إن الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونستغفرُهُ ، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، من يهدِهِ اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضللْ فلا هاديَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريكَ له وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِ (أما بعد : أيُّها السَّامِعُ لِمَا أقول لَقد وِفقتَ للطاعةِ في رمضانَ ، وزالت عنكَ عُقدةُ عدمُ القُدرَةِ عليها ، فَكم تَعَذَرَ مُتعذِرٍ عن العمَلِ الصَّالِحِ , وزَيَّنَ له شيطانه أنه غيرَ قادرٍ عليه , ولا يُمكِنُ لَهُ أن يكونَ من أهلِهِ , فجاءَ رمضان ، ليُزيلَ عنه هذا اللبس , ويرفع عنه تلك الغشاوة , ليُصبح في رمضان عبداً صالحاً , يتقربُ إلى اللهِ بالطاعاتِ , يَصومُ مع الصَّائمين , ويَقومُ مع القائمين , بل ويَعتَكِفُ وينصرفُ للطاعةِ انصرافاً تاماً ،ألا فَليُجاهِدُ كلٌّ منا نَفسَهُ ، على ما اعتادتْ عليهِ في رمضانَ ، ولنشعرْها بأن ما كانت تعملُ في رمضانَ ، مشروعٌ في غيرِ رمضانَ ، ومتى ما عَمِلناهُ ، فإن اللهَ يقبلُه ، ويثيبُنا عليه ، ويرفعُ درجاتِنا بأسبابِهِ . فهذا القيامُ ، الذي كنا نحرصُ عليه في رمضانَ ، مشروعٌ في غيرِ رمضانَ ، وهو ديدنُ الصالحينَ ، وشرفُ عبادِ اللهِ المؤمنينَ ، يقولُ اللهُ تعالى إخباراً عن سلفِ هذه الأمةِ : (كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) ويقولُ تباركَ وتعالى عنهم ( تتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقـُون َ) تتجافى جنوبهم ، إلى ما هو ألذُ عندَهم منَ النوم وأحبُ إليهم منه ، وهو الصلاةُ في الليلِ ومناجاةُ اللهِ Y ، فقيامُ الليلِ مشروعٌ حتى في غيرِ رمضانَ ، بل كان الرسولُ e يحذِّرُ من تركِهِ ، لمن اعتادَ عليه ، فقد جاءَهُ عبدُ اللهِ بنُ عمروٍ رضي الله عنهما فقالَ له : (يا عبدَ اللهِ لا تكنْ مثلَ فلانَ كان يقومُ الليلَ فتركَ قيامَ الليلِ). وذُكرَ مرةً عندَه e رجلٌ نامَ ليلةً حتى أصبحَ ، فقالَ : ( ذاك رجلٌ بالَ الشيطانُ في أذنيهِ ) .اللهُ المستعانُ كم الذين حُرموا من مناجاةِ ربِهم ، الذي ينزلُ كلَ ليلةٍ إلى السماءِ الدنيا ـ في الثلثِ الأخيرِ من الليلِ ـ يقولُ : هلْ من مستغفرٍ فأغفرَ لهُ ؟ هل من سائلٍ فأعطيَه ؟..يقولُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ t سمعتُ الرسولَ e يقولُ : ( إن في الليلِ لساعةًً لا يوافقُها رجلٌ مسلمٌ يسألُ اللهَ تعالى خيراً من أمرِ الدنيا والآخرةِ إلا أعطاهُ إياه وذلك كلَ ليلةٍ ) والحديثُ رواهُ مسلمٌ . أين الذين أثقلتْ كواهِلَهم الديونُ ؟ أين الذين توالتْ عليهم الهمومُ ؟ أين ذووا الحاجاتِ ؟ ساعةً ، لا يوافقُها رجلٌ مسلمٌ يسألُ اللهَ تعالى خيراً من أمرِ الدنيا والآخرةِ إلا أعطاهُ إياه . وهذه الساعةُ ليستْ في سنةٍ أو شهرٍ ؛ إنما هي في كلِ ليلةٍ . فلا يُثبطَنَّكُم الشيطانِ ، فإنه يجتهدُ ليحرمَنا مثلَ هذا الفضلِ العظيمِ ، وقد حذَّرَنا نبيُنا e من ذلك ، ففي الحديثِ الذي رواه البخاري ومسلم من حديثِ أبي هريرةَ t أنه e قال : { يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ ، وَإِلاَّ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ }وقيامُ الليلِ من أسبابِ دخولِ الجنةِ ، يقولُ عليهِ الصلاةُ والسلام ، كما في سُننِ الترمذي من حديث عبدالله بن عمرٍو t{ اعْبُدُوا الرَّحْمَنَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَأَفْشُوا السَّلاَمَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ } ولا تنسوا الوترَ،فَإنَّ اللهَ يُحبُ الوِتر ، يقولُ عليُ بنُ أبي طالبٍ t :كما عند الترمذي وأبي داوود قَالَ رَسُولُ اللَّهِe { يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ أَوْتِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ}وعن ابنِ عمرَ رضي اللهُ عنهما ، عن النبي e قال :{ اجعلوا آخرَ صلاتِكم وترا} والحديثُ متفقٌ عليه ، فلنحافظْ على الوترِ ، فقد كان النبيُ e يوصي به ، ويحافظُ عليه في الحضرِ والسفر.