النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: النّــــــــــــــــــــــــدَ م ( خطبة ُ الجُمعـــةِ القَـــــــادِمة )1435/12/30

  1. #1

    النّــــــــــــــــــــــــدَ م ( خطبة ُ الجُمعـــةِ القَـــــــادِمة )1435/12/30



    الخطبة الأولى
    عِبَادَ اللهِ / مِنْ خِصَالِ أَهْلِ اَلْإِيْمَاْنِ ، وَمِنْ صِفَاتِ عِبَاْدِ اَلْرَّحْمَنِ اَلْنَّدَمُ
    عَلَى اِقْتِرَاْفِ اَلْسَّيَّئَاْتِ ، فَالله تَعَالَى قَالَ فِيِهِمْ : )) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا
    فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (( فأيُّ نعمةٍ
    أعظمُ منْ نِعمةِ النّدم ، وأيُّ مِنّةٍ أجلِّ وأعْظم ِمِنْ مِنّةِ التَّحَسُّر ِعندَ
    اقترافِ السّيئة ؛فالنَّدمُ توبةٌ كما أرشدنا لذلكَ رسولُنا  في
    الحديثِ الصّحيح الذي رواهُ ابنُ ماجَه فيِ سُنَنِهِ .
    اللهُ أكْبَرُ - عِبَادَ اللهِ - النّدمُ كَمْ فكَّ اللهُ به من أسيرِ شهوةٍ ملكت عليهِ نفْسُهُ، وأبعدتهُ عن ربهِ، النّدمُ كمْ أطلقَ من سجينٍ لِلّذات،وكم كَسَرَ من قُيُودِ مُسْتَعْبَدٍ لهواهُ،مُتَأَلِّهٍٍ لهُ من دونِ الله ، النّدمُ كمْ أعانَ على خُلُقٍ كريم ، وكمْ كفَّ عن خُلقٍ ذميم،النّدمُ كمْ أطفأ من نارِ حَسدٍ وحِقدٍ،وكمْ منعَ من إساءةٍ وظُلم ، النّدمُ كمْ أيقظَ من غافلٍ عاشَ طولَ عُمُرهِ في الشّهواتِ مُعْرِضاً عن اللهِ ، وكمْ مِنْ عاصٍ بِسببه انْتهى ووقف عن معصيته ، النّدمُ كمْ مِنْ وَاقِعٍ على مُنْكَرٍ وقف عن مُنْكَرِهِ،وكم من زانيةٍ عفَّت،وغانيةٍ رجعت .
    فَأَهْلُ اَلْإِيْمَاْنِ ، قَدْ يَقَعُوْنَ فِيْ مُخَاْلَفَةٍ ، وَقَدْ يَرْتَكِبُوْنَ مَعْصِيَةً ، وَلَكِنَّهُمْ سُرْعَاْنَ مَاْ يَنْدَمُوْنَ وَيَتَحَسَّرُوْنَ ، لَيْسُوْا كَغِيْرِهِمْ ، مِنْ اَلْعُصَاْةِ وَاَلْمُذْنِبِيْنَ ، يَقُوْلُ اَلْنَّبِيُ  فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ : (( إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ ، فَقَال : بِهِ هَكَذَا )) أَيْ أَشَاْرَ إِلِيْهِ فَطَاْرَ .
    فالنّدمُ على اقترافِ السّيئات والتّحسُّرُ على فواتِ الطّاعات من سِماتِ المؤمنين الطّائعينَ ، كَما قال تعالى فِيهِم (( وَلاَ عَلَى الّذِينَ إِذَا مَا أتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ ))
    رُوِيَ أنّ حاتمَ الأَصَمّ وهو رجلٌ صالحٌ فاتتْهُ صلاةُ العصرِ في جَماعة، فصلّاها في البيتِ، فجلس يبْكي؛ لأنّ صلاةَ الجماعةِ قدْ فَاتَتْهُ فجاءَهُ أصحابُه يُعزُّونَهُ على فوات صلاةِ الجماعةِ، فَنَظرَ إليْهم وكانوا قلةً فبَكى، قالوا: ما يبكيكَ رحمكَ الله؟ قال: لو ماتَ ابنٌ من أبنائي لَأتَى أهلُ المدينة كلُّهم يُعَزُّونَنِي، أمَا أنْ تَفُوتَني صلاةٌ فلا يأتيني إلا بعضُ أهلِ المدينة!! ووالله لَموْتُ أبنائي جميعاً أهونُ عندي من فوات صلاةِ الجماعةِ .
