النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: خطبة الجمعة القادمة 1435/2/10هـ بعنوان (( إلى المتقاعدين .. ))

  1. #1

    خطبة الجمعة القادمة 1435/2/10هـ بعنوان (( إلى المتقاعدين .. ))



    الخطبة الأولى

    إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
    ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )) ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا))
    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة،وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
    أما بعد عباد الله : في كل سنة يتجدد حدثٌ ينبغي التوقف معه حدث يمس بدرجة مباشرة عشرات الآلاف، ويمس مئات الآلاف بشكل غير مباشر ، يتكرر هذا الأمر، لأناس أفنوا زهرة شبابهم في أعمالهم، طلباً للعيش الكريم، وكفاً للنفس عن سؤال الخلق، والسعي في تحقيق خلافة هذا الإنسان في الأرض بسنة النكاح والتناسل ، وهاهم بعد عشرات السنين يحطون ركابهم، وينوخون مطاياهم، لينفكوا من ربقة الارتباط بعملٍ رسمي محدد الزمان والمكان إنهم – عباد الله - فئة المتقاعدين الذين أمضوا غالب عمرهم بالعمل
    لتمضي سنة الحياة، ضَعفٌ ثم قوة ثم ضعف: ((اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ)) جيل يعقبه جيل، لتتم سنة الاستخلاف، وعمارة هذه الأرض.
    وهذا التصنيف الوظيفي (متقاعد، وغير متقاعد) فرضته أنظمة العمل، ليحل موظف بدل موظف آخر، ولكنه ليس حكماً على الإنسان بالموت، ولا منعاً له من العطاء في ميادين أخرى، فهو تصنيف لا يصح أبداً أن يسري إلى بقية حياة المتقاعد.
    ربما كانت نظرة المجتمع لهذه الفئة الغالية، وتقبُّل كثير من هذه الفئة واستسلامه لهذه النظرة له أثره في ما يُسمع أو يُرى من معاناة بعض أفراد هذه الفئة التي بذلت وأعطت فترة من الزمن!
    والواقع أن النصيب الأكبر يقع على ذات الشخص، وطريقة تعامله مع المتغيرات حوله، وفي طريقة تفكيره ونظرته للحياة.
    فلكل مرحلة من العمر جمالها ، فالتقاعد عن العمل الرسمي هو في حقيقته انتقال من مرحلة إلى مرحلة أخرى من العطاء، والعمل، إذ لا توقف في حياة العبد: ((لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ))
    وصاحب الهمة العالية إذا بلغ هدفاً، بحث عن هدف آخر مثله أو أعلى منه ليصل إليه، ولا يوقفه عن السباق إلى مجد الدنيا والآخرة إلا توقف نفسه، ولئن توقفت دورة الدوام الرسمي، فلن تتوقف عجلة النفع والانتفاع، بعمل صالح، وصدقة جارية.
    ، فالمهم الاجتهاد في عمارة وقته بكل قربةٍ يستطيعها، وهذا ما فهمه أهل الإيمان من الأوائل والأواخر.
    فالقضية هي حياة الروح، وحملُ الهم، وهذا قدرٌ مشترك بين الناس كلهم، لا يختص به مسلم دون كافر.
    وإذا كانت النفوس كبارا ** تعبت في مرادها الأجسام
    عباد الله / بلوغ هذه السن نعمةٌ عظيمة من الله ينبغي شكرها واستثمارها، فإن الفَسْحَ في أجل المؤمن خيرٌ له، فهو فرصةٌ للتزود من الأعمال الصالحة .
    دخل سليمان بن عبد الملك المسجد، فرأى شيخاً كبيراً، فدعا به، فقال: يا شيخ ! أتحب الموت؟ قال: لا، قال ولم؟! قال ذهب الشباب وشره، وجاء الكبر وخيره، فإذا قمتُ، قلت: بسم الله، وإذا قعدت، قلت: الحمد لله! فأنا أحب أن يبقى لي هذا.
    فانظر كيف قلبَ هذا الشيخ نظرته للحياة، فقد نظر إليها نظرة إيجابية، فهي فرصة للتزود، وملء خزائن الآخرة بمثل هذه الأذكار التي تدل على تعلق بالله.
    ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تمني الموت بسبب ما يصيب الإنسان من مصائب وآلام، فقال كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال(لا يتمنى أحدكم الموت، ولا يدع به من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيراً)).
    عباد الله / بلوغ هذه المرحلة يعني تجاوز سن الأشد وهو الأربعين بعشرين سنة أو أقل من ذلك ، وهذا ما يجعل العبد المؤمن يفكر كثيراً في نصيبه من هذه الآية الكريمة: ((وَوَصَّيْنَا الأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً، حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ، وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ))
    قال بعض المفسرين: وفي هذا دليل على أن اشتغال الإنسان بطاعة الله يقوى في هذا الوقت، ففي الأربعين تناهى العقل، وما قبل ذلك وما بعده منتقص عنه.
    عباد الله /ديننا دينٌ عظيم لم يقصر العبادة على لون معين، أو طريقة خاصة، بل قد جعل الله فرصاً في التعبد تناسب أحوال الإنسان من صحة ومرض، وحل وترحال، وقوة وضعف.
    سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا رسول الله! إن شرائع الإسلام قد كثرت، فدلني على عمل أتشبث به؟ فيقول له الناصح الرؤوف الرحيم صلى الله عليه وسلم: لا يزال لسانك رطباً بذكر الله عز وجل)). رواه الترمذي وأحمد، وسنده صحيح.
    وأَجَلُّ أنواع الذكر القرآن، ونعم الصاحب هو للشيب والشباب، ولكنه في حق الشيب له شأن آخر!
    أسأل الله أن يمتعنا جميعا بالصحة والعافية وأن يجعلنا ممن طال عمره وحسُن عمله ، بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

