خطبة جمعة 25/3/1433 هـ
بععنوان
الحث على الوحدة والإجتماع على السنة
والتحذير من الجماعات والأحزاب والفرق
عبدالله فهد الواكد
جامع الواكد بحائل
الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).
أما بعد أيها المسلمون :
فإن الاجتماع ضرورة دينية ، وسنة شرعية، ولقد حرص السلف أشد الحرص على وحدة الصف ؛ لأن الفرقة كسر للشوكة، وتفريق للكلمة ، فالله تعالى حث هذه الأمة على الاجتماع وحذرها من الافتراق قال سبحانه (( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)) سورة آل عمران آية (105)
وقال سبحانه ((… وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِين ، مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ )) وحث النبي صلى الله عليه وآله وسلم – هذه الأمة على أن تكون متحدة متماسكة وحذرها من أن تسلك سبل المغضوب عليهم والضالين وذلك أنهم فرقوا دينهم وكانوا شيعاً فمن ذلك ما جاء من حديث –معاوية بن أبي سفيان أنه قال: ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا فقال ” ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة))[1] ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم – حريصين كل الحرص على ألا يقعوا في التفرق والتشرذم ولذلك سألوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم – عن الفرقة الناجية من أجل أن يسلكوا سبيلها وطريقها فقالوا : من هي يا رسول الله ؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي ومن أمعن البصيرة لاحظ أنه لم يطرأ التفرق المذموم في أوساط الصحابة رضي الله عنهم وإنما ظهر فيمن بعدهم ، ظهر في زمن التابعين ومن بعدهم وذلك لأن الصحابة رضوان الله عليهم – كانوا حريصين أشد الحرص على الألفة وعلى الأخوة وعلى وحدة الكلمة والصف وذلك لأن ذهاب هذه الأمور وزوالها يؤدي إلى ذهاب الريح وانكسار الشوكة ويؤدي إلى ضعف المسلمين أمام أعدائهم فكانوا متماسكين كانوا أمة واحدة وفي هذه الآونة المتأخرة سمعنا عن هذه الفرق والجماعات الكثيرة كل فئة ربما تدعي لنفسها أنها هي الفرقة الناجية والطائفة المنصورة ولكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما سئل عن الجماعة قال : من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي إذاً يستفاد من هذا النص أن كل من كان على ذلك المنهج سواء كان وحده منعزلاً أو كان في إطار جماعة من هذه الجماعات فهو داخل في الجماعة ويشمله قوله صلى الله عليه وآله وسلم – من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي لأن هذا فيه دلالة على أن المقصود المنهج المرسوم منهاج النبوة الذي سار عليه أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
فاحرصوا أيها المسلمون على لزوم جماعة المسلمين والتحذير من التفرق ولما سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله عن السلفية قال إن كان المقصود بها السير على منهج السلف الصالح فهي خير وهذا هو المطلوب وإن كان المقصود بها الدعوة للتحزب و الفرقة فلا تجوز ولا يجوز الإنتماء إليها وكذلك كافة الأحزاب والجماعات لأن الأمة أمة واحدة والمنهج منهج واحد وما في هذه الجماعات إلا التشعب والتفرق وهذه الفرق التي خالفت المنهج النبوي من حقها أن تنصح وأن يخلص لها بالنصح فإن علياً رضي الله عنه – أرسل للخوارج ابن عباس- رضي الله عنهما- يناظرهم فرجع من مناظرة واحدة نحو من اثني عشر ألفاً
وتعدد الجماعات والأحزاب اليوم يخلق التعصب المذموم و التحزب الممقوت وما تكون جماعة من هذه الجماعات المتفرقة إلا ولها أصول في معتقداتها ومناهجها يختلف عن الجماعات الأخرى وبالتالي فلا بد أن تكون بعض هذه الجماعات على خطأ وتخرج بهذا التعصب عن حدود ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فعلى المسلم أن يلزم جماعة المسلمين ومذهب أهل السنة والجماعة الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم التمسك به ففيه ما يسع عبادة المسلم ويسع عمله الدعوي ويسع تبليغه الدعوة دون الحاجة إلى أن يقول أنا من هذه الجماعة أو تلك وتعلمون أنه لا يمزق جسد الأمة إلا هذه الفرق والجماعات والأحزاب ولطالما أن الإله واحد والرسول واحد والدين واحد فما الداعي لهذه الفرق إلا حظوظ النفس والتكتلات التي لا تخدم الدين إنما تتخذ من الدين وسيلة لحشد أتباعها وتسخيرهم لمآرب تلك الجماعات وإلا فالأمة واحدة قال تعالى ( وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ) نحن جميعا أمة واحدة وما تزيد هذه الجماعات الأمة إلا تشرذما وشتاتا نسأل الله عز وجل أن يجعلنا مجتمعين على الحق والسنة مستمسكين بشرع الله وسنة محمد صلى الله عليه وسلم
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحابته أجمعين
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).
أما بعد أيها المسلمون : فإن الخطر الداهم القائم من قبل أعداء الله بشتى مللهم ونحلهم مما لا يخفون عليكم لخطر عظيم جداً يحتاج إلى وحدة المسلمين أجمعين بكافة قواهم وأفرادهم حتى تدفع هذه الشرور وتعاد الأمور إلى نصابها يجب أن تعود هذه الجماعات إلى منهج أهل السنة والجماعة وأن تتعاون وأن تتكامل وأن يشاع فيما بينها روح الإخاء والمحبة والمودة وأن يكون أصل الولاء إنما هو لدين الله ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لفلان ولا علان ولا لحزب ولا لجماعة ولا طائفة ولا مؤسسة ولا ما شابه ذلك وإنما يكون إلى أصل الإسلام فإن المعركة اليوم معركة قوية جداً بين الحق والباطل وبين الزيغ والرشاد وبين الكفر والايمان نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من أهل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجماعة المسلمين وأن ينصر إخواننا أهل السنة والجماعة في كل مكان وأن ينشر دينه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما )
المفضلات