    ورُوِيَ عنْ أبَانَ بن عَيّاشٍ رحمه الله ، قال: خرجتُ منْ عندِ أنسِ ابنِ مالكٍ في البصْرة فإذا جِنازةٌ تمرُّ عليَّ يتْبعُها أربعةُ نَفَرٍ، فقلتُ: سُبحانَ الله! جِنازةٌ لا يتبعُها إلا أربعةٌ ! قالَ: فأخذتُ العهدَ على نفْسي لَأتْبَعَنَّ هذه الجنازةَ، فاتّبَعْتُها حتّى إذا كُنّا في المقبرة، قالَ: فصلّينا عليها ثم دفنّاها وبعد أنْ قَضيْنا دَفْنَها قُلتُ لَهُمْ: أسألُكُمْ بِاللهِ جِنازةٌ منَ المسلمينَ لا يتْبعُها إلا أربعةُ نَفَرٍ! فقالوا: انْظر إلى هذه المرأةِ، فإذا امرأةٌ من بَعيد، قالوا: فإنّها استأْجرتْنا لِنتبعَ هذه الجنازةَ، اذهبْ إليها فاسْألها عنِ الْخبرِ، قالَ: فَتَبِعْتُها حتّى دخلتُ بيْتَها، فطرقتُ البابَ عليها فَخرجتْ فسألتُها فقلتُ: يَرْحَمُكِ اللهُ ما بالَ هذه الجنازة ؟ قالتْ: هذا ابْني، لمّا حضرتْهُ ساعةُ الوفاةِ - انظروا إلى النّدم وتذكُّرِ المعاصي وكان عاقاً لأمه - قالَ لي: يا أمّاهُ! أتُريدينَ السعادةَ لِي؟ قلتُ: إِي واللهِ أريدُ لك السعادةَ - اللهُ أكْبر - فَمَهْما عقَّ الابنُ أُمَّهُ أوْ أباه فإنّهْم في تلكَ الساعةِ يَنْسَيانِ كُلَّ شيءٍ ولا يَتذكَّرانِ إلا سعادةَ الابن، فقالَ : إذا اقتربتْ ساعتي فَضعِي قَدمَكِ على خدّي ثم قُولي: هذا جزاءُ منْ يعْصي الله، ثم ارفْعي يديْكِ إلى الله عزّ وجلّ وقُولي: الّلهم إنِّي قد أمسيتُ راضيةُ عنهْ، فارضَ عنْهُ، ولا تُخْبِري أحداً بِمَوْتي فإنّهم يعْرفُونَ أنِّي أعْصي اللهَ ولا أطيعُه، تقولُ: فلمّا اقْتربتْ ساعتُهُ وضعتُ قَدمي على خَدِّهِ ورفعتْ يَديَّ إلى الله، وقلتُ: هذا جزاُء منْ يعصي اللهَ، الّلهم إنّي قد أمسيتُ راضيةً عنهُ فارضَ عنْهُ، قالَ: وبعد قليلٍ تبَسّمت، فقلتُ لها: ما الذي حَدث؟ قالتْ: رأيتُه البارحةَ في المنام وهو يَضْحكُ ، فقُلتُ له: مالكَ؟ قال: لقيتُ رباً كريماً رحيماً غيرَ غضبان؛ بِدعْوَتِكَ لِي يَا أماهُ .
    فَتَأَمَّلْ نَفْسَكَ ـ أَخِيْ اَلْمُسْلِمِ ـ عَنْدَمَاْ تَقَعُ فِيْ مَعْصِيَةٍ مِنْ اَلْمَعَاْصِيْ ، أَ وْ تَرْتَكِبُ مُخَاْلَفَةً مِنْ اَلْمُخَاْلَفَاْتِ ، مَاْهُوَ شُعُوُرُكَ وَإِحْسَاْسُكَ بَعْدَ
    ذَلِكَ ، هَلْ أَنْتَ مِنْ اَلَّذِيْنَ يَتّصِفُونَ بِصِفَةِ النّدَم ِ.
    الخطبة الثانية
    الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ ، وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ
    وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً ... أمَّا بَعْدُ : عِبَادَ اللهِ /
    فَاَلْتَّحَسُّرُ وَاَلْنَّدَمُ ، وَاَلْشُّعُوْرُ بِاَلْأَلَمِ ، بَعْدَ اَلْوُقُوْعِ فِيْ اَلْذَّنْبِ وَاَلْمَعْصِيَةِ ، دَلِيْلُ اَلْإِيْمَاْنِ ، وَمِيْزَةُ عِبَاْدِ اَلْرَّحْمَنِ ، وَاَلْخَطْوَةُ اَلْأُوْلَىْ فِيْ طَرِيْقِ
    اَلْتَّوْبَةِ وَاَلْرُّجُوْعِ إِلَى الْمَلِكِ الدَّيَّان ، فَالنّدَمُ تَوْبَةٌ كَما ذكَرْنَا فِي
    الْحَدِيِثِ السَّابِقِ عنْ رَسُولِ اللهِ  ، وَ عَنْ بُرَيْدَةَ  أَنَّ مَاعِزَ بْنَ
    مَالِكٍ الْأَسْلَمِيَّ ، أَتَى رَسُولَ اللَّهِ  فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنِّي
    قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَزَنَيْتُ ، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي ، فَرَدَّهُ ، فَلَمَّاكَانَ
    مِنْ الْغَدِ ، أَتَاهُ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ ، فَرَدَّهُ فِي
