بسم الله الرحمن الرحيم
.
باب الواد اسطورة فلسطين عبرالتاريخ
كلما كانت منطقة معينةغنية بالحضارة كلما ازداد عدد الحروب فيها، لازدياد الطامعين في أراضيها وثرواتها
فلسطين لم تكن استثناء، فعلي مر التاريخ واجهت العديد من المعارك والحروب مع دول مختلفة وحضارات مختلفة وديانات مختلفة، هذه المواجهة فرضها الموقع الذي تتمتع به فلسطين من حيث كونها طريق مرور سواء من الشمال إلى الجنوب أو من الغرب إلى الشرق وبالعكس، مما أدى إلى وقوع عدد كبير من المعارك على أرضها، معارك كان لفلسطين أحياناً دخل فيها، وأحياناً أخرى كانت مجرد أرض تجري فوقها المعركة.
. وكان لمنطقة باب الواد النصيب الاكبر في وقوع اكثر معارك فلسطين اثارة مما اهلها لتكون اسطورة فلسطينية خالدة يتذكرها الاجيال
فباب الواد موقع اسراتيجي هام ولهذا كانت محط انظار القادة اللذين حكموا فلسطين ،وجبلت تربتها بدماء الصحابة والفاتحين وتشرف ثراها بزيارة امير المومنين عمر بن الخطاب والسلطان الناصر صلاح الدين الايوبي
فعبر التاريخ كان باب الواد ممرا وبوابة للطريق التي تربط بين سهل فلسطين الغربي بجبال القدس ففي هذا الواد اقتتل الكنعانيون والاسرائيايون ومر منه قادة الامبراطوريات الكبرى من الفراعنة والاغريق والرومان ومنه حارب صلاح الدين الايوبي الصلبيين بقيادة ريتشارد قلب الاسد سنة 1191م.
اما في العهد العتماني فقد اسندت حراسته الى اهالي قرية العنب القدماء مثل عائلة بخور واهالي ساريس وفي اوائل القرن الثامن عشر تسلمت مسووليته عائلة ابوغوش حسب ماهو موثق في سجلات المحكمة الشرعية بدءا من الشيخ محمد بن عبدالله الشهير بابوغوش الذي ينحدر من قبيلة شمر الطائية .
احتلت الجيوش الفرنسية بقيادة نابليون مصر عام 1798م.وبعد ان احكم احتلاله لمصر وجه ابصاره نحو عاصمة الخلافة الاسلامية
وهذا لا هدف لايتحقق الاعبر احتلال فلسطين وكافة بلاد الشام .تقدم الجيش الفرنسي نحو بلاد الشام فاحتل غزة ثم واصل زحفه شمالا واحتل الرملة وتمركز فيها .وعم الخوف والهلع كافة البلاد وخصوصا القدس حيث جمع حاكمها كبار القوم والمشايخ في القدس
فتعهد كل شيخ بتجنيد 500 مقاتل للدفاع عن المدينة في حالة اتجه نابليون نحو القدس .وكان من الذين تعهدوا امام الحاكم الشيخ عثمان
ابوغوش
درس نابليون المنطقة جيدا وعرف ان الطريق الى القدس غير امنة بسبب منطقتها الصعبة وخصوصا ان الطريق والمنطقة تحت مسوولية الشيخ عثمان ابوغوش .لهذا قرر نابليون المسير شمالا وهذا ما حصل حيث حاصر عكا التي كانت تحت حكم الجزار حيث صمدت في وجه نابليون فقرر نابليون الرجوع حيث انتهت احلامه عند اسوار عكا .
وعلى اعتابه وقف تحالف قبلي بقيادة ال ابوغوش لصد الجيش المصري بقيادة ابراهيم باشا عام 1834م.وفيه جرت المعارك الدامية بين الجيش الانجليزي وبين الجيش التركي اثناء الحرب العالمية الاولى.
