الحمدُ للهِ.جزيلِ العطاءِ ، مُسدي النَّعْمَاءِ ،كاشفِ الضَّراءِ ، مُعطي السَّراءِ ، الحمدُ للهِ أبداً سرمداً ، ولا نشركُ معه أحداً تباركَ فرداً صمداً، لم يتخذْ صاحبةً ولا ولداً، ولا شريكَ له ولا عَضُداً ،
هو الحميدُ فكلُّ حمـدٍ واقعٌ أو كان مفروضاً مدى الأزمـانِ
ملأَ الوجودَ جميعـُهُ ونظيرُهُ من غيرِ ما عَدٍّ و لا حُسبــانِ
هو أهلُهُ سـبحانَهُ وبحمـدِهِ كلُّ المحامدِ وصفُ ذي الإحسانِ
أشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللهَ ، وحده لاشريكَ لهُ ، لاإلهَ لنا غَيرُهْ ، ولا رَبَّ لنا سِواهُ ، ولا نعبدُ إلاَّ إياهُ ، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ صلى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ وسلم تسليماً كثيراً : اللهمتتابعَبرُّكَ، واتصلَ خيرُكَ ، وكمُلَ عطاؤكَ ، وعمَّتْ فواضلُكَ ، و تمتْ نوافِلُكَ ، وبرَّ قسمُكَ ، و صدقَ وعدُكَ ، وحقَّ على أعدائِكَ وعيدُكَ ، سُبحانَكَ وبحمدِك ، لا إلهَ إلاَّ أنتَ: أنتَّ أحقُّ من عُبدَ ، وأحقُّ من ذكرَ ، وأنصرُ من أبتغي وأرأفُ من ملَكَ ، وأجودُ من أعطى ، وأوسعُ من سُئِلَ ، أنت الملكُ ، لا شريكَ لك ، وأنتَ الفردُ لا ندَّ لك ، كلُّ شيٍ هالكٌ إلا وجهَكَ ، لن تطاعَ إلا بإذنِكَ ، ولن تعصى إلا بعلمِكَ ، الحلالُ ما أحللتَ ، والحرامُ ما حرمتَ ، وجهُكَ أكرمُ الوجوهُ ، وجاهُكَ أعظمُ الجاهِ ، وعطيتُكَ أفضلُ العطيةِ ، تُطاعُ فتَشكرُ ، وتُعصى فتَغفرُ ، وتجيبُ المضطرَ ، وتكشفُ الضرَّ ، وتشفي السقيمَ ، وتغفرُ الذنبَ العظيمَ ، وتَقْبلُ التوبةَ ، ولا يبلغُ مدحَكَ قولُ قائلٍ ، يا مَنْ أظهرَ الجميلَ ، وسترَ القبيحَ ، يا من ْلا يؤاخذُ بالجريرةِ ، ولا يهتِكُ السترَ ، يا واسعَ المغفرةِ ، يا باسطَ اليدينِ بالرحمةِ ، يا عظيمَ المنِّ يا كريمَ الصفحِ ، يا مَنْ يبدَؤ بالنعمِ قبلَ استحقاقِها ، يا منْ إذا وَعَدَ وفَى ، وإذا أوعدَ عفى ، سبحانك وبحمدك لانحصي ثناءً عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك ، أيها الإحبةُ في اللهِ ، لقد أصبحَ بنا من نِعَمِ اللهِ مالا نُحصِيهِ ، مع كَثَرةِ ما نَعْصِيهِ ، فَمَا نَدرِي أَيُّهما نَشْكُرُ ! أجميلَ ما يَسَّرَ ؟ أم قَبيحَ ما سترَ ؟ لقد أنزلَ اللهُ عَلينا الغيثَ بفضلِهِ ورحمتِهِ ، فعمَّ به جميعَ أرضِنا ، فأصبحْنا بنعمتِهِ مستبشرينَ ، وبخيرِهِ ورحمتِهِ فرحينَ ، يقولُ سُبحانَه (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) ويقولُ جلَّ في عُلاه (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) ويَقولُ سُبحانَهُ وبحمدِهِ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ) (الزمر:21) ذلك من آياتِ اللهِ (وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (الروم:24) فاشكروا اللهَ على هذه النعمةِ العظيمةِ ، واذكروهُ ذكراً كثيراً ، وسبحوهُ بكرةً وأصيلا ، أيُّها الأحبةُ في الله ،ها نحنُ ، في أولِ جُمعةٍ من هذا العامِ الجديدِ ،الذي نسألُ اللهَ عز وجلَّ أن يكونَ عامَ خيرٍ وبركةٍ ، وأن يجعلَهُ عامَ عزٍ للإسلامِ والمسلمينَ ، بعد أن ودعَنا عاماً ، فيه ما فيهِ ، من الأفراحِ والأحزانِ ، والبرِّ والإحسان ، والذنوبِ والعصيان ، والآمال والأشجانِ ، أودعناهُ... وودَّعناهُ ، ودَّعنَاهُ وأودعْنا فيهِ ماشاءَ اللهُ أن نُوَدِعَ ، فخزائنُ بعضِنا ملأى بما هو له ، وخزائنُ بعضِنا ملأى بما هو عليه ، ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ )يقولُ جلَّ في عُلاه ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ*وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ) ويقول سبحانه ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ) فلنستقبلْ عامَنا الجديدَ بالتوبةِ الصادقةِ والعودةِ إلى اللهِ عزَّ وجل ،ها نحنُ في شهرِ اللهِ الحرامَ ، وفي العشرِ التي أقسمَ الربُّ بِهِا في كتابِهِ ، في أولِ سورةِ الفجرِ، يقولِهِ سُبحانه (وَالْفَجْرِ*وَلَيَالٍ عَشْرٍ) شهرٌ عظيمٌ من شهورِ العامِ ، وهو أحدُ الأشهُرِ الحرمِ ،التي نهانا اللهُ أن نظلمَ فيهنَّ أنفسَنا ؛ لأنهاآكدُ وأبلغُ في الإثمِ من غَيرِها . قال ابنُ عباسٍ رضي اللهُ عنهما في قولِهِ تعالى (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ )قال رضي الله عنهُ ، [لا تَظلِمَُوا أنفسكم في كُلِّهن ، ثم اختصَّ من ذلك أربعةَ أشهرٍ، فجعلهنَّ حرامًا ، وعظّمَ حُرمَاتِهنّ ، وجعلَ الذنبَ فِيهنَّ أعظمَ ، والعملَ الصالحَ بالأجرِ أعظمَ]ولقد كانَ أهلُ الجاهليةِ يسمونَ شهرَ اللهِ الْمُحَرَّمِ ، شهرَ الله الأصمَّ ، لشدةِ تحريمِهِ ، قال عثمانُ الهنديُ: "كانوا يُعَظِّمونَ ثلاثَ عشراتٍ: العشرَالأواخرَ من رمضانَ، والعشرَ الأولَ من ذي الحجةِ ، والعشرَ الأولَ من المحرمِ". قالابنُ رجبٍ رحمه اللهُ: "من صامَ من ذي الحجةِ ، وصامَ من المحرمِ ، ختمَ السنةَبالطاعةِ ، وافتتَحها بالطاعةِ ، فَيُرجى أن تُكتبَ له سَنَتُهُ كلُّها طاعةً ، فإنَّ مَنْ كانَأوّلُ عملِهِ طاعةً ، وآخرُهُ طاعةً ، فهو في حُكمِ من استغرقَ بالطاعةِ ما بين العمَلينِ"،ومن فضائلِ شهرِ اللهِ المحرمِ أنه يُستحبُ الإكثارُ فيه من صيامِ النافلةِ ، ففي الحديثِ عن النبيِّ r أنَّهُ قال { أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِالْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُالصَّلاَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاَةُ اللَّيْلِ}رواه مسلمٌ ، فأللهَ ألله ، ها أنتُم في أولِ شهرٍ من هذا العامِ الجديد ، فَفتَحوا صفحةً جديدةً مع الله ، تملأونها بالحسنات ، التي تسركُم يوم أن تلقوا ربكم ( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ)..
بارك الله لي ولكم في القرءان العظيم
الحمدلله حمداً لا ينفد، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ الواحد الأحد الفردُ الصَّمَد،وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُه صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين: أمّا بعدُ أيُّها الأحبةُ في الله، فإنَّ مِمَّا اختصَّ اللهُ بهِ شهرِهِ المحرمَ ، يومُهُ العاشرُ ، وهو عاشوراء ،ففي الحديث عن ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهما قالَ: قَدِمَ النَّبِىُّrالْمَدِينَةَ ،فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُيَوْمَ عَاشُورَاءَ ،فَقَالَ { مَا هَذَا } قَالُوا هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُبَنِى إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ ، فَصَامَهُ مُوسَى ، قَالَ {فَأَنَا أَحَقُّبِمُوسَى مِنْكُمْ } فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ.أخرجه البخاري ، ولمَّا سألَهُ رجُل عن صيامِ يومِ عشوراء كما في صحيح مسلم من حديثِ أبي قتادةَ رضي اللهُ عنه ، قالَ عليهِ الصلاةُ والسلام{صِيَامُ يَوْمِعَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِأَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ}فصامَهُ النبيَّrوقالَ {لَئِنْ بَقِيَتُ إِلَى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ } فصامَ عليهِ الصلاةُ السلامُ ، اليومَ العاشرَ فعلاً ، وهمَّ بصيامِ التاسعِ ، والهمُّ هنا يحاكي الفعلَ ،فهاتانِ مرتبتانِ ثابتتانِ في السُّنةِ : صيامُ التاسعِ والعاشرِ، ففي صيامِ العاشرِإدراكٌ للفضلِ ، وفي صيامِ التَّاسعِ معه ، تحقيقٌ آكِدٌ لمخالفةِ اليهودِ . وَذَهَبَ بعضُ العلماءِ ، إلى أن مَراتبَ صيامِ يومِ عاشوراءَ ، ثلاثُ مراتبٍ: صيامُ التاسعِ والعاشرِ ، أو صيامُ العاشرِ والحاديَ عشرَ ، أو صيامُ التاسعِ والعاشرِ والحاديَ عشرَ، وذهبَ فريقٌ من العلماءِ ، إلى زيادةِ مرتبةٍ رابعةٍ وهي صيامُ العاشرِ وحدَهُ ، اللهم اجعلنا من أهلِ سُنةِنبيِّكَ محمدٍr،وَأحينا على التوحيدِ سعداءَ ، وأمتْنا علىالتوحيدِ شهداءَ ، ربنا لا تزغْ قلوبَنا بعد إذ هديتَنا وهبْ لنا من لدنْكَ رحمةًإنك أنت الوهابُ . ربنا اغفرْ لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. يارب العالمين ،اللهمّ صلِّ وسلِّم وزِدوبارك على نبيّنا محمّد، وارضَ اللهمّ عن خلفائه الراشدين.. أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَوعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلىيومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهمأعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِالكفرةِ الملحدينَ ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَالذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أنتكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِأعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ،الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم اجعلْبَلدَنا هذا آمناً مطمئناً ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُاللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ،التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهمأرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَرداً جميلاً ،( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَاوَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفيالآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ،عبادَ اللهِ،( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِوَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِوَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَتَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُيَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)
المفضلات