[c]
بسم الله الرحمن الرحيم
الا سلا م وموقفه من الشعر
جاءت شبهة التهوين من شأن الشعرعند من قالوا ان الا سلا م قد حط من شأن الشعر حتى اعرض العرب عنه اعتمادا على الا يات التي نزلت في سورة الشعراء في قول الله عز وجل (( والشعراء يتبعهم الغاوون الم تر انهم في كل واد يهيمون0 وانهم يقولون مالايفعلون الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ماظلموا وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون 0(1)
مع ان الذي يمعن بالنظرفي هذه الا يات البينات يجد ان القراءان الكريم انما يتحدث عن الشعراء المشركين الذين كانوا يهجون الرسول ويثبطون عن دعوته كما ان الا يات تنعي على هؤلا ء الذين يتخذون من الشعر وسيله لنشر الكذب والا باطيل ولا يرتدعون عن القول الزور والفاحش من الكلم ولا يتورعون بشعرهم عن النهش بالاعراض وهتك الحرمات ويطرقون في سبيل ذالك قال الشوكاني (2) في قوله عز وجل الشعراء يتبعهم الغاوون المعني ان الشعراء يتبعهم اي يجاريهم ويسلك مسالكهم ويكون من جملتهم الغاوون اي الظالون عن الحق ثم يبين سبحانه قبائح شعراء الباطل فقال الم تر انهم في كل واد يهيمون اي الم تر انهم في كل فن من فنون الكذب يخوضون وفي كل شعب من شعاب الزور يتكلمون فتاره يمزقون الاعراض بالهجاء وتاره ياتون من المجون بكل مايمجه السمع ويستقبحه العقل وتاره يخوضون في بحر السفهاء والوقاحه ويذمون الحق ويمدحون الباطل ويرغبون في فعل المحرمات ويدعون الناس الي فعل المنكرات ثم قال سبحانه وانهم يقولون مالا يفعلون اي يقولون فعلنا وفعلنا وهم كاذبون في ذالك وقد يدلون بكلا مهم على الخير ولا يفعلونه وقد ينسبون الى انفسهم من افعال الشر مالا يقدرون على فعله كما تجد في كثير من اشعارهم من الدعاوي الكاذبه والزور الخالص المتضمن القذف للمحصنات وانهم فعلوا بهن كذا وكذا وذالك كذب محض وافتراء بحت ثم استثنى سبحانه الشعراء المؤمنين الصالحين الذين اغلب احوالهم تحري الحق والصدق فقال الا الذين امنوا وعملوا الصالحات دخلوا في حزب المؤمنين وعملوا باعمالهم الصالحه وذكروا الله كثيرا في اشعارهم وانتصروا من بعد ما ظلموا كمن يهجو منهم من هجاه او ينتصر لعالم او فاضل كما كان يقع من شعراء النبي فأنهم كانوا يهجون من يهجونه ويحامون عنه ويكافحون الشعراء المشركين وينفحونهم ويدخل في هذا من انتصر بشعره لا هل السنه وكافح اهل البدعه وزيف مايقول شعراءهم وقال الزمخشري ( استثني الشعراء المؤمنين الصالحين الذين يكثرون ذكر الله وتلاوة القراءان وكان ذالك اغلب عليهم من الشعر واذا قالوا شعرا قالوه في توحيد الله والثناء عليه وللحكمه والموعظه والزهد والا داب الحقه ومدح الرسول وصاحبته والصالحين من الا مه وما لا بأس به من المعاني التي لا يتلطخون فيها بذنب وكان هجاءوهم على سبيل الا نتصار ممن يهجونهم) (3)
فاذا كان يتضح من ايات الله ان القراءان انما كان يهاجم شعراء المشركين الذين اذوا الرسول بالسنتهم وصدوا عن دعوته فأن معني ذالك ان القراءان لم يكره الشعر من حيث هو شعر وانما كره شعرا بعينه كان يؤذي رسول الله والمؤمنين وهو نفس الشعر الذي قال فيه الرسول ( لان يمتلىء جوف رجل قيحا يريه خيرا له من ان يمتلىء شعرا )(4) 00 وامتلاء الجوف بالقيح المفسد له خير من امتلاءه بالشعر محمول على من اقبل على الشعر واشتغل به عن ذكر الله وتلاوة القراءان وطاعة الله تعالى كما انه محمول على الشعر المتضمن للكذب والباطل كذكر الخمر ومحاسن النساء الا جنبيات ونحو ذالك (5)
ومن الملا حظ ان السيده عائشه رضي الله عنها قد رفضت هذه الروايه وقالت ( لم يحفظ ابو هريره الحديث انما قال رسول الله :- لا ن يمتلىء جوف احدكم قيحا ودما خير له من ان يمتلىء شعرا هجيت به)(6) ولا شك في ان الرسول وهو يقول ذالك في شأن الشعر الكاذب المفحش كان يقدر للكلمه الحكيمه قدرها وللشعر القويم فضله واثره كيف لا وهو القائل ( انا من البيان لسحرا) وفي رواية ( ان من الشعر لحكمه)
فليس اذا كل شعر غوايه بل منه مايتضمن اقامة الحق والحث على الخير وتهذيب النفوس وتقويم الهمم والعزائم واشاعة البر والمعروف بين الناس وهو مايرتضيه الله ويقره رسوله عليه الصلا ة والسلا م
والله اعلم
المراجع-
1_ سورة الشعراء 224_227
2- فتح القدير ج4 ص121
3- تفسير الكشاف للزمخشري
4- رواه الشيخان في صحيحهما من حديث ابي هريره 0 يقال ورى القيح جوفه يربه 0 اذا اكله وافسده
5- اضواء البيان للشيخ محمد امين الشنقيطي ج6 ص 309
6- الا جابه لا يراد مااستدركته عائشه على الصحابه للمزركشي ص 67
اخوكم فيصل اللويش
[/c]
المفضلات