بـسـمـ الله الـرحـمـنـ الـرحـيـمـ
صِـــلــَـة الأرحَــــامـ
صـلـة الأرحـام مـن الـقــُـرُبـات الـتـي أعَــدّ الله لـفـاعـلـيـهـا الـثـواب الـعـظـيـم وهَــدّد الـذيـن يـقـطـعـونـهـا بـأشـد الـعـقـوبـات
وجـعـلـهـم مـن ضـمـن الـذيـن يَـتـولـّـون ويُـفـسـدون فـي الأرض فـلـعـنـهـم ( سـنـأتـي عـلـى ذكـره لاحِـقـًـا )
ورغــّـب الله سـبـحـانـه فـي أن يـصـل الـمـرء مـن قـطـعـه مـن أقـاربـه ولـو كـانـوا عـلـى وضـع لا يـرضـاه إن أمِـنَ الـفـتـنـة
وهـي واجـبـة لـلـوالـديـن ومـن يـتـصـل بـهـمـا ويـتـفـرّع فـي الـقـرابـة والـنـّـسَـب
وكـذلـك أصـدقـاء الـوالـديـن صِـلـتـهـم هـي صِـلـة وبـِـرّ بـالـوالـديـن
عـن أبـي هـريـرة رضي الله عـنـه قـــال :
قـــال رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم :
(( إنّ الله خـلـق الـخـلـق حـتـى إذا فـرغ مـنـهـم قـامـت الـرّحِـــم
فـقـالـت : هـذا مـقـام الـعـائـذ بـك مـن الـقـطـيـعـة
قـال تـبـارك وتـعـالـى : نـعـم ، أمَـا تـرضـيـن أن أصِـل مـن وصـلـك وأقـطـع مـن قـطـعـك ؟
قـالـت : بـلـى يـارب
قـال تـبـارك وتـعـالـى : فــــذاك لـكِ
ثـم قـال رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم : اقـرؤوا إنْ شـئـتـم
{ فـَهـَـلْ عَـسَـيْـتـُمْ إن تـَوَلـّـيْـتـُـمْ أن تـُـفـْـسِـدُوافِـي الأرْض ِ وَ تـُـقـَـطِـّـعُـوا أرْحَـامَـكـُـمْ * أوْلـَـئِـكَ الـّذِيـنَ لـَـعَـنـَـهُـمُ اللهُ فـأصَـمّـهـُمْ وَأعـْمَـى أبْـصَـارَهـُـمْ * أفـَلا يَـتـَدَبّـرُونَ الـْقـُـرْءانَ أمْ عَـلـَى قـُـلـُـوبٍ أقـْـفـَـالـُـهـَـا *... محمد : 22 ــ 24 } .... )
صحيح الـبـخـاري و مـسـلـم
أرأيـت أخـي الـمـسـلـم ... أخـتـي الـمـسـلـمـة ...
بـقـدرة الله سـبـحـانـه وتـعـالـى ، تـجـسّـدَت الـرّحِـم كـائـن تـتـكـلـم وتـحـاور خـالـقـهـا وتـطـلـب ويُـسـتـجَـاب لـطـلـبـهـا ....
إنـهـا تـسـتـعـيـذ بـالله مـن الـقـطـيـعـة ، فـيـعـيـذهـا الله ويَـعِـدُ مَـنْ يَـصِـلـهـا بـالـوصـْـل ومَـنْ يـقـطـَـعُـهـا بـالـقـَطـْع ....
مـا أعـظـم كـارثـة مَـنْ يـقـطـعـه الله
ويـسـتـشـهـد الـرسـول صلى الله عـلـيـه وسـلـم عـلـى عِـظـَـم قـطـيـعـة الـرّحِـم بـالآيـة الـكـريـمـة الـتـي تـجـعـل الـلـعـنـة
جـزاء لـقـاطِـع الـرّحِـم وتـصِـفـه بـأنـّـه مِـمّـن أصَـمّـهـم الله عـن سـمـاع الـحـق وأعـمـى أبـصـارهـم عـن رؤيـة سـبـيـل الـهـدى
فـهـل نـعِـي هـذه الـمـعـانـي ؟
وصـلـة الـرّحِـم هـي واجـبـة شـرعًـا لـهـؤلاء :
1 . الـوالـديـن
لـلـوالـديـن حـق الـبــِـرّ بـهـمـا وبـرّهـمـا يـأتـي فـي صـلـة الأرحـام فـي الـذروة ، لأنـه أفـضـل مـن الـصـلاة الـنـافـلـة
وهـو يَـعـدل الـجـهـاد فـي سـبـيـل الله ، وهـو سـبـب فـي كـشـف الـضّـرّ وزوال الـبـلاء ، والـوالـدان بـاب الـجـنـة
والـبـارّ بـوالـديـه مُـجـاب الـدعـوة فـي الـدنـيـا وهـو يـوم الـقـيـامـة مـن الـسّـعـداء
عـن عـبـد الله بـن عـمـرو بـن الـعـاص رضي الله عـنـهـمـا قـال :
جـاء رجُـل إلـى الـنـبـي صلى الله عـلـيـه وسـلـم يـسـتـأذنـه فـي الـجـهـاد
فـقـال صلى الله عـلـيـه وسـلـم : (( أحَــيّ والــــداك ؟ ))
قـال الـرجـل : نــعــم
قـال صلى الله عـلـيـه وسـلـم : (( فـفـيـهـمـا فـجـاهـد ))
