السلام عليكم ورحمة الله
من اجمل ما وصلن من موقف بين طفل وأمه في السوق
الأستجابه لغضب الطفل وتعليمه ما يخشاه كل والدين
ولجمال ما وجدت وملامسته طفلي وطفلك قمت باستيراده هنا
فعلا اكثر من رائع!!
: الطفل و معركة السوق لا يفوتك
منقول من مفكرة الاسلام
الطفل ومعركة السوق
عمر إبراهيم
(في كل مرة يذهب فيها أسعد البالغ من العمر أربع سنوات مع أمه إلى السوق يطلب عبوة من الحلوى وترد الأم بالرفض، ثم ما يلبث بعد دقائق قليلة أن يبدأ أسعد في الإلحاح وطلب الحلوى، ولا تزال الأم ترد بالرفض قائلة: لا.
وبرفض الأم رغم طلب الطفل للمرة الثالثة انتابت أسعد نوبة غضب شديدة، وبدأ إلحاحه في التحول إلى صيغة أمر واستمرت الأم ترفض، فإذا بوجه أسعد يبدأ في الاحمرار ويضرب رجله بالأرض، ويقوم بهز عربة السوق ثم بدأت الأم في تهديده بأن تعاقبه إذا لم يكف عن ذلك، ولكنه لم يذعن لها وفي المرة الخامسة للطلب مع الرفض من قبل أمه بدأ أسعد في الانفجار غضبًا، فبحثت الأم عن مكان تختبئ فيه ولكنها وجدت نفسها بقسم المثلجات وهو يبكي ويصرخ ويركل ويضرب كل شئ حوله، وأصبح كل شخص يحدق النظر فيهما، ولم تستطع الأم التحمل أكثر من ذلك فخضعت لإرادته واشترت له عبوة الحلوى!!) [كيف تكون قدوة حسنة لأبنائك، سال سيفير، ص(28)، بتصرف
].
الأم والطفل كل يتعلم من الآخر
:
عزيز المربي "أنت وأولادك" كل واحد منكما يعلم الآخر شيئًا ما في كل يوم من أيام الحياة الأسرية.
هذه الأشياء التي تتعلمها أنت من طفلك ويتعلمها طفلك منك تُحدد بعد ذلك أسلوب التعامل وشكل العلاقة بين الآباء والأبناء.
فالأب الحازم في كل موقف مع طفله يتعلم طفله مع كل موقف أن أباه حازم لا يعرف أنصاف الحلول، فيعامله على هذا الأساس.
والأب المتساهل في كل موقف مع طفله، يتعلم الطفل من خلال هذه المواقف أن أباه متساهل وأنه حتى إن كشر عن أنيابه تارة، فإنه مع أول دمعة تنزل على خد الطفل، سينسى كل شئ وسيغفر كل زلل، وعلى هذا الأساس يتعامل الطفل مع والده.
تحليل مشهد أسعد:
عندما تتأمل مثال الطفل أسعد وأمه الذي طالما يتكرر في مجتمعنا، سنجد أن كلًا من الأم والطفل تعلم من الآخر.
فماذا علمت الأم طفلها؟ كانت في البداية ثابتة على مبدئها أنها لن تشتري الحلوى، ولكن بعد طول إلحاح خضعت واستجابت لطلب أسعد، ولكن الأم لا تعلم أنها في هذه اللحظة التي فقدت فيها السيطرة على حزمها علمت أسعد مجموعة من القواعد التي ستذيقها المرارة طوال حياتها إن لم تغير هذه الطريقة المستسلمة.
ماذا علمت أم أسعد طفلها؟
لقد علمت أم أسعد طفلها ثلاثة قواعد:
القاعدة الأولى: أن كلمة "لا" لا تعني شيئًا:
حيث أن ردود أفعال الأم كانت كالآتي: لا، لا، لا، لا، نعم.
وهذا علم الطفل أن أمه عندما تقول لا، فإنها لا تعني الرفض ولكن المستفاد أنها تعني منها: اطلب مرة أخرى ومرة أخرى وقم بالإلحاح أكثر من مرة فعندما يصبح أسلوبك بغيضًا بحيث لا أستطيع كبحه فسوف أغير رفضي إلى قبول فهذا يشبه السحر!! أن يصبح الرفض قبولًا، وبهذه الطريقة لقد علمت الأم طفلها أن يكون دءوبًا على طريقته السلبية في سلوكه.
