النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: الثبات على نهج الإستقامة

  1. #1

    الثبات على نهج الإستقامة



    الحمدُ للهِ ،قدَّمَ من شاءَ بفضلِهِ ، وأخرَّ من شاءَ بعدلِهِ ، هو المبدءُ المعيدُ ، الفَعَّالُ لمايُريدُ ، جلَّ عن أتخاذِ الصاحبةِ والولدِ ، ولم يكنْ له كفواً أحدٌ ، أشهدُ أن لا إلهَ إلا هوَ ، وحدَهُ ولا شريكَ له ، ( لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ صلى اللهُ عليه ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلم تسليماً كثيراً :: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً): أما بعدُ أيها الأحبةُ في الله ، فإن الثَّبَاتَ عَلَى دِينِ اللهِ تَعَالَى وَمُلاَزَمَةَ صِرَاطِهِ المُسْتَقِيمِ وَالمُدَاوَمَةَ عَلَى الطَّاعَةِ وَالحَذَرَ مِنَ الوُقُوعِ فِي المَعَاصِي وَالمُحَرَّمَاتِ دَلِيلُ صِدْقِ الإِيمَانِ ، وَثَمَرَةُ الهِدَايَةِ ، وَسَبَبُ حُصُولِ الخَيرَاتِ ، وَتَنَزُّلِ الرَّحَمَاتِ ، وَالوُصُولِ إِلَى أَعْلَى المقَامَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ، وَتَحْقِيقِ الكَرَامَاتِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، بِهِ يَحْصُلُ اليَقِينُ وَمَرْضَاةُ رَبِّ العَالَمِينَ، وَيَجِدُ المُسْلِمُ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ وَطُمَأْنِينَةَ النَّفْسِ وَرَاحَةَ البَالِ وَبَرْدَ اليَقِينِ؛ (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ، (أَوَمَنْ كَانَ مَيتًا فَأَحْيَينَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) إِنَّ الثَّبَاتَ عَلَى دِينِ اللهِ ، هُوَ الرُّجُولَةُ الحَقَّةُ ، وَالانْتِصَارُ العَظِيمُ ، فِي مَعْرَكَةِ الطَّاعَاتِ ، وَالأَهْوَاءِ ، وَالرَّغَبَاتِ ، وَالشَّهَوَاتِ، وَهُوَ الضَّمَانُ بِإِذْنِ اللهِ للحُصُولِ عَلَى الجَنَّةِ وَالمَغْفِرَةِ ؛ وَلِذَلِكَ اسْتَحَقَّ الثَّابِتُونَ المُسْتَقِيمُونَ أَنْ تَتَنَزَّلَ عَلَيهِم المَلاَئِكَةُ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا، لِتَطْرُدَ عَنْهُمُ الخَوفَ والحَزَنَ، وَتُبَشِّرَهُم بالجَنَّةِ، وَتُعْلِنَ وَقُوفَهَا إِلَى جَانِبِهِم في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ *نَحْنُ أَولِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ *نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) قَالَ أبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ : (لَمْ يُشْرِكُوا باللهِ شَيئًا ، ولَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى إِلَهٍ غَيرِهِ ، ثُمَّ اسْتَقَامُوا عَلَى أَنَّ اللهَ رَبُّهُم)، وَقالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: "اسْتَقَامُوا عَلَى أَمْرِ اللهِ فَعَمِلُوا بِطَاعَتِهِ واجْتَنَبُوا مَعْصِيَتَهُ". مَا أَجْمَلَ الطَّاعَة إِذَا أُتْبِعَتْ بِالطَّاعَةِ، وَمَا أَعْظَمَ الحَسَنَة وَهِي تَنْضمُّ إِلَى الحَسَنَةِ ، لِتُكَوِّنَ سِلْسِلَةً مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ، التِي تَرْفَعُ العَبْدَ إِلَى الدَّرَجَاتِ العُلَى ، وَتُنْجِيهِ مِنَ النَّارِ ، بِرَحْمَةِ اللهِ وَفَضْلِهِ ، وَمَا أَتْعَسَ المَرْء وَأَقَلَّ حَظّهِ مِنَ الإِسْلاَمِ ، أَنْ يَهْدِمَ مَا بَنَى ، وَيُفْسِدَ مَا أَصْلَحَ، وَيَرْتَدَّ إِلَى حَمْأَةِ المَعْصِيَةِ ، وَظُلْمَةِ الكُفْرِ ، بَعْدَ أَنْ ذَاقَ لَذَّةَ الإِيمَانِ وَحَلاَوَةَ الطَّاعَةِ.وَلَقَدْ كَانَ مِنْ دُعَاءِ المُصْطَفَى r فِي صَلاَتِهِ: {اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الأَمْرِ وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ} رواه النسائيُ وَأحمدُ والترمذيُّ وسندُهُ قويٌّ. وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ r المُدَاوَمَةُ عَلَى الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ، وَلَو كَانَتْ قَلِيلَةً؛ سُئِلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ r يَخْتَصُّ مِنَ الأَيَّامِ شَيئًا؟ قَالَتْ: لاَ، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يُطِيقُ مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ r يُطِيقُ؟! متفقٌ عليه. وَيَقُولُ r: {أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ}متفقٌ عليه. قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: "أَبَى قَومٌ المُدَاوَمَةَ، واللهِ مَا المُؤْمِنُ بالذِي يَعْمَلُ الشَّهْرَ أو الشَّهْرَينِ ، أو عَامًا أَو عَامَينِ ، لاَ وَاللهِ مَا جُعِلَ لِعَمَلِ المُؤْمِنِ أَجَلٌ دُونَ المَوتِ"، ثُمَّ قَرأَ قَولَ الحَقِّ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: 99]. وَإِنَّ الثَّبَاتَ عَلَى الطَّاعَةِ في هذا الزَّمانِ ، وَلُزُومَ الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ عَزِيزٌ وَعَظِيمٌ، لاَ سِيَّمَا مَعَ فَسَادِ الزَّمَانِ ، وَكَثْرَةِ المُغْرِيَاتِ وَتَتَابُعِ الشَّهَوَاتِ وَكَثْرَةِ الشُّبُهَاتِ ، وَضَعْفِ المُعِينِ ، وَكَثْرَةِ الفِتَنِ التِي أَخْبَرَ عَنْهَا المُصْطَفَى r بِقَولِهِ: {بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَو يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا؛ يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا}رواه مسلم.وَالنَّفْسُ الثَّابِتَةُ عَلَى دِينِ اللهِ تَعَالَى تَحْتَاجُ إِلَى المُرَاقَبَةِ التَّامَّةِ وَالمُلاَحَظَةِ الدَّائِمَةِ وَالأَطْرِ عَلَى الحَقِّ وَالعَدْلِ وَالبُعْدِ عَنْ مَوَاطِنِ الهَوَى ، وَالمُجَاوَزَةِ وَالطُّغْيَانِ ؛ وَلأَجْلِ هَذَا فَقَدْ أَرْشَدَ النبيُّ الكَرِيمُ r أُمَّتَهُ بِقَولِهِ: {اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا} رواه مسلم، وَبِقَولِهِ r: {سَدِّدُوا وَقَارِبُوا} متفق عليه، وَالسَّدَادُ هُوَ حَقِيقَةُ الاسْتِقَامَةِ وَالثََّبَاتِ، وهُوَ الإِصَابَةُ في جَمِيعِ الأَقْوَالِ ، والأَعْمَالِ والمَقَاصِدِ . وأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وأَجَلُّ قَولُ الحَقِّ تَعَالَى: (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ) [فصلت: 6]. وَهُوَ تَوجِيهٌ إِلَهِيٌّ كَرِيمٌ لِجَبْرِ مَا قَدْ يَحْصُلُ مِنْ ضَعْفٍ بَشَرِيٍّ ، وقُصُورٍ إِنْسَانِيٍّ .وَمَدَارُ الثَّبَاتِ عَلَى دِينِ اللهِ وَالاسْتِقَامَةِ عَلَى مَنْهَجِهِ وَطَاعَتِهِ ، عَلَى أَمْرَينِ عَظِيمَينِ، هُمَا حِفْظُ القَلْبِ وَاللِّسَانِ ، فَمَتَى اسْتَقَامَا اسْتَقَامَتْ سَائِرُ الأَعْضَاءِ وصَلَحَ الإِنْسَانُ في سُلُوكِهِ وحَرَكَاتِهِ وسَكَنَاتِهِ، ومَتَى اعْوَجَّا وَفَسَدَا فَسَدَ الإِنْسَانُ وضَلَّتْ أَعْضَاؤُهُ جَمِيعًا. وَفِي الصَّحِيحَينِ أَنَّهُ r قَالَ:{أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ }، وَعِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ أَنَّ النبيَّ r قَالَ:{لاَ يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ، وَلاَ يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ}، وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَأَحْمَدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ r قَالَ: { لَقَلْبُ ابْنِ آدَمَ أَشَدُّ انْقِلاَبًا مِنْ الْقِدْرِ إِذَا اجْتَمَعَتْ غَلْيًا }اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الأَمْرِ وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ..,
    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم،
    ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمَعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنب وخطيئة فاستغفِروه، فقد فاز المستغفِرون







