أورام القنوات المرارية
لقد أصبح معروفا لدى الجميع أن كلمة «سرطان» تعني الانقسام السريع غير المرتب أو النمو غير الطبيعي لبعض خلايا الجسم، ينتج عنه خلايا غير طبيعية تتجمع معا وتكوِّن ما يسمى «الورم» أو «السرطان». وهذا الانقسام يمكن أن يحدث في أي عضو من الجسم مثل الرئتين أو الكلى أو الكبد، الخ.
وبالنسبة إلى أورام القناة المرارية (الصفراوية - Cholangiocarcinoma) يعتبر نادر الحدوث حيث يمثل 2% فقط من نسبة الأورام وينتشر في بعض البلدان مثل جنوب شرق آسيا ولكن ما لاحظناه مؤخرا وبسبب التقدم الطبي التشخيصي هو الازدياد المضطرب في تشخيص مثل هذه الحالات وللأسف الشديد فإن اكتشاف مثل هذه الحالات عادة ما يكون متأخرا وبعد ان يكون المرض قد تقدم في المريض وربما انتشر الى اعضاء اخرى مما يحد من اتخاذ اي علاج جراحي لاستئصال الورم او حتى اعطاء المريض العلاج الكيمائي المناسب، ويصيب المرض القنوات الصفراوية المنتشرة داخل الكبد وايضا القنوات الصفراوية الكبيرة والتي تكون خارج الكبد وتصب في نهايتها في الأثني عشر.
*الأعراض* التشخيص:
كما ذكرنا ان اغلب الحالات تكون بدون اعراض مسبقة وفجأة يلاحظ المريض ازدياد في اصفرار العينين وتغير لون البول الى اللون الداكن مع فقدان الشهية والوزن والضعف العام بالجسم وبعض الألام في الجزء العلوي الأيمن من البطن. وقد يشكو المريض من الغثيان والاستفراغ ومن ثم الاستسقاء وهو انتفاخ البطن بسبب تجمع السوائل بداخلها نتيجة الورم او انتشار الورم الى الكبد.
* مسبباته:
في اغلب الحالات لا يوجد سبب او علاقة مباشرة يعزى اليها المرض ولكن هناك معلومات تشير الى ان هذه الأورام تزيد نسبة حدوثها في اي مرض يؤدي الى وجود التهاب مزمن في القنوات الصفراوية كمرض تصلب القنوات الأولي وتكيس القنوات (ومرض كارولي) وتليف الكبد
يعتبر تشخيص مثل هذا المرض من التحديات في الطب الحديث وبالرغم من التقدم الطبي الكبير من حيث الأشعة التشخيصية ومناظير القنوات الصفراوية التي تمكن الطبيب من اخذ عينات من الورم وفحصها تحت المجهر، يواجه الكثير من الأطباء صعوبة غالبا تكمن بسبب صغر حجم الورم وصعوبة الوصول اليه لأخذ الخزعات وايضا الى وجود امراض اخرى حميدة قد تشبه تماما الأورام كالتضيق الحميد بسبب الإلتهابات او الحصوات لذا يعتمد التشخيص على اتفاق وتفاهم بين كل من أطباء الأشعة والجهاز الهضمي والأورام بالاضافة الى الجراحين ولكن أغلب المرضى يخضعون الى عمل الأشعة المغناطيسية للقنوات واشعة المسح بالبوزترون وفي حالة تحديد مكان الورم نقوم بعمل منظار القنوات الصفراوية لسحب بعض السائل المراري واخذ مسحات وعينات من المنطقة المصابة.
* العلاج:
يعتبر هذا النوع من الأورام من اصعب الأورام ليس فقط من ناحية التشخيص بل ايضا من ناحية العلاج المتوفر والذي يكمن اولا بتحديد مرحلة الورم التي تنعكس على قرار العلاج فاذا كان في مراحل اولية فأفضل طريقة هي العلاج الجراحي عن طريق استئصال الورم او جزء من الكبد او زراعة كاملة للكبد سواء كان الورم داخل او خارج الكبد اذا سمحت حالة المريض بذلك وتم اختيار المريض المناسب لمثل هذه العمليات وعادة ما يُعطى المريض علاجا تحضيريا يتمثل بالعلاج الكيميائي والاشعاعي قبل العملية الجراحية لكي تزيد من فرصة الاستئصال وعدم عودة المرض مستقبلا، وقبل البدء في العلاج، يجب التقييم الشامل للمريض عن طريق عمل تحليل وظائف الكلى والكبد والدم، ورسم قلب، وأشعة مقطعية على البطن والحوض والصدر، ومسح ذري على العظام.
وقد أثبتت اغلب الدراسات الإكلينيكية عدم جدوى جميع الأدوية الكيميائية في علاج حالات مثل هذه الأورام المتأخرة من حيث تحسن الحالة المرضية أو زيادة معدلات الشفاء، الأمر الذي جعل معظم الأطباء المعالجين يحجمون عن علاج المرض في مراحله المتأخرة تجنبا للأعراض الجانبية المصاحبة للعلاج الكيميائي بأستثناء عقار (الجمستابين) الذي تعترف به هيئة الغذاء والدواء الأمريكية لعلاج هذه الأورام على الرغم من عدم وجود دراسات عشوائية تثبت فاعلية هذا العقار في الشفاء او اطالة عمر المريض وعليه يتلخص العلاج بالأدوية التلطيفية للآلام وعمل قسطرة او دعامة لتصريف السائل المراري لتخفيف الأصفرار والحكة، وهناك وسائل علاج أخرى ما زالت تحت الدراسة منها العلاج عن طريق (مثبطات التروسين كينيز) والتردد الحراري والحقن بالكحولّ وسد الشريان المغذّي للورم عن طريق الأشعة التداخلية
حماكم الرحمن من كل سوء ومرض
المفضلات