صفحة 2 من 15 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 144

الموضوع: أخلاق المسلم [ سلسلة في حلقات]

  1. #11
    مراقب المضايف الاسلامية الصورة الرمزية ابو ضاري


    تاريخ التسجيل
    03 2007
    الدولة
    الجبي
    العمر
    45
    المشاركات
    15,733
    المشاركات
    15,733
    Blog Entries
    1


    الستر
    يُحكى أن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- كان له كاتب، وكان جيران هذا الكاتب يشربون الخمر؛ فقال يومًا لعقبة: إنَّ لنا جيرانًا يشربون الخمر، وسأبلغ الشرطة ليأخذوهم، فقال له عقبة: لا تفعل وعِظْهُمْ. فقال الكاتب: إني نهيتهم فلم ينتهوا، وأنا داعٍ لهم الشرطة ليأخذوهم، فهذا أفضل عقاب لهم. فقال له عقبة: ويحك. لا تفعل؛ فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موءودة) [أبو داود].
    *يحكى أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- جلس بين مجموعة من أصحابه، وفيهم جرير بن عبد الله -رضي الله عنه- وبينما هم جالسون أخرج أحد الحاضرين ريحًا، وأراد عمر أن يأمر صاحب ذلك الريح أن يقوم فيتوضأ، فقال جرير لعمر: يا أمير المؤمنين، أو يتوضأ القوم جميعًا. فسُرَّ عمر بن الخطاب من رأيه وقال له: رحمك الله. نِعْمَ السيد كنت في الجاهلية، ونعم السيد أنت في الإسلام.
    *ما هو الستر؟
    الستر هو إخفاء ما يظهر من زلات الناس وعيوبهم.
    ستر الله لعباده:
    الله -سبحانه- سِتِّير يحب الستر، ويستر عباده في الدنيا والآخرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يدنو أحدكم من ربه، فيقول: أعملتَ كذا وكذا؟ فيقول: نعم. ويقول: عملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم. فيقرره، ثم يقول: إني سترتُ عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم) [البخاري].
    وقال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الله -عز وجل- حَيِي ستِّير، يحب الحياء والستر) [أبوداود والنسائي وأحمد].
    أنواع الستر:
    الستر له أنواع كثيرة، منها:
    ستر العورات: المسلم يستر عورته، ولا يكشفها لأحد لا يحل له أن يراها.
    قال الله -تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين} [المؤمنون: 5-6].
    وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، عوراتنا ما نأتي وما نذر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (احفظ عورتك إلا من زوجك أو ما ملكت يمينك).
    فقال السائل: يا نبي الله، إذا كان القوم بعضهم في بعض؟
    فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن استطعتَ أن لا يراها أحد، فلا يرينَّها).
    قال السائل: إذا كان أحدنا خاليًا؟
    فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (فالله أحق أن يستحيا منه من الناس)
    [أبوداود والترمذي وابن ماجه].
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة) [مسلم].
    أما ما تفعله كثير من النساء اليوم من كشفٍ لعوراتهن، وعدم إخفاء زينتهن، وخروج بلا أدب ولا حشمة، بكل سفور وتبرج، فإنما ذلك إثم كبير، وذنب عظيم، والمسلمة الملتزمة أبعد ما تكون عن ذلك؛ لأنها تصون جسدها وتلتزم بحجابها.
    الستر عند الاغتسال: يجب على المسلم إذا أراد أن يغتسل أو يستحم أن يستتر؛ حتى لا يطَّلع على عورته أحد لا يحق له الاطلاع عليها، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يغتسل استتر عن الناس، ثم اغتسل.
    وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله -عز وجل- حيي ستير يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر) [أبوداود والنسائي وأحمد].
    الستر عند قضاء الحاجة: إذا أراد المسلم أن يقضي حاجته من بول أو غائط (براز)، فعليه أن يقضيها في مكان لا يراه فيه أحد من البشر؛ حتى لا يكون عرضة لأنظار الناس.
    وليس من الأدب ما يفعله بعض الصبية من التبول في الطريق، فقد مر النبي صلى الله عليه وسلم بالقبور فسمع صوت اثنين يعذبان في قبريهما، فقال صلى الله عليه وسلم: (إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير؛ أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة) [متفق عليه].
    ستر أسرار الزوجية: المسلم يستر ما يدور بينه وبين أهله، فلا يتحدث بما يحدث بينه وبين زوجته من أمور خاصة، أمرنا الدين الحنيف بكتمانها، وعدَّها الرسول صلى الله عليه وسلم أمانة لا يجوز للمرء أن يخونها بكشفها، وإنما عليه أن يسترها.
    قال صلى الله عليه وسلم: (إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يُفْضِي إلى امرأته، وتُفْضِي إليه ثم يَنْشُرُ سرها) [مسلم وأبوداود].
    ستر الصدقة: المسلم لا يبتغي بصدقته إلا وجه الله -سبحانه-، لذا فهو يسترها ويخفيها حتى لا يراها أحد سوى الله -عز وجل-، وقد قال الله -تعالى-: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرًّا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} [البقرة: 274].
    كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن أَحَدَ السبعة الذين يظلُّهم الله في ظله يوم القيامة رجُلٌ تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه. وقال صلى الله عليه وسلم: (صدقة السر تطفئ غضب الرب) [الطبراني].
    ستر الرؤيا السيئة: إذا رأى المؤمن في نومه رؤيا حسنة فليستبشر بها، وليعلم أنها من الله، وليذكرها لمن أحب من إخوانه الصالحين، أما إذا رأى رؤيا سيئة يكرهها فليتفل عن يساره ثلاث مرات، ويتعوذ بالله من شر هذه الرؤيا، ولا يذكرها لأحد، وليعلم أنها من الشيطان، ولا تضره.
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان؛ فإذا رأى أحدكم شيئًا يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات إذا استيقظ، وليتعوذ بالله من شرها فإنها لن تضره إن شاء الله) [متفق عليه].
    ستر وساوس الشيطان: إذا تحدث المؤمن في نفسه بشَرٍّ، أو نوى أن يقوم بمعصية، لكنه عاد إلى رشده؛ فإن عليه ألا يذكر ما جال بخاطره وما حدثتْه به نفسه من الشر. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله -عز وجل- تجاوز لأمتي عما حدثتْ به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم به) [متفق عليه].
    شروط الستر:
    إذا أراد المسلم أن يستر أخاه، فإن هناك شروطًا لابد أن يراعيها عند ستره؛ حتى يحقق الستر الغرض المقصود منه، وأهم هذه الشروط:
    * أن يكون الستر في موعده المحدد له؛ فيستر المسلم أخاه عند فعله للمعصية وبعدها، بألا يتحدث للناس بأن فلانًا يرتكب المعاصي.
    * أن تكون المعصية التي فعلها المسلم لا تتعلق بغيره ولا تضر أحدًا سواه، أما إذا وصل الضرر إلى الناس فهنا يجب التنبيه على تلك المعصية لإزالة ما يحدث من ضرر.
    * أن يكون الستر وسيلة لإصلاح حال المستور بأن يرجع عن معصيته ويتوب إلى الله -تعالى-، أما إذا كان المستور ممن يُصِرُّ على الوقوع في المعصية، وممن يفسد في الأرض، فهنا يجب عدم ستره حتى لا يترتب على الستر ضرر يجعل العاصي يتمادى في المعصية.
    * ألا يكون الستر وسيلة لإذلال المستور واستغلاله وتعييره بذنوبه.
    * ألا يمنع الستر من أداء الشهادة إذا طلبت، {ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه} [البقرة: 283].
    * الستر مرهون برد المظالم، فإذا لم ترد فالساتر شريك للمستور عليه في ضياع حق الغير.
    فضل الستر:
    حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على ستر العورات؛ فقال: (لا يستر عبدٌ عبدًا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة) [مسلم]. وقال صلى الله عليه وسلم: (من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة) [ابن ماجه].
    فهكذا يكون الستر في الآخرة نتيجة لما يقوم به المسلم من ستر لأخيه في الدنيا، والثواب يكون في الدنيا أيضًا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة) [الترمذي].
    والستر ثوابه الجنة؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يرى مؤمن من أخيه عورة فيسترها عليه، إلا أدخله الله بها الجنة) [الطبراني].
    المجاهَرة بالمعاصي:
    المسلم إذا فعل ذنبًا فإنه يبادر بالتوبة والاستغفار والندم على فعله؛ حتى يعافيه الله ويتوب عليه، أما الذين لا يندمون على ذنوبهم بل إنهم يتباهون بالمعصية، فإن هؤلاء لا يعافيهم الله، وقد سماهم النبي صلى الله عليه وسلم المجاهرين، فقال: (كل أمتي معافًى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة، أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره ربه، فيقول: يا فلان، قد عملتُ البارحة كذا وكذا. وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه) [البخاري].
    والذين لا يسترون الناس ويشيعون بينهم الفاحشة، فإن لهم العذاب الأليم من الله تعالى حيث يقول: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [النور: 19].
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته) [ابن ماجه].
    فالمسلم دائمًا يتصف بالستر للآخرين اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسْلِمُه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستـر مسلمًا ستره الله يـوم القيامة) [البخاري].










