قد يكون الدواء المعروض للبيع في الانترنت أرخص بثلاثين أو خمسين بالمائة من نفس الدواء في الصيدلية. وهذا يدفع كثيرين إلى شراء أدويته من الانترنت، ففي ألمانيا يلجأ ثلث مستخدمي الانترنت إلى هذه الوسيلة ويسعدون بحصولهم على أدوية رخيصة الثمن. من هؤلاء سيبيله غيرهارد التي أصيبت ابنتها بفطريات في الأصابع: "سعر الدواء في الصيدلية 34 يورو أما في الانترنت فسعره 15 يورو فقط".
لا يوجد خطر على من يشترون أدوية من صيدليات انترنت مرخصة في ألمانيا، لأن القانون الذي يسري على الصيدليات العادية يسري أيضا على صيدليات الانترنت. وتقول ماغدلينا لينتس، رئيسة اتحاد الصيادلة في ولاية سكسونيا السفلى "تخضع صيدليات الانترنت الألمانية إلى قوانين صارمة، وبالتالي فهي آمنة كالصيدليات العادية وغالبا ما يكون المالك لصيدلية الانترنت هو نفسه المالك للصيدلية العادية".
لكن معظم الأدوية التي يتم شراؤها "بكبسة فأر" تأتي من دول أخرى جوا. ويقول فولفغانغ شميتس من هيئة الجمارك في مدينة كولونيا إن الكثير من الطرود البريدية التي تصل إلى الجمارك تحتوي على أدوية وحبوب مقلدة، "القليل من هذه الأدوية أصلي، غالبيتها مقلد ومغشوش". لذلك يدعو إلى الحذر و"الابتعاد عن الصفقات المريبة".
الغش يطال معظم الأدوية
معظم الأدوية المعروضة في الانترنت تتعلق بنمط الحياة، وعلى الأخص حبوب تنقيص الوزن ووقف تساقط الشعر. ويؤكد البروفيسور هارالد شفايم، أستاذ الصيدلة في جامعة بون على الغش في أدوية الانترنت ويقول" يمكن القول إن التقليد والغش طال كل الأدوية تقريبا اليوم. إذ يتم تقليد الأنسولين والمضادات الحيوية ومنتجات الهرمونات وحبوب منع الحمل. وحتى مرهم الحروق وحبوب تسكين الآلام تتعرض للتقليد".
أجرى البروفيسور شفايم فحوصا وتحاليل على هذه الأدوية وتبين له أن 50 بالمائة منها خال من مواصفات الأدوية الأصلية. يتم إنتاج معظم هذه الأدوية في دول آسيوية، أما التجار الموزعون فموجودون في أوروبا وخاصة في بريطانيا وأيسلندا وهولندا والتشيك. وتقول الدكتورة منى تواب العاملة في المختبر الرئيسي لاتحاد الصيادلة الألمان بأن "العديد من هذه الأدوية ملوث أو به معادن ثقيلة كالزئبق ويمكن أن تؤدي إلى الموت". وأحيانا يكون تركيز بعض العناصر التي يتكون الدواء منها أعلى من اللازم، الأمر الذي ينجم عنه آثار جانبية غير محمودة. وتختم شهادتها بالقول" أنا لا أبالغ إطلاقا حين أقول بأن هذه الأدوية المقلدة تشكل خطرا على حياة متناولها".
أدوية مصنوعة في خلاطة إسمنت
يكون الموت في الغالب محققا إذا تناول المريض أدوية من جنوب شرق آسيا أنتجت في مصانع غير مرخصة وسرية وأحيانا باستخدام خلاطات الإسمنت. لكن معظم منتجي الأدوية المزيفة أصبحوا اليوم محترفين ويستخدمون وسائل سليمة لأن أرباحهم خيالية إذ تزيد بمائة ضعف عن أرباح تجارة الهيروين. وفي بريطانيا تم العثور على مصنع غير مرخص للأدوية وفيه حبوب بقيمة 250.000 يورو وقد استخدمت آلات حديثة في عملية إنتاجها. وهذا يجعل الكشف عن الأدوية المقلدة أمرا صعبا.
يمنع القانون الألماني إعطاء المرضى أدوية لم يتم إجراء تجارب عليها وترخيصها، والهدف هو حماية المرضى من الآثار الجانبية للأدوية. لذلك يلجأ "المجرمون" إلى الانترنت حيث يمكنهم البيع بأسماء مستعارة، كما تقول الدكتورة منى تواب "لا يمكن للإنسان العادي التمييز بين المواقع الجادة وتلك غير الجادة في شبكة الانترنت، وكثير من هذه المواقع أصبح الآن باللغة الألمانية. وفي الأثناء يوجد تجار كثيرون في دول الإتحاد الأوروبي وحتى في ألمانيا يبيعون هذه الأدوية المقلدة، وكون المصدر من دولة أوروبية لا يعني أن هذه الأدوية آمنة".
لتشجيع الناس على الشراء من الانترنت ونسيان المحاذير، يتم عرض الأدوية بأسعار زهيدة جدا. فسعر حبة الفياغرا أو ماشابهها يبلغ 14 يورو في الصيدلية، أما في الانترنت فيمكن شراؤها بحوالي 2 يورو. وتعتقد ماغدلينا لينتس أن حبوبا بهذا الثمن "لا يمكن أن تكون غير مقلدة"، وتدعو إلى زيادة حملات توعية المواطنين بمخاطر هذه الأدوية.
المفضلات