الحمد لله القائل ،(أَفَرَءيْتُمُ ٱلْمَاء ٱلَّذِى تَشْرَبُونَ *أَءنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ *لَوْ نَشَاء جَعَلْنَـٰهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،القائل (قُلْ أَرَءيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَاء مَّعِينٍ) وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، بلّغ الرسالة ، وأدّى الأمانة ، ونصح الأمّة ، وجاهد في الله حقّ جهاده ، وتركنا على المحجّة البيضاء ، ليلُها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، صلى الله عليه ، وعلى آله وصحبه وأتباعه ، وسلّم تسليماً كثيراً ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) أما بعد :أيّها الأحبةُ في الله : لقد أنزلَ اللهُ عَلينا الغيثَ بفضلِهِ ورحمتِهِ ،وإننا لنرجوا المزيد من فضلِهِ ورحمَتِهَ ، ولاشكَّ كما تعلمون ، أَنَّ الذنوبَ ، هي سببُ خرابِ الدُّنيا والآخرةِ ، وسببُ الشقاءِ ، في العاجلِ والآجلِ ، لها شُؤمٌ عظيمٌ وخَطبٌ جَسيمٌ ، وحينَ يغفَلُ النّاسُ عن ربِّهم !!! ، تنقُصُ الأرزاقُ ، وتُمسِكُ السماءُ قطرَها ، بأمرِ ربِّها ؛ ليعودَ الناسُ لربِهم ، وليتذكَّروا حاجتَهم إليهِ ،لأنَّهُ عزَّ وجلَّ يقول ( وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) ولما كانتْ قلوبُ سلفِ هذه الأمةِ تمتلئُ باليقينِ ، والثقةِ بما عندَ ربِّ العالمين، ما كان الغيثُ ليتأخرَ حتى وقتِ انصرافِهم من المصلى، فهم يُدركونَ أن اللهَ جل وعلا ما كان ليخذلَ عبداً ، تَلبّسَ بلباسِ الذلِ لمولاهُ ، واعترفَ بخطئِهِ ، وأقرَّ بذنبِهِ ، فيردَهُ خائباً لم يستجبْ له ، لقد كان الصالحون من آبائِنا وأجدادِنا ، يخرُجونَ للاستسقاءِ ، تائبينَ منيبينَ راجينَ وموقنين ، فكان لا يخلُفُهم المطرُ غالبًا، ولربّما نزلَ عليهم وهم في مُصلاَّهم، ولقد كانوا مع فقرِهِم ، وقلَّةِ ذاتِ اليدِ عندَهم ، أكثرَ بركةً مِنَّا وأوسعَ عافيةً، وذلك بسببِ قُربِهم من اللهِ ، وقلّةِ معاصيهم ، وشيوعِ العدلِ بينهم ، والفرارِ من الظُّلمِ فرارَ الصحيحِ من الأجربِ، فلذلك حصلَ لهم ما حصَلَ من سَعَةٍ في الدينِ ، وبركةٍ في الرزقِ، والماءُ : أصلُ الحياةِ،يقولُ تعالى (وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) ولو اجتمعَ الإنسُ والجنُ على أن يأتوا به ، لم يستطيعوا إلاّ بإذنِ اللهِ، (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ)ويقولُ سُبحانَه (أَفَرَأَيْتُمْ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ *أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ *لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ)فَالماءُ نعمةٌ عظيمةٌ ، أنعَمَ اللهُ تعالى بهِ علَى عِبادِهٍ، (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) أيّها المسلِمونَ، الإيمانُ والتّقوى سببُ النعمِ والخيراتِ، وبهما تُفتَحُ بركاتُ الأرضِ والسماءِ ويتحقَّقُ الأمنُ والرخاءُ، (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) والتّقوى هي الخوفُ من الجليلِ ، والعمَلُ بالتنزيلِ ، والاستعدادُ ليومِ الرحيلِ. نعم، الاستعدادُ للحياةِ الآخرةِ، والتي نسيها كثيرٌ من الناسِ في غمرةِ السعي اللاهِثِ ، وراءَ حُطامِ الدُّنيا ، والتنافسِ في زخرُفِها الزائلِ، غافِلينَ عن الاستعدادِ ليومٍ لا ريبَ فيهِ، (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا) ، يومٌ لا بيعٌ فيه ولا خُلَةٌ ولا شفاعَةٌ، يومٌ تشخَصُ فيه الأبصارُ، (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ) [إبراهيم:48]، (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ) (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً) (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) (فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلا ضَرًّا) [سبأ:42]، (يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) [غافر:16]، (الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [غافر:17] (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا *وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا) (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ) [الحاقة:18]، (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) [الانفطار:18].