صبحكم الله بالخير
حذر التقرير الأخير للأمانة العامة المشرفة على تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لحماية التنوع البيولوجي من الاستمرار في تجاهل الخروقات التي تهدد سلامة البحار والمحيطات، ويبرز من بينها تزيد نسبة النفايات والصيد العشوائي للأسماك
أغلب النفايات البحرية تأتي من مصادر برية
قد تتحول البحار والمحيطات إلى مجرد مزابل كبيرة، إذا لم تتوقف عمليات نهب ثرواتها السمكية و التخريب البيئي الذي تتعرض له في مناطق مختلفة من العالم. هذا ما حذرت منه الأمانة العامة المشرفة على تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لحماية التنوع البيولوجي في تقريرها الأخير حول الحالة البيئية للأرض. ويتزامن هذا التحذير مع تزايد الكوارث البيئية التي تكون البحار والمحيطات مسرحا لها. وكان آخر هذه الحوادث التلوث النفطي في عرض خليج المكسيك، الذي نتج عن تسرب كميات هائلة من النفط، كان مصدرها البئر النفطي الذي يقع على عمق 1500 متر قبالة ساحل لويزيانا في الولايات المتحدة الأمريكية.
وتلعب البحار دورا بالغ الأهمية في المحافظة على التوازن البيئي، وذلك بضمان حياة واستمرار وجود مجموعة من الكائنات؛ من بينها الإنسان الذي جعل من البحر منذ آلاف السنين أحد أهم مصادر غذائه. أما اليوم فقد أصبحت الحياة في البحار والمحيطات مهددة بفعل تزايد نسبة النفايات التي تأتي في الغالب من المصادر البرية مثل مخلفات المصانع ومياه الصرف الصحي، إضافة إلى مختلف أنواع القمامة التي تصل عبر الشواطئ.
البلاستيك أكثر أنواع النفايات خطورة
خبراء يدقون ناقوس الخطر بسبب ارتفاع نسبة النفايات في البحار
أظهرت تجربة لاختبار جودة مياه البحر، قام بها عالم الأحياء البحرية ثيلو ماك في أعالي البحار؛ على متن قارب "أسبرنسا" التابع لمنظمة السلام الأخضر العالمية، بأن أعداد القطع البلاستيكية الموجودة في عينات المياه المأخوذة، تفوق ست مرات عدد العوالق أو ما يعرف كذلك بالبلانكتون؛ وهي كائنات حية دقيقة تعيش في المسطحات المائية. ويقول ثيلو ماك بشأن هذه الملاحظة: "لا يبدو الأمر على شكل كومة قمامة تحوم حولها النوارس وتطوف بها الجرذان، لكن الأكياس البلاستيكية دائمة الحضور في أعماق البحار". ويتسبب هذا الوضع بعواقب وخيمة تؤثر على السلسلة الغذائية، لأن اللدائن تحتوي على كثير من المنتجات الكيميائية؛ يؤكد ثيلو ماك: "تنتقل هذه المواد الكيميائية السامة عبر عملية السلسلة الغذائية لتصل إلى الحيوانات، ثم إلى الإنسان في آخر المطاف".
تواصل استنزاف الثروات السمكية
تشكل الأسماك أحد أهم المكونات الغذائية المعتمدة في كثير من المطابخ العالمية، نظرا لفوائده الصحية. غير أن كثيرا من أنواع الأسماك لم تعد قابلة للاستهلاك بسبب التلوث الذي لحق بيئتها، وأصبحت مهددة في وجودها بسبب ممارسات الصيد المدمرة التي لا تراعي فترات الراحة البيولوجية المحددة، وانتشار عمليات الصيد غير الشرعية.
وقد فشلت مجموعة من المبادرات الدولية في إيقاف هذه الممارسات غير المسؤولة، التي تهدد استنزاف الثروة السمكية، كان آخرها المؤتمر الخامس عشر للاتفاقية الدولية لتنظيم الاتجار بالكائنات المهددة بالانقراض ومنتجاتها/CITES . خلال هذا المؤتمر، الذي انعقد في الدوحة في شهر مارس/آذار الماضي، فشلت بعض الدول في تمرير مقترحها بوضع سمك تونة البلوفين الشمالي في قائمة الأنواع المهددة بالانقراض. ويعتبر هذا النوع من أنواع السمك الفاخر التي تدر أرباحا طائلة. ويتم اصطياد ستون ألف طنا من البلوفين الشمالي سنويا، تحصل الأسواق اليابانية على حصة الأسد منها بنسبة 80 بالمائة.
تحويل بعض المناطق البحرية في ألمانيا إلى محميات طبيعية
الصيد غير المشروع يساهم في استنزاف الثروات السمكية
تحاول الدول الأوروبية تنفيذ سياسة مشتركة في مجال الصيد البحري، للحد من انخفاض مستويات مخزونها من السمك. وتعتبر ألمانيا من الدول التي تعاني من انخفاض مخزون السمك في مياهها الإقليمية، وهو ما حذرت منه ايلزا نيكل، رئيسة قسم حماية الطبيعة بوزارة البيئة الألمانية بالقول: "سياسة الصيد البحري في ألمانيا لازالت بعيدة كل البعد عن تحقيق التوازن في نظامها البيئي، فنحن لازلنا نصطاد كميات هائلة من السمك تفوق ما هو متاح لنا بيولوجيا".
وفي محاولة لإعادة الموارد السمكية إلى مستوياتها الطبيعية، قررت وزارة البيئة الألمانية إعلان بعض المناطق البحرية في ألمانيا محميات طبيعية. وتأمل بذلك إعادة توازن النظام البيئي لمياهها الإقليمية ودعم التنوع البيولوجي فيها. وتعتبر مثل هذه المبادرات التي تهدف إلى تصحيح الوضع البيئي في البحار والمحيطات، خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها تبقى غير كافية في ظل الخروقات البيئية التي تهدد البحار والمحيطات.
المفضلات