قرأ قائد الثور البيان الأول للثورة و قال :
"قامت قواتك المسلحة بالإطاحة بالنظام الرجعي المتخلف المتعفن الذي أزكمت رائحته النتنة الأنوف"
ثم بشرنا القائد في نفس الإعلان بجمهورية " صاعدة، سائرة في طريق الحرية و الوحدة و العدالة الإجتماعية كافلة لأبنائها حق المساواة ، فاتحة أمامهم أبواب العمل الشريف ، لا مهضوم ، ولا مغبون و لا مظلوم ، لا سيد ولا مسود بل إخوة ......"
أريد أن أسأل قائد الثورة هل مازالت هذه الكلمات سارية المفعول؟ هل ستقوم ثورة كلما وجدنا نظاماً متخلفاً و رائحة الفساد فيه تزكم الأنوف؟ إذا كان الأمر كذلك فلماذا لا يقوم الليبيون بثورة ضد الفساد و حياة البذخ و الإسراف التي يعيشها الفاسدون ممن حولك من ابناء عمومتك و من الثوريين ؟ رائحة الفساد المالي و الخلقي للأتباع و الوزراء و الثوريين و المتسلقين لم تزكم أنوف الليبيين فقط بل سدت مناخيرهم لدرجة لم يعد الليبيون قادرون على شم رائحة الفساد ، فهل ستقوم ثورة؟
الفاسدون قلة ، الرعب يملأ قلوبهم، البعض منهم هرّبَ أمواله إلى خارج ليبيا، البعض الآخر لم يشبع من الملايين التي لهفها ، فصار يمعن في سرقة أموال خصصت لمشاريع تخدم الناس، وعلى إثرها تعطلت مشاريع البنية التحتية ، فهل من ثورة ضدهم؟ إذا كان الأمر متعذراً عليك شخصياً، فهل يمكنكم تشكيل لجان مستقلة يقودها شرفاء يتحملون مسؤولية التحقيق مع الفاسدين ؟
ثم أسألك عن بشراك لنا في ليلة الفاتح بالحرية و العدالة و المساواة ، متى سنجني ثمار هذه البشارة ؟ أم أنك كنت تتكلم عن جنة الخلد؟ هل فتحت الحكومات المتتالية أبواب العمل الشريف أمام أبناء ليبيا؟ أم جعلتهم متسولين يلهثون وراء السلف و القروض التي أغرقتهم في الذل و الهم؟
سيدي القائد الحريات العامة تنتهك ، الشرفاء الذين يقولون كلمة الحق تم تفقيرهم وعزلهم، منطقة برقة بكاملها تعرضت للعزل والمحاصرة و الإذلال، قُتِلَ الناس بسبب أفكارهم و أرائهم فأين الحرية؟
الناس يفقدون وظائفهم، يولى عليهم أرذلهم لا أفضلهم ، كأنك صاحب المزرعة توظف من تشاء و تطرد من تشاء ، أذكرك بأن الليبيين شركاء في الوطن ، لهم حقوق و واجبات ، و الشراكة هي الضمانة الوحيدة لدفع الناس للذود عن وطنهم و المساهمة في بنائه . دعني أقول لك أن حوارييك و مريدِيك أثبتوا بجدارة بأنهم انتهازيون و فاسدون و جبناء، لا يريدون لأبناء ليبيا الشرفاء أن يساهموا في القرار السياسي و الإقتصادي الذي يهم جميع الليبيين ، أذكرك بأن هؤلاء هم من فروا من البلاد ليلة الغارة الأمريكية على طرابلس و بنغازي و أحرقوا ملفات المثابات الثورية.
بشرتنا بمجتمع ليس فيه مظلوم ، فأنظر ماذا فعل سجانو فندق الخمس نجوم ، قال أحد حواريك في لقاء متلفز أن السجناء في ليبيا يقطنون فندقاً من خمس نجوم ، في هذا الفندق قُتِلَ شباب ليبيون بدم بارد ، أنت نفسك وصفت الحادثة بأنها مأساة ، حكوماتك المتعاقبة لم تحقق في المجزرة برغم المطالبات ، و لم تعطِ أهالي الضحايا التعويض المناسب، بل عرضت عليهم تعويضات مهينة.
