بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ } والقائل ( بَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ )
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (ما لعبدي المؤمن جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلاَّ الجنة ) في الحديث الآخر: ( إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ قالوا: نعم. وهو أعلم، قال: ماذا قال؟ وهو أعلم، يقولون: يا رب حمدك واسترجع -مات ابنه فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، الحمد لله على كل حال- قالوا: حمدك واسترجع، فقال الله جل وعلا: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة، وسموه بيت الحمد )
الصبر عند أول صدمة
إن العبد المؤمن يبتلى بالمصائب والمحن؛ فتكون إما سبباً في تكفير سيئاته وذنوبه أو سبباً في ارتفاع درجته في الجنة، أو أنه ينال بصبره على البلاء محبة الله ورضاه عنه، ولذلك إذا أراد المسلم أن يكون من الصابرين والحامدين الله فلينظر إلى الأنبياء وكيف كانوا يبتلون، ويقتدي بالصحابة والصالحين، فإن هذا كله يذهب عن قلبه الألم والحزن، ويبعث مكانه الرضا بأقدار الله، والصبر والثبات على دين الله .. مقتبس
حكم المنية في البرية جار ** ما هذه الدنيا بدار قرار
بينا يرى الإنسان فيها مخبراً ** حتى يرى خبراً من الأخبار
قصة قصيرة
رجل من الأعراب في البادية ليس هناك أفضل منه نعمة؛ عنده أموال، وأغنام، وأبقار، وإبل، وعنده بُنَيَّات وأولاد صغار، وزوجة ما أحسنها من زوجة! وفي بيته الصغير يعيش في تلك البادية.
في يوم من الأيام ضاعت إبله، فذهب يطلبها، تأخر ثلاثة أيام، ولما رجع أتعرف ما الذي حصل لأهله؟ كان الأهل في البيت، وفي آخر الليل اشتد المطر، وجاءهم سيلٌ عظيم يقتلع الصخور من الأرض، جاء هذا السيل فهدم البيت، وأوقعه على رأس أطفاله، فلم يبق في البيت حيٌ تطرف عينه، لا ابنٌ، ولا ابنة، ولا زوجه، هلكت الأموالُ، والشياه، والضياع.
رجع فوجد الأرض قاعاً صفصفاً، لم يجد أهلاًَ، ولا ولداًَ، ولا مالاً، ولا مسكناً، ذهبت الدنيا بلمح بصر، وهل أدرك الإبل؟ رجع حتى الإبل لم يدركها، خسر الدنيا بلحظة وبلمح البصر.
فإذا به من بعيد يرى ناقة من الإبل قد شردت فتبعها لعله يدرك ناقة من أمواله، تبعها، فإذا به يمسك ذيلها فلما مسكها رفسته برجلها على وجهه، سقط على الأرض فإذا هو قد عمي، ذهب بصره، ما الذي بقي له من الدنيا؟ أخذ يمشي في الصحراء يصيح وينادي علَّ من يجيبه، علَّ من ينقذه.
فإذا أعرابيٌ آخر أخذ بيده، أخبره الخبر، فجع الأعرابي من قصته، فذهب به إلى الخليفة، أخبره بالخبر، فقال له الخليفة: وكيف تجدك الآن؟ من يتحمل هذه المصيبة ومن يطيقها، قال: كيف بك الآن؟ قال: أما أنا الآن فقد رضيت عن الله: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:155-157].
اللهم اغفر لها وارحمها واغسلها بالماء والثلج والبرد
ونقها من الذنوب والخطايا كما ينقا الثوب الأبيض من الدنس
اللهم أبدلها دار خير من دارها واجعل قبرها روضه من رياض الجنة
اللهم وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان وحسن الاحتساب
اللهم لا تحرمنا أجرها ولا تفتنا بعدها واغفر لنا ولها
اللهم اجعل ما أقبلت عليه خيرا مما أدبرت عنه
اللهم آمين
أحر التعازي لوالديها وإخوتها ومحبيها
إنا لله وإنا إليه راجعون
أخوكم ومحبكم في الله
طاب الخاطر
10/6/1433هـ
المفضلات