    الثَّانِيَةَ ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى قَوْمِهِ ، فَقَالَ : (( أَتَعْلَمُونَ بِعَقْلِهِ
    بَأْسًا تُنْكِرُونَ مِنْهُ شَيْئًا )) ، فَقَالُوا : مَا نَعْلَمُهُ إِلَّا وَفِيَّ الْعَقْلِ ، مِنْ
    صَالِحِينَا فِيمَا نُرَى ، فَأَتَاهُ الثَّالِثَةَ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ أَيْضًا ، فَسَأَلَ عَنْهُ
    فَأَخْبَرُوهُ : أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا بِعَقْلِهِ ، فَلَمَّا كَانَ الرَّابِعَةَ ، حَفَرَ لَهُ
    حُفْرَةً ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ ، قَالَ : فَكَانَ النَّاسُ فِيهِ فِرْقَتَيْنِ قَائِلٌ
    يَقُولُ لَقَدْ هَلَكَ لَقَدْ أَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ ، وَقَائِلٌ يَقُولُ مَا تَوْبَةٌ أَفْضَلَ
    مِنْ تَوْبَةِ مَاعِزٍ قَالَ:فَلَبِثُوا بِذَلِكَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ
    وَهُمْ جُلُوسٌ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ (( اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ))
    قَالَ :فَقَالُوا غَفَرَ اللَّهُ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ 
    ((لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهُمْ ))
    .فَلْنَتَقِ اللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اللهِ ـ وَلْنَنْدَمْ عَلَىْ تَقْصِيْرِنَاْ ، وَنَتَحَسَّرْ عَلَى
    ذُنُوْبِنَاْ ، وَلْنُحَاْسِبْ أَنْفُسَنَاْ وَنَصْدِق مَعَ اللهَ فِيْ ذَلِكَ ، هَذا وَصَلُّوا
    وَسَلّمُوا عَلَى النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى ، وَالرّسُولِ الْمُجْتَبَى، فَقَدْ أَمَرَكُمُ بِذَلِكَ
    رَبُّكُم جَلّ وَعََلا فَقالَ فِي مُحْكَمِ تَنْزِيِلِهِ ((إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ
    عَلَى ٱلنَّبِىّ يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا))



    الملفات المرفقة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. خطبة عيد الأضحى 1435 هـ ( مختصرة )
    بواسطة الشيخ/عبدالله الواكد في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-10-2014, 21:42
  2. خطبة عيد الإضحى لسنة 1435 هـ
    بواسطة الياس اسكندر في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-10-2014, 23:30
  3. خطبة عيد الأضحى 1435 هـ
    بواسطة الشيخ/عبدالله الواكد في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-10-2014, 22:13
  4. عشر ذي الحجة ( خطبة جمعة الغد 1435/12/2هـ )
    بواسطة محمدالمهوس في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 25-09-2014, 20:04
  5. خطبة عيد الفطر المبارك 1435 هـ
    بواسطة محمدالمهوس في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-07-2014, 00:39

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع ما يطرح بالمضايف يعبر عن وجهة نظر صاحبه وعلى مسؤوليته ولا يعبر بالضرورة عن رأي رسمي لإدارة شبكة شمر أو مضايفها
تحذير : استنادا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية, يجرم كل من يحاول العبث بأي طريقة كانت في هذا الموقع أو محتوياته