خطبة عيد الأضحى
1435 هجرية
كتبها
عبدالله بن فهد الواكد
إمام وخطيب جامع الواكد بحائل
الخطبة الأولى
الحمدُ للهِ واللهُ أكبرُ
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ
اللهُ أكبرُ عددَ من أقبلَ وأدبرَ ، اللهُ أكبرُ عددَ من سبَّحَ واستغفرَ ، اللهُ أكبرُ عددَ من هلَّلَ وكبَّرَ ، اللهُ أكبرُ عددَ من طافَ وسعى وقصَّرَ ورمى ، اللهُ أكبرُ عددَ من وقفَ بعرفات ، ورمى الجمرات ، اللهُ أكبرُ وللهِ الحمدُ ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُه صلى اللهُ عليهِ وسلمَ تسليماً كثيراً
أما بعدُ أيها المسلمونَ : فاتقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى ، فإنَّ التقوى هي زمامُ الأمورِ، وهي الحرزُ من المحذورِ ، والجُنَّةُ منَ الفتنِ والمهالكِ والشرورِ قالَ تعالى ( يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْعَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ )
أيها الناسُ : قد بلغتُمْ عيدَكُم ببلُوغِ فضلِ ربِّكُم ، وأتممتُمْ عشرَكُم ببلوغِ عيدِكُم ، فاحمَدُوا حميداً كريماً ، واشكروا شاكراً عليماً ، فقد بلغتُمْ موسماً كريماً ، ويوماً عظيماً ، رفعَ اللهُ قدرَهُ ، وأعلى ذكرَهُ ، وسمَّاهُ يومَ الحجِّ الأكبرِ، جعلَهُ عيدًا للمسلمينَ ، حُجاجًا ومقيمينَ ، صَعَدَ الحجيجُ إلى عرفاتٍ ، وبعدَ غروبِ الشمسِ ، من يومِ الأمسِ ، أفاضوا من عرفةَ ، وباتوا بمزدلفةَ ، فأتمُّوْا حجَّهُم وقَضَوْ تَفَثَهُم ، هاهُمُ الآنَ في مِنىً لإكمالِ نُسُكِهِمْ ،
أيها المسلمونَ : قالَ اللهُ في الخليلِ إبراهيمَ (( فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ() فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ () فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ () وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ () قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ () إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ () وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ () وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ () سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ))سلامٌ عليهِ وعلى آلهِ وسلمَ تسليماً كثيراً وسلامٌ وصلاةُ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ وسلمَ تسليماً كثيراً ، بعدَ سنينٍ منَ العنتِ والمشقةِ يولدُ للخليلِ إبراهيمَ ، إسماعيلُ عليهِما السلامُ ، فيؤمَرُ بتركِهِ وأمِّهِ بوادٍ غيرِ زرعٍ عندَ بيتِ اللهِ المحرَّمِ ، ولماَّ بلغَ معَهُ السعيَ وهوَ غايةُ ما يكونُ الوالدُ متعلقاً بولدِهِ يؤمَرُ الخليلُ بذبحِ إسماعيلَ فينقادُ الوالدُ والولدُ إذعاناً لربَّ العالمينَ ، فلمَّا تجلَّى الولاءُ واشتدَّ البلاءُ ، فداهُ اللهُ بذِبْحٍ عظيمٍ ، فكانت الأضاحي ، ملةً إبراهيميةً جاريةً ، وسنةً محمديةً ساريةً ، عمَلَها المصطفى ورغَّبَ فيها ، ففي الصحيحينِ أنه صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ، ضحَّى بكبشينِ أقرنينِ أملحينِ ، ذبحَهُما بيدِهِ وسمَّى وكبَّرَ.