  2. #12
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    الحــياء




    صاحبه حيُ الضمير , مرهف المشاعر , محب للتواضع , عاشقٌ للهدوء والسكينة



    الحياء مزيّة إسلامية لكل مؤمن خالص إيمانه لله , وشعور يخالج النفس فيترجم

    على ملامح الوجه



    والحياء خُلُق الإسلام كما قال صلى الله عليه وسلم: " لكل دين خلقا وخلق الإسلام الحياء " رواه مالك




    والحياء أنواع وأولها وأجلها هو




    1- الحياء مع الله سبحانه وتعالى

    عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال الرسول صلى الله عليه وسلم:

    " استحيوا من الله حق الحياء

    قلنا إنا نستحي من الله يا رسول الله ـ والحمد لله

    قال : ليس ذلك0 الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما عوى , والبطن وما حوى , وتذكر الموت والبلى , ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا ,وآثر الآخرة على الأولى فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء " رواه الترمذي

    هب البعث لم تأتـنا رسله *** وحاطمة النار لم تضرم

    أليس من الواجب المستحق *** حياء العباد من المنعم





    2-ثم يأتي الحياء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم:

    باتباع أوامره واجتناب نواهيه ومحبته والصلاة عليه دائماً , وقراءة سيرته وآثاره ,

    وإفهام الناس وتنويرهم بعلو شأنه وسمو قدره وجلال سنته صلى الله عليه وسلم




    3-وهناك الحياء في الكلام:

    بتنـزيه اللسان عن كل ما يعيبه ويضجه




    4-والحياء في المعاملات مع الناس :

    بإظهار خُلُق المسلم الحقيقي , والابتعاد عن النفاق والبدع والمجاملات الرخيصة التي لا تعدو إلا سفاسف أمور لا يلتفت إليها


    قال علي كرّم الله وجهه : من كسى بالحياء ثوبه لم يرى الناس عيبه



    وقيل : إن الحياء دليل الخير كلّه


    وقال بعض العلماء : حقيقة الحياء " خُلُقٌ يبعث على ترك القبيح , ويمنع من التقصير في حق ذي الحق


    والحياء ابتعادٌ عن الشبهات , وترفّعٌ على الدنيئات , والتشبث بالمرؤات , والخوف على المكارم , والحرص على المحامد

    ومن لزم الحياء فهو مؤمن , ومن فارقه فقد وقع أسير الذنوب والمعاصي والله المستعان


    يقول ابن القيّم رحمه الله : ومن عقوباتها - أي الذنوب والمعاصي - ذهاب الحياء الذي هو مادة الحياة للقلب , وهو أصل كل خير , وذهابه ذهاب كل خير بأجمعه



    وفي الصحيح أنه قال صلى الله عليه وسلم " الحياء خير كله "
    وقال: " أن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى :إذا لم تستحي فاصنع ما شئت " أخرجه البخاري وأحمد




    وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الإيمان بضعٌ وسبعون شعبه أو بضع وستون شعبه , فأفضلها قوا لا إله إلا الله , وأدناها إماطة الأذى عن الطريق , والحياء شعبة من الإيمان" متفق عليه



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  3. #13
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    بر الوالدين
    كان إسماعيل -عليه السلام- غلامًا صغيرًا، يحب والديه ويطيعهما ويبرهما. وفي يوم من الأيام جاءه أبوه إبراهيم -عليه السلام- وطلب منه طلبًا عجيبًا وصعبًا؛ حيث قال له: {يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى} [الصافات: 102] فرد عليه إسماعيل في ثقة المؤمن برحمة الله، والراضي بقضائه: {قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين}
    [الصافات: 102].
    وهكذا كان إسماعيل بارًّا بأبيه، مطيعًا له فيما أمره الله به، فلما أمسك إبراهيم -عليه السلام- السكين، وأراد أن يذبح ولده كما أمره الله، جاء الفرج من الله -سبحانه- فأنزل الله ملكًا من السماء، ومعه كبش عظيم فداءً لإسماعيل، قال تعالى: {وفديناه بذبح عظيم} [الصافات: 107].
    يحكي لنا النبي صلى الله عليه وسلم قصة ثلاثة رجال اضطروا إلى أن يبيتوا ليلتهم في غارٍ، فانحدرت صخرة من الجبل؛ فسدت عليهم باب الغار، فأخذ كل واحد منهم يدعو الله ويتوسل إليه بأحسن الأعمال التي عملها في الدنيا؛ حتى يفرِّج الله عنهم ما هم فيه، فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت أحضر لهما اللبن كل ليلة ليشربا قبل أن يشرب أحد من أولادي، وتأخرت عنهما ذات ليلة، فوجدتُهما نائمين، فكرهت أن أوقظهما أو أعطي أحدًا من أولادي قبلهما، فظللت واقفًا -وقدح اللبن في يدي- أنتظر استيقاظهما حتى طلع الفجر، وأولادي يبكون من شدة الجوع عند قدمي حتى استيقظ والدي وشربا اللبن، اللهم إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك ففرِّج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، وخرج الثلاثة من الغار.
    [القصة مأخوذة من حديث متفق عليه].
    ما هو بر الوالدين؟
    بر الوالدين هو الإحسان إليهما، وطاعتهما، وفعل الخيرات لهما، وقد جعل الله للوالدين منزلة عظيمة لا تعدلها منزلة، فجعل برهما والإحسان إليهما والعمل على رضاهما فرض عظيم، وذكره بعد الأمر بعبادته، فقال جلَّ شأنه: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا} [الإسراء: 23].
    وقال تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا}
    [النساء: 36]. وقال تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير} [لقمان: 14].
    بر الوالدين بعد موتهما:
    فالمسلم يبر والديه في حياتهما، ويبرهما بعد موتهما؛ بأن يدعو لهما بالرحمة والمغفرة، وينَفِّذَ عهدهما، ويكرمَ أصدقاءهما.
    يحكي أن رجلا من بني سلمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرُّهما به من بعد موتهما؟ قال: (نعم. الصلاة عليهما (الدعاء)، والاستغفار لهما، وإيفاءٌ بعهودهما من بعد موتهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما) [ابن ماجه].
    وحثَّ الله كلَّ مسلم على الإكثار من الدعاء لوالديه في معظم الأوقات، فقال: {ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب} [إبراهيم: 41]، وقال: {رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنًا وللمؤمنين والمؤمنات}
    [نوح: 28].



    فضل بر الوالدين:
    بر الوالدين له فضل عظيم، وأجر كبير عند الله -سبحانه-، فقد جعل الله بر الوالدين من أعظم الأعمال وأحبها إليه، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: (الصلاة على وقتها).
    قال: ثم أي؟ قال: (ثم بر الوالدين). قال: ثم أي؟ قال: (الجهاد في سبيل الله) _[متفق عليه]. ومن فضائل بر الوالدين:
    رضا الوالدين من رضا الله: المسلم يسعى دائمًا إلى رضا والديه؛ حتى ينال رضا ربه، ويتجنب إغضابهما، حتى لا يغضب الله. قال صلى الله عليه وسلم: (رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد) [الترمذي]، وقال صلى الله عليه وسلم: (من أرضى والديه فقد أرضى الله، ومن أسخط والديه فقد أسخط الله) [البخاري].
    الجنة تحت أقدام الأمهات: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريد الجهاد، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع ويبر أمه، فأعاد الرجل رغبته في الجهاد، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع ويبر أمه. وفي المرة الثالثة، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ويحك! الزم رِجْلَهَا فثم الجنة) [ابن ماجه].
    الفوز بمنزلة المجاهد: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أشتهي الجهاد، ولا أقدر عليه. فقال صلى الله عليه وسلم: (هل بقي من والديك أحد؟). قال: أمي. قال: (فاسأل الله في برها، فإذا فعلتَ ذلك فأنت حاجٌّ ومعتمر ومجاهد) [الطبراني].
    وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد، فقال صلى الله عليه وسلم: (أحي والداك؟). قال: نعم. قال صلى الله عليه وسلم: (ففيهما فجاهد) [مسلم].
    وأقبل رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد؛ أبتغي الأجر من الله، فقال صلى الله عليه وسلم: (فهل من والديك أحد حي؟). قال: نعم. بل كلاهما. فقال صلى الله عليه وسلم: (فتبتغي الأجر من الله؟). فقال: نعم. قال صلى الله عليه وسلم: (فارجع إلى والديك، فأَحْسِنْ صُحْبَتَهُما) [مسلم].
    الفوز ببرِّ الأبناء: إذا كان المسلم بارًّا بوالديه محسنًا إليهما، فإن الله -تعالى- سوف يرزقه أولادًا يكونون بارين محسنين له، كما كان يفعل هو مع والديه، روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بِرُّوا آباءكم تَبرُّكم أبناؤكم، وعِفُّوا تَعِفُّ نساؤكم) [الطبراني والحاكم].
    الوالدان المشركان:
    كان سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- بارًّا بأمه، فلما أسلم قالت له أمه: يا سعد، ما هذا الذي أراك؟ لتدعن دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتُعَير بي، فيقال: يا قاتل أمه. قال سعد: يا أمه، لا تفعلي، فإني لا أدع ديني هذا لشيء. ومكثت أم سعد يومًا وليلة لا تأكل ولا تشرب حتى اشتد بها الجوع، فقال لها سعد: تعلمين -والله- لو كان لك مائة نَفْس فخرجت نَفْسًا نَفْسًا ما تركتُ ديني هذا لشيء، فإن شئتِ فكُلِي، وإن شئتِ فلا تأكلي.
    فلما رأت إصراره على التمسك بالإسلام أكلت. ونزل يؤيده قول الله تعالى: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا} [لقمان: 15]. وهكذا يأمرنا الإسلام بالبر بالوالدين حتى وإن كانا مشركين.
    وتقول السيدة أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها-: قدمت على أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: إن أمي قَدِمَتْ وهي راغبة (أي طامعة فيما عندي من بر)، أفَأَصِلُ أمي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (نعم، صلي أمَّكِ) [متفق عليه].
    عقوق الوالدين:
    حذَّر الله -تعالى- المسلم من عقوق الوالدين، وعدم طاعتهما، وإهمال حقهما، وفعل ما لا يرضيهما أو إيذائهما ولو بكلمة (أف) أو بنظرة، يقول تعالى: {فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريمًا} [الإسراء: 23]. ولا يدخل عليهما الحزن ولو بأي سبب؛ لأن إدخال الحزن على الوالدين عقوق لهما، وقد قال الإمام علي -رضي الله عنه-: مَنْ أحزن والديه فقد عَقَّهُمَا.
    جزاء العقوق:
    عدَّ النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين من كبائر الذنوب، بل من أكبر الكبائر، وجمع بينه وبين الشرك بالله، فقال صلى الله عليه وسلم: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين...) [متفق عليه].
    والله -تعالى- يعَجِّل عقوبة العاقِّ لوالديه في الدنيا، قال صلى الله عليه وسلم: (كل الذنوب يؤخِّر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين، فإن الله يعجله لصاحبه في الحياة قبل الممات) [البخاري].
    1



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  4. #14
    مراقب المضايف الاسلامية الصورة الرمزية ابو ضاري


    تاريخ التسجيل
    03 2007
    الدولة
    الجبي
    العمر
    45
    المشاركات
    15,733
    المشاركات
    15,733
    Blog Entries
    1


