خطبة جمعة
بعنوان
من فجع هذه بولدها ؟
كتبها / عبدالله بن فهد الواكد
إمام وخطيب جامع الواكد بحائل
الخطبةُ الأولَى
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ, الْقَائِلُ ( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وأشهدُ أنَّ سيدَنَا محمَّداً عبدُ اللهِ ورسولُهُ أَرسلَهُ اللهُ رحمةً للعالمينَ القائلُ صلى الله عليه وسلم ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا ) اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، ومَنْ تبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ .
أمَّا بعدُ أيهاَ المسلمونَ : فأوصيكُمْ وإيَّايَ بتقوَى اللهِ جلَّ وعلاَ ، قَالَ سبحانَهُ وتعالَى ( وَٱتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )
عبادَ اللهِ: إِنَّ الرّحمةََ هيَ سمةُ المسلمِ ، وعنوانُ المؤمنِ ، وطريقُ مَنْ وفقهُ اللهُ لإستحقاقِ رحمةِ الرحمنِ الرحيمِ سبحانَهُ وتعالى ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ( الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ، ارْحَمُوا أَهْلَ الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِى السَّمَاءِ ) ألا وإنَّ أوْلَى النَّاسِ برحمتِكُم أيها المسلمونَ ، أولائكَ الذينَ ارتسمتْ البراءةُ على وجوهِهِم ، وأقبلتْ وأدبرتْ الحَيْرةُ وقلةُ الحيلةِ في أيديهِم ، أولائكَ الورودُ والرياحينُ ، زينةُ الحياةِ الدنياَ وجمالُها ، وأُنسُهاَ وسعادتُهاَ ، أُنْسُ البيوتِ ، وثمراتُ الأفئدةِ ، ومآخذُ القلوبِ ، أولائكَ الأطفالُ الصِّغارُ، الذين هُمْ بأمسِّ الحاجةِ إلَى كَنَفٍ رحيمٍ ، ورعايةٍ حانيةٍ ، وبشاشةٍ سمحةٍ ، ووُدٍّ يسعُهُمْ ، وحُلمٍ يراعِي ضعفَهُمْ ، إنَّهُمْ بحاجةٍ إلَى قلبٍ كبيرٍ، يرحمُهُم ويُحسنُ إليهِمْ، ويرفقُ بِهمْ ويعطِفُ عليهِمْ
أيها المسلمونَ : أنقلُ لكمْ صورةً مأساويةً لِماَ يحدِثُ في قلةٍ مِنْ هذا المجتمعِ ، خلاكُمْ ، وحاشاَ هذهِ الوجوهَ الطيبةَ ، هذا التصرفَ الوحشيَّ ، كلَّمَتْ إحدى الأخواتِ ، تشتكي وتبحثُ عَنْ حَلِّ لمشكلتِها ، تتكلمُ تلكمُ المرأةُ الضعيفةُ المكسورةُ ، وهي تبكي بكاءً مؤلماً ، يمزقُ الفؤادَ ، ويُدمى القلبَ ، طلَّقَهاَ زوجُها ، لِخلافٍ بينَهُماَ ، وأرادَ أنْ يتشفَّى منهاَ ، فلمْ يجدْ سبيلاً إلا هؤلاءِ الأطفالَ ، أخذَ أولادَهاَ ، ومنعَ هؤلاءِ الأطفالَ مِنْ رؤيتِهاَ ، حرمَهُم مِنْ رؤيةِ أمِّهِم ، التي حملتْهُم وهْناً على وهنٍ ، وأخذَ يساومُهُم على أبوَّتِهِ ونفقتِهِ ورعايتِهِ ، ويهدِّدُهُم إنْ طلبوا رؤيةَ أمِّهِم ، كسرَ الخواطرَ ، وجرحَ الأفئدةَ ، وقرَّحَ الأكبادَ ، وفجعَ هذهِ الأمَّ المسكينةَ بأولادِها ،
عنِ ابنِ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: كناَّ معَ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ في سفرٍ فانطلقَ لحاجتِهِ فرأيناَ حُمَّرَةً معهاَ فرخانِ ، حُمرةً ، طيراً من الطيورِ ، فأخذناَ فرخيْهاَ فجاءتْ الحمرةُ فجعلتْ تفرشُ فجاءَ النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ فقالَ : ( مَنْ فجعَ هذهِ بولدِهاَ ؟ ردوا ولدَها إليها ! ) ، طيرُ حمرةٍ ، رقَّ قلبُ الحبيبِ لحالِها ، وأمرَ بِرَدِّ ولدِهاَ عليهاَ ، وهذا الأبُ كأنَّ قلبَهُ صفوانٌ أصمٌّ ، فأيُّ قلبٍ غليظٍ ذلكَ القلبُ الرابضُ في صدرِ هذا الفظِّ الغليظِ ، أيُّ عقليةٍ حقودةٍ قاتمةٍ مظلمةٍ تلكَ التي نامتْ على أُمِّ رأسِهِ ، أيُّ أنانيةٍ وحبٍّ للذاتِ بلغَ بهذاَ العنيدِ البعيدِ عن الهدايةِ والتوفيقِ ، يالَمَرَارَة ِالأمرِ أيها المسلمونَ ، ويا لَعَتَامَةِ الموقفِ أيها المؤمنونَ ، حينماَ يكونُ هؤلاءِ الأطفالُ المساكينُ ، حلبةَ عراكٍ بينَ الزوجينِ ، وأدواتِ تصفيةِ حساباتٍ ، ووسائلَ ضغطٍ وإذلالٍ ، لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ ، حينماَ يصلُ بالزوجِ الأمرُ إلى هذا المستوى من التفكيرِ ، أطفالٌ مساكينٌ ، يُحرمونَ رؤيةَ أمهِم لأشهرٍ وسنواتٍ ، ليُشبِعَ هذا المعتوهُ شهوةَ كبريائِهِ ، ولذةَ خُيلائِهِ ، ونشوةَ تعاليهِ ، وجُشاءَ تسامُقِهِ الممقوتِ ، على حسابِ أطفالٍ لا حولَ لهم ولا قوةَ إلا باللهِ ، على حسابِ أطفالِهِ ، وفلذةِ كبدِهِ ، وثمرةِ فؤادِهِ ، كأنهمْ آلاتٌ وجماداتٌ ، لا إحساسَ لهم ، ولا شعورَ لديهم ، ولا ولَهَ عندَهُم ، حُرموا حنانَ الأمِّ ، حُرِمُوا التي لماَّ سألَ أبو هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ النبيَّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ، مَنْ أحقُّ الناسِ بحسنِ صحبتي يارسولَ اللهِ قال أمُّك قال ثم من قال أمُّك قال ثم من قال أمُّك قال ثم من قال أبوك ، ما هو الذنبُ الذي اقترفوهُ ، وما هو الخطأُ الذي ارتكبوهُ ، تصرفاتٌ عدوانيةٌ ، وتوجهاتٌ همجيةٌ ، أُبتُلِيَ بها قلةٌ في هذا المجتمعِ ، إذا وقعَ بينَهُ وبينَ زوجتِهِ خلافٌ ، أوطلَّقَها ، أصبحَ هؤلاءِ الضعفةُ المغلوبونَ على أمرِهِم ، أصبحَ هؤلاءِ الأطفالُ الذينَ ليسَ لهم يدٌ في زواجٍ ولا طلاقٍ ولا فراقٍ ، أصبحَ حرمانُهُم منْ أُمِّهِم متنفساً لضعافِ النفوسِ ، ومستراحاً لغلاظِ القلوبِ ، فأينَ الرحمةُ أيها المسلمونَ ، وأينَ الشفقةُ ، رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ ، هوَ الأسوةُ الحسنةَُ هو المثلُ الأعلَى يعاملُ الصِّغارَ بالرَّحمةِ والشَّفقةِ والرِّفقِ واللِّينِ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : مَا رَأَيْتُ أَحَداً كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، أينَ غابتْ تلكُمُ الرحمةُ التي أشرقَ لها الكونُ ، وكيفَ ضاقت تلكُمُ الرحمةُ التي وسِعتْ حتىَ قلوبَ البهائمِ والطيورِ ، هل صُمَّ عنها قلبُ هذا الأعوجِ الأهوجِ ،
كانَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمُ يرحمُ الأطفالَ ويراعِي أحوالَهُمْ حتَّى وإنْ كانَ فِي صلاةٍ ، فعَنْ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى إِحْدَى صَلاَتَىِ الْعِشَاءِ وَهُوَ حَامِلٌ حَسَناً أَوْ حُسَيْناً ، فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ فَوَضَعَهُ ثُمَّ كَبَّرَ لِلصَّلاَةِ فَصَلَّى فَسَجَدَ بَيْنَ ظَهْرَانَىْ صَلاَتِهِ سَجْدَةً أَطَالَهَا ... فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلاَةَ قَالَ النَّاسُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ سَجَدْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَىْ صَلاَتِكَ سَجْدَةً أَطَلْتَهَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ ، أَوْ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْكَ. قَالَ ( كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ، وَلَكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِى فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِىَ حَاجَتَهُ ) اللهُ أكبرُ أيها المسلمونَ ، الحسنُ أو الحسينُ ركبَ على ظهرِ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ وهو ساجدٌ فما رفعَ النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ظهرَهُ حتى نزلَ الصبيُّ من نفسِهِ خشيةَ أن يسقطَ ،
