الخطبة الأولى
إن الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمّداً عَبدُهُ ورسولُهُ، صلى اللهُ عليه وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً. أمّا بعد :
أيها الناس / أوصيكم ونفسي بتقوى الله فاتقوا الله تعالى (( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ))
عباد الله / في يوم الجمعة التي مضى حدث أمر خطير ، وجرم عظيم وهو حادث التفجير الإجرامي بقرية القديح بمدينة القطيف ، ولا شك أن هذا التفجير صناعة صهيونية صليبية شيوعية صفوية بتنفيذ داعشي ، ونحن من هذا المنبر ننكر ونحذر ونوصي ؛ فننكر هذا العملَ الإرهابي الخطير من فئة ضالة بُلي الإسلام بها من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
الخوارج وما أدراك مالخوارج ، فئة ضالة يتأولون القرآن على ما يهوون، ويموّهون على المسلمين ،ويخرجون على الأئمة ويستحلون قتل المسلمين ، يتوارثون هذا المذهب قديماً وحديثاً، عصاة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وإن صلّوا وصاموا، واجتهدوا في العبادة، وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد ، ولضلالة منهجهم ،وخبثه أمر عليه الصلاة والسلام في غير حديث بقتالهم، وبين فضل من قتلهم أو قتلوه ،فهم الذين قَتلوا عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه ، وهم الذين خَرجوا بعد ذلك على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ولم يرْضوا بحكمه ، وأظهروا قولهم، وقالوا: لا حكم إلا لله ، ولا يزالون يخرجون إلى أن تقوم الساعةُ كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أنّهُم كُلّما خَرَجَ مِنْهُم قَرْنٌ قُطِع حتّى يكونَ آخِرُهُم معَ الدَّجّال )) ومع خُبث منهجهم وبشاعة فعلهم فهم يُستخدمون في تدمير بلاد المسلمين ، وزعزعة أمنه ، وسفك
الدماء المعصومة فيه ، فكم قتلوا من المسلمين في العراق وسوريا وغيرها من البلاد الإسلامية (( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ((
عباد الله / عرف أعداء الملة والدين من الصهاينة والصليبيين والشيوعيين والصفويين والخوارج وغيرهم أن أفضلَ طريقة لحرب الإسلام والمسلمين ، وتدمير البلاد الإسلامية ، وخاصة بلاد الحرمين الشريفين العملُ على إيجاد الأفكار الضالة ، ودعم أصحابها ،وإثارة الطائفية والنعرات القبلية ، والتفجير والتدمير ، وسفك الدماء (( اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا )) فهذا التخطيطُ والمكر من أعداء الإسلام لا يخيفنا طالما نحن متمسكون بكتاب ربنا ، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم ، ومنهج صحابة رسولنا صلى الله عليه وسلم ، فربنا العليم الحكيم بشرنا بأن هذا المكرَ السيئ لا يَحِيقُ إلا بأهله ،
ولاشك أن التفجير ، وقتلَ الأنفس المعصومة بغير حق ، ومهاجمةَ الآمنين في بلادنا ، ورجال الأمن من أعظم المكر السيء والله حائل بينهم وبين ما يشتهون بقوته وعزته .
أيها المسلمون / بلادنا مهبط الوحي ، ومنطلق الرسالة ، وقبلة المسلمين ، ومأرز الإسلام ، تنعم بنعم كثيرة من أهمها بعد نعمة الإسلام ، نعمة الأمن فنحن ولله الحمد نعيش في طمأنينة في قلوبنا ،وسكينة ،وراحة وهدوء ،لا نخاف على أنفسنا، ولا على أعِرضانا ، ولا على أموالنا، فحقوقنا محفوضة مصانة ، لا نخاف بخسا ولا هضما ((الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ )) وهذا الذي أغاض أعداؤنا وأثارهم وأزعجهم ، أمن ورخاء واجتماع كلمة ونمو وازدهار ، فعلينا عباد الله شكر المنعم المتفضل ، وذلك بالدوام على الطاعات، والبعد عن المحرمات ، ونبذ الفرقة والاختلاف والتطرف ، وأن نكون يدا واحدة مع
قيادتنا لصد ودحر من تسول له نفسه لزعزعة أمننا واستقراره ، والتبليغ عن أي متعاون مع هؤلاء المجرمين
الحاقدين كائنا من كان ، فقد قال رسولنا صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه (( لَعَنَ اللهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا ))
فالنحذر ونحذر من هذه الفئة الضالة ، ونقطع مطامع وأهداف أعداء الدين في زعزعة أمن بلادنا ، ونشكر الله تعالى على النعم التي من بها علينا (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ))
بارك الله لي ولكم بالقرآن والسنة ، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة ، أقول قولي هذا،وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا أليه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ ، وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً
عباد الله / لقد حرم الله عز وجل قتل النفس المعصومة سواء كان المقتول من أهل الملة أو من غيرها ، فقال بحق من قتل مسلماً بغير حق (( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا )) وقال صلى الله عليه وسلم : (( لَزوالُ الدنيا أهونُ على الله من قَتْلِ رجُلٍ مُسلمٍ )) حديثٌ صحيحٌ؛ رواه الترمذي.
وقال صلى الله عليه وسلم بحق من قتل ذميا أو معاهدا أو غيره ((من قتلَ قتيلاً من أهل الذمَّة لم يرَح رائِحَةَ الجنة، وإن ريحَها ليُوجَد من مسيرة أربعين عامًا )) حديثٌ صحيحٌ؛ رواه أحمد والنسائي.
حتى دور العبادة للمسلمين وغيرهم – عباد الله - قد حرم الشرع تفجيرها وتدميرها ، قال تعالى : (( الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ))
فاللّهم فاطرَ السمواتِ والأرضِ عالمَ الغيبِ والشهادة ربَّ كل شيء ومليكَه، اللّهم من أرادنا وأراد أمننا وبلادنا بسوء ، اللهم عليك بك ، واجعل تدبيره في تدميره ، الله لاتحقق له غاية ، ولا ترفع له في بلاد المسلمين راية ، واجعله لغيره عبرة وعظة وآية يارب العالمين . إنا نسألُكَ لِلإسلام نَصْراً مُؤزراً في كلِّ مكان، اللّهم أُنْصرْ دِينَكَ وكِتابَكَ وسُنّةَ نَبِيّكَ صلى الله عليه وسلم وَعِبادكَ الصّالِحونَ ، اللّهم انصر عبادّك المخلصين في كل مكان، اللهم أعلِ مكانتهم، اللهم أحفظهم بحفظك يا حي يا قيوم، اللهم إنك خير حافظاً فا حفظ بلادنا وقادتنا وجنودنا من شر الأشرار وكيد الفجار يارب العالمين ، وأنت أرحم الراحمين ، وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين .
المفضلات