السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
تفضيل جمال التصميم على توفير وسائل الحماية مهّد الطريق أمامهم
«حرامية البيوت» ما ينفع معهم لا «كاميرات» ولا «جرس إنذار»..«ما يردهم أحد»!
المجوهرات والنقود أبرز ما يبحث عنه «الحرامية»
ذكاء الحرامي وصل ذروته مع تعدد وسائل الحماية داخل المنازل والمجمعات التجارية..واستطاع ب"فهلوة"، و"خفة يد"، و"سرعة بديهة" أن يضبط عملياته على توقيت "لا أحد يشوفني"، وربما "لا يمسكون على أثر"؛ لدرجة أن بصمات قفازاته أصبحت متكررة عند جهات الضبط، و"دعسة جزمته" كذلك، لكنه يفر دون أن يترك أثراً ليده أو قدمه، أو حتى يلمحه أحد، خاصة وأن فرصته للهرب تبدو واردة بشكل أكبر لحظة ما يتغيّر الموقف، أو تختلف الخطة عن الواقع..المهم أن الحرامي لم يعد ساذجاً، أو غبياً، أو جاهلاً، بل أصبح محترفاً؛ لكثرة عملياته، وإشباع ذاته بمشاهدة أفلام اللصوصية، حيث تنامت لديه القدرة على التنفيذ؛ ليس من باب الحاجة فقط، وإنما أيضاً من باب الاستعراض، وإثبات الذات وزعامة الموقف. لا يختلف اثنان على أن "الحرامي" عندما يسرق لا يفكر بما يواجهه من عقبات.. فإما غنيمة مربحة، أو هروب مرير.. وربما يقضي ليلته في زنزانة.. ومهما تباينت احترافية لصوص البيوت، فإن الوسائل الرقابية والأمنية تظل غير كافية لكبح جماح احتيالهم المتجدد وفق تقنيات حديثة تتطلب مواجهتها بأساليب احترازية أكثر وقاية، وأشد مناعة، دون إغفال "المسؤولية الذاتية" لصاحب المنزل.
منازل مخترقة
مع تطور أساليب البناء العمراني للمنازل، والتقدم التكنولوجي، أصبح اختراق المنازل أمراً سهلاً بفضل أصحابها، وتحديداً عندما يُقدّمون الجمال الهندسي على التصميم الآمن، ويتجلى ذلك عندما تكون الأسوار الخارجية منخفضة بقدر يسمح للص أن يتسلقها بسهولة، أو أن يكون مزيناً بأشكال حجرية أو جبسية تكون بمثابة "سلم" للقفز إلى المنزل، كما هو حال الأبواب الخارجية التي سيطر على معظمها الحديد المشغول بطرق مختلفة تتيح لمن تسول له نفسه أن يتسلقها بسرعة، دون أن يكون للجهات المخولة بفسح مخططات البناء ومراقبة الأحياء اجراءاً يقنن شروطاً أمنية للتصاميم.
واتجه البعض إلى وضع احترازات أمنية لمنازلهم، من خلال وضع كاميرات مراقبة خارجية لمراقبة منازلهم من الخارج، بواسطة شاشة داخل المنزل، أو بواسطة الانترنت عبر أي مكان في العالم، بينما وضع آخرون "جرساً" أمنياً يترك صوتاً عند فتح باب المنزل الخارجي بغير مفتاحه الأصلي إما عن طريق اللحام (الأوكسجين)، أو وسائل أخرى تفنن اللصوص في تطويرها، في حين بقي الأغلبية دون وضع احتياطات أمنية حديثة مكتفين بإغلاق الأبواب فقط، ويرى البعض أن وضع كاميرات المراقبة أو الجرس الأمني وسيلة غير مجدية أمام "حرامي" بلا ضمير يشوبه أدنى درجات الخوف؛ نظراً لقدرته على إيقاف عمل تلك التقنيات بإطفاء عداد الكهرباء الخارجي، أو قطع تمديداتها الكهربائية إن كان يخشى لفت الأنظار بإغلاق العداد تماماً، أو تعتيم عدساتها ب"بخاخ" ملون، كما أن تسليط ضوء شديد على عدسات المراقبة يحد من فائدتها بشكل كبير كما يرى بعض ممن رفضوا تركيبها بعد أن أصبحت وفرتها في الأسواق سبباً في خفض قيم بعضها المادية إلى حد معقول يصل إلى (4000 ريال).