وهاهوَ بأبي هوَ وأمِّي في موقفٍ أخرَ يرويهِ بُرَيْدَةُ بنُ الْحَصِيبِِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يقول : خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ ، فَنَزَلَ فَأَخَذَهُمَا فَصَعِدَ بِهِمَا الْمِنْبَرَ ، ثُمَّ قَالَ ( صَدَقَ اللَّهُ ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ ) رَأَيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أَصْبِرْ ). ثُمَّ أَخَذَ فِى الْخُطْبَةِ .
صلى عليكَ اللهُ ياعلمَ الهُدى ، يا مَنْ بعثكَ اللهُ رحمةً للعالمينَ ، إسمعوا إلى هذا الشفيقِ الرقيقِ ، الرحيمِ بأمتِهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ وهو يقولُ ( إِنِّى لأَقُومُ فِى الصَّلاَةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا ، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِىِّ ، فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ ) صلى اللهُ عليكَ وسلمَ يارسولَ اللهِ ، يُداعبُ الصغارَ ، ويُلاطفُ الأطفالَ ، فعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ ( صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلاَةَ الأُولَى ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَهْلِهِ وَخَرَجْتُ مَعَهُ ، فَاسْتَقْبَلَهُ وِلْدَانٌ فَجَعَلَ يَمْسَحُ خَدَّىْ أَحَدِهِمْ وَاحِدًا وَاحِدًا ، وَأَمَّا أَنَا فَمَسَحَ خَدِّى فَوَجَدْتُ لِيَدِهِ بَرْدًا أَوْ رِيحاً كَأَنَّمَا أَخْرَجَهَا مِنْ جُؤْنَةِ عَطَّارٍ )
وجَاءَه أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ : تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ ؟ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ . فَقَالَ النَّبِىُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ( أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ ) وقَالَ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ( لاَ تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلاَّ مِنْ شَقِىٍّ )
أطفالُناَ ، الذي لا يرحمُ الأطفالَ أيها المسلمونَ ، ولا يرحمُ أولادَهُ وبناتِهِ ، ولا يمكِّنَهُم من زيارةِ أمِّهِم ورؤيتِها ، ينبغي أنْ تُنزعَ منهُ الولايةُ عليهِم ، لأنهُ غيرُ جديرٍ بهاَ ، وغيرُ أهلٍ لهاَ ، قالَ عمرُ بنُ الخطابِ رضي اللهُ عنهُ ، أنَّ مَنْ لاَ يَرحَمُ الصغارَ لاَ يصلحُ أنْ يتولَّى أمورَ الناسِ وشؤونَهُمْ ، لأنهُ سيعاملُهُمْ بقسوةٍ وجفاءٍ ، فعَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ : اسْتَعْمَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَجُلاً مِنْ بَنِي أَسَدٍ عَلَى عَمَلٍ، فَجَاءَ يَأْخُذُ عَهْدَهُ . قَالَ : فَأُتِيَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِبَعْضِ وَلَدِهِ فَقَبَّلَهُ قَالَ : أَتُقَبِّلُ هَذَا ؟ مَا قَبَّلْتُ وَلَدًا قَطُّ . فَقَالَ عُمَرُ : فَأَنْتَ بِالنَّاسِ أَقَلُّ رَحْمَةً، هَاتِ عَهْدَنَا، لاَ تَعْمَلْ لِي عَمَلاً أَبَدًا.