ِ وكما أن القيامَ مشروعٌ في غيرِ رمضانَ ، فكذلك الصيامُ ، فإن من صامَ يوماً في سبيلِ اللهِ باعدَ بهِ عن وجهِهِ النارَ سبعينَ خريفا يومَ القيامةِ . نسألُ اللهَ الكريمَ من فضلِهِ . فضلٌ عظيمٌ ، وخيرٌ عميمٌ ، يغفَلُ عنه كثيرٌ من الناسِ ونحنُ منهُم ، فاللهَ .. اللهَ لِنُبعدَ النارَ بالصيامِ عن وجوهِِنا ، وصوموا ستَّاً من شوّال ، فَإنّ النبي e يقولُ ، كما في صحيصحِ مسلمٍ من حديثِ أبي أيوبٍ الأنصاري { من صامَ رمضانَ ثم أتبعَهُ ستاً من شوالٍ كان كصيامِ الدهرِ } والكثيرُ من الحريصين على الخير ، قد أتمّوا صيامها ، ولوا أنَّهُ لا يلزمُ أن تكونَ الستُّ سرداً ، وإن فعلتَ فهو خيرٌ ، ولكن لو صُمتَ الأيامَ البيضِ ، أو الأثنينَ والخميسَ من كلِّ أسبوعٍ ، فهو أفضلُ لفضلِ هذه الأيامِ ،ولا تصوم الست ، حتى تقضي ما عليك من القضاء ، إن كان عليكً قضاءٌ من صيامِ الفريضه ، وأفضلُ الصيامِ ، صيامُ نبيِّ اللهِ داودَ ، كان يصومُ يوماً ويفطرُ يوماً ، فجديرٌ بالمسلمِ أن يتحرى السُنّةَ في صيامِ النوافلِ ويصومُ. وجديرٌ بأن يكونَ لك حظٌ من صيامِ النوافلِ قلَّ أو كثرَ .... بارك الله لي ولكم في القران العظيم ،
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم منكلِّ ذنب ، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم
الحمد لله على إحسانه ، والشكرله على توفيقهِ وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وحدهُ لا شريكَ لهُ ، تعظيماً لشانه ، وأشهد أنَّ نبينا محمّداً عبده ورسولُه ، الدّاعي إلى رضوانه ، صلّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأعوانه ، وسلّم تسليماً مزيداً:أما بعد فإن خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ ، فتمسكوا بهِ ، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ e فاقتدوا بهِ ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها فاجتنبوها ، فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ ، وعليكم بجماعةِ المسلمينَ ، فإن يدَ اللهِ على الجماعةِ ، ومن شذَّ شذَّ في النارِ ، عياذاً باللهِ من ذلك ، واعلموا أنكم غداً بين يدي اللهِ موقوفونَ ، وعن أعمالِكم محاسبونَ ، وعلى تفريطِكم نادمون ، ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِيْنَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون ) ألا وصلوا رحمني اللهُ وإيَّاكم ، على الهادي البشيرِ ، والسراجِ المنيرِ ، كما أمرَكم بذلك اللطيفُ الخبيرُ ، فقال سبحانه قولاً كريما ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) وقد قال عليه الصلاةُ والسلامُ { حيثما كنتم فصلوا عليَّ فإنَّ صلاتَكم تبلغني }وقال{ من صلى علي صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشراً } اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم اجعلْ بَلدَنا هذا آمناً مطمئناً ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ، التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ، عبادَ اللهِ إن اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذا القربى وينهى عن الفحشاءِ والمنكرِ والبغي يعظُكم لعلكم تذكرونَ ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
المفضلات