وتمثل الأبواب الالكترونية للمنازل خطراً إذا كانت غير مؤمنة باحتياطات كافية تمنع فتحها بسهولة عند إطفاء الكهرباء، أو إذا كانت جودتها غير سميكة بقدر يُمكّن من فتحها ب"المنشار الكاتم"، وهو آخر ما توصل إليه المجرمون في اقتحام البيوت بلا ضجيج، في حين تشكل الأشجار المحاذية لسور المنزل الخارجي خطراً على أصحاب منازلها إذا لم تتم العناية بها بشكل تضمن عدم إمكانية اللص أن يتسلق أغصانها، بينما أوراقها تخبئه حتى يتمكن من مراده، دون أن يتنبه له أحد.
«الحرامية» عطلوا كاميرات المراقبة المنزلية بطرق احترافية
تخطيط مسبق
وعلى الرغم من هذا وذاك، إلاّ أن "الحرامية" ليسوا مغفلين إلى حد أن يقتحموا منزلاً دون تخطيط مسبق، حتى يعرفوا من يدخل المنزل "الهدف"، ومن يخرج منه، وفي أي الأوقات، فضلاً عن التقصي والتنبؤ حول ما يحتوي عليه المنزل من غنيمة يستولون عليها، إلى جانب مراقبة الوسائل الرقابية التي وضعها صاحب المنزل، فإن كان قد وضع كاميرات مراقبة أو ما شابه فإن الخطوة الأولى كون بالنسبة لهم في كيفية تعطيلها، ووصل ببعض اللصوص أن يقتحموا منازل عن طريق أخرى، مثل أن يقتحموا منزل جار "الهدف" ومن ثم القفز منه إليه، كما يراقب بعض اللصوص إضاءة المنازل المستهدفة من خلال مراقبة تشغيلها وإغلاقها مساء ونهاراً للتأكد من مدى وجود أهل المنزل أو يكونون قد سافروا وتركوا مضاءة، إلى جانب مراقبة إزالة الصحف الدعائية المجانية والإعلانات الورقية للمحلات المجاورة في الحي عندما توضع على مقابض الأبواب بهدف الترويج لمنتجاتهم لدى أهل الحي، فإن أزيلت فهذا يعني وجود حركة دخول وخروج وإن ظلت عدة أيام فذلك يعني عدم وجودهم منذ عدة أيام خارج المنزل. ووصلت الحيلة ببعض "الحرامية" أن يكون هدفهم عدم تمكين معرفتهم من شهود العيان، وذلك بإرتداء أقنعة على وجوههم، حتى لو تم القبض عليهم ينكرون فعلتهم تماماً في ظل عدم وجود شهود، وذلك من خلال "ثقافة قانونية" اكتسبوها؛ من أجل عدم إيجاد "حرز" على سرقتهم، ومن ثم الخروج من القضية بأقل الأحكام الشرعية.
طرق اقتحام الأبواب ب «منشار الحديد الصامت»
نشأة عصابات
ويعد البعض "عنبر السرقات" في السجن هو المربع الأول لنشأة عصابات السرقة، حيث يتعرف السارق المبتدئ على زملائه المحترفين، ويتبادل اللصوص خبراتهم فيما بينهم، ويبتكرون الحيل قبل خروجهم، إذ قد يرسخ السجن في ذهنه قيماً دنيئة، ومبادئ رخيصة.. حتى مات الخوف من قلبه، وأصبحت حياته لا تساوي شيئاً قياساً بتصرفاته وإقدامه على سلوكيات يعلم جيداً خطرها.. وتصبح السرقة لديه أمراً اعتيادياً، فإن سرق ونجا أمنياً فكان، وإن تم القبض عليه فلا يبالي بالعودة إلى السجن.
