قال تعالى: "كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون"، الغرض من الآية الكريمة، كما جاء في تفسير ابن كثير، هو ذمهم على خطئهم بحق أنفسهم بعدم فعلهم للخير الذي يأمرون به، إذن من أكبر الظلم عند الله أن تأمر بالبر ولا تفعله وأن تنهى عن المنكر ولا تنتهي.
هذا ديننا، أرشدنا لما هو صائب ولم يترك لنا أمرا من الأمور إلا وضحه وأبانه، لكن ماذا بعد ذلك!!، ماذا عن أقوالنا وأفعالنا!!، لن يحاط حديثي اليوم بإطار ديني فحسب إنما سيتعدى إلى كل ما هو اجتماعي إنساني، فأفعالنا على مختلف الأصعدة بحاجة إلى إعادة هيكلة بما يتناسب مع أقوالنا، وأقوالنا بحاجة إلى ضبط لا تتعدى من خلاله حدود مقدرتنا الفعلية.
لماذا نظل نقدم الوعود الصعبة على طبق من ذهب!!، ونتحدث عن تجاربنا التي يخيل للسامع أن حصرها مستحيل بينما هي لم تتعدى حدود السطر في كتاب حياتنا!!، لماذا يحث الأب أطفاله على المثالية بينما لا يعرف منها سوى أسمها!!، لماذا تتحدث المعلمة عن الاجتهاد وهي لم تصل حتى لأول درجة من سلمه!!، لماذا تأمر المديرة بالانضباط وهي أول من تعصى هذا الأمر!!، بل ولماذا يحرك القيادي أفراد المجتمع نحو أماكن يخشى هو دخولها!!.
تساؤلات كثيرة تتوارد إلى ذهن كل من يلتقي بأحد أفراد مجموعة يقولون مالا يفعلون، ولعدم توفر أي تفسير منطقي لتلك التساؤلات نتبع ودون أن نشعر خطى تلك المجموعة لننظًم بعدها لهم ونساهم بشكل أو بآخر في اختلال توازن ميزان المصداقية في المجتمع ككل.
رسالة أوجهها لكل أب وأم، لكل معلم ومعلمة، مدير ومديرة، قيادي وقيادية بل أوجها لكل انسان وانسانة على وجه الكرة الأرضية ينتمون بشكل أو بآخر إلى الفئة المذكورة بغض النظر عن نسبة انتمائهم لها، لنكن صادقين مع أنفسنا قبل أن نكن صادقين مع أي شخص آخر، فاحترامنا لذاتنا الصادقة يفرض احترام الغير لنا، وإن لم نثق بأنفسنا، باقوالنا وأفعالنا، من ذا الذي سيثق بنا، فمن الجميل أن يكون لك تأثير على غيرك بشكل مباشر او غير مباشر إلا أن الأجمل أن يكون ذلك التأثير إيجابي.
ليس العيب أن لا نقدر على فعل أمر ما إنما العيب أن نتظاهر بتلك القدرة، وليس العيب أن نتحدث عن الواجب والمفروض إنما العيب أن لا نطبق ما نتحدث عنه، ولنتأكد بأن حقيقتنا ستظهر يوما ما، أو لربما هي ظاهرة بالرغم من محاولاتنا الجلية لاخفائها، حينها ستتحطم صورتك كأب لدى أبنائك، كمعلمة لدى طالباتك، كمديرة لدى موظفاتك وكقيادي لدى أفراد المجتمع أجمعهم، سيتلاشى القدوة وربما سيتوه المقتدي.
أحبتي أعضاء مجموعة "يقولون ما لايفعلون" ليكن هذا المقال وثيقة انضمام لمجموعة "لا يقولون ما لايفعلون" ولتكن هذه المجموعة نقطة انطلاق لحياة تتوازى فيها أقوالكم مع أفعالكم، وتذكروا دائما "إن لم نصدق مع أنفسنا ونتق بها فمن ذا الذي سيصدقنا ويثق بنا"!!.
بإنتظار تعليقاتكم
منقول
المفضلات