أيّها المؤمِنونَ، ولأجلِ ذِكرِ ذلك اليومِ والعَملِ لهُ ، فإنَّ اللهَ تعالى يذكِّرُ عبادَهُ إذا غفلوا، وينذرُهم إذا عصَوا، وقد أخبرَ سبحانَه أنّ ما يحلُّ بالبشرِ إنما هو من أنفسِهم، (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) فاتّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى، وتوبوا إليهِ واستغفروه.ألا وإنَّ شؤمَ المعاصي وبيلٌ، وقد قالَ اللهُ تعالى في محكمِ التنزيلِ: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم:41]، قال مجاهدٌ: "إنَّ البهائمَ لتلعَنُ عصاةَ بَني آدمَ ، إذا اشتدَّتِ السَّنةُ ، وأمسكَ المطرُ، وتقولُ: هذا بشؤمِ معصيةِ ابنِ آدمَ، وعَن أبي هريرةَ أنّه قالَ:[إنَّ الحبارَى لتموتُ في وكرِها من ظلمِ الظالمِ] بارك الله لي ولكم في القران العظيم
الحمد لله على إحسانه ، والشكرله على توفيقهِ وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وحدهُ لا شريكَ لهُ ، تعظيماً لشانه ، وأشهد أنَّ نبينا محمّداً عبده ورسولُه ، الدّاعي إلى رضوانه ، صلّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأعوانه ، وسلّم تسليماً مزيداً: أما بعد: أيُّهت الأحبةُ في الله ،في حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنه قالَ: أقبَلَ علينا رسولُ اللهِ فقالَ: { يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِى قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِى لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِى أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا. وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَؤُنَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ. وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِى أَيْدِيهِمْ. وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ } { وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ } لك أن تتخيّلَ حجمَ الزكواتِ والنفقاتِ الواجبةِ الممنوعةِ من أهلِها لتدركَ معها حجمَ الخطرِ والعقوبةِ التي عَرَّضُوا الناسَ لها. وأيضا روى مسلمٌ وغيرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)، وَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ)}، قَالَ: ثم ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ: ((فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!)). ، وسنّةُ الله في العصاةِ لا تتخلِّف، (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمْ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ *ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) [الأنفال:52، 53].إنَّ اللهَ لا يبدِّلُ أمنَ الأممِ قلَقًا ولا رخاءَها شِدّةً ولا عافيتَها سَقامًا لأنه راغبٌ أن يذيقَ الناسَ المتاعبَ ويرميهم بالآلام. كلا، إنّه بَرٌّ بعبادِهِ، يغدِقُ عليهم فضلَهُ وسِترَهُ، ويحيطُهم بحفظِهِ، ويصبِّحُهم ويُمَسّيهم برزقِهِ، ولكنَّ الناسَ يأخذونَ ولا يحسِنونَ الشكرَ، ويمرحونَ من النِّعَمِ ولا يقدِّرونَ ولِيَّها ومُسديها سبحانه. وعندما يبلغُ هذا الجحودُ مداهُ وعندما ينعقِدُ الإصرارُ عليه فلا ينحلُّ بندمٍ، عندئذٍ تدقُّ قوارعُ الغضبِ أبوابَ الأممِ، وتسودُّ الوجوهُ ، بمصائبِ الدنيا قبلَ نكالِ الآخرةِ ،وما المصائبُ التي أحاطَتْ بالأمّةِ ، إلاّ سياطٌ تسوقُها إلى العودةِ لباريها ، والبراءةِ من الذنوبِ ومخازيها، والتنادي بالرجوعِ إلى اللهِ بالتزامِ ، أمرِهِ واجتنابِ نهيِهِ ، وإقامِ الصلاةِ وإيتاءِ الزكاةِ وحربِ الربا ونبذِ الظّلمِ وإيقافِ وسائلِ الرّذيلةِ ودُعاتِها والأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ؛ لتسلَمَ سفينةُ المجتمَعِ وتُرَمَّمَ خروقُها وتسَدَّ ثقوبُها، (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) فبادِروا بتوبةٍ نصوحٍ ما دامَ في العُمرِ فسحةٌ والبابُ مفتوحٌ، وأكثِروا من الاستغفارِ فبِهِ تُستَجلَبُ رحمة الله، (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) [هود:52].