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ
أيها المسلمونَ : مَعَ ذبحِ الأضاحي ، حبَّذَا لو تذبحونَ شيئاً آخرَ ، جديراً بالذبحِ إلى الأبدِ ، حبَّذا لو تذبحونَ مع الأضاحي ، أموراً لا تَقِلُّ قُربةً إلى اللهِ مِنَ الأضاحي ، حبَّذا لو تذبَحُونَ في هذا اليومِ ، الشقاقَ والنزاعَ ، والتدابرَ والقطيعةَ ، والبغضاءَ والشحناءَ ، والهجرَ والجفاءَ ، حبَّذا ياعبادَ اللهِ ، لنلتقي على صعيدِ الحُبِّ والإِخَاءِ ، والمودةِ والصفاءِ ، الدينُ أيها المسلمونَ : ألَّفَ بينَ الأعداءِ ، فأصبحوا بنعمة الله أحبةً وأشقاءَ ، (واذكروا نعمةَ اللِه عليكُم إذْ كنتُم أعداءً فألَّفَ بينَ قلوبِكُم فأصبَحْتُم بنعمتِهِ إخواناَ ) فقلَّمَا واللهِ تجدُ قلوباً متناحرةً ، ونفوساً متهاجرةً ، إلاَّ ولأهوائِها على شرعِ اللهِ غلَبَه ، ولأنفُسِها في دينِ اللهِ نزعة ، فاللهُ واحدٌ والدينُ واحدٌ والشريعةُ واحدةٌ ، لو انجفلَ الناسُ لدينِهِم ، وأذلُّوا أنفةَ نفوسِهِم لقرآنِه ، واحتكموا فيما شجرَ بينَهم لحُكمِهِ وبيانِه ، لأصبحَ مثلُهم في توادِهِم وتراحُمِهِم وتعاطُفِهِم ، مَثَلُ الجسدِ الواحدِ ، إذا اشتكى منهُ عضوٌ تداعى لهُ سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمى ، الإسلامُ أيها المسلمونَ : جَمَعَ أكثرَ مِنْ مِليونِ حاجٍّ في صعيدٍ واحدٍ ، وساعةٍ واحدةٍ ، هل يُعجِزُهُ جمعُ القلوبِ المتناحرةِ ، والأنفسِ المتهاجرةِ ، لا واللهِ ، لكنَّ ذاكَ يكونُ ، متى كُناَّ بتعاليمِ الدينِ مستمسكونَ ، ولحقوقِ المسلمينَ راعونَ ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ
الإسلامُ يا أهلَ الإسلامِ ، بناءٌ عظيمٌ ، في كنَفِهِ العباداتُ و المعاملاتُ ، شاملٌ لجميعِ مناحي الحياةِ ، قائمٌ على شؤونِ الفردِ والمجتمعِ ، نظامٌ متكاملٌ ، أبهرَ العقولَ ، وسلبَ الألبابَ ، الإسلامُ دينُ رحمةٍ ورفقٍ وتسامحٍ ، الإسلامُ ليسَ دينَ قتلٍ وتفجيرٍ وتمثيلٍ وترويعٍ وغدرٍ وسلبٍ ونهبٍ ، كيفَ يكونُ ذلكَ وهو الذي جاءَ لعصمةِ الأنفسِ ، وحفظِ الأموالِ والأعراضِ ، قتيبةُ بنُ مسلمٍ ، ومَنْ ذا لا يعرفُ قتيبةَ ، ثلاثةَ عشرَ عاماً وهوَ على صهوةِ جوادِهِ ، قائداً من قادةِ الإسلامِ ، فتحَ شرقَ آسياَ حتى أوغلَ فيهاَ ، فلمْ يصلْ أحدٌ منذُ ثلاثةَ عشرَ قرناً منَ الزمانِ ، إلى يومِنا هذا ، أبعدَ مما وصَلَ إليه قتيبةُ ، هذا القائدُ المسلمُ ، والمثلُ الأعلى ، فتحَ سمرقندَ ، ودخلَهاَ بجيشِهِ وضمَّها لبلادِ المسلمينَ ، لكنَّهُ لمْ يُؤْذِنْ أهلَها ثلاثةَ أيامٍ ، ويخيِّرُهم بينَ الإسلامِ أوالجزيةِ أو القتالِ ، على عادةِ المسلمينَ ، وفعلَ قتيبةُ ذلكَ ، خوفاً منْ تحصُّنِ أهلِ سمرقندَ ، فاشتكاهُ أهلُ سمرقندَ ، إلى أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ عبدالعزيزِ ، فقضى لهم ، بأنْ يَخرجَ قتيبةُ بجيشِ المسلمينَ إلى خارجِ سمرقدَ ، ويعودوا ثانيةً ، ويؤذِنوا أهلَ سمرقندَ ثلاثةَ أيامٍ ، فلم تغربْ شمسُ ذلكَ اليومِ ، وفي سمرقندَ رجلٌ واحدٌ من جيشِ المسلمينَ ، ثم عادوا ليؤذِنُوهم ثلاثاً ، فما كانَ من أهلِ سمرقندَ ، إلاَّ أنْ دخلوا في الإسلامِ عن بكرةِ أبيهِم ، لمَّا رأو سماحةَ الإسلامِ وصدقهِ ووفائهِ ووضوحِ تعاليمِهِ ، فلنحافِظْ على صورةِ الإسلامِ الناصعةِ ، ولا نطمسْ تلكَ المآثرَ المشرقةَ ، والأغصانَ المورقةَ ، بسوءِ فهمِنا لمقاصدِ الشريعةِ الغراءِ ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ
أيها المسلمونَ : لتكنْ تهانيكُم بهذا العيدِ شمساً مُشرقةً ، فأنتم في مجتمعٍ فيهِ الضعيفُ واليتيمُ ، والفقيرُ والمسكينُ ، والمقعدُ والمريضُ ، والأرملةُ والمعاقُ ، والمغتربُ والسجينُ ، فكونوا لهم نهراً جارياً وقلباً حانياً ، وبلسماً شافياً ، فهم واللهِ بأشدِّ الحاجةِ لقلوبِكُمُ الرقيقةِ ، وأنفسِكُمُ الشفيقةِ ، ليكن لهم نصيبٌ منكم ، فواللهِ إنَّ ذلكَ من أفضلِ ما تستودعونَ من الأعمالِ ، أَهدُوهُم وصِلُوهُم من فضلِ اللهِ عليكُم ، واعلموا أنَّ لباسَ العيدِ الذي تلبسونَ ، إنَّما هو زينةٌ للأبدانِ ، ( ولباسُ التقوى ذلكَ خيرٌ ) ( ومَنْ يُعظِّمْ شعائرَاللهِ فإنها من تقوى القلوبِ) اليومُ يومُ الرحمةِ والألفةِ ، يومُ تقبيلِ رؤوسِ الوالدينِ ، والدعاءِ لهُم ، (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا () وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) فمَن عقَّ والدَيهِ فقد حُرِم الرّضَا ، العيدُ عيدُ صلةِ الأرحامِ ، ونبذِ الخصومةِ والشحناءِ ، وتركِ الحسدِ والحقدِ والبغضاءِ ، والتخلصِ من الكذبِ والغشِ والخيانةِ ، والبعدِ عن الغيبةِ والنميمةِ ، المسلمُ ياعبادَ اللهِ إنموذجاً بشرياً لأحاسنِ السلوكِ ومكارمِ الأخلاقِ اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ
أيها المسلمونَ، اللهَ اللهَ بالصلاةِ مع الجماعةِ، فإنها نَعِمتِ الطاعةُ وحَسُنَتِ البضاعَةُ ، مُروا بالمعروفِ وانهوا عن المنكر، أمرًا رفيقًا ، ونهيًا رقيقًا ، الحِسبةُ هي ركيزةُ الدينِ ، بها نالتِ الأُمَّةُ الخيريةَ على العالمينَ، فهي صمامُ الأمانِ ، فكونوا لها أوفياءً، وبأهلها أحفياءً، حتى لا تغرقَ سفينةُ الأمةِ ، احفَظوا للعلماء قدرهم ، وصونوا أعراضَ المحتسبينَ والدعاةِ الفُضَلاءِ ، أطيعوا وُلاةَ أمرِكُم ، أيها المسلمونَ : كما ترونَ المسلمينَ اليومَ ، تموجُ بهمُ الفتَنُ، وتحيطُ بهم المصائبُ والإِحنُ ، يسعى الأعداءُ لتفريقِ صفوفِهِم ، ويبذُلونَ كُلَّ جُهدٍ وطاقةٍ ، لبذرِ أسبابِ العداءِ بينَ أبنائِهِم وشبابِهِم ، وبثِّ روحِ التباغُضِ في المجتمعاتِ ، فاحذروا أيها الشبابُ من دعاةِ الفُرقةِ ، واحذروا الفتنَ ما ظهرَ منها وما بطنَ ، احذروا التسويغَ لهاَ ، والتهوينَ من شأنِها ، فأنتم بفضلِ اللهِ في بلادٍ آمنةٍ مطمئنةٍ ، والحُسَّادُ والمبغضونَ ، يتجلْبَبُونَ رداءَ الشفقةِ عليكُم ، والوقوفِ معَكُم ، وهم واللهِ كاذبونَ ، فلا تغرنَّكُم العباراتُ المنمَّقةُ ، والمشاعرُ الملفقةُ ، ففي الإنترنت ، جنودٌ مجندةٌ ، لسَرْدِ لُحْمَتِكم ، وشقِّ صفِّكُم ، وتمزيقِ وحدَتِكم فاحذروهُم ، والزموا العقيدةَ الصافيةَ ، كتابَ اللهِ وسنةَ محمدٍ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ، وعليكُم بمنهجِ الوسطيةِ في الدينِ ( وكذلك جعلناكُم أمةً وسطاً) وإياكُم والغلوُّ والتطرفُ ، فإنَّ الفضيلةَ وسطٌ بينَ رذيلتينِ ، تراحَمُوا وتلاحَمُوا وتسامَحُوا، وكونوا عبادَ اللهِ إخوانًا ، احذروا الربَا ، ولا تقرَبوا الزنا، واجتنبوا المسكِراتِ والمخدِّراتِ، فإنها من الكبائرِ ، وإياكُم وجمعَ الأموالِ من المسالكَ المعوجَّةِ والطرقَ الملتوِيةِ
أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ ( مَنْ عَمِلَ صَـٰلِحًا مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَوٰةً طَيّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) وأسأل الله أن يبارك لي ولكم في القرآن، وينفعنا بالآيات والهدى والبيان ، واستغفروا ربكم وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ واللهُ أكبرُ.
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ ، يَمُنُّ على من يشاءُ من عبادِهِ بالقبولِ والتوفيقِ ، ويُمهلُ من يشاءُ لعيدِ الأضحى وأيامِ التشريقِ، وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأشهدُ أنَّ نبينا محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه صلى اللهُ عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
عبادَ اللهِ : مِنْ أعظمِ ما يتقربُ بهِ العبادُ إلى اللهِ في هذهِ الأيامِ الأضاحي، يقولُ عزَّ وجلَّ ( لَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشّرِ ٱلْمُحْسِنِينَ ) ، ويقول المصطفى صلى اللهُ عليه وسلم ((أيامُ العيدِ أيامُ أكلٍ وشُربٍ وذكرٍ للهِ تعالى)) وتجزئُ الشاةُ عن واحدٍ، والبدنةُ والبقرةُ عن سبعةِ أشخاص ٍ.
ثم اعلموا أنَّ للأضحيةِ شروطًا ثلاثةً، أولُها: أنْ تبلغَ السنَّ المعتبرَ شرعًا، وهو خمسُ سنينَ في الإبلِ، وسنتانِ في البقرِ، وسنةٌ كاملةٌ في المعزِ، وستةُ أشهُرٍ في الضأنِ .
والشرط الثاني: أنْ تكونَ سالمةً منَ العيوبِ التي نهى عنها الشارعُ ، وهي أربعةُ عيوبٍ (المريضةُ البينُ مرضُها، والعوراءُ البينُ عورُها، العرجاءُ البينُ ضَلْعُها ، والعجفاءُ التي لا تَنقى )
والشرطُ الثالثُ : أن تقعَ الأضحيةُ في الوقتِ المحددِ، وهو من بعدِ الفراغِ من صلاةِ العيدِ وينتهي بغروبِ الشمسِ من اليومِ الثالثِ بعدَ العيدِ، فصارتِ الأيامُ أربعةً.
