[align=justify]تلذّ له المروءة وهي تؤذي

ومن يعشق يلذّ له الغرامُ

المتنبي

بعض "الشوارب" في وجوه بعض "الذكور" ليست أكثر من علامة فاصلة بين الأنف والفم ، لا تهتز لموقف ، ولا تنتخي لقريب ، ولا تراعي وعداً ، ولا تبرّ بقسم ، وإكرامها يكون بإمرارها على أقرب حلاق في "تيماء" لا يراعي في النظافة إلاًّ ولا ذمة ، ولا علاقة له بجمعية الرأفة بالشعر ، ليقتص تلك الشوارب من جذورها ، وحبذا لو أكمل على ما أسفل منها من شفاه حتى لا تنطق مستقبلاً بأي بنت .

تلك الشوارب جُلّ ما يجيد أصحابها هو أن يقسم بحلقها إن حصل كذا وكذا ليبين عظم تقديره لشاربه ، ومستعينا به على إثبات مصداقية كلامه ، ولا يمنع أيضاً أن يكون قصده البحث عن حجة للتخلص من شاربه الذي يحمّله ربّما ما لايطيق من إحسان ظنّ الناس به!، كما فعل ذاك النائب "القلابي" الذي نذر أن يحلق نصف شاربه في حال نجاح زميلة له ، ويبدو أن الله عز وجل رحمنا من رؤية قبيح منظره بلا شارب فكتب ألا تنجح تلك الزميلة السابقة له .

لا شك بأن الفارق عظيم بين كلمة "رجل" وكلمة "ذكر" فالأولى من لوازمها وجود "الشارب" بينما لا يلزم من وجود الشارب وجودها ، والثانية لا يؤثر الشارب فيها لا وجوداً ولا عدماً ، والرجل الحق هو من تتوافر فيه صفات الرجولة كالشجاعة في قول الحق والكرم والعزة والأنفة وعدم إعطاء الدنيئة ، ومن أهمها احترام الكلمة التي تصدر من فيه ، والوفاء بالوعود التي يقطعها على نفسه ، وعدم التخلي عمّن استجار به وطلب "فزعته" ، ومعرفته لقيمة ضربه بيده على صدره أمام الجموع ، أو القسم بفعل كذا وكذا ، كما فعل كثيرون مع فئة البدون مع الأسف ثم تخلوا عنهم سريعاً غير آبهين بأنهم خالفوا بذلك أبسط مبادئ الرجولة قبل أن يخالفوا كلامهم ذاك وقبل أن يحنثوا بقسمهم ذاك ، فأين ذاك الذي قال : والله العظيم ما نخليكم ؟! ، وأين ذاك الذي قال فجراً : أمهلوني ثلاثة أيام فقط ؟! وأين ذاك الذي قال : أنتم أهلنا ولن نترككم ؟! أم أنه كلام سرى وسط صيحات حضور ظن قائله أنه لم يسمع ولن ينقل عنه ؟! ولكن قاتل الله اليوتيوب ما جعل لوجود الشهود من داعٍ !

الرجولة وصف لا يتحصل بالأمر الهين بل هو عسير إلا على من يسره الله عليه ، وأراه كان محور حديث المتنبي حين قال :

لولا المشقّة ساد الناس كلهم

الجود يفقر والإقدام قتّالُ

وعنها أيضاً عبّر ابن حوشان حين قال :

المراجل ما تهيّا هالسويّا

كود من عضّ النواجذ في سنونه

والرجولة وصف يختلف من زمان إلى زمان ولا يأتي زمان إلا وكان وصف الرجولة فيه أيسر إطلاقا على "الذكور" من الزمان الذي قبله ، فلا عجب أن يسمى كثير من "الذكور" اليوم برجال ، فهم فعلا تطابقت فيهم شروط الانضمام إلى منظومة الرجولة في هذا الزمان ، ولو أنهم عاشوا في أزمنة مضت لما وجدوا من "يسرحهم بالغنم" ولعرفوا يقينا بأنهم مو "زِلِم ... بس طول" !![/align]