    الحَمْدُ للهِِ وَكَفَى، وَالصَّلاَةُ والسَّلاَمُ عَلَى عِبَادِهِ الذِينَ اصْطَفَى، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَمَنِ اقْتَفَى.أَمَّا بَعْدُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].ثُمَّ اعْلَمُوا ـ رَعَاكُمُ اللهُ ـ أَنَّ الثَّبَاتَ عَلَى دِينِ اللهِ تَعَالَى هُوَ حَقِيقَةُ الإِسْلاَمِ؛ فَإِنَّ الإِسْلاَمَ فِي حَقِيقَتِهِ إِيمَانٌ باللهِ وَحْدَهُ، ثُمَّ اسْتِقَامَةٌ وَثَبَاتٌ عَلَيهِ حَتَّى المَمَاتِ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى كَمَالِ الإِيمَانِ وَحُسْنِ التَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ تَعَالَى وَقُوَّةِ النَّفْسِ وَرَبَاطَةِ الجَأْشِ وَالتَّأَسِّي بِأَنْبِيَاءِ اللهِ وَرُسُلِهِ عَلَيهِمِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، الذِينَ ضَرَبُوا أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ وَأَصْدَقَهَا فِي الثَّبَاتِ عَلَى الدِينِ وَتَبْلِيغِ رِسَالاَتِ اللهِ تَعَالَى، رُغْمَ مَا نَالَهُم مِنَ الأَذَى وَمَا لَحِقَهُم مِنَ العَذَابِ وَالضَّرَرِ، مِمَّا سَطَّرَهُ كِتَابُ اللهِ تَعَالَى قُرْآنًا يُتْلَى إِلَى يَومِ القِيَامَةِ فِي صَبْرِ أُولِي العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَثَبَاتِهِم عَلَى دِينِ اللهِ وَتَبْلِيغِ رِسَالاَتِهِ. وَإِنَّ عَلَى المُسْلِمِ الصَّادِقِ فِي إِيمَانِهِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى الثَّبَاتِ سِيَّمَا فِي هِذَا العَصْرِ؛ عَصْرِ التَّحَدِّيَاتِ وَالفِتَنِ وَالمُغْرِيَاتِ، فَبِالثَّبَاتِ يَعِيشُ المُسْلِمُ، وَيَسْتَمِرُّ عَلَى مَنْهَجِ اللهِ ثَابِتَ الأَرْكَانِ، عَظِيمَ القِيَمِ، مُحَقِّقًا أَسْمَى غَايَاتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. وَإِنَّ عَلَيهِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى تَحْصِيلِ أَسْبَابِ الثَّبَاتِ وَالتَّخَلُّقِ بِأَخْلاَقِ الثَّابِتِينَ، وَفِي مُقَدِّمَتِهَا الصَّبْرُ، فَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيرًا وَأَوسَعَ مِنَ الصَّبْرِ، وَأَنْ يَحْرِصَ عَلَى التَّحَصُّنِ بِالعِلْمِ الشَّرْعِيِّ؛ فَإِنَّهُ يَجْلُو العَمَى، وَيُبَدِّدُ الشُّبُهَاتِ، وَيَقُودُ صَاحِبَهُ إِلَى الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ الذِي لا اعْوِجَاجَ فِيهِ وَلاَ الْتِبَاسَ، وَأَنْ يَتَأَسَّى بِمَوَاقِفِ الصَّالِحِينَ فِي الثَّبَاتِ عَلَى الحَقِّ مَعَ شِدَّةِ العَذَابِ الذِي لَحِقَهُمُ.حَدَّثَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r:{ لَمَّا كَانَتْ اللَّيلَةُ الَّتِي أُسْرِيَ بِي فِيهَا أَتَتْ عَلَيَّ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ؟ فَقَالَ: هَذِهِ رَائِحَةُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَونَ وَأَولاَدِهَا، قُلْتُ: وَمَا شَأْنُهَا؟ قَالَ: بَينَا هِيَ تُمَشِّطُ ابْنَةَ فِرْعَونَ ذَاتَ يَومٍ إِذْ سَقَطَتْ الْمِدْرَى ـ يَعْنِي المِشْطُ ـ مِنْ يَدَيهَا، فَقَالَتْ: بِسْمِ اللهِ، فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَونَ: أَبِي؟ قَالَتْ: لاََ، وَلَكِنْ رَبِّي وَرَبُّ أَبِيكِ اللهُ، قَالَتْ: أُخْبِرُهُ بِذَلِكَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَأَخْبَرَتْهُ، فَدَعَاهَا فَقَالَ: يَا فُلاَنَةُ، وَإِنَّ لَكِ رَبًّا غَيرِي؟! قَالَتْ: نَعَمْ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ، فَأَمَرَ بِبَقَرَةٍ مِنْ نُحَاسٍ فَأُحْمِيَتْ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا أَنْ تُلْقَى هِيَ وَأَولاَدُهَا فِيهَا، قَالَتْ لَهُ: إِنَّ لِي إِلَيكَ حَاجَةً، قَالَ: وَمَا حَاجَتُكِ؟ قَالَتْ: أُحِبُّ أَنْ تَجْمَعَ عِظَامِي وَعِظَامَ وَلَدِي فِي ثَوبٍ وَاحِدٍ وَتَدْفِنَنَا، قَالَ: ذَلِكَ لَكِ عَلَينَا مِنْ الْحَقِّ، قَالَ: فَأَمَرَ بِأَولاَدِهَا فَأُلْقُوا بَينَ يَدَيهَا وَاحِدًا وَاحِدًا، إِلَى أَنْ انْتَهَى ذَلِكَ إِلَى صَبِيٍّ لَهَا مُرْضَعٍ، وَكَأَنَّهَا تَقَاعَسَتْ مِنْ أَجْلِهِ، قَالَ: يَا أُمَّهْ اقْتَحِمِي؛ فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ، فَاقْتَحَمَتْ}، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَكَلَّمَ أَرْبَعَةٌ صِغَارٌ: عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيهِ السَّلاَمُ وَصَاحِبُ جُرَيجٍ وَشَاهِدُ يُوسُفَ وَابْنُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَونَ. رواه أحمدُ بإِسْنَادٍ حَسَنٍ.اللهُ أَكْبَرُ! مَا أَعْظَمَ إِيمَانِ هَذِهِ المَرْأَةِ، وَمَا أَشَدَّ ثَبَاتِهَا،اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.يارب العالمين ،وانصر عبادك المُجاهدين في سبيلك في كُلِّ مكان ، فوقَ كُلِّ أرض وتحتَ كُلِّ سماء ،اللهم احفظْ بلادَنا وولاةَ أمرِنا وعلماءَنا ودُعاتَنا ، اللهم وحِّدْ كلمتَنا وقوي شوكتَنا ياربَّ العالمينَ ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنيين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات ، اللهم ربنا ( آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)