فمن كانَ منكم يُحسِنُ الذبحَ فليذبحْهَا بنفسِهِ، ومن لا يُحسِنُهُ فليوكِّلْ غيرَهُ ، وارفُقُوا بالبهائمِ ، وليُرحْ أحدُكُم ذبيحتَهُ، وليُحِدْ شفرَتَهُ، فإنَّ اللهَ كتبَ الإحسانَ على كلِّ شيءٍ، حتى في ذبحِ البهيمةِ، ثُمَّ ليسمّ أحدُكُم عندَ ذبحِها ويقولُ: بسمِ اللهِ واللهُ أكبرُ، اللهمَّ هذا منكَ ولكَ، اللهم هذهِ عن فلانٍ أو فلانة، ويسمي صاحبَها ويُلحقُ به من شاءَ صاحبُهَا من أهلِ بيتِهِ الأحياءِ والميتينَ ، كما قالَ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلمَ ، عن محمدٍ وآلِ محمدٍ ، والسنةُ أنْ يأكلَ منها ويُهدي ويَتصدَّقُ ، لقولِهِ تعالى ( فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَـٰانِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ) ولا يُعطي الجزارُ أجرتَهُ منها.
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ. يا نساءَ المسلمينَ : أيتُها الأخواتُ المسلماتُ : أنتُنَّ أشرفُ نساءِ الدنياَ ، اللهُ رفعكُنَّ وشرَّفكُنَّ، وأعلى قدْرَكُنَّ ومكانتَكُنَّ، وحَفِظَ حقوقَكُنَّ، فاشكُرنَ النعمةَ، واذكُرنَ المنَّةَ، الحجابُ والجِلبابُ ما فُرِضاَ إلاّ حمايةً لأعراضِكُنَّ وصيانةً لنفوسِكُنَّ وطهارةً لقلوبِكُنَّ، وعصمةً لكُنَّ من دواعي الفتنةِ ، فعليكُنَّ بالحشمةِ ، واغضُضنَ من أبصارِكِنَّ واحفظْنَ فروجَكُنَّ، ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ) واحذرْنَ زمانَ الجوالاتِ والإنترنت ، فإنَّ حبائلَ الشيطانِ فيها مُشرعةٌ ، فأنتُنَّ من أُسَرٍ كريمةٍ ، ومن حمائلَ فاضلةٍ ، ومن قبائلَ عريقةٍ ، ولا يخفى عليْكُنَّ ، كثرةُ من ينخُرُ في شأنِ المرأةِ ، ويدعوا لتحريرِها وكأنَّها مغتصبةٌ وهيَ في حرزِ اللهِ الأمينِ ، وفي حصنهِ المكينِ ، فكفاكِ اللهُ شرَّ كلِّ ذي شرٍّ ، فحافظي على دينِ اللهِ والتزمي بشرعِ اللهِ أسألُ اللهَ أن يحفظَكِ ويرعاكِ ويستُرَكِ يا أمةَ اللهِ
اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ وأذلَّ الشركَ والمشركينَ اللهم آمنا في أوطانِنا وأصلح أئمتَنا وولاةَ أمورِنا ، وأصلح أحوالَ المسلمينَ في كلِّ مكانٍ ، اللهم اجعلْ عيدَنا عيدَ أمنٍ في الأوطانٍ وصحةٍ في الأبدانِ وحفظٍ للأهلِ والولدانِ سبحانَ ربِّكَ ربِّ العزةِ عما يصفونَ، وسلامٌ على المرسلينَ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلى اللهُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِهِ وأصحابِهِ أجمعينَ، والتابعينَ ومن تبعهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
وعادَ عيدُكُم جميعاً وجعلَكُمُ اللهُ مِنْ عُوَّادِهِ
المفضلات