خطبة جمعة اليوم
29/10/1431
بعنوان
((( أيها الشباب )))
كتبها / عبدالله بن فهد الواكد
إمام وخطيب جامع الواكد بحائل
الخطبة الأولى
ما من أمة بلت .. ولا أخرى علت، إلا ولها شعار ترفعه ، ووسام تفتخر به، وسلم ترتقي به ، ورداء تزدهي به ، تجالد به أعداءها وخصومها ، هم شريحة من أي مجتمع ، بل هم عماده ، وهم مجامع قوته ، وهم زناد سلاحه ، بدونهم لا تقوم لأمة قائمة ، وبفقدانهم تبقى الأمة حبيسة التخلف والضعف ، قابعة في مؤخرة الركب ، لابسة أثواب الذلة والصغار ..
إنهم .. الشباب .. أنتم أيها الشباب ، نعم أنت وأنت وأنت ، نعم أنت ، أتستصغر نفسك ، إياك ، بل استكبرها ، تسموا بك عنان المجد ، وإذا كانت النفوس كبارا
أنتم أيها الشباب ، عماد الأمم ، وسلاح الشعوب ، أنتم من تؤثرون في الأمة سلبًا وإيجابًا ، أنتم من تدفعون عجلة التأريخ نحو أمل مشرق ، ومستقبل زاهر ، ولذلك يهلك الأعداء أنفسهم في إغراق الشباب ، في وحول المخدرات ، ومستنقعات الشهوات ، ليحطموا رجاء الأمة وأملها ، ويكسروا أعناق تطاولها ، يوهنون عزائم الشباب ، ليديروا أمتهم إلى الوراء جهلاً وحمقًا ، ليوجهوا الأمة ، نحو مفاهيم منكوسة ، وسلوك أرعن ، ومسلك أهوج ، وقلب صفحات التاريخ ، تجد في عبابها العجب العجاب ، الشباب قوة الأمم ، وفخارها وذخرها وسندها ،
فيا فلذة كبدي ، ويا نياط قلبي ، ويامجامع مشاعري ،
كلمات ملؤها الصدق والوفاء، دفعني لها حب أمتي ، أمة الإسلام ، وحب بلادي وموطني وحبك أيها الشاب ، وحب الخير لك ، جعلني أكسر تلك الحواجز الوهمية ، التي حالت بيني وبينك ، بل ربما حالت بينك وبين من يحبك من أسرتك وأقربائك ..
فأرعني منك مسمعا ، ليكون النداء من القلب إلى القلب، والحديث من الروح إلى الروح ،
دعنا نتحدث بكل وضوح وصراحة وموضوعية ..
من الخليفة في الأمة إذا ذهب العلماء ، وذهب الفقهاء ، وذهب الدعاة ، وذهب المفكرون ، وذهب العاملون ، وذهب المصلحون ، وذهب الأباء والأمهات ، إذا ذهب هؤلاء الرجال الذين من حولك ، من سيسد مكانهم ، ومن سيكمل بناءهم ، هل ترضى أن يسد مكانهم جاهل أحمق ، ظالم عربيد ، منكوس الفكر منهزم التوجه ، أتسد مكانهم النساء ، إذا كنت لا ترضى ، فشمر إلى أماكنهم ، الأمة لا تريد كمَّا ، إنما تريد نوعا ، ما حاجة الأمة بمئات من الشباب ، تركوا الدراسة ، وعطلوا عن العمل ، وأشغلوا الناس والجهات الرسمية ، باللفيف والحفيف ، والصخب والإزعاج ، والدبيب والخبيب ، والتجوال والتسكع والتفحيط ، أيسرك أن تكون مزعجا في المجتمع , حياتك إيذاء وظلم ، وهدفك تهيؤ وحلم ،
مصعب بن عمير رضي الله عنه ، أتدري كم كان عمره ، يوم أن بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ، إلى المدينة ، كان في مثل يفاعتكم ، كان عمره ثماني عشرة سنه ، إختاره من بين الصحابة جميعا ، وفيهم من هو أكبر منه سنا ، ومن هو أكثر منه جاها ، إختار هذا الشاب الزكي الذكي ، ليكل إليه أعظم القضايا ، وأخطر الخطى ، يلقي بين يديه ، مصير دار الهجرة ، ومستقبل الدعوة ، لم يكن في المدينة يوم أن جاءها مصعب ، غير أولائك الإثني عشر مسلما ، أهل بيعة العقبة ، وفي موسم الحج التالي ، جاء سفير الدعوة ، وحبيب الأسوة ، مصعب بن عمير ، أجاء وقد تعلم الموضات ، واللبسات والقصات ، والحركات الشبابية في المدينه ، وعاد ليبثها في مكة ، خلاه وعداه ، وحاشاه وكلاه ، جاء مصعب بن عمير رضي الله عنه وأرضاه ، وقد أسلم أهل المدينة عن بكرة أبيهم ، ساداتهم ورجالهم وأبناؤهم ونساؤهم ، لم يكد يمضي على رحلته الدعوية سوى بضعة أشهر ، حتى جاء مصعب بن عمير ، إلى مكة في الحج ، ومعه سبعون رجلا وامرأة ، جاءوا مناديب عن قومهم ، لمبايعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
