تَحْصِيْلِهِ ، (( وَتَيْسِيرَ رَحِمِهَا )) ، أَيْ : لِلْوُلَاْدَةِ ، بِأَنْ تَكُوْنَ سَرِيْعَةَ اَلْحَمْلِ كَثِيْرَةَ اَلْنَّسْلِ . فَإِذَاْ لَمْ يَحْدُثْ اَاِبِلْتِزَاْمُ بِمَنْهَجِ اَللهِ ، وَسُنَّةِ رَسُوْلِهِ ، تُنْزَعُ اَلْبَرَكَةَ مِنْ هَذَاْ اَلْزَّوَاْجِ ، وَتَكُوْنُ عَوَاْقِبَهُ وَخِيْمَةٌ ، وَثِمَاْرَهُ ذَاْتُ غَصَّةٍ أَلِيْمَةٍ . يَقُوْلُ عُمُرُ بِنُ اَلْخَطَّاْبِ : إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيُغَالِى بِمَهْرِ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَبْقَى عَدَاوَةً فِى نَفْسِهِ ، فَيَقُولُ : لَقَدْ كُلِّفْتُ لَكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ . أَيْ تَحَمَّلْتُ لأَجْلِكِ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّىْ اَلْحَبْلِ اَلَّذِيْ تُعَلَّقُ بِهِ اَلْقِرْبَةِ . وَقَدْ صَدَقَ ، فَمَاْ أَكْثَرُ اَلَّذِيْنَ يَكْرَهُوْنَ زَوْجَاْتِهِمْ ، وَيَكْرَهُوْنَ أَهْلَهُنَّ وَمَنْ عَرَّفَهُمْ بِهِمْ ، بِسَبَبِ مَاْ تَحَمَّلَتْ اَعْنَاْقُهُمْ بِسَبَبِهِنَّ ، وَبِسَبَبِ مَاْ تَسَبَّبَ فِيْ تَعَاْسِتِهِمْ وَشَقَاْئِهِمْ . وَلَاْ شَكَّ أَنَّ هَذَاْ نَتِيْجَةٌ مِنْ نَتَاْئِجِ نَزْعِ اَلْبَرَكَةِ ـ نَسْأَلُ اَللهَ اَلْسَّلَاْمَةَ وَاَلْعَاْفِيَةَ ـ . فَلْنَتِقِ اَللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اَللهِ ـ وَلَنَحْذَرَ اَلْاِسْبَاْبَ اَلَّتِيْ تَمْنَعُ بَرَكَةَ اَللهِ .
أَعُوْذُ بِاَللهِ مِنْ اَلْشَّيْطَاْنِ اَلْرَّجِيْمِ
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ بَاْرَكَ اللهُ لِيْ وَلَكُمْ بِاَلْقُرَّآنِ اَلْعَظِيْمِ ، وَنَفَعَنِيْ وَإِيَّاْكُمْ بِمَاْ فَيْهِ مِنَ اَلآيَاْتِ وَاَلْذِّكْرِ اَلْحَكِيْمِ ، أَقُوْلُ قَوْلِيْ هَذَاْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُوْرِ اَلْرَّحِيْمِ .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ ، وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَيُّهَاْ اَإِاْخْوَةُ اَلْمُؤمِنُوْنَ :
وَمِمَّاْ يَدُلُّ عَلَىْ أَهَمِيَّةِ اَلْبَرَكَةِ فِيْ اَلْزَّوَاْجِ ، وَثِمَاْرِهَاْ اَلْيَاْنِعَةِ اَلْنَّاْفِعَةِ ، مَاْ رَوَاْهُ أَنَسٌ فِيْ أَحَاْدِيْثَ صَحِيْحَةٍ ، يَقُوْلُ : كَاْنَ اِبْنٌ لِأَبِيْ طَلْحَةَ يَشْتَكِيْ ، فَخَرَجَ
أَبُوْ طَلْحَةَ فَقُبِضَ اَلْصَّبِيُّ ، أَيْ مَاْتَ ، فَقَاْلَتْ أُمُّهُ ـ أُمُّ
سُلَيْمٍ رضي الله عنها لِأَهْلِهَاْ : لَاْ تُحَدِّثُوْا أَبَاْ طَلْحَةَ بِاِبْنِهِ ،حَتَّىْ أَكُوْنَ أَنَاْ أُحَدِّثُهُ ، فَلَمَّاْ رَجَعَ أَبُوْ طَلْحَةَ ، قَاْلَ : مَاْ
فَعَلَ اِبْنِيْ؟ قَاْلَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ : هُوَ أَسْكَنُ مَاْ كَاْنَ عَلِيْهِ ،
فَقَرَّبَتْ لَهُ اَلْعَشَاْءَ فَتَعَشَّى ، ثُمَّ تَصَنَّعَتْ لَهُ أَحْسَنُ مَاْ
كَاْنَتْ تَصَنَّعُ قَبْلَ ذَلِكَ ، فَوَقَعَ بِهَاْ ، فَلَمَّاْ رَأَتْ أَنُّهُ قَدْ
