اللهُ أكبرُ تسعاً ، اللهُ أكبرُ عددَ ما ذكرَهُ الذاكرون ، وكبَّرَهُ المكبِرُون ، اللهُ أكبرُكبيرا ، والحمدُ للهِ كثيرا ، وسبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلا ، الحمدُ للهِ ، له الكمالُ و الدوامُ سبحانَهُ ، وما سواه له النقصُ والفناءُ . أحمدُهُ سبحانَهُ وأشكُرُهُ وأتوبُ إليهِ وأستغفرُهُ ، وأشهدُ ألا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ،وأشهدُ أن سيدَنا ونبينَا وحبيبنا محمداً عبدُ اللهِ ورسولُهُ ، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلهِ و أصحابِهِ قُدواتِنا وأئمتِنا ، والتابعينَ ومن تبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الفناءِ . أما بعد : أيها المسلمون :إنَّ يومَكم هذا يومٌ عظيمٌ ، قد اجتمعَ لكم فيه عِيدانِ ، عيدُ الفطر، وعيدُ يومِ الجمعةِ ، فمن حضرَ وصلى العيدَ ، فلا حرجَ عليه ألا يصليَ الجُمعةَ ، وإنّما يكتفي بصلاةِ الظهرِ في مسجدِهِ ، روى أبو داوودَ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن رسولِ اللهِ قال : { قَدْ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ عَنْ الْجُمُعَةِ ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ } وهذا خاصٌ بمن صلى العيدَ ، دون من لم يصلْها ، قال الإمامُ أحمدُ رحمه اللهُ : يسقطُ فرضُ الجمعةِ بصلاةِ العيدِ ويصلون الظهرَ .. وهذا هو الذي يفتي به علماؤنا حفظَهم اللهُ ، ويُستثنى من ذلك خطيبُ الجمعةِ ، فإنه يُقيمُ الجمعةَ بمن حضرَ ، روى مسلمٌ عن النعمانِ بنِ بشيرٍ رضي اللهُ عنه ، قال كان رسولُ اللهِ e يقرأُ في العيدِ وفي الجمعةِ بسبحِ ( اسمَ ربِك الأعلى ) و( هل أتاك حديث الغاشية ) ، قال وإذا اجتمع العيدُ والجمعةُ في يومٍ واحدٍ ، يقرأُ بهما أيضاً في الصلاتين ، والله أعلم .. أيُّها المسلمون، إنَّكُم في يومٍ تَبَسَّمَتْ لَكُمْ فيهِ الدُّنيا ، صُمْتُم لله ، وقُمْتُمْ لله ، ثم جِئْتُم اليومَ ، تَسألونَ اللهَ الرِّضا والقَبولَ ، وتَحمِدونَهُ على الإنعامِ بالتَّمامِ ، والتوفيقِ للصيامِ والقيامِ ، فالحمْدُ للهِ الذي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصالحاتُ ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر الله اكبر ولله الحمد.عبادَ الله، لقد جاءَ العيدُ ، والدّولُ العرَبيَّةُ ، تُسْتَهدَفُ في دِينِهَا ومُقَدَّسَاتِها وَأوطانِها ، إنَّها أعوامٌ عصيبَةٌ ، لاقت فيهِا الدّولُ العربيةُ والإسلاميةُ ، أعْتَى المئآسي وأدْمَى المَجَازِرِ، فَظائِعَ داميةً، وجرائمَ عاتيةً ، ونوازلَ عاثرةً، وجِرَاحاً غَائرةً، غِصَصاً تُثِيرُ كَوامِنَ الأشْجانِ ، قَتلٌ وتشريدٌ وفَجائِعٌ ، تبعَثُ على الأسى والأحزان ،ولكِنَّ اللهَ عزَّ وجل يقول (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) ويقولُ سُبحَانَه ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) التوحيدُ يا عِبادَ الله ، هو مَلاكُ الإسلامِ وأَمنَهُ ودَعامتُهُ، يقولُ تعالى(الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)ولا تصحُ قربةٌ ، ولا عبادةٌ و لا يُقبلُ عملٌ ، و لا طاعةٌ ، إلا بإخلاصِ التوحيدِ للهِ :يقولُ سُبحانَهُ (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ ) ويَقولُ جلَّ في عُلاه ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ) مَنْ ذا الذي يُرجَى خَيرُهُ و نَفعُهُ إلاَّ اللهَ ، ومَنْ ذا الذي يُطاعُ أمرُهُ و يَنفُذُ مُرادُهُ إلا اللهَ ، مَنْ ذا الذي يُخُشى بأسُهُ ، ويُخَافُ بَطشُهُ إلاَّ اللهَ . لَهُ العِزَّةُ و المَلكُوتُ ، و بِيَدِهِ القوةُ والجَبَرُوتُ ( ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) بيدِهِ التصريفُ و التَّدبيرُ . أَرسَلَ الرُّسلَ ، و شرَّعَ الشَّرائعَ ليُحقَّ الحقَّ ، و يُبطلَ الباطلَ ، و ليقومَ النَّاسُ بالقسطِ : ( أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) والمسلمُ الحقُّ ، يؤمنُ بِهِ إلهاً ، واحداً فَرداً صَمَداً ، يخضعُ لهُ و ينقادُ لهُ ، ويصلي ويسجدُ له ، و إليه يَسعى و يحفدُ ، يرجو رحمتَهُ و يخشى عذابَهُ ، يؤمنُ برسولِهِ ، محمد e يُصــــــدقُهُ فيما أخبرَ ، ويطيعُهُ فيما أمرَ ، و يجتنبُ ما عنه نهى و زجرَ . هذا هو الدِّينُ ، وذلكم هو التوحيدُ ، و ذلكم هو المسلمُ ، بعقيدتِهِ و عبادتِهِ ، وأخلاقِهِ وسلوكِهِ ، اصطبغتْ سريرتُهُ بالدِّينِ الحقِ ، تَوكلاً على اللهِ و استيثاقاً بحبلِهِ … فيه يُحُبُ و يُبغضُ ، و مِن أَجلِهِ يُعطي و يمنعُ ، و فيه يُخُاصمُ و يُسالمُ .... اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ، لا إله إلا اللهُ ، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ و لله الحمدُ . أيها المسلمون : إنَّ دينَنا وللهِ الحمدِ ، كاملٌ من جميعِ الوجوهِ ، كاملٌ من جِهَةِ عبادةِ اللهِ ، كاملٌ من جهةِ مُعامَلةِ عبادِ اللهِ ، فهو كاملٌ من جهةِ العبادةِ ، حيثُ كانت العباداتُ المشروعةُ فيه ، مُصلَحةً للقلوبِ والأبدانِ ، وللشعوبِ والأفرادِ ، لِمَا تَقتَضيهِ مَطَالِبُ الحياةِ ، ولو أَنَّ النَّاسَ تفكروا ، في هذا الدينِ ، تفكيراً عميقاً متعقلاً ، لوجدوا أنه لم يتركْ خيراً ، إلاَّ أمرَ بهِ وَفَتَحَ طُرَقَهُ، بأوضحِ بيانٍ وأَيسرِهِ ، وأَنَّهُ لم يَتركْ شَراً إلا حذّرَ منه ، وبيّنَ مغبَتَهُ ومضرتَهُ ، ولو تفكروا في أنفسِهِم لوجدوا ، أَنَّ تَمسُكَهُم بدينِهِم ، أمرٌ ضروريٌ لصلاحِ أعمالهِم ، واستقامةِ أحوالهِم : قال اللهُ تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) بارك الله لي ولكم …..
