جزاكم الله خير وشكر الله لكم حضوركم
وأسأل الله العلي العظيم في هذه الساعة
أن يتقبل منا ومنكم صالح القول والعمل
وأن يرزقنا الإخلاص فيه وأن يقينا شر
أنفسنا والشيطان وأن يكون عونا لإخواننا
في جدة وأن يفرج ما بهم من كرب عاجلاً
اللهم آمين


في أمان الله






"إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ"

يقول صلى الله عليه وسلم: " مَنْ بَطَّأ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِع بِهِ نَسَبُهُ" رواه مسلم .يعني أن من كان عمله ناقصاً ، لم يلحقه بمرتبة أصحاب الأعمال ، فينبغي ألا يتكل على شرف النسب وفضيلة الآباء ، ويقصّر في العمل.

قال أبو العتاهية :

هل ينفـــع المــرء في فهــامته .... من عقــل جدٍ مضى وعقل أب
ما المــرء إلا ابن نفسـه فبهــا .... يعرف عند التحصيل لا النسب
كن ابن من شئت واكتسب أدباً .... يغـــنيك محمــــوده عن النســب


وروي انّه نشأ ببغداد غلامان أحدهما أبن حجام والآخر أبن مراق ، فبرعا في الأدب. فخرجا ليلة وهما ثملان من نبيذ ... فأخذهما العسس فأتوا بهما إلى صاحبهما. فلما مثلا بين يديه قال لهما: ما أخرجكما جوف الليل؟ فقالا: القدر والقضاء. فقال من أنتما ؟ .

فقال أبن المراق :

أنا أبن الذي لا تنزل الدهــر قـدره .... وإنَّ نزلت يوما فسوف تعود
ترى الناس أفواجا إلى ضوء ناره .... فمنهـــم قـــيام حولهـا وقعود


وقال أبن الحجام :

أنا أبن من ذلت الرقاب له .... ما بين مخزومها وهاشمها
تأتيه طــوعا إليه خاضعة .... يأخذ من مالهـا ومن دمها


فقال في نفسه: الأول من أبناء الكرام، والثاني من أبناء الملوك، فقال لأعوانه: خلوا عنهما ، فلما انصرفا ... أخبر بأمرهما، فاسترجعهما بالغد وقال لهما: ويحكما! خدعتماني .

فقالا : ما خدعناك إلاّ بما هو صفة والدينا .. فلما تأمل كلامهما وجده صدقا , وقال : انطلقا ! من لم ين منكما شريفا فلقد كان ظريفا.

وحكي أن رجلا تكلم بين يدي المأمون فأحسن فقال ابن من أنت قال ابن الأدب يا أمير المؤمنين قال نعم النسب انتسبت إليه ... ولهذا قيل المرء من حيث يثبت لا من حيث ينبت ومن حيث يوجد لا من حيث يولد قال الشاعر :

كن ابن من شئت واكتسب أدبا .... يغـــنيك محمــوده عن النسب
إن الفـــتى من يقـــول هــــأنذا .... ليس الفتى من يقول كان أبي .