أيها المسلمونَ : رحمةُ الأطفالِ والشفقةُ بهم والعطفُ والحنوُّ عليهِم ، وعدمُ حرمانِهِم مِنْ أمَّهاتِهِم ، واجبٌ عليكُم ، حتى لو كانَ بينَكَ أيها الزوجُ وبينَ زوجتِكَ ، مشاكلٌ وخصوماتٌ ، وحتى لو كُنتَ قدْ طلقْتَهاَ ، الخصومةُ والطلاقُ بينكَ وبينَ الزوجةِ ، أماَّ الأطفالُ ، فما ذنبُ هؤلاءِ الصغارِ ، نحنُ أهلُ دينٍ وأهلُ رسالةٍ ربانيةٍ ، يجبُ أنْ نكونَ قدوةً للأممِ والشعوبِ ، في تعاملِناَ وتربيتِنا ورحمتِنا وشفقتِنا ، إنهُ مِنَ المؤسفِ حقاًّ ، أنْ يطالِعُنا المجتمعُ بيْنَ حينٍ وآخرَ بقصصٍ مؤسفةٍ عنْ قسوةِ الآباءِ علَى الصغارِ ، وحرمانِهِم من مصدرِ الحنانِ الذي لا يجدونَهُ في الدنيا ، إلا بينَ أنفاسِ هذهِ الأمِّ وفي حِجرِها ، بلاَ مبررٍ يُعرفُ أوْ ذنبٍ يُقترفُ ، وهذَا مخالفٌ لتعاليمِ دينِنَا الحنيفِ وللفطرةِ الإنسانيةِ السويةِ ، ومُنافٍ لتقاليدِناَ وأعرافِ مجتمعِنَا المتراحمِ الذِي يعيشُ أفرادُهُ كأسرةٍ واحدةٍ مترابطةٍ ، اللهمَّ اجعلْنَا منَ المتراحمينَ المرحومينَ برحمتِكَ يا أرحمَ الرَّاحمينَ. اللهمَّ وفِّقْنَا لطاعتِكَ وطاعةِ مَنْ أمرتَنَا بطاعتِهِ .
أقولُ قولِي هذَا وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لِي ولكُم فاستغفرُوهُ .
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ الرحمنِ الرحيمِ, وأشهدُ أنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لاَ شريكَ لهُ أرحمُ الراحمينَ , وأشهدُ أنَّ سيدَنَا محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ, رحمةُ اللهِ للعالمينَ , اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، ومَنْ تبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ .
أمَّا بَعْدُ : فاتقُوا اللهَ عبادَ اللهِ حقَّ التقوَى، واعلمُوا أنَّ معاملةَ الأطفالِ بالرَّحمةِ والرِّفق واللِّينِ هيَ السبيلُ الأمثلُ لبناءِ الأسرةِ المترابطةِ القويَّةِ ، ومجتمع يسودُهُ الحبُّ والوئامُ ، وهذَا مَا دعانَا إليهِ دينُنَا الحنيفُ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( مَا كَانَ الرِّفْقُ فِى شَىْءٍ قَطُّ إِلاَّ زَانَهُ ، وَلاَ عُزِلَ عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ شَانَهُ ) ، واعلمْ أيهاَ الأبُ الذي حَرمتَ أطفالَكَ من أمِّهِم ، أنكَ ستُحرَمُ من بِرِّهِمْ إذا كبُرْتَ ، وصرتَ في أمسِّ الحاجةِ لرعايتِهم وبرهِم وعنايتِهم ، ولنْ تجدَ أُماًّ تحثُّهُم على صلةِ والدِهِم ، واعلمْ أنَّ الدنيا لا تدومُ على حالٍ وكما تدينُ تدانُ
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْه ، قَالَ تَعَالَى ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )
المفضلات