رقابة ذاتية
وعلى الرغم من كل ذلك، يظل صاحب المنزل هو رقيب ذاته الأول، قبل كل الآخرين، إذ إن الحرص والاهتمام على تكثيف الوسائل الرقابية على منزله يظل أجدى من ترك الحبل على غاربه، فالمثل يقول -وإن جاز التحريف- "(البيت) السايب.. يعلم السرقة!"، مما يتطلب على كل مالك منزل أن يرضي ضميره أولاً، ويفعل السبب من خلال إحكام قفل الأبواب، وتقليل وتضييق أسباب إغراء "الحرامي" باقتحام المنزل، والأهم من هذا وذاك هو عدم ترك مبالغ أو ممتلكات ثمينة داخل المنزل، إلى جانب وضع "الذهب" وما شابه ذلك في خزينة آمنة لا يمكن فتحها أو إخراجها كاملةً.
ومثلما أن الإهمال مرفوض، فإن شدة الحرص قد تؤدي بصاحبها إلى أن يجد منزله خاوياً على عروشه، وذلك عندما ينوي السفر ويبلغ جيرانه وأهل الحي ويوصيهم خيراً بمراقبة منزله، ولا يغفل أن يبلغ أقاربه بالاهتمام والمرور على منزله بين فينة وأخرى، حتى ينتشر خبر عدم وجود أحد في منزله، ويسهل سرقته من قبل من تسول له نفسه سوءاً.
وينصح البعض بتركيب إضاءة لسور المنزل الخارجي مدمجة بخاصية حساس ضوئي عندما يحين المساء تعمل، وتغلق عند بزوغ النور، حتى لا يتاح لمن يراقب منزلاً معرفة مدى انتظام إغلاقها وتشغيلها، وبالتالي معرفة هل أهل البيت مسافرون أم متواجدون، لاسيما أننا على مقربة من الإجازة الصيفية.
لصوص آخر زمن!
تروي المجالس قصصاًَ عديدة عن دهاء وحيل "الحرامية" في سرقة المنازل، ولا يوجد أنحس حظاً من رجل عندما رغب في السفر، بلّغ جاره أنه سوف يسافر، وحرصه على أن تكون عينه مراقبة لمنزله عند خروجه ودخوله.. وفعلاً سافر الرجل بعد أن بلّغ من "يعز عليه" بين أقاربه وأصدقائه في العمل، وذات يوم خرج جاره في وضح النهار، وإذ به يتفاجأ بسيارة نقل كبيرة في فناء منزل جاره المسافر، وذهب مسرعاً لسؤالهم عن ماذا يعملون هنا فأخبروه أن صاحب المنزل منحهم مفتاحه لكي يحضروا ويأخذوا جميع "مكيفات" المنزل لعمل الصيانة الدورية لها أثناء سفره، دون أن يتضح عليهم أي ارتباك أو وجل من حضور الجار، فاطمأن لهم وقد استبشر بهم ورحب ونالت الفكرة استحسانه، وطلب منهم أن يأخذوا أيضاً مكيفات منزله، فرحّبوا بطلبه، وأخذوا كافة أجهزة التكييف الخاصة بالمنزلين!، ولم يكونوا سوى لصوص قد عرفوا بقصة السفر والبيت الفارغ، وكانت لهم الغنيمة مضاعفة.
وحرامي آخر سرق مكيفات مسجد، ولكنه طمع في أحدها، وتركه في شقته، وحين حضر عنده "حرامي المهنة" ذكّره أن يزيل كتابة باللغة الأورديةيمنع زيادة التكييف حتى لا يتضرر المصلون)؛ وحينها عرف غلطته!.
وثالث التقط بحسه تزايد الصحف والمطويات المنثورة أمام أحد أبواب المنازل، وأدرك أن البيت خالٍ من أهله، وإلاّ لم تترك تلك الصحف متراكمة لوقت طويل، وحينها دخل المنزل و"سرق على راحته" ما يريد!.
