العام الماضي كان صيفي مع عائلتي في أحدى الدول العربية الشقيقة ..
و من المواقف التي لا أنساها في اليوم الأول من تلك الرحلة ..
بأن وصلنا الفندق في وقت متأخر من الليل ..
كل أفراد عائلتي دخلوا غرفهم لــ نوم لم يبق سوى أنا و أخي
الساعة تقترب من الواحدة صباحاً لم يأتني النوم رغم التعب و الأرق .. !!
مرّه أتصفح المجلات و مرّه القنوات الفضائية و مرّه أخرج للبلكون لـ أتأمل منظر تلك المدينة الساحرة ليلاً ..
أشفق علي أخي و على حالتي هذه مع الملل و الأرق ..
فــ قال لي :" فطيم وش رأيك نطلع ساعة نتمشى و نشوف لنا مطعم يضبط القهوة العربية .."
كان ردي مباشرة : " وهو كذلك "
و أول مطعم صادفنا في آخر الشارع وهو الوحيد الذي مازال يستقبل الزوار حتى هذه الساعة المتأخرة ..
و حين أردت الدخول قال لي الحارس بلهجة حادة : " لو سمحتي هو بيفوووت .. أنتِ ما بتفوووتي "!!!
فـ أخذ نظري يتطفل لما يدور داخل هذا المكان الذي كما قال حارسه " لرجال فقط "!!!
كنت أظن أنه مكان محافظ يمنع فيه دخول النساء و له خصوصيته .. رغم وجود بعضهن لمََ أنا لالا .؟!
ســ أصف لكم ما شاهدته هناك من خلف نوافذه الزجاجية - لقطات سريعة و متكررة مازالت ذاكرتي تحتفظ بها - ..
هو مطعم أشبه بصالة الأفراح لدينا فيه طاولات للحضور .. و مسرح .. و فنانة تغني و نساء مع رجال يرقصون ..
و كان أغلب الحضور شباب يلبسون الزي السعودي و بعضهم متلطمين – ربما خوفاً
من أن تلتقطهم الأعين أو الكاميرات و يفضح أمرهم فــ اكتفى بالمشاهدة بــ صمت ..
و البعض الآخر ترجل لـ " يدبك " على المسرح بكل ما أوتي من قوة و كان قد ترك
عقلة على الطاولة من قبل الصعود عليه ..
أما النساء فيه كــ الشياطين تتراقص هنا و هناك ..
تغمز أحداهن لشاب أسمراني راق لها و تبدو عليه بوادر النعمة و الخير ..
فيأتي ليرد الجميل و يكافئها على الغمزة بــ مبلغ من المال يرشه على رأسها ..
فــ يفزع العامل - الذي أوكل من قبل لهذه المهمة - بسرعة البرق ليلمّ النأطه ..!!
و الأخرى تتمشى على المسرح لتستعرض جسدها و تغري الزبائن ببعض الحركات
و لا بأس بأن تجلس معه قليلاً أن أشار هو بالقبول أولاً.. لدردشة و شرب كأس من النبيذ ..
بعدها تغادر معه لمكان مبيته مقابل مبلغ من المال متفق عليه من قبل فالأسعار ثابتة
و معروفة رغم أنها ترتفع بعض الشيء في الصيف و لا سيما إذا كان الزبون سعودي الزي و الجنسية ..
أما فنانتهم المحترمة ..
لا تسمع مما تقدمه من فن سوى صرخات تدوي تكاد تخرق طبلة أذنك الثالثة ..
و كلمات أغنياتها يغلب عليها الإيحاءات الجنسية ..!!
و لتنادي بأعلى صوت - كــ نوع من التشجيع و الإشادة – مقابل أيضاً مبلغ معين على أسمه مرفقاً باسم قبيلته ..
و لا تسمع- و لله الحمد و بكل فخر و اعتزاز - سوى أسماء لقبائل معروفة في المملكة و دول الخليج ..
أغلب الظن أن من يحافظ على زيّه السعودي هناك - بالشماغ و الثوب -
للبحث عن الاحترام و ليصنع حوله هاله من الوقار و المهابة
و لا يعلم هذا المسكين بأنهم لا يحترمونه كثيراً بقدر ما يحترمون ما في جيبه أكثر ..
و حجة هؤلاء الشباب عند أهاليهم حين يحزم الواحد منهم حقائبه لسفر لنفس المكان
و لهذه الدول التي تتاجر - باللحم الرخيص- ( أما الذهاب مع الأصحاب لرحلة برّ أو لأداء فريضة العمرة )!!!
بل بعضهم لا يحتاج لاخترّاع حجج فأهله لن يكلفوا أنفسهم عناء السؤال: أين كنت في الأيام الماضية ..؟!
و كثيراً ما تسمع بعض الإعلانات و الترويج لسفر لمثل هذه الأماكن بين الشباب بعضهم البعض ..
مثل العبارة الشهيرة : " يا خي عييييييييييش حيـــــــاتك "!!
حقيقة ما يحزن قلبي أكثر من هذا كله ..
بأن الواحد منهم يعود بعد هذه الرحلة السعيدة و هاتفه النقال محمل بالصور و مقاطع
الفيديو لبعض العاهرات و بائعات الهوى .. لـ يجاهر بمعصيته ليفاخر بين أصحابه
ماذا فعل هناك و بمن التقى و كيف قضى أجمل و أمتع الأوقات بأقل سعر ممكن ..!!
و حين عدت إلى الفندق وجدت أن النوم هرب مني أكثر و أكثر بعد ما شاهدته ..
جلست اسأل نفسي :
- أهو ضعف الوازع الديني و جهل بتعاليمه هو من دفع شبابنا لارتكاب هذه المعصية ..؟!
- أم أن إغراءات و أثارات هذا الزمن المرئية منها و المسموعة كانت أقوى من قدرتهم في السيطرة على غرائزهم ..؟!
- أم أن الصحبة السيئة كان لها النصيب الأكبر ..؟!
:
هذه الأيام يستعد أهلي لرحلة لدولة عربية أخرى تنطلق بعد الامتحانات مباشرة ..
تذكرت يوم أمس و أنا أجهز بعض الحقائب هذا الموقف و لم أجد حتى الآن إجابات
ترضي تساؤلاتي أعلاه ..( ؟ )
المفضلات