آهٍـ , كم شمخت الثريا عن الثرى ، وكم شتت الضحى حنادس الدجى ، وكم تجاوز السمو رقاب الدنو ، كم هو بون شاسع ، ونجعة مترامية الأطراف ، بيننا وبين هؤلاء العمالقة
آهِ كم بين أديم الأرض وأفاق السماء
آه كم بين الدجى والشمس من ليل وضياء
أمة الإسلام كانت أمة عملاقة
فورثنا المجد منهم وتركناه غثاء
أيها اليافع قم وانهض وشمر لغد
أطلب العلم ونل فيه مقام العلماء
، ، أيها اليافع الغض الطري ، أيها المؤمل ، ذب عن نفسك هذا الركون ، واطرح عنك جلباب الكسل ، إليك عن رفقاء التثبيط والتكسيل ، الصاحب الكسول :
الأمة أيها المسلمون : لا تسموا إلا بالعقول ، الأجساد ما رفعت الفيلة ، وما سودت البعير ، والعقول لا تصل مقامات الدقائق من العلوم ، والنوادر من المعارف ، بصاحب كل كسول ، القافلة إذا كان فيها جمل منقطع تأخرت القافلة بأكملها ، فلا تكن كلا على أمتك ، وحملا على مجتمعك ، لا تصحبن إلا من يشمخ بك العلياء ، أوما سمعت قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل))..
وروى البخاري ومسلم عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما مثل الجليس الصالح، والجليس السوء كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك، إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة)).
أيها الأخ المسلم : صاحبك ، الذي يقربك لما يرضي الله ؟ ويعينك على الصلاة .. ويبعدك عن المعاصي والسيئات ويحرص على نجاحك وتفوقك ، ويحثك على الخير ، وإن لم يكن كذلك فهو عدوك وليس صاحبك ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّـٰلِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ ياٰلَيْتَنِى اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ياٰوَيْلَتَا لَيْتَنِى لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً لَّقَدْ أَضَلَّنِى عَنِ الذّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِى وَكَانَ الشَّيْطَـٰنُ لِلإِنْسَـٰنِ خَذُولاً [الفرقان:27-29].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
أيها الشباب : أنتم في مقتبل الدراسة ، فاحرصوا على الصاحب الذي يعينكم على التحصيل والنجاح واحذروا المثبطين
أيها المسلمون : أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم الذي آزره وسانده ، حُرم الإيمان وجنة الرحمن بسبب رفقة السوء والفسوق .. فتصور حال النبي صلى الله عليه وسلم وهو فوق رأسه يقول: ((يا عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله))، وشياطين الإنس يرددون: أترغب عن ملة عبد المطلب ..
ألا يكفي ذلك أن يتذكر المسلم ، فيعود وينيب ، ويعلم قيمة الصحبة الصالحة
ألا وصلوا وسلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
المفضلات