    القناعة
    يحكى أن ثلاثة رجال ساروا في طريق فعثروا على كنز، واتفقوا على تقسيمه بينهم بالتساوي، وقبل أن يقوموا بذلك أحسوا بالجوع الشديد، فأرسلوا أحدهم إلى المدينة ليحضر لهم طعامًا، وتواصوا بالكتمان، حتى لا يطمع فيه غيرهم، وفي أثناء ذهاب الرجل لإحضار الطعام حدثته نفسه بالتخلص من صاحبيه، وينفرد هو بالكنز وحده، فاشترى سمًّا ووضعه في الطعام، وفي الوقت نفسه، اتفق صاحباه على قتله عند عودته؛ ليقتسما الكنز فيما بينهما فقط، ولما عاد الرجل بالطعام المسموم قتله صاحباه، ثم جلسا يأكلان الطعام؛ فماتا من أثر السم.. وهكذا تكون نهاية الطامعين وعاقبة الطمع.
    *أُهْدِيَتْ إلى السيدة عائشة -رضي الله عنها- سلالا من عنب، فأخذت تتصدق بها على الفقراء والمساكين، وكانت جاريتها قد أخذت سلة من هذه السلال وأخفتها عنها، وفي المساء أحضرتها، فقالت لها السيدة عائشة -رضي الله عنها-: ما هذا؟ فأجابت الجارية: ادخرتُه لنأكله. فقالت السيدة عائشة -رضي الله عنها-: أما يكفي عنقود أو عنقودان؟
    *ذهب الصحابي الجليل حكيم بن حزام إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله أن يعطيه من الأموال، فأعطاه. ثم سأله مرة ثانية، فأعطاه. ثم سأله مرة ثالثة، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم. ثم قال له مُعلِّمًا: (يا حكيم، إن هذا المال خَضِرٌ حلو (أي أن الإنسان يميل إلى المال كما يميل إلى الفاكهة الحلوة اللذيذة)، فمن أخذه بسخاوة نفس (بغير سؤال ولا طمع) بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبَارَكْ له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا (التي تعطي) خير من اليد السفلي (التي تأخذ). [متفق عليه].
    فعاهد حكيم النبي صلى الله عليه وسلم ألا يأخذ شيئًا من أحد أبدًا حتى يفارق الدنيا. فكان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- يطلبه ليعطيه نصيبه من المال، فيرفض أن يقبل منه شيئًا، وعندما تولى عمر -رضي الله عنه- الخلافة دعاه ليعطيه فرفض حكيم، فقال عمر: يا معشر المسلمين، أشهدكم على حكيم أني أعرض عليه حقه الذي قسمه الله له في هذا الفيء (الغنيمة)، فيأبى أن يقبله.
    وهكذا ظلَّ حكيم قانعًا، لا يتطلع إلى المال بعد نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي تعلَّم منها ألا يسأل أحدًا شيئًا؛ حتى إنه كان يتنازل عن حقه، ويعيش من عمله وجهده.
    *كان سلمان الفارسي -رضي الله عنه- واليا على إحدى المدن، وكان راتبه خمسة آلاف درهم يتصدق بها جميعًا، وكان يشتري خوصًا بدرهم، فيصنع به آنية فيبيعها بثلاثة دراهم؛ فيتصدق بدرهم، ويشتري طعامًا لأهله بدرهم، ودرهم يبقيه ليشتري به خوصًا جديدًا.
    ما هي القناعة؟
    القناعة هي الرضا بما قسم الله، ولو كان قليلا، وهي عدم التطلع إلى ما في أيدي الآخرين، وهي علامة على صدق الإيمان. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (قد أفلح من أسلم، ورُزق كفافًا، وقَنَّعه الله بما آتاه) [مسلم].
    قناعة الرسول صلى الله عليه وسلم:
    كان صلى الله عليه وسلم يرضى بما عنده، ولا يسأل أحدًا شيئًا، ولا يتطلع إلى ما عند غيره، فكان صلى الله عليه وسلم يعمل بالتجارة في مال السيدة
    خديجة -رضي الله عنها- فيربح كثيرًا من غير أن يطمع في هذا المال، وكانت تُعْرَضُ عليه الأموال التي يغنمها المسلمون في المعارك، فلا يأخذ منها شيئًا، بل كان يوزعها على أصحابه.
    وكان صلى الله عليه وسلم ينام على الحصير، فرآه الصحابة وقد أثر الحصير في جنبه، فأرادوا أن يعدوا له فراشًا لينًا يجلس عليه؛ فقال لهم: (ما لي وما للدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة، ثم راح وتركها).
    [الترمذي وابن ماجه].
    لا قناعة في فعل الخير:
    المسلم يقنع بما قسم الله له فيما يتعلق بالدنيا، أما في عمل الخير والأعمال الصالحة فإنه يحرص دائمًا على المزيد من الخيرات، مصداقًا لقوله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى} [البقرة: 197]. وقوله تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين} [آل عمران: 133].
    فضل القناعة:
    الإنسان القانع يحبه الله ويحبه الناس، والقناعة تحقق للإنسان خيرًا عظيمًا في الدنيا والآخرة، ومن فضائل القناعة:
    القناعة سبب البركة: فهي كنز لا ينفد، وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنها أفضل الغنى، فقال: (ليس الغِنَى عن كثرة العَرَض، ولكن الغنى غنى النفس) [متفق عليه].
    وقال الله صلى الله عليه وسلم: (من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافًى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا) [الترمذي وابن ماجه]. فالمسلم عندما يشعر بالقناعة والرضا بما قسمه الله له يكون غنيا عن الناس، عزيزًا بينهم، لا يذل لأحد منهم.
    أما طمع المرء، ورغبته في الزيادة يجعله ذليلاً إلى الناس، فاقدًا لعزته، قال الله صلى الله عليه وسلم: (وارْضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس)
    [الترمذي وأحمد].
    والإنسان الطماع لا يشبع أبدًا، ويلح في سؤال الناس، ولا يشعر ببركة في الرزق، قال الله صلى الله عليه وسلم: (لا تُلْحِفُوا (تلحوا) في المسألة، فوالله لا يسألني أحد منكم شيئًا فتُخْرِجُ له مسألتُه مِنِّي شيئًا، وأنا له كاره، فيبارَكُ له فيما أعطيتُه) [مسلم والنسائي وأحمد].
    وقال الله صلى الله عليه وسلم: (اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعففْ يعِفَّهُ الله، ومن يستغنِ يغْنِهِ الله) [متفق عليه].
    القناعة طريق الجنة: بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن المسلم القانع الذي لا يسأل الناس ثوابُه الجنة، فقال: (من يكفل لي أن لا يسأل الناس شيئًا وأتكفل له بالجنة؟)، فقال ثوبان: أنا. فكان لا يسأل أحدًا شيئًا. [أبو داود والترمذي وأحمد].
    القناعة عزة للنفس: القناعة تجعل صاحبها حرًّا؛ فلا يتسلط عليه الآخرون، أما الطمع فيجعل صاحبه عبدًا للآخرين. وقد قال الإمام علي-رضي الله عنه-: الطمع رق مؤبد (عبودية دائمة).
    وقال أحد الحكماء: من أراد أن يعيش حرًّا أيام حياته؛ فلا يسكن قلبَه الطمعُ. وقيل: عز من قنع، وذل من طمع. وقيل: العبيد ثلاثة: عبد رِقّ، وعبد شهوة، وعبد طمع.
    القناعة سبيل للراحة النفسية: المسلم القانع يعيش في راحة وأمن واطمئنان دائم، أما الطماع فإنه يعيش مهمومًا، ولا يستقر على حال. وفي الحديث القدسي: (يابن آدم تفرغْ لعبادتي أملأ صدرك غِنًى، وأَسُدَّ فقرك. وإن لم تفعل، ملأتُ صدرك شُغْلا، ولم أسُدَّ فقرك) [ابن ماجه].
    وقال أحد الحكماء: سرور الدنيا أن تقنع بما رُزِقْتَ، وغمها أن تغتم لما لم ترزق، وصدق القائل:
    هـي القنـاعة لا تـرضى بهــا بـدلا
    فيهــا النعيـم وفيهــا راحـة البـدنِ
    انظـر لمـن ملــك الدنيـا بأجمـعـها
    هـل راح منها بغيــر القطـن والكفـنِ










  5. #15
    خاطر توّه واصل الصورة الرمزية fouad ab


    تاريخ التسجيل
    10 2009
    المشاركات
    58
    المشاركات
    58

    Op أبلغ الآيات و أجزل الأحاديث التي جاءت في الأخلاق




    أشكر كل من ساهم في هذا الموضوع ، و أنا هنا لن أتكلم عن خلق معين ، و لكن سوف أذكر أهم الآيات و الأحاديث التي أحببت أن تقرؤوها عن مكارم الأخلاق

    عندما نريد أن نتكلم عن الأخلاق يجب أن نعلم أن هدف رسالة النبي صلى الله عليه و سلم هو أتمام مكارم الأخلاق و ليس العبادة و الصلاة و الصوم و نستدل على ذلك بحديث النبي صلى الله عليه و سلم :
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : ( إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ )
    [ أحمد و مالك ]

    كما أن بداية النهضة و بداية الإصلاح لا يكون إلا بالأخلاق و أكبر مثال أن انتشار الإسلام في أكبر الدول الإسلامية ( أندنوسيا ) لم ينتشر بمعركة أو فتح و لكن أنتشر بأخلاق التجار الذين وصلوا إلى هناك .

