رسالتي / حريق 'أم علي'.. و'سوبرمان'
تعجب بعض الناس من الطريقة التي توفيت بها المتنبئة أم علي، ومحل التعجب أنها كانت تدعي معرفتها بما سيقع في المستقبل، من وقوع كوارث أو موت مشاهير، فكيف لم تتنبأ بالحريق الذي شب في بيتها فتأخذ لذلك احتياطها، بدلا من أن تلقي نفسها من الدور الخامس هربا من الحريق لتلقى حتفها؟
لست هنا بصدد الحديث عن حكم الإسلام في إدعاءاتها أو ما هو مصيرها، لكني أريد أن ألفت الانتباه إلى أهمية البحث في الحكم الربانية من وراء المواقف والأحداث.
هل تعرفون (كريستوفر ريف )، إنه الممثل الأميركي الذي كان يؤدي دور (السوبرمان) والذي غرست السينما الأميركية في أذهان المشاهدين من الكبار والصغار القدرة الخارقة لهذا الرجل على القيام بالمستحيلات، حتى أعطوه القدرة في أحد الأفلام على أن يجعل الكرة الأرضية تدور عكس اتجاهها من اجل إرجاع الزمن كي تعود صديقته إلى الحياة.
هذا الممثل لم تكن ميتته طبيعية،إذ أصيب بالشلل إثر سقوطه من فوق حصان في مسابقة للفروسية عام 1995، مما تسبب في كسور في فقرات الرقبة، وبعد تسع سنوات من المعاناة مع المرض جاءته الوفاة.
في الحقيقة أنا أرى أن في إصابته وموته بهذه الطريقة حكماً ربانية، ولعل منها أن يدرك الناس أن ليس لأحد من البشر قدرات خارقة، وأن الذي لا يعجزه شيء هو الله تعالى وحده. لو رجعنا إلى عصر الفراعنة، هل تتذكرون الطريقة التي مات بها فرعون، ثم خروج جثته أمام الناس بعد غرقه، لقد أشار الله تعالى إلى الحكمة من ذلك بقوله: ( فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية )، نعم ها أنت جثة هامدة لا تملك من أمرك شيئا وقد كنت قبل لحظات تقول للناس أنك ربهم الأعلى.
لو كانت هناك عقول لدى بعض الزعماء الذين يطلبون من شعوبهم تأليههم لما وقعوا بما وقع به فرعون من طغيان، لأنهم غالبا سيلاقون ميتة لن تكون بعيدة في مذلتها ومهانتها عن ميتة فرعون.
ولو انتقلنا إلى مشهد آخر وهو الطريقة التي اكتشفت فيها الجن موت سيدنا سليمان عليه السلام، لقد بقيت الشياطين تعمل له وهم يعتقدون بأنه يراقب أعمالهم، وقد قضى اللّه تعالى الموت على سليمان عليه السلام، وهو متكئ على عصاه وهي المنسأة، فصاروا إذا مروا به وهو متكئ عليها، ظنوه حيا، وهابوه.
فظلوا على عملهم سنة كاملةحتى سُلطت دابة الأرض على عصاه، حتى بادت وسقطت فسقط سليمان عليه السلام، لتظهر حقيقة جهلهم بعلم الغيب، وعدم معرفتهم بمكنونات الأشياء وهو ما كانوا يخدعون به كثيرا من الإنس.
في حياتنا أحداث كثيرة تقع، لكن السعيد من أدرك الحكمة منها، واستفاد الدروس من عبرها، فتدبروا وتأملوا يا أولي الألباب.
السويدان و«الاخوان»
اتصل بي أحد الأخوة مستغربا عدم تعليقي على ما طرحه الدكتور طارق السويدان أخيرا من أفكار وآراء، فقلت أنني علقت في «تويتر» على بعض منها، فقال لكننا لم نقرأ شيئا في الصحافة، وفي الحقيقة أننا نختلف كثيرا مع ما ذكره الدكتور السويدان في ما يتعلق بموضوع حدود الحرية، وغيرها من أفكار وقد ردّ عليه ردودا علمية من هم أفضل منا وأكثر علما كأمثال الدكتور الفاضل عجيل النشمي، ولكن لدي ملاحظتين على من اختلفوا مع الدكتور طارق، أولها أن بعضهم نسف تاريخ الدكتور في حقل الدعوة إلى الله ونسي فضله في الكثير من المواقف وهذا ليس من الإنصاف، والأمر الثاني محاولة البعض تحميل تبعات آراء الدكتور السويدان لجماعة الإخوان المسلمين، وهذا بلا شك من علامات الفجور في الخصومة، فكثير من رموز دعوة الإخوان ودعاتها قاموا بالرد على الدكتور وخالفوه في آرائه، وخلاصة الكلام إن كان الدكتور طارق أتى بآراء جديدة لم يسبقه لها أحد وهي مخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة، فيناقش بها بالدليل والبرهان، دون اللجوء إلى الحديث عن خصوصيات الدكتور، والتي للأسف تعدى فيها الأمر إلى الإساءة إلى عائلة الدكتور وأسرته. وإن كانت آراؤه قد سبقه بها بعض العلماء السابقين، وهي مما يجوز الخلاف فيه، فأعتقد أنه لا بد من تطبيق قاعدة، لا إنكار في المختلف فيه، والله أعلم.
عبدالعزيزصباح الفضلي.
رد مع اقتباس
المفضلات