السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وكل عام وأنتم بخير
خطبة عيد الأضحى 1433 هـ
أعدها / عبدالله بن فهد الواكد
إمام وخطيب جامع الواكد بحائل
الخطبة الأولى
الحمد لله والله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر الله ولله الحمد.
أحمد الله وأشكره وأتوب إليه وأستغفره ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، عمَّ فضلُه العالمين ، ووسع إحسانُه الخلقَ أجمعين ، وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه ؛ بعثه اللهُ رحمةً للعالمين ، وجعلَ سنتَهُ نوراً للسالكين ، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليهِ وعلى آلهِ وأصحابهِ المتقين ، والغرِّ الميامين ، وعلى التابعينَ لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين
اللهُ أكبرُ الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
الله أكبرُ عددَ من طافَ بالبيتِ وكبَّر
واللهُ أكبرُ عددَ من حمدَ اللهَ واستغفر
الله أكبر عددَ من طافَ وسعى
ونحرَ ورمى ،
اللهُ أكبرُ عددَ من باتَ بمزدلفة وأفاضَ من عرفات ، الله أكبرُ عددَ ما ارتفعتِ الدعواتُ ، وكُفرت السيئاتُ ، الله أكبر عدد ما أهريقت الدماء في منى ، وما رميت الجمرات
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد
الله أكبرالقائل (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) ،
الله أكبر ، فكم من متضرع بالأمس قبل تضرعه ، وكم من دعاء صعد إلى السماء والعمل الصالح يرفعه ، وكم من حاج خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، وكم من صائم بالأمس قد غفر ذنبُه ولمُّه ، فلله الحمد على ما هدى ، ولله الحمد على ما أعطى
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد
أيها المسلمون: هذا اليوم العظيم هو يوم الحج الأكبر، وهو أفضل أيام السنة وهو خاتمة العشر المباركات ، هو الوسط بين أيام العشر وأيام التشريق، وكلها أيام ذكر وتكبير (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ) أيام التشريق ، أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى ، فما أعظم فضل الله تعالى علينا ،
اليوم يا عباد الله هو يوم الذكر والشكر، هو يوم الذبح والنحر، وهو يوم الحج الأكبر فأكثر أعمال الحجاج تكون فيه ، فيرمون ويهدون ويحلقون ويُحلِّون ويطوفون ويسعون ، قبل الله حجهم ، وأتم الله تفثهم .
أيها المسلمون : نفتتحُ هذاَ اليومَ بصلاةِ العيدِ ، ليعلمَ المسلمُ ، أنَّ أولَ فرحةٍ لهُ أنهُ مقيمٌ للصلاةِ ، مُقيمٌ لهذهِ الشعيرةِ العظيمةِ ، ساجد مخبت لله ، قالَ تعالى ( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) ، أنت أيها المسلم محسود على ترددك على بيت الله ، واستقبالك لقبلة الله ، وحفاظك على الصلوات المكتوبة ، والزكوات المفروضة ، أنت محسود على الصيام والقيام ، محسود أن يختم لك بالتوحيد والخاتمة الحسنة ، ويختم لغيرك بالشرك والضلال ( والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم )
بعد هذه الشعيرة الكريمة ، تتقربون لله تعالى بضحاياكم ، هذه الأضاحي نعمة من ربكم سبحانه ، سخرها وأحلها لكم ، إشتريتموها ، وتتقربون بها ، وتذبحونها ، وتذكرون اسم الله عليها ، وتنتفعون بها ، كل ذلك بفضل الله وأمره ومع ذلك تؤجرون عليها ( لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ) فأي فضل أعظم من هذا الفضل ،
أيها المسلمون : أبشركم أنكم على سنة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم ، وما أعظم التمسك بها في مثل هذا اليوم ، الْبَرَاءُ بن عازب رضي الله عنه يروي لكم هذا الحديث وهو في الصحيحين قال رضي الله عنه : "خَطَبَنَا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النَّحْرِ فقال: " إِنَّ أَوَّلَ ما نَبْدَأُ بِهِ في يَوْمِنَا هذا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ ذلك فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا "
فإذا انقلبتم من مصلاكم ، فضحوا تقبل الله تعالى ضحاياكم ، وكلوا وتصدقوا وأهدوا منها ، وكبروا الله تعالى كما هداكم ، واشكروه على ما أعطاكم ، فإن ربكم غني عنكم ، وأنتم الفقراء إليه ، فاطلبوا فضله ومغفرته ، ولطفه ورحمته ،
أيها المسلمون: احمدوا الله الذي هداكم لما ضل عنه الآخرون ووفقكم لما خاب عنه الخائبون أنتم في نعمة قد حسدتكم عليها أمم الأرض ، حسدوكم على دينكم وقبلتكم وشعائركم واجتماعكم هذا ، وعلى عيدكم وحجكم (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ)
أيها المسلمون : بوادر الغيث وبواكير السحاب أنشى بها اللهُ قلوبَكم قبل حلول عيدكم ، قد أصاب بها رب العباد أرضكم ودياركم ، فالسحاب قد أظلكم والغيث قد أبلكم ، فما أجدر أن يقابل العطاء بالحمد والثناء ، نعمة الغيث تزيد بالشكر وتنقص بالكفر فإياكم وتنفير الخير بالذنوب وإياكم وصد الإحسان بالمعاصي ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا . يرسل السماء عليكم مدرارا . ويمددكم بأموال وبنين . ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا )
أيها المسلمون : إن لقرب الساعة ما ترون من مائج الفتن ، وعواصف المحن ، واعلموا أنكم في مأمن ما دمتم بالحق مستمسكون ، وعن الزيغ والضلال والفجور مبتعدون ، في هذا العيد نتذكر إخوانا لنا في الشام إخوانا لنا دينا ومعتقدا ، بغت عليهم يد الظلم والفساد وإهلاك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ، في كل يوم نرى ما يسوء وجه طاغية الشام من قتل النساء والأطفال والشيوخ ورجم البيوت بطريقة همجية وحشية ، يندى لها جبين الإنسانية ، والله لو كان في هذه البيوت والمساكن بهائم وحيوانات ، ما تجرأت يد الكافر فضلا على من يدعي الإسلام هدمها على رؤوس ضعفاء مستضعفين ، أخرجوا من ديارهم ظلما وعدوانا ، وشردوا تعسفا وطغيانا ، نسأل الله أن يرحم قلة حيلتهم وأن يرينا بمن بغى عليهم عاجل العقوبة ، فلا تغفلوا عنهم بما وسع الله عليكم من فضل ، أدعوا الله لهم فإن دعاء الرجل الصالح أمضى من رؤوس الأسنة ، نسأل الله ذا الفضل والمنة ، أن يعجل بفرجهم ، ويمكنهم ممن طغى وبغى عليهم .
