الإِفراد - القِران - التَّمتع.
ويُسن للمسلم أن يحدد عند الإِحرام أيَّ وجه من هذه الوجوه يريد، فإذا أحرم دون أن يقصد أحد هذه الوجوه يصح إحرامه وحجُّه إن فعل أحد هذه الوجوه. ويجوز لمن نوى التمتع أن يعدل عنه إلى القران، كما يجوز للمفرد أن يعدل أيضًا إلى القران، ويجوز للقارن أن يعدل للإِفراد على أن يتم العدول قبل الطواف. ونشرح الآن بإيجاز هذه الكيفيّات الثلاث:
أولاً: الإِفراد:
هو أن ينوي عند الإِحرام الحج فقط ويقول: (لبيكَ بحجٍ) فيدخل مكة ويطوف طواف القُدوم، ويبقى محرمًا إلى وقت الحج، فيؤدي مناسكه من الوقوف بعرفة والمبيتِ بمزدلفة، ورمي جمرة العقبة، وطواف الإِفاضة والسَّعي بين الصفا والمروة، والمبيت في منى لرمي الجمرات أيام التشريق، حتى إذا أنهى المناسك بالتحلل الثاني خرج من مكة وأحرم مرة أخرى بنيَّةِ العمرة، إن شاء، وأدَّى مناسكها.
والإِفراد أفضل أنواع النسك عند الشافعية والمالكية؛ لأنه لا يجب فيه دم. ووجوب الدم إنما يكون لجبر النقص الحاصل. كما أن حجة الرسول (صلى الله عليه وسلم) كانت عندهم بالإِفراد.
ثانيًا: التمتع:
وهو أن ينوي أولاً أداء العمرة فيحرم بها من الميقات، ويقول: (لبيك بعُمرة) ويدخل مكة ويتم مناسكها من الطواف والسَّعي والحلق أو التقصير، ثم يتحلل من الإِحرام، ويحل له كل شيء حتى النساء، ويظل كذلك إلى يوم الثامن من ذي الحجة فيُحرم بالحج ويؤدِّي مناسكه من الوقوف بعرفة وطواف الإِفاضة، والسعي وسِواه، فيكون قد أدى مناسك العمرة كاملة ثم أتبعها بمناسك الحج كاملة أيضاً. والتمتع هو أفضل الأنواع عند الحنابلة.
ويشترط لصحة التمتع أن يجمع بين العمرة والحج في سفر واحد، وفي أشهر الحج، وفي عام واحد عند جمهور الفقهاء، وزاد الأحناف شرطًا آخر هو أن لا يكون مكيًّا وذلك لقوله تعالى: {... فمن تمتَّع بالعُمرةِ إلى الحج فما استَيْسرَ من الهَدْي فمن لم يجدْ فصيام ثلاثة أيامٍ في الحج وسبعة إذا رَجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهلُه حاضري المسجد الحرام...} [البقرة: 196]. والضمير في "ذلك" راجع عند الأحناف إلى التمتع بالعمرة، بينما أرجعه الآخرون إلى الهَدي أو الصيام.
ثالثًا: القِران:
وهو أن ينوي عند الإِحرام الحج والعمرة معاً فيقول: (لبيك بحج وعمرة) فيدخل مكة ويطوف طواف القدوم، ويبقى محرمًا إلى أن يحين موعد مناسك الحج، فيؤديها كاملة من الوقوف بعرفة، ورَمي جمرة العقبة، وطَواف الإِفاضة، والسعي بين الصفا والمروة، وسائر المناسك، وليس عليه أن يطوف ويَسعى مرة أخرى للعمرة، بل يكفيه طواف الحج وسعيه؛ لأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لعائِشة: "طوافك بالبَيْت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعُمرتك" رواه مسلم.
والقِران هو أفضل أنواع النُّسك عند الأحناف.
ويجب على المتمتع والقارن هدي، وأقله شاة، فمن لم يستطع فعليه صيام عشرة أيام:
ثلاثة منها في الحج، أي في وقت الحج بعد الشروع فيه بالإِحرام، والأفضل أن تكون في عشر ذي الحجة، ويجوز صيامها أيام التشريق أيضًا لحديث البخاري: "لم يرخص في أيام التشريق أن يُصَمْن إلّا لمن لم يجد الهدي" وإذا فاته صيام الأيام الثلاثة في وقتها، وجب عليه قضاؤها.
وسبعة إذا رجعتم، أي إلى بلادكم. ولا يشترط التتابع لا في الثلاثة الأولى، ولا في السبعة الأخيرة.
كتاب الحج والعمرة للشيخ فيصل مولوي
المواقيت:
وهي نوعان:
1- المواقيت الزمانية:
هي الأوقات التي لا يصح شيءٌ من أعمال الحج إلّا فيها، قال تعالى: {الحج أشهر معلومات} أي وقت أعمال الحج في أشهر مُحددة. واتفق العلماء أن أشهر الحج هي: شوّال وذو القعدة وعشرة أيام من ذي الحجة، واعتبر الإِمام مالك شهر ذي الحجة كله من أشهر الحج.
والإِحرام بالحج قبل دخول أشهر الحج يَصح مع الكراهة عند جمهور العلماء.
2- المواقيت المكانية:
وهي الأماكن المحددة التي لا يجوز لحاج أو معتمر أن يتجاوزها إلّا محرمًا. وقد حددها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في حديث ابن عباس: أنه وقَّت لأهل المدينة ذا الحُليفة، ولأهل الشام الجُحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يَلَمْلَم، وقال: "هن لهم، ولكل آتٍ أَتى عليهم من غيرهن ممَّن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة" رواه الخمسة.
ذو الحليفة: مكان قريب من المدينة المنوّرة (10 كلم تقريبًا) على الطريق إلى مكة، ويبعد عن مكة 450 كلم، وفيه بئر يسمى بئر علي.
الجحفة: تبعد عن مكة 157 كلم، وقد ذهبت معالمها، والحجاج اليوم يحرمون من رابغ وهي تبعد عن مكة 204 كلم.
قرن المنازل: جبل شرقي مكة يبعد عنها 94 كلم.واسمه الآن السيل الكبير
يَلَمْلَم: جبل جنوب مكة ويبعد عنها 54 كلم. ويحرم الناس الآن من قرية السعدية .
5- ذات عرق : ويسمى الضَريبة يبعد 100كم عن مكة ، وهو مهجور الآن لا يمر عليه طريق .
وإذا لم يمر الحاج على أحد هذه المواقيت فإنه يحرم بحذاء أقرب ميقات إليه، كما حد عمر لأهل العراق (ذات عرق)؛ لأنها بحذاء قرن المنازل، وهي تبعد عن مكة 100 كلم لجهة الشمال الشرقي.
ـ من كان داخل حدود المواقيت كأهل جدة ومكة فإنه يحرم من مكانه
تنبيه : هذه المواقيت لمن مر عليها من أهلها أو من غيرهم .
ـ من لم يكن على طريقه ميقات أحرم عند محاذاته لأقرب ميقات
وهذه المواقيت مجموعة في قول الناظم:
عـرق العراق يلمـلم اليمن =وبذي الحليفة يحرم المدني
والشام جحفة إن مررت بها =ولأهل نجد قـرن فـاستبن
بقي أن تعلم - أخي الحاج - أنه لا يجوز للحاج أو المعتمر تجاوز هذه المواقيت إلا بعد الدخول في نية الإحرام وارتداء لباس الإحرام، إن كان مريدًا للنسك، وتفصيل هذا تقف عليه في المشاركات القادمة والله الموفق .
المفضلات