عُرِيّ من تباكى على الدستور .. أمام قضية البدون !!




وهب الزعيم الهندي المهاتما غاندي حياته لنشر سياسة المقاومة السلمية أو اللاعنف واستمر على مدى أكثر من خمسين عاما يبشر بها، وفي سنوات حياته الأخيرة زاد اهتمامه بالدفاع عن حقوق الأقلية المسلمة وتألم لانفصال باكستان وحزن لأعمال العنف التي شهدتها كشمير و ' دعا الهندوس إلى احترام حقوق المسلمين ' مما أثار حفيظة بعض متعصبيهم فأطلق أحدهم رصاصات قاتلة عليه أودت بحياته.

هذه المقدمة وهي جزئية بسيطة في سياق حياته إلاّ أنها تُلخص كيفية أن صفحات كفاحه قد طُويت على يد من كان يقدسه يوماً ما .

فمن المفارقات بمكان أن ينتصر الزعيم غاندي ' الهندوسي ' للأقلية المسلمة رغم أنه يتعارض معهم دينياً و فكرياً ..

إلاّ أن ذلك لم يُثنيه عن نصرة الحق وهو على علم أن ذلك قد يودي بحياته ويؤثر عليه وعلى مصالحه ( الشخصية ) سلباً .

لا أعلم لم تذكرت هذه الأسطر من حياته عندما رأيت تغيّب المتباكين على الدستور ونصرته عن قضية الكويتيين البدون !!

وما غيابهم عن نصرة الدستور في هذا الموطن ليس له إلاّ تفسير واحد وهو أنه عندما يُخترق الدستور ويؤثر على أجنداتهم و أنشطتهم الخاصة فقط .. يُلهبون الحراك الشبابي في الشارع ( الدستوري ) ولا عزاء لطرقات ( الوطنية الحقة ) .

فهم يصورون لنا أن الدستور ثوباً أسوداً يخيطونه ويرتدونه في عزاءات و مآتم الإختراقات الدستورية ' الشخصية ' دون أن يتقوا الله في البلاد والعباد ، فمتى ما رأوا ضيق الثوب عليهم قاموا بتوسعته . ويقومون بتخصيره وتقصيره متى ما دعت حاجتهم إلى ذلك .

أينصرونه و ينوحون عليه ويلطمون على صدورهم فقط فيما يخدم مصالحهم الشخصية و أحزابهم !؟!

فإمّا أن يذودون عنه بجميع بنوده و مواده وإلاّ لا أهمية لتقديسهم المزيف للدستور وتباكيهم عليه ، ولا يكونوا كالأعور الذي إذا أُعطي حفنة من مال أخذها ، وإذا طُلِب منه تعذر بأنه لايرى فيعطي .

فهل هم وصلوا لمرحلة أصبحت دموعهم إنتقائية لبعض مواد وبنود الدستور !؟!

أم أن أعينهم تعلوها غشاوة و تأبى الذرف إلاّ لبعض مكتسباته !؟!

هل هذه هي حقاً الوطنية الدستورية التي ينشدونها !؟!

أم أنهم في طور صياغة دستوراً خاصاً بهم و بأهوائهم اللاوطنية !؟!

تساؤلات تحتاج إجابة صريحة عنها ولا أظنهم يستطيعون ذلك .. فمتى ما قاموا بذلك سقطت أقنعتهم المزيفة وأصبحوا عراة أمام الدستور .

وأخيراً ... فاقد الشيء لا يعطيه .

جميل السبع