واعلم أيها الوالد أن أولادك يجب أن يعلموا أنك حينما تقول لا فهي لا، (فحينما تقول لا لأطفالك فإنك تريد منهم أن يتوقفوا عن شيء ما، وليست كلمة "لا" خاضعة للنقاش، ولكن بما أن كثيرًا من الآباء والأمهات قابلون لأن يغيروا رأيهم كثيرًا، فإن الأطفال تعلموا أن ينوحوا ويرجوا ويُظهروا نوبة غضب حتى يحصلوا على ما يريدون، فحينما تصبح الكلمة قابلة للتغيير فإن عقل الطفل يكون قد سجل ذلك، بينما المفروض أن تكون الكلمة في الجزء من العقل الذي هو للاستجابة بلا تفكير) [مفاتيح التربية البناءة، رونالد موريش، ص(57)].
وها هي الدكتورة ميشيلي بوربا تنصحك فتقول: (لا تستسلم إن لجأ ابنك إلى النواح والإلحاح، أو طالبك بشي غير منطفي أو طالبك بعمل شيء ما، أوقف المناقشة في الحال، قل له بحزم إنك لا تقبل هذا السلوك، اطلب منه أن يكون متحضرًا وأن يحدد موعدًا لكي يجري معك مناقشة منطقية بشأن الطلب في وقت لاحق, وعندما يدرك ابنك أنك تعني ما تقوله، سوف تكون قد حققت قفزة هائلة في تغيير هذا السلوك) [لا تعاملني بهذا الأسلوب، ميشيلي بوربا، ص(158)].
القاعدة الثانية: حسن استغلال لحظات غضبه:
وبالتأكيد الأم لم تفعل ذلك عن عمد ولكن هذا حدث بالفعل، لقد تعلم أسعد أن الصراخ والاستمرار في الطلب يأتي بنتائج فعالة فلو أنك صرخت وصحت بصوت عالٍ لمدة كافية، فبإمكانك الحصول على علبة الحلوى، فالحلوى هي الجائزة التي ستحصل عليها نتيجة الصراخ.
القاعدة الثالثة: أنها لا تعني ما تقول:
لقد علمت الأم طفلها أنها لا تعني أبدًا ما تقول، فهي تتوعد ولكن لا تنفذ ما تتوعد به، فقد طلبت منه التزام الهدوء وإلا ستعنفه، فماذا فعلت بدلًا من التعنيف إنها كافأته بشرائها الحلوى له.
ماذا علم الطفل أمه؟
تعلمت الأم من طفلها أسعد أن الوسيلة للحصول على السلام والهدوء، وعدم التورط في مواقف مربكة هي تنفيذ أوامر أسعد "شراء علبة الحلوى".
وبهذا أصبح أسعد مؤسسًا لنمط سلوكي جديد، وستستقر طبيعة العلاقة بين الطفل وأمه على هذا النسق، وبهذه الطريقة كان سلوك الأم مع سلوك الطفل يشكلان ويرسمان طبيعة العلاقة بين الطفل وأمه، وإذا تكرر سلوك الطفل مرة أخرى سيكون سلوك الأم نفس السلوك الذي فعلته في المرة السابقة.
خطأ فادح!!
هذا الذي يسلكه كثير من الآباء عندما يواجهون غضب أبنائهم بالخضوع والإذعان والمكافأة "الحلوى"؛ ذلك لأن هذه الطريقة تعلم الطفل أن يزيد من غضبه ليحصل على المكافأت.
أضف إلى ذلك أن الغضب من الصفات المذمومة التي يمكن أن يتصف بها الإنسان (فإن كان كثير من علماء الاجتماع والتربية عدوا الغضب من الرذائل الممقوتة، والعادات المذمومة، فإنما يقصدون من وراء ذلك الغضب المذموم الذي يؤدي إلى أسوأ الآثار وأوخم العواقب، وذلك حين الانفعال والغضب من أجل المصالح الشخصية، والبواعث الأنانية ولا يخفى ما في هذا الغضب من تمزيق للوحدة، وتصديع للجماعة، واستئصال لمعاني الأخوة والمحبة والصفاء في ربوع المجتمع) [تربية الأولاد في الإسلام، عبد الله ناصح علوان، (1/345)].