عبادَ الله، أما وقد أتيتُم تستغيثونَ وتستَسقون ، فأظهِروا الحاجةَ والافتقارَ، واعقِدوا العزمَ والإصرارَ ، على اجتنابِ المآثِمِ والأوزارِ، فاللهُ تعالى أمرَ بالدعاءِ،ووعَدَ بالإجابةِ وهو غنيٌّ كريمٌ سبحانه: (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر:60].فاستغفِروا وادعوا، وأبشِروا وأمِّلوا، وارفعوا أكفَّ الضّراعةِ إلى اللهِ مبتهلينَ. لا إلهَ إلاّ اللهُ يفعلُ ما يرِيدُ، لا إلهَ إلا اللهُ الوليُّ الحميدُ، لا إلهَ إلا اللهُ غِياثُ المستغيثينَ وراحِمِ المستضعفينَ، نستغفِرُ اللهَ، نستغفِرُ اللهَ، نستغفِرُ اللهَ الذي لا إلهَ إلاّ هو الحيُّ القيومُ ونتوبُ إليهِ.اللّهمّ أنتَ ربُّنا، لا إلهَ إلا أنتَ، خلقتَنا ونحنُ عبيدُك، ونحنُ على عَهدِك ووعدِك ما استطعْنا، نعوذُ بكَ من شرِّ ما صنعنا، نَبوءُ لكَ بنعمتِكَ علينا ونبوءُ بذنوبِنا، فاغفرْ لنا فإنّه لا يغفِرُ الذنوبَ إلا أنتَ.لا إلهَ إلاّ أنتَ سبحانك إنّا كنا من الظالمين، لئن لم يَرحمْنا ربُّنا ويغفِرْ لنا لنكوننّ من الخاسرين، ربّنا ظلَمنا أنفسَنا وإن لم تغفِرْ لنا وترحمْنا لنكوننّ من الخاسرين، ربَنا لا تؤاخِذنا إن نَسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحملْ علينا إصرًا كما حملتَهُ على الذين من قبلنا، ربَّنا ولا تحمِّلنا ما لا طاقةَ لنا به، واعفُ عنا واغفِرْ لنا وارحمنا، أنتَ مولانا فانصرْنا على القومِ الكافرين.اللّهمّ اغفرْ لنا ما قدّمنا وما أخَّرْنا، وما أسررنا وأعلنّا، وما أنت أعلمُ به منا، أنتَ المقدِّمُ وأنتَ المؤخِّرُ لا إله إلا أنتَ. نستغفرُ اللهَ، نستغفرُ اللهَ، نستغفِرُ اللهَ.اللّهمّ أنتَ اللهُ لا إله إلا أنتَ، أنتَ الغنيُّ ونحنُ الفقراءُ، أنزلْ علينا الغيثَ ولا تجعلْنا من القانطينَ، اللهمّ أغِثْنا، اللهم أغِثْنا، اللهم أغثْنا، غيثا هنيئًا مَريئًا غَدَقًا طبَقًا مجلِّلاً سحًّا عامًّا دائمًا نافعًا غيرَ ضارٍ عاجلاً غيرَ آجلٍ، اللّهمّ تحيي به البلادَ وتسقِي به العبادَ وتجعلْه بلاغًا للحاضِرِ والبادِ، اللهم اسقِ عبادَك وبهائمَك وأحيِ بلدَك الميتَ، اللهمّ سقيا رحمةٍ، اللهم سقيا رحمةٍ، اللهمّ سقيا رحمةٍ، لا سقيا عذابٍ ولا بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غرقٍ، اللّهمّ إنَّ بالعبادِ والبلادِ مِنَ اللأواءِ والجَهدِ والضّنكِ ما لا نشكوهُ إلا إليكَ، اللهم أنبِتْ لنا الزرعَ وأدِرَّ لنا الضّرعَ وأنزِلْ علينا من بركاتِكَ، اللّهمّ ارفَعْ عنا الجهدَ والجوعَ والعُري، واكشِفْ عنا من البلاءِ ما لا يكشفُهُ غيرُكَ.اللّهمّ إنا نستغفرُكَ إنك كنتَ غفارًا، فأرسلْ السماءَ علينا مدرارًا. اللّهمّ إنا خلقٌ من خلقِكَ، فلا تمنعْ عنّا بذنوبِنا فضلَك. اللهم أنزلْ علينا الغيثَ، واجعلْ ما أنزلتَهُ قوّةً لنا على طاعتِكَ وبلاغًا إلى حين. اللّهمّ أسقِنا الغيثَ وآمِنّا من الخوفِ ولا تجعلْنا آيسينَ ولا تهلِكنا بالسنينَ واغفِرْ لنا أجمعينَ واكشِفْ ما بالمسلمينَ من بلايا يا أرحمَ الراحمينَ.ربَّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار. اللّهمّ صلِّ وسلِّم وزد وبارك على عبدِك ورسولك محمّد وعلى آلِه وصحبه أجمعين.عبادَ اللهِ، اقتَدوا بسنّةِ النبيِّ ، فقد كان يقلِبُ رداءَهُ حين يستسقي، وتفاؤلاً بقَلبِ حالِ الشّدّةِ إلى الرخاءِ والقحطِ إلى الغيثِ، وادعوا اللهَ وأنتم موقنونَ بالإجابةِ.ربَّنا تقبّلْ منا إنك أنت السميعُ العليمُ، وتبْ علينا إنك أنت التوابُ الرحيم، سبحان ربِّك ربِّ العزة عمّا يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله ربِّ العالمين.
المفضلات