حاول اليهود الاستيلاء على هذا الممر الاستراتيجي منذ اندلاع الحرب الاسرائيلية العربية فكان العرب لهم بالمرصاد يصدونهم عنه مرة تلو المرة.
كان العرب يعلمون اهمية هذا الممر بالنسبة لليهود لتمكنوا من تزويد حامياتهم المحاصرة في القدس بالمون والرجال ومعدات القتال وكان اول عمل قاموا به ان خربوا الطريق التي تمر منها القوافل اليهودية مسافة طويلة ,ليصبح
من العسير اجتيازهاكما قامو ايضا باعطاب انابيب المياه التي تاتي من راس العين لتزويد الاحياء اليهودية بمياه الشرب في مدينة القدس
البالغ عددهم مائة الف مهددون بالاستسلام او بالفناء حتى تدخلت بريطانيا باقتراح يقضي بوقف القتال اربعة اسابيع وتعيين الكونت برنادوت وسيطاً منتدباً من قبل هيئة الأمم مهمته التوفيق بين العرب واليهود
ويؤكدعبدالله التل في كتابه (كارثة فلسطين) أن الحكومة الأردنية لها دور كبير في الضغط على الدول العربية لقبول الهدنة ، ورغم ذلك فليس هناك جريمة أكبر من موافقة الجامعة العربية على شروط الهدنة التي قدمها برنادوت بدون قيد أو شرط ، فقد وافق أعضاء اللجنة السياسية على أكبر خطيئة في تاريخ الحروب بالشرق العربي ألا وهي السماح بفك الحصار عن مدينة القدس وإنقاذ مائة ألف يهودي كانوا على وشك التسليم أو الموت جوعاً وعطشاً ، ويقول التل " وافقوا قبل أن يفكروا قليلاً في نتائج ما أقدموا عليه ، وافقوا قبل أن يفكر أحدهم فيما سيقع بعد عشرة أيام فقط من ذلك اليوم المشئوم ، وافقوا لأنهم وثقوا في وفد الأردن في اللجنة السياسية وصدقوا رئيس الحكومة الأردنية الخائن .
وافقوا قبل أن يفهموا أن القدس هي كل شيء في فلسطين وأن من يحتلها ينهي المعركة كلها " .
لقد شارك شارون في هذه الحرب فعندما بلغ العشرين من العمر، كان قد اكتسب خبرة طويلة في القتال ضد العرب، ونظروا اليه كقائد وخبير. وخاض عدة معارك في عدة مواقع، الى أن وصل الى معركة باب الواد وهي المعركة التي قال انها تركت لديه أبلغ أثر. فقد هزم شارون في هذه المعركة هزيمة مضاعفة: فأولا لم يستطع التقدم نحو هدفه لاحتلال باب الواد بسبب المقاومة العربية الصلبة، وقتل 15 من جنوده وجرح 11 جنديا. وكان ينوي الاستمرار في القتال، لكن جنوده لم يسمحوا له واضطروه الى اصدار الأمر بالانسحاب والتراجع. وخلال الانسحاب أصيب برصاصة في بطنه ونزفت دماؤه لفترة طويلة، وكما روى في عدة مرات، فقد رأى الموت بعينيه وحاول منع جنوده من حمله، باعتبار أن حياته قد انتهت، فأصروا على حمله وبذلك اقذوه يقول شارون ذلك المشهد في مذكراته( لقد اعطيت الامر بالانسحاب .قلت في نفسي قد نخلص بجلدنا اذا لم يرفع العرب الذين امامنا رووسهم حتى ذهابنا لكنهم اذا بصروا بنا قتلونا حتى قبل ان نجتاز بضعة امتار .كنت عاجزا عن النهوض .كانت الحجارة تكشط جلد ركبتي اثناء زحفي وكان الدم لايزال يسيل على امتداد فخذي نظرت حولي فنتابني شعور غريب هذا المشهد لابد ان يكون الجحيم وادي الموتى كنت اشاهد من وقت لاخر الفلسطينيين الذين ينزلون التلة وكنت ابذل جهودا يائسة وانا ادب على اربع لاجتياز بضعة امتار اضافية واستطعنا النجاة وفجاة رايت المصفحة التي تنتظر وهي محملة بالناجين من المعركة