وهناك خطأ فادح آخر يقع فيه الآباء عندما يستجيبون لغضب الطفل، فهذا يسمى أسلوب التدليل (وهو يتمثل في التراخي في معاملة الطفل، بحيث يتم إشباع حاجات الطفل في الوقت الذي يريده هو، وبالكيفية التي يرغب فيها، والمسارعة في قضاء كل ما يطلبه، مهما كان غير مقبول، وأن يصبح من حوله في طاعته، ورهن إشارته فلا يرفض له طلب مهما كان.
كما أن التدليل يوجه الطفل إلى عدم تحمل المسئوليات والأعباء التي تتناسب مع المرحلة العمرية التي يمر بها الطفل، ويترتب على التدليل تأخر النضج الانفعالي والاجتماعي عند الطفل، ولا يستطيع التحري عن أمر بسهولة، ولا يستطيع الشعور بالمسئولية، ولا يقدرها، ولا يقاوم مشكلات الحياة، ولا يستطيع مجابهة حالات الإحباط، فهو دائمًا عرضة للاضطرابات النفسية عندما تقف في سبيله عقبة أو مشكلة، ويغلب عليه الاعتماد على الغير، مع ضعف الاعتماد على النفس، ويلجأ إلى أسلوب تجنب المشاكل، أو المخاطر، أو تأجيلها وإهمالها) [العشرة الطيبة، محمد حسين، ص(394)].
خطة ناجحة لعلاج معركة السوق!
ولإنهاء معركة السوق مع طفلك والقضاء على جذور هذه المشكلة بسلام؛ يجب على الوالدين أن يفعلا الآتي:
1. الجلوس مع الطفل قبل الذهاب إلى السوق.
2. اشرح له أين ستذهبان معه وماذا ستشتريان.
3. إطلاعه على قائمة المشتريات.
4. سؤاله عما يود شراءه قبل الذهاب.
5. اطلب منه أن يدرج ما يود شراءه ضمن قائمة المشتريات.
6. اطلب منه أن يقوم بفعل شيء فعال وأن يمسك هو بزمام الأمور فيكون مسئولًا عن قائمة المشتريات، فيمسك بها أثناء عملية الشراء فيضع علامة "صح" أمام الصنف الذي تم شراؤه فيخرجه من القائمة.
7. وعد الطفل أنه إذا قام بدوره بشكل جيد؛ فستشتري له الحلوى التي يريد، أما إن قصر في أداء دوره سيحرم من الحلوى.
8. على الوالدين القيام بتشجيع الطفل كأن يقولا له: "إنك تقوم بعمل بارع في متابعة القائمة، شكرًا لك ونقدر ما قمت به من مساعدة، أنت طفل متعاون.
9. تقوم الأم بمكافأة الطفل على سلوكه بالحلوى.
وفي هذه اللحظة يتعلم الطفل ثلاثة قواعد:
• القاعدة الأولى: أن الغضب لا يأتي إلا بالخسارة.
وذلك لأنه إذا غضب أو رفع صوته لن ينال شيء بل سيخسر الحلوى؛ لأن أمه لن تستسلم لغضبه.
• القاعدة الثانية: أن السلوك الجيد يعود عليه بالمكافأة.
فعندما أدى الطفل دوره بنجاح وكان هادئًا حصل على الحلوى التي يريد.
• القاعدة الثالثة: أن والداه يعنيان ما يقولا.
فمثلًا، سيجد الطفل أن أمه إذا توعدت وقالت لو لم تنتهي من غضبك ستحرم من الحلوى وستكون صامدة أمام تنفيذ قرارها.
وعندها أيضا ستتعلم الأم:
أن الوسيلة للحصول على السلام والهدوء وعدم التورط في مواقف مربكة ليست عن طريق تنفيذ أوامر أسعد من خلال شراء علبة الحلوى"، وإنما عن طريق تعليم أسعد كيف يغير سلوكه، وتعليمه أن العقاب هو النتيجة الحتمية للسلوك السيئ، وأن الثواب هو النتيجة السارة للسلوك الحسن.
فتعلمت الأم أن الحل في إسكات صراخ الطفل، ليس الاستسلام ولا الضرب وإنما التعاون مع الطفل ليغير سلوكه
.
المصادر:
ـ كيف تكون قدوة حسنة لأبنائك سال سيفير.
ـ العشرة الطيبة محمد حسين.
ـ تربية الأولاد في الإسلام عبد الله ناصح علوان.
ـ لا تعاملني بهذا الأسلوب ميشيلي بوربا.
ـ مفاتيح التربية البناءة رونالد موريش.
المفضلات