[align=justify]على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ

وتأتي على قدر الكرام المكارمُ

(المتنبي)

لا تعلّم كريماً كيف يكون "الإكرام" ، ولا تعلّم أصحاب القلوب الرحيمة كيف يكون "التكريم" ، واعلم أن مهارة "المواساة" لا يجيدها كل أحد ، وأن "الكلمة" الطيبة "توفيق" يوفق الله عز وجلّ لها من يشاء من عباده ، وأن "الطِّيب" في هذا الزمان "زرقة رمح" مهما حاولت أن تتداركه وتتظاهر به تعود منه "بخفي حنين" ما لم تكن من أهله وخاصّته .

كفرسي رهان ، تنطلق "مبرة طريق الإيمان" و "مجموعة 29" ، في سباق من أجل الإنسانية ، وخط النهاية فيه هو تكريم الفائقين البدون ، والجائزة هي الظفر باحترام الذات أولاً ، ثم تقديم ما يفرح هذه الزمرة الطيبة المباركة من أبناء الكويت ممن عانوا الأمرين حتى يتحصلوا على هذه المراكز المتقدمة ، والإنتصار للإنسانية ، وليعلم كل متابع أنه إلى الآن "ما راحوا الطيبين" وأنها "لو خليت خربت" .

رغم المحيطات الشاسعة من الإختلاف بين "المبرة" و "المجموعة" ، إلا أنهم استطاعوا أن يلتقوا على جزيرة صغيرة في تلك المحيطات تدعى "نصرة المظلوم" ، ليثبتوا بأن الأمر لا علاقة له بما عليه ظاهرك من التمسك بتعاليم الدين بقدر ما أن له علاقة بما تحمله من قلبك من اقتناع تام بمبادئ دينك وشريعتك السمحاء والتي حثت على نصرة المظلوم ومواساة المكلوم وتحسس حاجة الآخرين والوقوف معهم في كربهم والمضي معهم في قضاء حوائجهم .

في حفل تكريم الفائقين البدون الذي أقامته مجموعة 29 قبل أيام ، كانت اللمسة فيه احترافية للغاية ، وكان التنظيم واختيار المتحدثين فيه ينمّ عن متابعة دقيقة لقضية البدون وأسماء المتميزين منهم على الساحة الإعلامية ، وكان اختيار الشاعرة والأديبة سعدية مفرح لإلقاء كلمة أمام إخوانها وأخواتها الفائقين البدون وهم أبناء جلدتها بمثابة "ضربة معلم" جعلت تأثير التكريم في نفوس الفائقين البدون يأتي مضاعفاً ، لا سيما بعد جرعة أمل لا تضاهى حقنتهم بها سعدية ، وكلمات هي كشمعة أضاءت لهم عتمة طريقهم نحو تحقيق الأحلام ، وكيف لا وسعدية قد مرّت بمثل ما مرّ به هؤلاء الفائقون فهي الأولى على الكويتيين في ثمانينيات القرن الماضي مع احتلاف بسيط وهو أنه قد تم تكريمها في حينه فطوبى لذاك الزمان وصدق من قال : "لا يأتي زمان إلا والذي بعده شرّ منه" !

بعفويتها المعتادة ، وبحروفها التي تعود عليها متابعوها في "تويتر" كانت إطلالة سعدية في الحفل مشابهة لإطلالتها كل مساء في تويتر بعبارة "يا مساء الخير ياللي معانا" ، لتعطي إشارة إلى أنها ستكون أبعد ما تكون عن الخطب الحماسية الرنّانة وأنها ستكون أقرب ما تكون من الكلمة البسيطة الصادقة ، لتقوم بعدها ببث روح الأمل في كوكبة هي أحوج ما تكون اليوم إلى الأمل فما أضيق العيش لولا فسحة الأمل ، ولترمي أطواق النجاة عليهم ليتمكنوا من الخروج من بحر اليأس الذي وضعوا فيه رغماً عنهم وقيل لهم "إياك إياك أن تبتلّ بالماءِ" .

"يا مساء الخير ياللي معانا ، يامساء الوطن ، يا مساء الإرادة ، يا مساء النجاح ، يا مساؤكم انتم ، يا من صنعتم الفرق بإصراركم وبنجاحكم وبتفوقكم ، لا أقصد الطلبة المتفوقين فقط ، بل أقصد أيضا مجموعة 29 التي أصرت ونجحت وتفوقت أيضا"
بتلك الكلمات أطلت سعيدة برأسها على الحضور وكأنها محاولة جسّ نبض قبل أن تنثر ورود الأمل في أرجاء المكان وهي تقول :
"تشبثوا بالأمل ، ما عرفت أحداً تسلح بالأمل وخسر المعركة ، وما أضيق العيش لولا فسحة الأملِ ، وأوصيكم بالعمل أي عمل ، لا تستهينوا بأي فرصة للعمل مهما كان ، فالعمل ليس حاجة فقط بل هو قيمة وشرف ، "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" ، ........ ولا تسمحوا لأي عائق مهما كان أن يعطلكم ، لا تسمحوا لهذه العقبة التي اسمها "بدون" أن تقف حاجزا بينكم وبين المستقبل بما فيه من إبداع وطموح ، النجاحات الصغيرة يمكن ان تتراكم لتصنعَ جبلا من النجاح يعصمكم من اليأس" .
لا أشك في أن أيّا من البدون الذين كانوا متواجدين في الحفل لم ينم تلك الليلة وابتسامته مرتسمة على وجهه من جرّاء جرعة الأمل التي تعاطاها في الحفل والتي بلا شك منحته "جوانح" ليحلق بها متناسياً همومه وأحزانه .
فشكراً من قلوب البدون التي لا يعرف نكران الجميل لها طريقاً
شكراً لمبرة طريق الإيمان
شكراً لمجموعة 29
شكراً للنشط المتألق أحمد الخليفي
شكراً للشاعرة والأديبة سعدية مفرّح
شكراً لكل من زرع بسمة في طريق البدون المليء بالأحزان .[/align]