الزفاف الحزين :ـ
الخليفة "المثقف " المأمون ـ عفا الله عنه ـ الذي أمهر " بودان " ابنة وزيره الحسن بن سهل مائة ألف دينار وخمسين مليون درهم وأهداها وبذخ عليها مالا يُحفظ له مثيل قبل عصرنا ، ومنح والدها خراج ثلاثة أقاليم إضافة إلى عشرة ملايين درهم في صورة متكررة من صور الترف الباذخ والفساد في بيت مال المسلمين الذي لم ينبعث له مجدد بعد عمر بن عبد العزيز رحمه الله .ولأن أكثر النساء بركة أقلهن مئونة كما جاءنا عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم فقد كانت بودان ليلة زفافها ممن تحرم عليهن الصلاة والصيام وما أن دخل عليها المأمون زوجاً مسروراً حتى خرج من غير أولي الإربة . وفي الصباح جاءه أحمد بن يوسف الكاتب مهنئاً " بالانتصار في المعركة حين اشتداد الحركة " لكن المأمون تنهد بحسرة وألم ممض قبل أن يجيب قائلاً :-
فارس ماضٍ بحربته ** صادقٌ بالطعن في الظلم
رام أن يدمي فريسته ** فاتـقتـه من دمٍ بـدم
لغة الرموز :-
سافر أبو العلاء المعري في رحلة مثيرة ماتعة من الشام لبغداد التي كانت موطن الحضارة والعلم والأدب ؛ وحضر مجلساً أدبياً راقياً في منزل الشريف المرتضى ؛ وفي ثنايا حديث هذا المنتدى انتقص الشريف من شاعريّة المتنبي وكان شيخ المعرة يجلّ أبا الطيب ويستكثر على الشريف انتقاده فقال من فوره : يكفيه ـ أي المتنبي ـ أنه القائل :-
لكِ يا منازل في القلوب منازل ** أقفرت أنت وهن منك أواهلُ
فاحمر وجه المرتضى وتغيظ وصاح بغلمانه أن أخرجوا هذا الأعمى الحقير .!؟ وحين استفسر الحضور عن سبب هذا الانزعاج المفاجئ من بيت شعرٍ ليس فيه ما يريب أجابهم المرتضى قائلاً : لقد كان هذا الأعمى يقصد قول المتنبي في نفس القصيدة :-
إذا أتتك مذمتي من ناقصٍ ** فهي الشهادة لي بأني كاملُ
فعجبوا من ترميز أبي العلاء ومن فهم المرتضى .!!
المدح الكاذب :-
عاتب الخليفة المأمون الشاعر الماجن أبا نواس قائلاً : ماذا أبقيت لنا إذ قلت في الخصيب أمير مصر :-
إذا لم تزر أرض الخصيب ركابنا ** فأي فتىً بعد الخصيب تزورُ؟
ولأن الشعر لا يعذب بغير المبالغة والشعراء يجري في دماء كثير منهم أمشاج خاصة للمدح الكاذب يتأكلون به ويقصمون ظهر الممدوح فقد أجاب أبو نواس قائلاً :
إذا نحن أثنينا عليك بـصـالحٍ ** فأنت كما نثني وفوق الذي نثني
وإن جرت الألفاظ يوماً بمدحة ** لغيرك إنساناً فأنـت الذي نعني!!
وفي الختام أشير إلى كثرة هذه القصص وأمثالها في كتب الأدب وإنما اخترت هذه النماذج لشهرة شعرائها ولاحتوائها على مادة مفيدة .
ولكم التحية
المفضلات