    الملفات المرفقة
    للدخول لموقعنا الخاص

    اضغط على الصوره



معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. الثبات بعد رمضان
    بواسطة سامي اباالخيل في المنتدى المضيف العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 31-08-2011, 11:39
  2. الإستقامة
    بواسطة الشيخ/عبدالله الواكد في المنتدى خطب جمعة جاهزة . . اطبع واخطب، منبر مضايف شمر
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 22-12-2010, 11:57
  3. (موطن الثبات في الفتن) للشيخ عبد الله بن محمد العسكر
    بواسطة الوجيه محمد في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 30-05-2010, 21:42
  4. الدوران من حالة الثبات ! !
    بواسطة المشرف العام في المنتدى مضيف فيض المشاعر
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 15-04-2007, 00:46
  5. الفتن / التمحيص / الاتباع / الثبات / وعلاقتها ببعض
    بواسطة الدهشوري في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 28-10-2003, 11:35

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع ما يطرح بالمضايف يعبر عن وجهة نظر صاحبه وعلى مسؤوليته ولا يعبر بالضرورة عن رأي رسمي لإدارة شبكة شمر أو مضايفها
تحذير : استنادا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية, يجرم كل من يحاول العبث بأي طريقة كانت في هذا الموقع أو محتوياته