    و بالأخلاق وحدها يمكن أن تجمع الناس حولك و يستمعوا لك و يصدقونك و ليس بمالك و جاهك ، و هذا ما فعله النبي صلى الله عليه و سلم في بداية نشر الإسلام حيث أن أخلاقه الحميدة جمعت الناس حوله ، قال تعالى :
    {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ }
    [ (159) سورة آل عمران ]

    و لتعظيم الأخلاق الحميدة جاء في القرآن الكثير من الآيات و على لسان النبي صلى الله عليه و سلم الكثير من الأحاديث ، ما نعجز عن جمعه في صفحة أو موضوع ما و كلها تدل على تقدم الأخلاق على العبادات أو الأحرى أن العبادات كلها تؤدي إلى مكارم الأخلاق فمثلاً الصلاة جاء فيها :
    قال تعالى :{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}
    [ (45) سورة العنكبوت ]

    و الصوم أيضا ً هو منتهى و ذروة الأخلاق جاء فيه :
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رِوَايَةً قَالَ إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ فَإِنْ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ إِنِّي صَائِمٌ
    [ بخاري و مسلم ]

    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ )
    [ بخاري ]

    و الحج ، و ما يعانيه المسلم من مشقة ، و تدافع في منطقة يصعب التحكم بها بالأخلاق جاء الأمر الإلهي :
    قال تعالى : {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ }
    (197) سورة البقرة

    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ )
    [ بخاري ]

    و من أروع ما قرأت من الأحاديث عن الأخلاق و التي تدعوك للتأمل بعظمة هذا الدين ، و بنقائه و صفائه و التمسك بالأخلاق الحميدة أقدم لكم هذه الباقة :
    عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ مَا خَطَبَنَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا قَالَ : ( لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ )
    [ أحمد ]

    قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ( إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا وَقَالَ إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلَاقًا )
    [ البخاري ]

    عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا )
    [ الترمزي ]

    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقًا )
    [ الترمزي ]

    عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ )
    [ الترمزي – أبو داود – أحمد ]

    من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ )

    عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ )
    [ أبو داود ]



    قل ربِّ زدني علماً

  6. #16
    خاطر توّه واصل الصورة الرمزية fouad ab


    تاريخ التسجيل
    10 2009
    المشاركات
    58
    المشاركات
    58

    Op العفة




    العفة هي البعد عن الحرام وسؤال الناس.

    أنواع العفة:

    للعفة أنواع كثيرة، منها:

    عفة الجوارح: المسلم يعف يده ورجله وعينه وأذنه وفرجه عن الحرام فلا تغلبه شهواته، وقد أمر الله كل مسلم أن يعف نفسه ويحفظ فرجه حتى يتيسر له الزواج، فقال تعالى: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحًا حتى يغنيهم الله من فضله} [النور: 33].

    وحث النبي صلى الله عليه وسلم الشباب على الزواج طلبًا للعفة، وأرشد من لا يتيسر له الزواج أن يستعين بالصوم والعبادة، حتى يغضَّ بصره ويحصن فرجه، فقال الله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة (أداء حقوق الزوجية) فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وِجَاء (وقاية). [متفق عليه].

    عفة الجسد: المسلم يستر جسده، ويبتعد عن إظهار عوراته؛ فعلى المسلم أن يستر ما بين سرته إلى ركبتيه، وعلى المسلمة أن تلتزم بالحجاب، لأن شيمتها العفة والوقار، وقد قال الله -تبارك وتعالى-: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} [النور: 31]

    وقال تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورًا رحيمًا} [الأحزاب: 59].

    وحرَّم الإسلام النظر إلى المرأة الأجنبية، وأمر الله المسلمين أن يغضوا أبصارهم، فقال: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم} [النـور: 30].

    وقال تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن أبصارهن ويحفظن فروجهن} [النور: 31].

    وقال سبحانه: {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا} [الإسراء: 36].


    وسئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة (وهي النظرة التي لا يقصدها الإنسان ولا يتعمدها)، فقال الله صلى الله عليه وسلم: (اصرف بصرك) [أبو داود].

    العفة عن أموال الغير: المسلم عفيف عن أموال غيره لا يأخذها بغير حق. وقد دخل على الخليفة عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- أحدُ وزرائه ليلا يعرض عليه أمور الدولة. ولما انتهى الوزير من ذلك، أخذ يسامر الخليفة ويتحدث معه في بعض الأمور الخاصة، فطلب منه عمر الانتظار، وقام فأطفأ المصباح، وأوقد مصباحًا غيره، فتعجب الوزير وقال: يا أمير المؤمنين، إن المصباح الذي أطفأتَه ليس به عيب، فلم فعلتَ ذلك؟ فقال عمر: المصباح الذي أطفأتُه يُوقَدُ بزيتٍ من مال المسلمين.. بحثنا أمور الدولة على ضوئه، فلما انتقلنا إلى أمورنا الخاصة أطفأتُه، وأوقدتُ مصباحًا يوقد بزيتٍ من مالي الخاص. وبهذا يضرب لنا عمر بن عبد العزيز المثل الأعلى في التعفف عن أموال الدولة مهما كانت صغيرة.

    كما أن المسلم يتعفف عن مال اليتيم إذا كان يرعاه ويقوم على شئونه، فإن كان غنيَّا فلا يأخذ منه شيئًا، بل ينمِّيه ويحسن إليه طلبًا لمرضاة الله -عز وجل-، يقول تعالى: {ومن كان غنيًا فليستعفف} [النساء: 6].

    وقد ضرب لنا الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- مثلا رائعًا في العفة عن أموال الغير حينما هاجر إلى المدينة المنورة، وآخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع -رضي الله عنه-، قال سعد لعبد الرحمن: إني أكثر الأنصار مالا، فأقسم مالي نصفين، ولي امرأتان، فانظر أعجبهما إليك فسَمِّها لي أطلقها، فإذا انقضت عدتها فتزوجْها. فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك. أين سوقكم؟ فدلُّوه على سوق بني قَيْنُقاع) [البخاري].
    وذهب إلى السوق ليتاجر، ويكسب من عمل يديه.

    عفة المأكل والمشرب: المسلم يعف نفسه ويمتنع عن وضع اللقمة الحرام في جوفه، لأن من وضع لقمة حرامًا في فمه لا يتقبل الله منه عبادة أربعين يومًا، وكل لحم نبت من حرام فالنار أولي به، يقول تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون} [البقرة: 172].