أيها المسلمون : ما نسمعه وما نقرؤه وما نراه من تطاول أحفاد القردة وكلاب البشر وأذنابهم على مقام أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم إنما هو نسج في الهواء وكدح في الهباء فلا وربك لن ينالوا إلا تحريك سعارة الغل والضغينة التي تغلي في قلوبهم ، أليسوا من قتل الأنبياء ومثل بالأصفياء ، فليس بمستغرب أن يطعن أولائك وأشباههم من المنافقين في رسولنا وديننا وأمتنا ، ويرموننا بالتخلف والرجعية ، ورب البرية ، من يبتغي غير شريعة الله وسنة رسول الله مسلكا فهو الرجعي المتخلف ، ورب البرية ، ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) فمهما حاول أولائك الرجس من خلال الفضائيات والإنترنت وسائر قنوات الإعلام توهين الدين في نفوس الناس ، و تحريفه وتعطيله ، و صدّ الناس عنه ، فإنما يردون حماة الدين وأسده المخلصين أمثالكم إلى حمى دينهم ليذودوا عنه
إنهم يحسدونكم أيها المسلمون على ما هداكم الله إليه ، يريدون تشويه الدين في أعينكم ، والتقليل من التمسك بالسنة في نفوسكم ، والتقليل من شأن العلماء الراسخين في العلم ، والحيلولة بينكم وبينهم ، والتقليل من شأن طاعة الله والرسول وأولي الأمر منكم ، فكيف تتساوي الضلالة والهدى ، والكفر والإيمان، والبدعة والسنة ، والطاعة والمعصية ، ( ولكم الويل مما تصفون )
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون : إن أهلَ السنة والجماعة محسودون من سائر الطوائف الأخرى ، لأن أهل السنة والجماعة هم المتمسكون بحقيقة الإسلام لا برسومه ، المقيمون على أرضه وتحت شمسه وقمره ونجومه ، لأنكم المستمسكون بوصية النبي عليه الصلاة والسلام ، العاضون على سنته بالنواجذ ، قال عليه الصلاة والسلام ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ ) ولله الفضل والمنة ، أنكم بالحق مستمسكون ، وعلى خطى نبيكم سائرون ، فاحمدوا الله واشكروه ، واذكروه وكبروه ، وتوبوا إليه واستغفروه ، إنه هو الغفور الرحيم ،
الثانية
الحمد لله والله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
الحمد لله الذي يكافيء على الحمد حمداً وفضلاً، ويكافئ على الشكر زيادة وبِرَّا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين
أيتها النساء : أيتها المرأة المسلمة ، أيتها المؤمنة المحشومة ، أيتها الأم التي يجب برها ، أيتها الأخت التي تجب صلتها ، أيتها البنت التي تجب رعايتها ، أيتها الزوجة التي تجب عشرتها وصيانتها ، أنت المرأة التي أوجب الإسلام علينا رعايتها والحفاظ عليها والقيام على شؤونها ، هؤلاء الأعداء ومن هم على شاكلتهم من مرضى الشهوة ، لا يريدونك كذلك مصونة محشومة ، إنهما يريدون إنزالك من هذه المكانة السامقة ، والمرتقى الصعب ، باسم تحرير المرأة ، وتكونين حرة ، تذهبين وتأتين دون ولي يرعاك ، ليسهل على هذا المريض الوصول إليك ، فهم لا يريدون تحرير المرأة إنما يريدون تحرير الوصول إلى المرأة .
وها أنت ترين في القنوات من السافرات المتبرجات ، ما تتأسفين لحالهن ، فهاهم ينشرون ثقافة الاختلاط ، وشريعة الفساد ، وإخراج المرأة من أحكام الإسلام ، إلى حبائل الإستسلام ،
فتمسكي بدينك وحجابك وعفافك ، وابتعدي عن مخالطة الرجال وفتنتهم والفتنة بهم ، فإن الله تعالى سائلك عن نفسك ، ولن ينفعك يوم القيامة إلا ثباتك على دينك وعفتك ، حفظك الله تعالى بحفظه ، وأسبغ عليك ستره ، وكفاك ونساء المسلمين شر المفسدين والمفسدات ، إنه سميع مجيب.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: أظهروا الفرح والسرور بما أنعم الله تعالى به عليكم ، فعاد عيدكم أيها المسلمون ، وعساكم من عواده ، وأعاده الله تعالى علينا وعليكم وعلى المسلمين باليُمن والإيمان والسلامة والإسلام، وتقبل الله منا ومنكم ومن المسلمين صالح الأعمال..
(إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
المفضلات