    الخطبة الثانية
    الحمدُ للهِ على إحْسانهِ، والشكرُ له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله الله وحدَه لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا.
    عباد الله / تجاوز الستين من العمر، يعني شيئاً آخر، ألا وهو الدخول إلى معترك المنايا، ففي الحديث الذي رواه الترمذي وغيره بسند حسن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك)) وأبلغ من هذا ما ثبت في البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه -قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة)).
    قال العلماء في بيان قوله: ((أعذر الله امرئ)): أي: أزال الله عذره، فلا ينبغي له حينئذ إلا الاستغفار والطاعة، والإقبال على الآخرة بالكلية، ولا يكون له على الله عند ذلك حجة، وحاصل المعنى: أن الله تعالى أقام عذره في تطويل عمره، وتمكينه من الطاعة مدة مديدة.
    أسأل الله تعالى أن نكون دوماً مفاتيحَ خيرٍ مغاليقَ شرٍّ ، هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد فقد أمركم اللهُ بالصّلاة والسّلام عليه ، فقال تعالى ((إنّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصلُّونَ عَلى النّبي يَا أيّها الّذينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ))



    الملفات المرفقة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. خطبة الجمعة القادمة بعنوان ( خلق العفــــو ) 1435/2/10هـ
    بواسطة محمدالمهوس في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-12-2013, 23:35
  2. سلمان الفارسي - همة فوق الثريا - خطبة الجمعة القادمة 1435/12/12هـ
    بواسطة محمدالمهوس في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-11-2013, 21:07
  3. خطبة الجمعة القادمة 1433/1/16 بعنوان (( أخوّة الديـــــــــــــــن ))
    بواسطة محمدالمهوس في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 29-11-2012, 16:54
  4. خطبة الجمعة القادمة بعنوان ( انفولونزا الخنازير )
    بواسطة محمدالمهوس في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 07-05-2009, 20:19
  5. خطبة الجمعة القادمة بعنوان ( انفولونزا الخنازير )
    بواسطة محمدالمهوس في المنتدى خطب جمعة مسموعة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-05-2009, 19:30

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع ما يطرح بالمضايف يعبر عن وجهة نظر صاحبه وعلى مسؤوليته ولا يعبر بالضرورة عن رأي رسمي لإدارة شبكة شمر أو مضايفها
تحذير : استنادا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية, يجرم كل من يحاول العبث بأي طريقة كانت في هذا الموقع أو محتوياته