إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونستغفرُهُ ، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، من يهدِهِ اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضللْ فلا هاديَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريكَ له وأشهدُ أن محمداً عبدُهُورسولُهُ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّتُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) ( يَا أَيُّهَاالنَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍوَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءًوَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّاللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوااتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْأَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَوَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ) أما بعد : أيها الأخوةُ في الله ،جاءَ رَجُلٌ إلى الفُضيلِ بنُ عياض رحمه الله ، فقال لهُ الفُضيل ، كم أتت عليك ؟أي كم مضى من عُمُرك ، قالَ الرَّجُل : ستون سنة ، قالَ الفُضيل ، فأنت مُنذُ ستين سنة ، تسيرُ إلى ربِّك ، يُوشِكُ أنْ تَبلُغَ ، فقال الرجل : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، فقال الفضيلُ : أتعرفُ تفسيرَه تقول : أنا لله عبد وإليه راجع ، فمن عَلِمَ أنَّه لله عبد ، وأنَّه إليه راجع ، فليعلم أنَّه موقوفٌ ، ومن علم أنَّه موقوف ، فليعلم أنَّه مسؤول ، ومن عَلِمَ أنَّه مسؤولٌ ، فليُعِدَّ للسؤال جواباً ، فقال الرجل : فما الحيلةُ ؟ قال : يسيرة ، قال : ما هي ؟ قال : تُحسِنُ فيما بقي يُغفَرُ لك ما مضى ، فإنّك إنْ أسأتَ فيما بقي ، أُخِذْتَ بما مضى وبما بقي ، نَعَم أيُّها الأحبة ، سيأتي علينا جميعاً يوماً، نُوقفُ فيهِ ونُسأَلُ ، يقولُ عزَّ وجلَّ ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ) سيأتي اليوم الذي نُسأَلُ فيهِ عن الصغيرةِ والكبيرةِ ، والسائلُ هُوَ ربُّ العزةِ والجلالِ ، والمسؤولُ هُوَ أنا وأنتَ ، والأسئِلةُ عن كلِّ ماعَمِلناهُ في حياتِنا الدُّنيا ، من صغيرٍ وكبيرٍ ،يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ(فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ويقول سُبحانه (وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍجَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ*هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّإِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) يَالَهُ من يوم !!.ويا لهُ من سُؤالٍ!! يَالَهُ من يومٍ يجعلُ الولدانَشيباً، عِندَ مسلمٍ منْ حديثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنهُقَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّه e { مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ لَيْسَبَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَىإِلَّا مَا قَدَّم ،َ وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَاقَدَّمَ ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَتِلْقَاءَ وَجْهِه، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ } نعم إنه يومٌ مَهُولٌ ، كلُّ الخلقِ يُسألونَ فيه ، يقولُ عليهِالصلاةُ والسلام {إِنَّ الْعَرَقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيَذْهَبُ فِيالْأَرْضِ سَبْعِينَ بَاعًا، وَإِنَّهُ لَيَبْلُغُ إِلَى أَفْوَاهِ النَّاسِ أَوْ إِلَى آنَافِهِمْ } من هولِ يومِ السؤالِ، ورُعبِ يومِالحسابِ .. ، وأولُ مكانٍ لألقاء الأسئلة ،في تلكَ الحفرةِ المظلمةِ .. فَإِذَا وُضِعَ ـالواحدُ مِنَّا ـ فِي قَبْرِهِ وَذَهَبَ أهلُهُوأَصْحَابُهُ ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ ـ جاءَهُ الْمَلَكَانِ الْمُرسلانِ إليهِ ، فَيُقْعَدَانِهِ ويسألانِهِ ،عند أبي داوود { وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْإِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ حِينَ يُقَالُ لَهُ : يَا هَذَا مَنْ رَبُّكَوَمَا دِينُكَ وَمَنْ نَبِيُّكَ }وفي روايةٍ ، فَيَقُولَانِ لَهُ مَاكُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍe؟ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ، فَيُقَالُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنْ النَّارِ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًامِنْ الْجَنَّة} ِهذه حالُ المؤمن الذي استعد لهذا السؤال، أَمَّا الذي لميَستعدَّ { فَيَقُول: لَا أَدْرِي ، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُالنَّاسُ، فَيُقَالُ لَه:ُ لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ ثُمَّ يُضْرَبُبِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةًيَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيْن}وأمَّا المكان الآخرُلألقاء الأسأله ، يوم أن نَقِفَ بين يدي اللهِ يومَ القيامةِ ، يومَيُدْنِيكَ رَبُّ العِزَّةِ ، فَيُقرِرُكَ بذنوبِكَ ، فيقولُ سبحانه {تَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟} أعمالُ العُمُرِ ، كلَّ العُمُرِ ، تُعرضُ في وقتٍ واحدٍ ، عليها لِجَانٌ دقيقةٌ ، وسِجلاتٌ وثيقةٌ ، لاتُغَادِرُ صغيرةً ولا كبيرةً ، يقولُ تعالى ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَىالْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَامَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّاأَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَأَحَداً) حتى الخردلةَ ، و