مساء الخير
مغامر جسور أباً عن جد، كان جده أول من وصل إلى أعلى طبقة جوية، وكان والده أول من بلغ أعمق نقطة في قعر المحيطات. والآن بدأ بيكار في السير على خطاهما، فحلق بمنطاده حول العالم وطوّر طائرة عملاقة لا تحتاج لقطرة نفط واحدة.
سيحلق برتران بيكار حول العالم بطائرة شمسية عام 2014
في طفولته حلم برتران بيكار أن يحلق بجسده الصغير عالياً في الهواء بعيداً، ولم تتحقق أمنيته إلا عام 1999، حين طاف بمنطاد هوائي حول الأرض، بعد محاولتين فاشلتين، متمكناً من تحقيق رقم قياسي عالمي. ومنذ ذلك الحين دخل الطبيب النفسي برتران بيكار عالـَماً جديداً برؤية جديدة بخطوات فيها كثير من المغامرة لكنها متأنية ومدروسة. برتران بيكار البالغ من العمر اليوم اثنين وخمسين عاما لا تزال عيناه تبرقان بفضول استكشاف طفولي.
حلم الثورة الخضراء
وبمساعدة 60 من المهندسين وعلماء الفيزياء قام بيكار بتطوير طائرة وزنها وزن سيارة، لكن حجمها بحجم طائرة إيرباص عملاقة. ولا تعمل هذه الطائرة بالكيروسين بل بالطاقة الشمسية التي تستمدها الطائرة أثناء النهار من خلال الخلايا الشمسية المنتشرة على سطحها. وفي الوقت نفسه يتم شحن بطاريات الطائرة أثناء النهار، لذا فهي قادرة على الطيران ليلاً، من دون قطرة وقود واحدة.
تتوجت أولى الرحلات الجوية التجريبية للطائرة الشمسية بالنجاح، بعد أن كلف مشروع بنائها سبعين مليون يورو، وينوي برتران بيكار التحليق بها حول العالم عام 2014.
الاستغناء عن مصادر الطاقة الاحفورية كالنفط والغاز والفحم واستغلال موارد الطاقة المتجددة كالريح والطاقة الشمسية هي أهم ما يميز الطائرة. وعن ذلك يقول بيكار: "ستكون هذه الطائرة وسيلة نقل مستدامة"، وهذا يعني أن طاقتها لا تنضب ولا تنتهي. ويتابع بيكار قوله بسخرية متسائلاً: "لماذا نعتمد على موارد الطاقة الأحفورية التي يصبح سعرها أغلى من يوم إلى آخر وستنتهي يوما ما؟ موارد الطاقة المتجددة أقل تكلفة، كما أنها متوفرة".
بعد عملية تطوير قادها برتران بيكار استمرت ستة أعوام تم تجريب الطائرة الشمسية فوق جبال الألب في إبريل/نيسان 2010
ومسألة الطاقة المتجددة ليست مسألة موضة بالنسبة إليه: "ليست القضية قضية بناء عدد قليل من السيارات الكهربائية والسيارات الهجينة الباهظة الثمن والبطيئة السرعة ليقتنيها المهوسون بكل ما له علاقة البيئة"، فالتقنية الخضراء تجعلنا نستقل من عبودية الموارد الأحفورية الآخذة في النضوب، ويجب أن تكون متاحة لعامة الشعب وبأسعار معقولة.
لا يؤمن بالمستحيل
لا يقوم برتران بيكار بالبحث العلمي في أبراج عاجية منفصلة عن الواقع في مختبرات الجامعات، لكنه يحاضر في المنابر العلمية ويجري محادثات مع ساسة الاتحاد الأوروبي ويشرح لوسائل الإعلام المرموقة "رؤيته الخضراء". ويقول وابتسامة عريضة ترتسم على محيّاه: "أنا لا أؤمن بالمستحيل". وله الحق في أن يقول ذلك، فعدم إيمانه بالمستحيل ينبع من صميم تقاليد عائلته الرائدة في الاستكشافات العلمية.
المفضلات