شَبِعَ وَأَصَاْبَ مِنْهَاْ ، قَاْلَتْ : يَاْ أَبَاْ طَلْحَةَ ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ
قَوْمًا أَعَاْرُوْا عَاْرِيَتَهُمْ أَهْلَ بَيْتٍ ، فَطَلَبُوْا عَاْرِيَتَهُمْ ، أَلَهُمْ
أَنْ يَمْنَعُوْهُمْ ؟ قَاْلَ : لَاْ ، قَاْلَتْ : فَاَحْتَسِبْ اِبْنَكَ ، قَاْلَ :
فَغَضِبَ ، وَقَاْلَ : تَرَكْتِيْنِيْ حَتَّىْ تَلَطَّخْتُ ، ثُمَّ أَخْبَرْتِيْنِيْ
بِاِبْنِيْ ، فَاَنْطَلَقَ حَتَّىْ أَتَىْ رَسُوْلَ اَللهِ فَأَخْبَرَهُ بِمَاْ كَاْنَ ، فَقَاْلَ : (( أَعْرَسْتُمُ اَلْلَّيْلَةَ ؟ )) قَاْلَ أَبُوْ طَلْحَةَ : نَعَمْ ! قَاْلَ : (( بَاْرَكَ اَللّهُ لَكُمَاْ فِيْ غَاْبِرِ لَيْلَتِكُمَاْ )) ، قَاْلَ :
فَحَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ ، فَوَلَدَتْهُ لَيْلاً ، وَكَرِهَتْ أَنْ تُحَنِّكَهُ حَتَّى يُحَنِّكَهُ رَسُولُ اللَّهِ ، فَحَمَلْتُهُ غُدْوَةً وَمَعِى
تَمَرَاتُ عَجْوَةٍ ، فَوَجَدْتُهُ يَهْنَأُ أَبَاعِرَ لَهُ أَوْ يَسِمُهَا ،
فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ وَلَدَتِ اللَّيْلَةَ ،
فَكَرِهَتْ أَنْ تُحَنِّكَهُ حَتَّى يُحَنِّكَهُ رَسُولُ اللَّهِ ، فَقَالَ: (( أَمَعَكَ شَىْءٌ ؟ )) . قُلْتُ تَمَرَاتُ عَجْوَةٍ . فَأَخَذَ
بَعْضَهُنَّ ، فَمَضَغَهُنَّ ، ثُمَّ جَمَعَ بُزَاقَهُ فَأَوْجَرَهُ إِيَّاهُ ،
فَجَعَلَ يَتَلَمَّظُ فَقَالَ : (( حُبُّ الأَنْصَارِ التَّمْرَ )) . قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِّهِ . قَالَ : (( هُوَ عَبْدُ اللَّهِ
)) . يَقُوْلُ أَحَدُ اَلْصَّحَاْبَةِ ـ رَضِيَ اَللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِيْنَ : إِنَّهُ
وُلِدَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ وَزَوْجِهَاْ ، مِنْ تَلْكَ اَلْلَّيْلَةِ : عَبْدُ اَللَّهِ بِنْ
أَبِىْ طَلْحَةَ ، فَكَاْنَ لِعَبْدِ اَللهِ ، عَشْرَةٌ مِنْ اَلْوَلَدِ ، كُلُّهُمْ
قَدْ حَفِظَ اَلْقُرَّآنَ اَلْكَرِيْم . هَذِهِ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ نَتِيْجَةُ
اَلْزَّوَاْجِ اَلْمُبَاْرَكِ ، اَسْأَلُهُ سُبْحَاْنَهُ أَنْ يُبَاْرِكَ لَنَاْ فِيْمَاْ
أَعْطَاْنَاْ ، وَأَنْ يَجْعَلَنَاْ مُبَاْرَكِيْنَ أَيْنَمَاْ كُنَّاْ إِنَّهُ سُمِيْعٌ مُجِيْبٌ . أَلَاْ وَصَلُّوْا عَلَىْ اَلْبَشِيْرِ اَلْنَّذِيْرِ ، وَاَلْسِّرَاْجِ اَلْمُنِيْرِ ،
فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اَلْلَّطِيْفُ اَلْخَبِيْرُ ، فَقَاْلَ مِنْ
قَاْئِلٍ عَلِيْمَاْ : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ،
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ،
وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلَّذِيْ رَوَاْهُ اَلْإِمَاْمُ أَحْمَدُ وَاَلْنَّسَاْئِيُ ، يَقُوْلُ
: (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
عَشْرَ صَلَوَاتٍ ، وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ ،
وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ ))
• أصل الخطبة لأحد المشايخ وبتصرف مني بسيط
المفضلات