الذَّرةَ ، مُدونةٌيَقُولُ تعالى (وَنَضَعُالْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌشَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَاوَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) فاللهُ المستعانُ ، ذاكَ يومٌ لاريبَ فيهِ ،(إنما تُوعَدُونَ لصادِقٌ ، وَإِنَّ الدِّينَ لواقِعٌ )ثُمَّ بعدَ ذلكَ ،توزعُ الصَّحُفُ (فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَـٰبَهُبِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ ٱقْرَؤُاْ كِتَـٰبيَهْ * إِنّى ظَنَنتُأَنّى مُلَـٰقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ *فِى جَنَّةٍعَالِيَةٍ *قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِى ٱلاْيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ * وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَكِتَـٰبَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يٰلَيْتَنِى لَمْ أُوتَ كِتَـٰبِيَهْ *وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ *يٰلَيْتَهَا كَانَتِ ٱلْقَاضِيَةَ * مَاأَغْنَىٰ عَنّى مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنّى سُلْطَـٰنِيَهْ *خُذُوهُفَغُلُّوهُ * ثُمَّ ٱلْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِى سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَاسَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاْسْلُكُوهُ ) لا شك إننا جمعاً أيها الأحبة في دارِابتلاءٍ وامتحانٍ ، نُبتلى بالسراءِ ، والضراءِ ، وبالشدةِ والرخاءِ ،وبالصحةِ والمرضِ ، والغنى والفقرِ ، وبالشهواتِ والشبهاتِ ، وبالأخيارِوالأشرارِ ، فما مواقفُنا من هذه الأحوالِ ؟ إن العاقلَ البصيرَ ، يحسبُحسابَهُ بكلِّ حالةٍ ، وينظرُ ما يخرجُ به منها ، من نجاحٍ أو فشلٍ ، فكلُّحالةٍ تمرُّ على الإنسانِ هو فيها ممتحنٌ ، يقولُ تعالى : ( وَنَبْلُوكُمْبِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) .بارك الله لي ولكم في القران العظيم
الحمدُللهِ على إحسانِهِ ، والشكرُله على توفيقِهِ وامتنانِهِ ، وأشهدُ أن لاإلهَ إلاَّ اللهُ ، وحدَهُ لا شريكَ لهُ ، تعظيماً لشانِهِ ، وأشهدُ أنَّنبيَّنا محمّداً عبدُهُ ورسولُهُ ، الدّاعي إلى رضوانِهِ ، صلّى اللهُ عليهوعلى آلِهِ وأصحابِهِ وأعوانِهِ ، وسلّم تسليماً مزيداً : أما بعد : يقولُ صَفْوَانُ بْنِ مُحْرِزٍ الْمَازِنِىِّ كما في البُخاري يقول ، بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِى مَعَ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - آخِذٌ بِيَدِهِ إِذْ عَرَضَ رَجُلٌ ، فَقَالَ كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ e فِى النَّجْوَى فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ e يَقُولُ {إِنَّ اللَّهَ يُدْنِى الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ ، وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ؟ فَيَقُولُ نَعَمْ أَىْ رَبِّ . حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ ، وَرَأَى فِى نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ ، قَالَ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِى الدُّنْيَا ، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ . فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ ، فَيَقُولُ الأَشْهَادُ ، هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ ، أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ، عبادَ الله ، صلّواعلى المعصومِ ، عليهِ أفضلُ الصلاةِ وأتمُّ التسليمِ،فإنهيقول عليه الصلاة والسلام { حيثما كنتم فصلوا عليَّ فإنَّ صلاتَكم تبلغني }ويقولُ بأبي هو وأمي{ من صلى علي صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشراً } اللهمصل وسلّم وأنعم وأكرم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمّد ، ورض اللهم عنأصحابه الأطهار ماتعاقب الليل والنهار أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائِرِأصحابِ نبيّك أجمعين ، وعن التابعين ، وتابعيهم بِإحسانٍ إلى يومِ الدّين ،وعنّا معهم ، بمنك وفضلك ورحمتك ، يا أرحم الراحمين ، اللهم أنصرْالإسلامَ وأعزَّ المسلمينَ ، واخذل يا إلهي من خذل المسلمين ، اللهم عليكباليهودِ والنصارى المعتدينَ الحاقدينَ ، ومن كرِهَ الإسلامَ والمسلميَن ،اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، وياذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللهُماعطْنا ولا تحرمْنا ، وجُدْ علينا بكريمِ نوالِكْ ، وتتابُعِ حفظانِكْ ،اللهُم خُذْ بأيدينا إلى ما تحبُ وترضى، واهدْنا ويسرْ الهدى لنااللهُميا منْ لا يُعاجلُ بالعقوبهْ ، ألهمْنا حُسنَ التُوبةِ إليكْ ، وجميلَالتوكلِ عليكْ ، وعظيمَ الزُلفى لديكْ ، نحن بكَ وإليكْ ، تباركتْ ربَّناوتعاليتْ ، فيا أهلَ المغفرةِإغفرْ لنا ، ويا أهلَ التقوى إستعملْنا فيطاعتكْ ، ويا مُقلبَ القلوبِ ثبتْ قلوبَنا على دينِكْ ، اللهم احفظْبلادَنا وولاةَ أمرِنا وعلماءَنا ودُعاتَنا ، اللهم وحِّدْ كلمتَنا وقويشوكتَناياربَّ العالمينَ ، واجعلْ هذا البلدَ رخاءً سخاءً ، وسائرَ بلادِالمسلمين يا ربَّ العالمين ، ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنيينوالمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات ، اللهم ربنا ( آتِنَا فِي الدُّنْيَاحَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) ( وَأَقِمِالصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِوَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ(
المفضلات