    وحثنا النبي صلى الله عليه وسلم على الأكل من الحلال، وبيَّن أن أفضل الطعام هو ما كان من عمل الإنسان، فقال الله صلى الله عليه وسلم: (ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده) [البخاري].

    وقال الله صلى الله عليه وسلم: (من أمسى كالا (متعبًا) من عمل يديه أمسى مغفورًا له) [الطبراني].
    وذلك لأن في الكسب الحلال عزة وشرفًا، وفي الحرام الذل والهوان والنار. ويقول صلى الله عليه وسلم: (إنه لا يربو (يزيد أو ينمو) لحم نبت من سُحْتٍ (مال حرام) إلا كانت النار أولى به) [الترمذي].

    المسلم يعف لسانه عن السب والشتم، فلا يقول إلا طيبًا، ولا يتكلم إلا بخير، والله -تعالى- يصف المسلمين بقوله: {وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد} [الحج: 24]. ويقول عز وجل عن نوع الكلام الذي يقبله: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} [فاطر: 10].

    ويأمرنا الله -سبحانه- أن نقول الخير دائمًا، فيقول تعالى:{وقولوا للناس حسنًا حٍسًنْا} [البقرة: 83]. ويقول صلى الله عليه وسلم: (لا يكون المؤمن لعَّانًا) [الترمذي].
    ويقول: (ليس المؤمن بالطَّعَّان ولا اللَّعَّان ولا الفاحش ولا البذيء) [الترمذي].

    وقد حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على الصدق في الحديث، ونهانا عن الكذب، فقال: (إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يُكْتَبَ عند الله صديقًا. وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يُكتب عند الله كذابًا) [متفق عليه].

    وقال الله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلْيَقُلْ خيرًا أو لِيَصْمُتْ) [متفق عليه].
    والمسلم لا يتحدث فيما لا يُعنيه. قال الله صلى الله عليه وسلم: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يُعنيه) [الترمذي وابن ماجه].

    التعفف عن سؤال الناس: المسلم يعف نفسه عن سؤال الناس إذا احتاج، فلا يتسول ولا يطلب المال بدون عمل، وقد مدح الله أناسًا من الفقراء لا يسألون الناس لكثرة عفتهم، فقال تعالى: {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافًا} [البقرة: 273].

    وقال الله صلى الله عليه وسلم: (اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول وخير الصدقة ما كان عن ظهر غِنًى، ومن يستعففْ يُعِفَّهُ الله، ومن يستغنِ يُغْنِه الله) [متفق عليه].

    فضل العفة:

    وإذا التزم المسلم بعفته وطهارته فإن له عظيم الأجر ووافر الثواب عند الله، قال الله صلى الله عليه وسلم: (ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغنِ يُغْنِه الله)
    [متفق عليه].
    ولذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو ربه فيقول: (اللهم إني أسألك الْهُدَى والتُّقَى والعفاف والغنى) [مسلم].

    وقال الله صلى الله عليه وسلم: (سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دَعَتْهُ امرأةٌ ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدق فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه) [متفق عليه].

    وقد أثنى الله -تعالى- على عباده المؤمنين بحفظهم لفروجهم وعفتهم عن الحرام، فقال تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين . فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}
    [المؤمنون: 5-7].