لم يصدق شارون ما جرى له في تلك المعركة، ولم يتقبل الخسارة، ولذلك فقد سعى في كل المعارك الأخرى التي خاضها أن يعوض خسارته. في سنة 1951 قام بعدة غارات حربية على غزة، التي أصبحت تحت الحكم المصري. وفي سنة 1953 استدعي لكي يؤلف فرقة كوماندوز خاصة لمكافحة عمليات التسلل التي نفذها فلسطينيون من الضفة الغربية نحو اسرائيل، وهربوا خلالها البضائع للتحايل على الجمرك واستغلها بعض المقاتلين لتنفيذ عمليات مسلحة ضد اسرائيل. وسميت فرقته بـ«الفرقة 101»، ومن أشهر عملياتها الدخول الى قرية قبية الفلسطينية لمطاردة متسللين، وطرد سكانها منها وتنفيذ مذبحة بحق كل من رفض الرحيل، وهدم بيوت القرية فيما بعد. ومعروف دور شارون في الحروب وفي المجازر، وقد أصيب مرتين أخريين بجروح، وكان أول من نفذ سياسة الاغتيالات في غزة سنة 1971. ونفذ الاختراق الكبير للجيش المصري في حرب أكتوبر 1973، التي أصيب خلالها بجراح في رأسه من شظية.
من كل هذه المعارك، خرج شارون أشد كرها للعرب، والأهم من ذلك خرج بالقناعة انه تصرف بشكل صحيح وانه تغلب على العرب، وانه في كل مرة يستطيع التغلب عليهم في التكتيك العسكري وفي التكتيك السياسي. وان القوة، هي اللغة الوحيدة التي يفهمونها. ولم يتردد في التفكير بترحيل الفلسطينيين كسبيل لإنهاء الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني. فطرح مشروعه لطرد الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة الى الأردن واقامة الدولة الفلسطينية مكان المملكة الأردنية. ولم يؤمن بالسلام مع العرب. وقد كان أحد النواب القلائل في الكنيست الذي صوت ضد اتفاقية السلام بين اسرائيل والأردن في سنة 1994. وبعدما أصبح وزيرا في حكومة نتنياهو، شارك في محادثات واي ريفر، التي انتهت بالاتفاق على الانسحاب من الخليل، ورغم الأجواء الايجابية التي كانت سائدة رفض أن يصافح الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات
وفيما بعد اعترف قادة اسرائيل بهول الكارثة التي حلت بهم في باب الواد
قال رئيس الوزراء الكيان الصهيوني ومؤسس الكيان الإسرائيلي ديفيد بنغوريون في حزيران عام 1949 امام الكنيست: "لقد خسرانا في معركة باب الواد وحدها امام الجيش الأردني ضعفي قتلانا في الحرب كاملة
في عام 1985 قال النائب الأسرائيلي عوزي لاندو في الكنيست ان عدد القتلى الأسرائيلين في اللطرون تجاوز ال 2000 قتيل,وبعد انتقادات
شديدة فام بتقليل تقديراته إلى ال1000
ولباب الواد يصدق فيها كلام شاعرنا الراحل محمود درويش:
من رموش العين سوف أخيط منديلا
و أنقش فوقه لعينيك
و إسما حين أسقيه فؤادا ذاب ترتيلا ..
يمدّ عرائش الأيك ..
سأكتب جملة أغلى من الشهداء و القبّل:
"فلسطينية كانت.. و لم تزل!"
نعم ستبقى باب الواد فلسطينية كانت والى الابد باذن الله
.......
اخوكم نمر ابوغوش
تحية شمرية طائية
القدس
المفضلات