مركز مكافحة الجريمة بوزارة الداخلية:
سفر الأسرة وقلّة وسائل الحماية يمثلان 79% من المشكلة
كشفت دراسة سابقة أجراها "مركز أبحاث مكافحة الجريمة بوزارة الداخلية" ونشرتها "الرياض" عن تسجيل يومي لعدد من سرقات المنازل بمختلف أنواعها، إلى درجة أنها أصبحت إحدى الجرائم الرئيسة التي تُرتكب في جميع المناطق، وتتركز بصفة خاصة في المدن الكبيرة. وأظهرت الدراسة أن غالبية الجناة من مرتكبي هذه الجريمة وبنسبة ثلاثة أرباع العينة التي شملت (816) شخصاً هم من العاطلين عن العمل والطلاب، وغالبيتهم أعمارهم من (30) سنة فأقل.
وكشفت الدراسة أن أيام الأربعاء والخميس والجمعة هي الأكثر تسجيلاً لجرائم سرقة المنازل في المملكة، وجاءت أكثر من نصف هذه الجرائم ليلاً بنسبة (61.4%) من إجمالي عينة الدراسة، مفيدةً أن عددا من الجناة جمعوا معلومات مسبقة عن المنازل المسروقة، موضحةً أن غالبية المنازل التي يكثر غياب أصحابها عنها أو يكون الدخول عليها سهلاً تكون أكثر عرضة لأستهداف السارقين بنسبة (79.2%).
وأشارت الدراسة إلى أن خطوات المجرمين في سرقة المنازل هي إما مراقبة المنازل، أو التأكد من خلوها من السكان، أو عن طريق الصدفة؛ نظراً للحاجة للمال، أو اختيار الوقت المناسب للسرقة. وحول دوافع السرقة جاءت "الحاجة للمال" في المرتبة الأولى بنسبة (33.2%)، ثم "أصدقاء السوء" في المرتبة الثانية، يليها "إغواء الشيطان"، و"عدم وجود مصدر للدخل" و"كثرة غياب أهل المنازل وسهولة دخولها"، و"الفراغ"، وجاء "إدمان المخدرات" كأحد الدوافع، تلاه "غنى أهل المنزل"، ثم "وجود مشاكل بين الجناة وأصحاب المنازل"، وضعف الوازع الديني"، و"إدمان المسكرات". وبينت الدراسة طريقة دخول الجناة لفناء المنزل بغرض السرقة، حيث ظهر أن الغالبية وجدوا الأبواب مفتوحة أو تسلقوا الأسوار، في حين أن هنالك من كسروا الأبواب، أو فتح الأبواب الخارجية بمفاتيح، أو طرقوا جرس الباب، فيما جاء الدخول إلى داخل المنزل عن طريق تكسير الأبواب الداخلية، أو وجدوها مفتوحة، أو عبر فتحات التكييف.
وجاءت "المجوهرات" في المرتبة الأولى من الأشياء المسروقة من منازل المجني عليهم بنسبة (31.1%)، فيما جاءت "النقود" في المرتبة الثانية، تليها "الاجهزة الكهربائية"، ثم "اسطوانات الغاز"، بعدها "الوثائق الرسمية" و"الأوراق الشخصية"، يتبعها "المسدسات"، ثم "الأثاث المنزلي"، ثم "الخزانات الحديدية"، ثم "سرقة الطيور والدراجات النارية"، وأخيراً "سرقة بندقية". وتبين لفريق البحث خلال الدراسة أن غالبية المجني عليهم في عينة البحث لم يطلبوا من أحد أقاربهم أو أصدقائهم أو جيرانهم مراقبة منازلهم أثناء غيابهم بنسبة بلغت (78.1%)، كما أن المجني عليهم لم يبلغوا جيرانهم بسفرهم أو عودتهم، كما بينت الدراسة أن غالبية المجني عليهم لا يعطون مفاتيح منازلهم لأقاربهم أو أصدقائهم أو جيرانهم.
أجهزة الجرس الأمني لم تساعد في كشف عملية كسر الباب
المفضلات