سافروا رجال من أسرة آل شعلان شيوخ قبيلة الرولة الشهيرة ، سافروا من ضواحي الجوف إلى ديار نجد ، وكان برفقتهم الشجاع والشاعر المعروف غريب الشلاقي الشمري ، وكانوا على ظهور الهجن ، وذلك قبل طلوع السيارات ، وفي أثناء طريقهم ضافوا عند شخص من أحد القبايل التي في طريقهم ، وفي البداية رحب فيهم وقام بإكرامهم ولكنه غير رأيه عندما شاهدهم يخرجون الدخان من جيوبهم لكي يدخنوا ، فقال لهم المعزب : ممنوع التدخين في بيتي .
فقالوا له : نحن لازم ندخن وإذا لم ندخن لا نستطيع الجلوس في بيتك ، فقال لهم : التدخين ممنوع وافعلوا ما تريدون ، فغضبوا وقاموا وتركوه هو وبيته ، وأثناء سيرهم خلص منهم الدُّخان وضافوا عند بيت من شمر ، ولكن لم يجدوا فيه سوى إمرأة وأطفال ، حيث إن صاحب البيت غائب .
فقامت المرأة ورحبت فيهم بكل احترام وتقدير ، وقالت لهم : جميع أدوات القهوة موجودة ، ولكن احدكم يقوم بتصليح القهوة لأخوياه ، وقام غريب الشلاقي بصفته شمري وصاحب البيت شمري ، فقام وصلح القهوة وبعد لحظة أطلت عليهم صاحبة البيت وقالت لهم : إن الصندوق الذي بجانب الدلال فيه كيس كبير ، مليان دخان ودفاتر دخان ، إذا فيكم أحد يدخن ، وأضافت تقول : إن صاحب بيتنا لا يشرب الدخان ، ولكنه يشتريه لأجل الضيوف ، وفرحوا آل شعلان ولم يصدقوا هذا الكلام ، ولكن عندما فتحوا الصندوق وجدوه كما قالت ، وقاموا وعبوا أكياسهم من الدخان ، وارتاحوا جداً ، وماهي إلا لحظات حتى قلطت لهم صحن كبير وفيه خروف ، ويعلو فوقه كتلاً من الزبد ، وبجانب الصحن سطولاً من اللبن.
وقالت لهم : تفضلوا على حساب الذي ( إذا حضر تقصى وإذا غاب وصى) ، وهي تقصد بذلك زوجها الغائب ، حيث تقول : إن زوجها إذا كان حاضراً فأنه يتقصى ويتكلف جداً من أجل إكرام الضيف، وعندما يغيب يوصي أهله على إكرام الضيف الذي يأتي بعده ، وعندما سمعوا الشعلان قول هذه المرأة أعجبوا غاية الإعجاب بحسن ضيافتها ، وحسن كلامها ، فسألوا أحد الصبيان الصغار وقالوا له من صاحب هذا البيت ؟
فقال لهم : إنه ابن دهيثم ، وابن دهيثم عزيزي القارئ هو من المختار من الغفيلة من سنجارة من شمر ، وبيت الدهيثم مشهور بالكرم والسخاء والجود ، ولهذا أقول : لله در كل الأجاويد والطيبين في كل مكان وزمان ومن أي جنسٍ كانوا .
منقول من كتاب عندما تكون المثائل دلائل على أفعال الجدود الاوئل
للمؤلف الاديب المؤرخ الشاعر نهار بن هيشان الوبير الشمري ...
المفضلات