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ لا إلهَ إلا الله، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهِ الحمد.الحمدُ للهِ الذي سَهَّلَ لِعِبادِهِ طريقَ عِبادَتِه، وأفاضَ عليهِم من خَزَائنِ جودِهِ وكرمِهِ، وأشْهَدُ أن لا إلهَ إلا اللهَ وحدَه لا شريكَ له، وأشهَدُ أن سيدَنَا ونبيَّنا محمداً عبدُهُ ورسولُه ، اللهمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ وعلى آلهِ وأصحابِهِ ، أما بعدُ :أيُّها المسلمون ، أَقِيمُوا الصلاةَ بفعلِها في أوقاتهِا مع الجماعةِ ، فَإنَّ التَّخلُفَ عن الجماعةِ ، من عَلاماتِ النِّفاقِ ، وأنفقوا أموالَكم ، على من أوجبَ اللهُ عليهم الأنفاقَ ، من الأهلِ والأقاربِ ، فَإنَّكم مَسؤولُونَ عن ذلك ، وإنَّ الإنفاقَ عليهم ، مِنَ الإحسانِ ومِنْ صِلةِ الأَرحَامِ ، وسيصلُ اللهُ الواصلين ، واحترموا بعضَكم بعضاً ، فكلُ من نَطَقَ بالشهادتينِ ، ودخلَ في دينِ اللهِ ، حَرُمَ مالُهُ ودَمُهُ وعِرضُهُ ، ولكن ويا للأسفِ الشديدِ ،أُهرقةَ الدِّماءُ بغيرِ حقّ ، وصارتِ الأموالُ والأعرِاضُ مُنتهكةً عند كثيرٍ من المسلمين ،واستهانَ خلقٌ بالدماءِ ، والنبي e يقول كما عند الترمذي والنسائي { لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ }وعند بن ماجة { لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ }وهؤلاءِ كما ترونَ وتسمعون، ألا فاحذروا ، أيها المسلمون من تعدي حدودِ اللهِ ، في النفوسِ والأموالِ والأعراضِ ، وأَدّوا الحقوقَ قبلَ أن تُؤخذَ يومَ القيامةِ من أَعمَالِكم . روى الأمامُ مسلمٌ في صحيحِهِ {عن أسامةَ بنِ زيدِ بنِ حارثةَ رضي الله عنهُ قالَ : بعثَنَا رسولُ اللهِ e إِلَى الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا غَشَيْنَاهُ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَكَفَّ عَنْهُ الأَنْصَارِىُّ وَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِى حَتَّى قَتَلْتُهُ. قَالَ فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ e فَقَالَ لِى {يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ} قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا. قَالَ فَقَالَ {أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ} قَالَ فَمَازَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَىَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّى لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ " اللهم صلي على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ ، كما صليتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ ، إنك حميدٌ مجيدٌ ، وبارك على محمدٍ على آلِ محمدٍ كما باركتَ على إبراهيمَ على آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ ، وارضَ اللهم عن الصحابةِ أجمعين ، وتابعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ . اللهم ارحمنا واسترنا فوقَ الأرضِ ، وتحت الأرضِ ، ويومَ العرضِ ، اللهم لا تكلْنا لأنفسِنا طرفةَ عينٍ ، أو أقلَ من ذلك فنهلكَ ، اللهم أرحمِ المسلمين والمسلماتِ والمؤمنين والمؤمناتِ ، الأحياءَ منهم والأمواتِ ، إنك يا ربنَا قريبٌ مجيبَ الدعوات ، اللهم احفظْ إمامَنا بحفظِكَ ، وأيدْهُ بتأييدِكَ ، واجعلْ عملَهُ في رضاك وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ التي تعينُهُ على الخيرِ وتدلُهُ عليه ، اللهم أغفرْ لحاضرِنا وغائِبِنا وحينا وميتِنا ، وكبيرِنا وصغيرِنا ، اللهم إنَّ هذه الوجوهَ المتوضئةَ ، ترجو مغفرتَك وعفوَك ، فاغفرْ لها وثبتْها على دينِك ، واعصمْها من كيدِ الشياطينِ ، اللهم اصرفْ عنا كيدَ شياطينِ الأنسِ والجنِ ، فإنك وحدك القادرُ على ذلك ..والحمدُ للهِ رب العالمين . وتقبل الله منا ومنكم أجمعين ، وكل عام وأنتم بخير ..
المفضلات