صـحـيـح الـبـخـاري و مـسـلـم
هـذا الـرجـل جـاء لـلـنـبـي صلى الله عـلـيـه وسـلـم فـي ظـرف عـصـيـب ، الـمـسـلـمـون يـتـجـهـزون لـلـجـهـاد
جـاء يـسـتـأذن لـلـجـهـاد فـلـم يـأذن لـه صلى الله عـلـيـه وسـلـم مـع أنّ مـنـزلـة الـجـهـاد عـظـيـمـة
ولـكـنـه صلى الله عـلـيـه وسـلـم أمـر الـرجـل أن يـعـكـف عـلـى بــِـرّ والـديـه وخـدمـتـهـمـا ويـقـدّم ذلـك عـلـى الـقـتـال
وقـولـه صلى الله عـلـيـه وسـلـم (( فـفـيـهـمـا جـاهـد ))
يـضـع أمـامـنـا صـورة تـرفـع مـن شـأن بـِـرّ الـوالـديـن إلـى درجـة عـالـيـة جـدًا
عـن أبـي الـدرداء رضي الله عـنـه أنّ رجـلا أتـاه فـقـال :
إن لـي امـرأة وإنّ أمّـي تـأمـرنـي بـطـلاقـهـا ؟
فـقـال أبـو الـدرداء :
سـمـعـت رسـول الله يـقـول :
(( الـوالـد أوسـط أبـواب الـجـنـة ))
فـإن شِـئـتَ فـأضِـع ذلـك الـبـاب أو احـفـظـه
رواه الـتـرمـذي و ابـن مـاجـه
مـن هـذا الـحـديـث نـفـهـم أن الـوالـد أوسـط أبـواب الـجـنـة
فـمَـن يـضـيـّـع ذلـك الـبـاب الـذي يـقـود سـالـكـه إلـى الـسـعـادة الـحـقــّـة والـنـعـيـم الـدائـم ؟
2 . الأقـارب جـمـيـعـا
وهـم الأخ والأخـت ، والـعـَـم والـعـمّـة ، والـخـال والـخـالـة ومـن اتـصـل بـهـم بـنـسـب الأقـرب فـالأقـرب
عـن أبـي هـريـرة رضي الله عـنـه قـال : أن رجُـلا قـال :
يـا رسـول الله : إنّ لـي أقـارب أصِـلـُـهُـم ويـقـطـعـونـي وأحـسِـن إلـيـهـم ويُـسِـيـئـونَ إلـيّ وأحـلـم عـنـهـم ويـجـهـلـون عـلـيّ
فـقـال صلى الله عـلـيـه وسـلـم :
(( لـئـن كـنـت كـمـا تـقـول فـكـأنـمـا تـسـفـّـهُـم الـمَـلّ ( الـرمـاد الـحـار ) ولا يـزال مـعـك مـن الله ظـهـيـرعـلـيـهـم مـادمـت كـذلـك ))
صـحـيـح مـسـلـم
قـصـة رجـل يَـقِـف مـوقـف نـبـيـل مـن أقـاربـه وهُـمْ يُـقـاطـعـونـه
ويُـحـسِـن إلـيـهـم ويُـسـيـئـون إلـيـه
ويـحـلـم عـنـهـم ويـجـهـلـون عـلـيـه
فـمـا هـو جـزاء هـذا الـرجـل الـنـبـيـل ، ومـا هـو جـزاء أقـاربـه ؟
قـال لـه صلى الله عـلـيـه وسـلـم ( شرح الحديث ) :
هـؤلاء أقـارب الـرجـل اسـتـحـقـوا الـعـقـوبـة مـن الله فـكـانـوا كـمـن يُـطـعَـمُـون الـرمـاد الـحـار !!
وهـذا الـرجـل الـنـبـيـل سـيـكـون لـه عـون مـن الله عـلـيـهـم ، فـلـن يُـؤثِـّروا عـلـيـه !!
والـعـون مـن الله سـيـكـون فـي الـدنـيـا والـجـزاء فـي الآخـرة
خـاتـمــــة
عـن عـبـد الله بـن عـمـرو بـن الـعـاص رضي الله عـنـهـمـا عـن الـنـبـي صلى الله عـلـيـه وسـلـم قــال :
(( لـيـس الـواصِـل بـالـمُـكـافـئ ، ولـكـن الـواصِـل الـذي إذا قــُـطِـعَـتْ رحِـمُـهُ وصَـلــَهـَـا ))
صـحـيـح مـسـلـم
فـي هـذا الـحـديـث يُـبـَـيّـن رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم أنّ وصـْـل الـرّحِـم الـحـقـيـقـي
هـو الـوصـل الـذي يـكـون مـن إنـسـان يـصِـل أقـربـاءه ، وهُـم يَـقـطـَـعـونـه
إن ذلـك يَـدل
عـلـى حـرص هـذا الـرجـل عـلـى فـعـل الـخـيـر وإصـراره عـلـيـه
أمّـا الـذي يُـقـابـل الـزيـارة بـزيـارة فـذاك مُـكـافـئ
*************************
*************************
*************************
*************************
ربّ ارحـمـ والـديَّ كـمـا ربّـيـانـي صـغـيـرًا
المفضلات