    قل ربِّ زدني علماً

  7. #17
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    القناعة
    يحكى أن ثلاثة رجال ساروا في طريق فعثروا على كنز، واتفقوا على تقسيمه بينهم بالتساوي، وقبل أن يقوموا بذلك أحسوا بالجوع الشديد، فأرسلوا أحدهم إلى المدينة ليحضر لهم طعامًا، وتواصوا بالكتمان، حتى لا يطمع فيه غيرهم، وفي أثناء ذهاب الرجل لإحضار الطعام حدثته نفسه بالتخلص من صاحبيه، وينفرد هو بالكنز وحده، فاشترى سمًّا ووضعه في الطعام، وفي الوقت نفسه، اتفق صاحباه على قتله عند عودته؛ ليقتسما الكنز فيما بينهما فقط، ولما عاد الرجل بالطعام المسموم قتله صاحباه، ثم جلسا يأكلان الطعام؛ فماتا من أثر السم.. وهكذا تكون نهاية الطامعين وعاقبة الطمع.
    *أُهْدِيَتْ إلى السيدة عائشة -رضي الله عنها- سلالا من عنب، فأخذت تتصدق بها على الفقراء والمساكين، وكانت جاريتها قد أخذت سلة من هذه السلال وأخفتها عنها، وفي المساء أحضرتها، فقالت لها السيدة عائشة -رضي الله عنها-: ما هذا؟ فأجابت الجارية: ادخرتُه لنأكله. فقالت السيدة عائشة -رضي الله عنها-: أما يكفي عنقود أو عنقودان؟
    *ذهب الصحابي الجليل حكيم بن حزام إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله أن يعطيه من الأموال، فأعطاه. ثم سأله مرة ثانية، فأعطاه. ثم سأله مرة ثالثة، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم. ثم قال له مُعلِّمًا: (يا حكيم، إن هذا المال خَضِرٌ حلو (أي أن الإنسان يميل إلى المال كما يميل إلى الفاكهة الحلوة اللذيذة)، فمن أخذه بسخاوة نفس (بغير سؤال ولا طمع) بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبَارَكْ له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا (التي تعطي) خير من اليد السفلي (التي تأخذ). [متفق عليه].
    فعاهد حكيم النبي صلى الله عليه وسلم ألا يأخذ شيئًا من أحد أبدًا حتى يفارق الدنيا. فكان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- يطلبه ليعطيه نصيبه من المال، فيرفض أن يقبل منه شيئًا، وعندما تولى عمر -رضي الله عنه- الخلافة دعاه ليعطيه فرفض حكيم، فقال عمر: يا معشر المسلمين، أشهدكم على حكيم أني أعرض عليه حقه الذي قسمه الله له في هذا الفيء (الغنيمة)، فيأبى أن يقبله.
    وهكذا ظلَّ حكيم قانعًا، لا يتطلع إلى المال بعد نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي تعلَّم منها ألا يسأل أحدًا شيئًا؛ حتى إنه كان يتنازل عن حقه، ويعيش من عمله وجهده.
    *كان سلمان الفارسي -رضي الله عنه- واليا على إحدى المدن، وكان راتبه خمسة آلاف درهم يتصدق بها جميعًا، وكان يشتري خوصًا بدرهم، فيصنع به آنية فيبيعها بثلاثة دراهم؛ فيتصدق بدرهم، ويشتري طعامًا لأهله بدرهم، ودرهم يبقيه ليشتري به خوصًا جديدًا.
    ما هي القناعة؟
    القناعة هي الرضا بما قسم الله، ولو كان قليلا، وهي عدم التطلع إلى ما في أيدي الآخرين، وهي علامة على صدق الإيمان. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (قد أفلح من أسلم، ورُزق كفافًا، وقَنَّعه الله بما آتاه) [مسلم].
    قناعة الرسول صلى الله عليه وسلم:
    كان صلى الله عليه وسلم يرضى بما عنده، ولا يسأل أحدًا شيئًا، ولا يتطلع إلى ما عند غيره، فكان صلى الله عليه وسلم يعمل بالتجارة في مال السيدة
    خديجة -رضي الله عنها- فيربح كثيرًا من غير أن يطمع في هذا المال، وكانت تُعْرَضُ عليه الأموال التي يغنمها المسلمون في المعارك، فلا يأخذ منها شيئًا، بل كان يوزعها على أصحابه.
    وكان صلى الله عليه وسلم ينام على الحصير، فرآه الصحابة وقد أثر الحصير في جنبه، فأرادوا أن يعدوا له فراشًا لينًا يجلس عليه؛ فقال لهم: (ما لي وما للدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة، ثم راح وتركها).
    [الترمذي وابن ماجه].
    لا قناعة في فعل الخير:
    المسلم يقنع بما قسم الله له فيما يتعلق بالدنيا، أما في عمل الخير والأعمال الصالحة فإنه يحرص دائمًا على المزيد من الخيرات، مصداقًا لقوله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى} [البقرة: 197]. وقوله تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين} [آل عمران: 133].
    فضل القناعة:
    الإنسان القانع يحبه الله ويحبه الناس، والقناعة تحقق للإنسان خيرًا عظيمًا في الدنيا والآخرة، ومن فضائل القناعة:
    القناعة سبب البركة: فهي كنز لا ينفد، وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنها أفضل الغنى، فقال: (ليس الغِنَى عن كثرة العَرَض، ولكن الغنى غنى النفس) [متفق عليه].
    وقال الله صلى الله عليه وسلم: (من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافًى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا) [الترمذي وابن ماجه]. فالمسلم عندما يشعر بالقناعة والرضا بما قسمه الله له يكون غنيا عن الناس، عزيزًا بينهم، لا يذل لأحد منهم.
    أما طمع المرء، ورغبته في الزيادة يجعله ذليلاً إلى الناس، فاقدًا لعزته، قال الله صلى الله عليه وسلم: (وارْضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس)
    [الترمذي وأحمد].
    والإنسان الطماع لا يشبع أبدًا، ويلح في سؤال الناس، ولا يشعر ببركة في الرزق، قال الله صلى الله عليه وسلم: (لا تُلْحِفُوا (تلحوا) في المسألة، فوالله لا يسألني أحد منكم شيئًا فتُخْرِجُ له مسألتُه مِنِّي شيئًا، وأنا له كاره، فيبارَكُ له فيما أعطيتُه) [مسلم والنسائي وأحمد].
    وقال الله صلى الله عليه وسلم: (اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعففْ يعِفَّهُ الله، ومن يستغنِ يغْنِهِ الله) [متفق عليه].
    القناعة طريق الجنة: بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن المسلم القانع الذي لا يسأل الناس ثوابُه الجنة، فقال: (من يكفل لي أن لا يسأل الناس شيئًا وأتكفل له بالجنة؟)، فقال ثوبان: أنا. فكان لا يسأل أحدًا شيئًا. [أبو داود والترمذي وأحمد].
    القناعة عزة للنفس: القناعة تجعل صاحبها حرًّا؛ فلا يتسلط عليه الآخرون، أما الطمع فيجعل صاحبه عبدًا للآخرين. وقد قال الإمام علي-رضي الله عنه-: الطمع رق مؤبد (عبودية دائمة).
    وقال أحد الحكماء: من أراد أن يعيش حرًّا أيام حياته؛ فلا يسكن قلبَه الطمعُ. وقيل: عز من قنع، وذل من طمع. وقيل: العبيد ثلاثة: عبد رِقّ، وعبد شهوة، وعبد طمع.
    القناعة سبيل للراحة النفسية: المسلم القانع يعيش في راحة وأمن واطمئنان دائم، أما الطماع فإنه يعيش مهمومًا، ولا يستقر على حال. وفي الحديث القدسي: (يابن آدم تفرغْ لعبادتي أملأ صدرك غِنًى، وأَسُدَّ فقرك. وإن لم تفعل، ملأتُ صدرك شُغْلا، ولم أسُدَّ فقرك) [ابن ماجه].
    وقال أحد الحكماء: سرور الدنيا أن تقنع بما رُزِقْتَ، وغمها أن تغتم لما لم ترزق، وصدق القائل:
    هـي القنـاعة لا تـرضى بهــا بـدلا
    فيهــا النعيـم وفيهــا راحـة البـدنِ
    انظـر لمـن ملــك الدنيـا بأجمـعـها
    هـل راح منها بغيــر القطـن والكفـنِ