أما حال الوحدة الوطنية سيدي القائد فيدعو إلى الفزع ، تتعالى الأصوات في أماكن مختلفة في ليبيا بتقسيم ليبيا إلى ولايات ، برقة وفزان وطرابلس، السبب أو قل الأسباب كثيرة ، لكني سأكتفي بالقول بأن الوحدة و الحرية و المساواة لم تتحقق ، و ليس هناك عدالة في توزيع الثروة و لا في مشاريع التنمية ، هذا الأمر دفع بأصوات من الداخل و الخارج لتطالب بتقسيم البلاد. أهل الجنوب انتشر بينهم الفساد كنتيجة لإطلاق أيدي السراق و قطاع الطرق لإدارة الإقليم ، أستخدمت الفوضي لإحداث الفرقة بين الناس ، و تم التغاضي عن الإجرام فأصبح الخروج عن القانون هو القاعدة ، استحوذ أتباعك و رفاقك على كل شيء ، فظهرت أعداد من الناس المهمشين ، أذكرك بأن الفقر و العوز يدفع صاحبة دفعاً لإرتكاب ما قد لا يخطر على بالك و لا على بال صاحبه .
أبناء إقليم برقة – مثلهم مثل بقية أبناء الوطن- ساهموا في الجهاد مساهمة كبيرة ، ساندك بعض من أبنائها على القيام بالثورة، أنظر كيف أصبح اقليم برقة؟ عاصمة الإقليم أصبحت عفنة تعج بها الأمراض و الجرائم، نهب الفاسدون من الثوريين و رجال الأمن المواليين عاصمة برقة و مارسوا العسف على أبنائها ، الكبير و الصغير مقتنعون بأنك أنت سبب معاناتهم ، و ما زاد الطين بلةً إلا توقيفك لمشاريع بناء مناطق في جنوب بنغازي في الإجتماع الذي أمرت فيه فيه تشكيل مجلس وطني للتخطيط . إقليم طرابلس باستثناء العاصمة طرابلس ليس في أحسن حال، لكن حال ابنائه أحسن قليلاً، استمتعوا بالفرص التعليمية و الوظائف العليا داخل البلاد وخارجها، أقول أن أهل المنطقة الغربية أهلنا فإن أصابهم الخير و التقدم و الرقي فسنفرح لهم، و السؤال الذي أطرحه عليهم : هل هم فرحون بما يعانيه إخوتهم في إقليم برقة من ظلم وقهر و تفرقة؟ هل سيرفعون يوماً اصواتهم ليستهجنوا الظلم الذي وقع على إخوتهم من إقليم برقة؟
هناك فئة أخرى من الليبيين العائدين من أبناء عمومتك الذين عاثوا فسادا في ليبيا، تولوا وظائف في الدولة بالحق القبلي، سرقوا أموالاً و هربوها إلى خارج البلاد، باعوا نفط الليبيين لحسابهم الخاص ، أخذوا أموالا بحجة إقامة شركات في إفريقيا و لم ينجحوا، أحمد قداف الدم على سبيل المثال أنفق و لا زال ينفق أموالاً طائلةً في مصر على الراقصات و الحفلات ، تعهد ببناء مساكن لسكان منطقة منكوبة في مصر ، في الوقت الذي تجاهل فيه معاناة أسر ليبية تسكن الأكواخ و تعيش وسط المجاري و القاذورات . الليبيون لا يجدون مسكنا لائقا بهم ، يعيشون حياة بائسة ، السؤال هل ما أنفق أحمد قداف الدم من الأموال في غير طاعة الله و على أبناء عمومتك المصريين حدث دون علمك؟ هل لهذا الأمر علاقة بمشروع تغيير تركيبة السكان في برقة بجلب من يدعون بأنهم ليبيين من المصريين أمثال الجوازي و أولاد علي ؟
و أخيراً المليارات التي وعدت بها الإتحاد الأفريقي، هل الإتحاد أهم من ليبيا و من الليبيين؟ المراقبون لأحوال ليبيا يرون بأن الليبيين من الشمال إلى الجنوب و من الشرق إلى الغرب في حاجة لكل درهم يخرج من أرض ليبيا . ولدت بعد الثورة ، لم أعرف حاكماً إلا قائد الثورة ، و لم أعرف إلا النظام الجماهيري ، أستطيع أن أقول أنه نظامٌ متخلفٌ أزكمت رائحته النتنة أنوف العالم كله ، الحرية و العدالة و الوحدة كلمات نسمعها و لا محل لها في الواقع المعاش ، المظلومون و المهضومة حقوقهم و المغبونون كثر و لا منصف لهم ، البطالة ظاهرة يعرفها الجميع ، و العدالة الإجتماعية أكذوبة العصر.
باختصار أيها القائد عد إلى البيان الأول للثورة إقرأه و أنظر إلى حال البلاد و ستعرف عن أي شيء أتحدث.
المفضلات