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  8. #18
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    [align=center]
    التعاون
    يحكى أن شيخًا كبيرًا جمع أولاده، وأعطاهم حزمة من الحطب، وطلب منهم أن يكسروها، فحاول كل واحد منهم كسر الحزمة لكنهم لم يستطيعوا، فأخذ الأب الحزمة وفكها إلى أعواد كثـيـرة، وأعطى كل واحد من أبنائه عودًا، وطلب منه أن يكسره، فكسره بسهـولة.
    *أمر الله إبراهيم -عليه السلام- أن يرفع جدران الكعبة، ويجدد بناءها، فقام إبراهيم -عليه السلام- على الفور لينفذ أمر الله، وطلب من ابنه إسماعيل -عليه السلام- أن يعاونه في بناء الكعبة، فأطاع إسماعيل أباه، وتعاونا معًا حتى تم البناء، قال تعالى: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم} [البقرة: 127].
    *أرسل الله موسى -عليه السلام- إلى فرعون؛ يدعوه إلى عبادة الله وحده، فطلب موسى -عليه السلام- من الله -سبحانه- أن يرسل معه أخاه هارون؛ ليعاونه ويقف بجانبه في دعوته، فقال: {واجعل لي وزيرًا من أهلي . هارون أخي . اشدد به أزري . وأشركه في أمري} [طه: 29-32]. فاستجاب الله تعالى لطلب موسى، وأيده بأخيه هارون، فتعاونا في الدعوة إلى الله؛ حتى مكنهم الله من النصر على فرعون وجنوده.
    *أعطى الله -سبحانه- ذا القرنين مُلكًا عظيمًا؛ فكان يطوف الأرض كلها من مشرقها إلى مغربها، وقد مكَّن الله له في الأرض، وأعطاه القوة والسلطان، فكان يحكم بالعدل، ويطبق أوامر الله.
    وكان في الأرض قوم مفسدون هم يأجوج ومأجوج، يهاجمون جيرانهم، فينهبون أموالهم، ويظلمونهم ظلمًا شديدًا؛ فاستغاث هؤلاء الضعفاء المظلومون بذي القرنين، وطلبوا منه أن يعينهم على إقامة سـد عظيم، يحول بينهم وبين يأجوج ومأجوج، {قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجًا على أن تجعل بيننا وبينهم سدًا} [الكهف: 94].
    فطلب منهم ذو القرنين أن يتحدوا جميعًا، وأن يكونوا يدًا واحدة؛ لأن بناء السد يحتاج إلى مجهود عظيم، فعليهم أن يُنَقِّبُوا ويبحثوا في الصحراء والجبال، حتى يحضروا حديدًا كثيرًا لإقامة السد، قال تعالى: {قال ما مكني فيه خيرًا فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردمًا} [الكهف: 95]. وتعاون الناس جميعًا حتى جمعوا قدرًا عظيمًا من الحديد بلغ ارتفاعه طول الجبال، وصهروا هذا الحديد، وجعلوه سدَّا عظيمًا يحميهم من هؤلاء المفسدين.
    *كان أول عمل قام به الرسول صلى الله عليه وسلم حينما هاجر إلى المدينة هو بناء المسجد، فتعاون الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى هيئوا المكان، وأحضروا الحجارة والنخيل التي تم بها بناء المسجد، فكانوا يدًا واحدة حتى تم لهم البناء.
    وكان الصحابة يدًا واحدة في حروبهم مع الكفار، ففي غزوة الأحزاب اجتمع عليهم الكفار من كل مكان، وأحاطوا بالمدينة، فأشار سلمان الفارسي -رضي الله عنه- على النبي صلى الله عليه وسلم بحفر خندق عظيم حول المدينة، حتى لا يستطيع الكفار اقتحامه. وقام المسلمون جميعًا بحفر الخندق حتى أتموه، وفوجئ به المشركون، ونصر الله المسلمين على أعدائهم.
    ما هو التعاون؟
    التعاون هو مساعدة الناس بعضهم بعضًا في الحاجات وفعل الخيرات. وقد أمر الله -سبحانه- بالتعاون، فقال: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} [المائدة: 2].
    فضل التعاون:
    والتعاون من ضروريات الحياة؛ إذ لا يمكن للفرد أن يقوم بكل أعباء هذه الحياة منفردًا. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان معه فضل ظهر فلْيعُدْ به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فلْيعُدْ به على من لا زاد له)
    [مسلم وأبو داود].
    وحث النبي صلى الله عليه وسلم على معونة الخدم، فقال: (ولا تكلِّفوهم ما يغلبهم فإن كلَّفتموهم فأعينوهم) [متفق عليه].
    والله -سبحانه- خير معين، فالمسلم يلجأ إلى ربه دائمًا يطلب منه النصرة والمعونة في جميع شئونه، ويبتهل إلى الله -سبحانه- في كل صلاة مستعينًا به، فيقول: {إياك نعبد وإياك نستعين} [الفاتحة: 5].
    وقد جعل الله التعاون فطرة في جميع مخلوقاته، حتى في أصغرهم حجمًا، كالنحل والنمل وغيرها من الحشرات، فنرى هذه المخلوقات تتحد وتتعاون في جمع طعامها، وتتحد كذلك في صد أعدائها. والإنسان أولى بالتعاون لما ميزه الله به من عقل وفكر.
    فضل التعاون:
    حينما يتعاون المسلم مع أخيه يزيد جهدهما، فيصلا إلى الغرض بسرعة وإتقان؛ لأن التعاون يوفر في الوقت والجهد، وقد قيل في الحكمة المأثورة: المرء قليل بنفسه كثير بإخوانه.
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) [مسلم].
    وقال صلى الله عليه وسلم: (يد الله مع الجماعة) [الترمذي].
    وقال صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضُه بعضًا)
    [متفق عليه].
    والمسلم إذا كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن يسَّر على معسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
    وقال صلى الله عليه وسلم: (وعَوْنُكَ الضعيفَ بِفَضْلِ قُوَّتِكَ صدقة) [أحمد].
    التعاون المرفوض: نهى الله -تعالى- عن التعاون على الشر لما في ذلك من فساد كبير، فقال تعالى: {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} [المائدة: 2].
    والمسلم إذا رأى أحدًا ارتكب معصية فعليه ألا يسخر منه، أو يستهزئ به، فيعين الشيطان بذلك عليه، وإنما الواجب عليه أن يأخذ بيده، وينصحه، ويُعَرِّفه الخطأ.

    [/align]



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  9. #19
    -


    تاريخ التسجيل
    06 2005
    المشاركات
    34,989
    المشاركات
    34,989
    Blog Entries
    78


    الشورى
    قبل معركة بدر، استشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في الخروج للقتال فشجعوه، حتى إن المقداد بن الأسود -رضي الله عنه- قال: يا رسول الله، إنا لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، ولكن امض ونحن معك. فانشرح صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرهم بالخروج للقتال.
    وفي الطريق إلى مكان المعركة، نزل الجيش في مكان قريب من بئر بدر، فقال الحُباب بن المنذر -رضي الله عنه-: يا رسول الله، أهذا منزل أَنْزَلَكَهُ الله، فليس لنا أن نتقدم عنه ولا نتأخر، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بل هو الرأي والحرب والمكيدة).
    فقال الحباب: يا رسول الله، فإن هذا ليس بمنزل. وأشار الحباب على النبي صلى الله عليه وسلم أن يعسكر الجيش عند بئر بدر، فيشرب منه المسلمون ويمنعوا منه الكفار، فرضي النبي صلى الله عليه وسلم برأيه وعمل به. وبعد أن انتهت المعركة، وانتصر المسلمون انتصارًا رائعًا، ووقع في الأسر سبعون رجلا من المشركين، طلب النبي صلى الله عليه وسلم مشورة أصحابه فيم يصنع بهؤلاء الأسرى؟
    فكان رأي أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أن يعفو عنهم ويطلب منهم
    الفداء، وكان رأي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن تُضرب أعناقهم ويقَتَّلُوا، فاختار الرسول صلى الله عليه وسلم رأي أبي بكر الصديق.
    ***
    كانت بلقيس ملكة على مملكة سبأ في عهد نبي الله سليمان -عليه السلام- وكانت معروفة عند قومها بالعقل والحكمة، وكان قومها يعبدون الشمس من دون الله، فَبَعث إليها نبي الله سليمان -عليه السلام- رسالة يدعوها فيها إلى الإيمان بالله الواحد الذي لا شريك له، فقالت بلقيس لقومها: {يا أيها الملأ إني ألقي إلى كتاب كريم . إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم . ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين . قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرًا حتى تشهدون} [النمل: 29-32]. وهكذا طلبت ملكة سبأ مشورة قومها، ثم ذهبت إلى نبي الله سليمان، فشرح الله صدرها للإسلام.
    ***
    ما هي الشورى؟
    الشورى هي أن يأخذ الإنسان برأي أصحاب العقول الراجحة والأفكار الصائبة، ويستشيرهم حتى يتبين له الصواب فيتبعه، ويتضح له الخطأ فيجتنبه، والحكم في الإسلام يقوم على ثلاثة أركان أساسية، هي: العدل والمساواة والشورى، مما يبين أن الشورى لها مكانة عظيمة في ديننا الإسلامي، وقد سمى الله -تعالى- سورة في القرآن الكريم باسم الشورى.
    وأمر الله -تعالى- نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يشاور المسلمين، ويأخذ آراءهم، فقال سبحانه: {فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر}
    [آل عمران: 159]. وجعل الله -تعالى- الشورى صفة من صفات المسلمين، وجعلها في منزلة الصلاة والإنفاق، قال تعالى: {والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون} [الشوري: 38].
    والشورى في الإسلام تكون في الأمور التي ليس فيها أمر من الله، أو أمر من الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ إنه لا شورى مع وجود نص شرعي، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم دائم المشاورة لأصحابه في كل أمر يقدم عليه ما لم ينزل فيه قرآن، فإذا كان هناك وحي من الله طبقه الرسول صلى الله عليه وسلم دون تأخير.
    قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: ما رَأَيْتُ أحدًا قَطُّ كان أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    فضل الشورى:
    الذي يستشير الناس لا يندم أبدًا، والله -سبحانه- يوفقه للخير، ويهديه إلى الصواب. قال الله صلى الله عليه وسلم: (من أراد أمرًا، فشاور فيه امرءًا مسلمًا وفقه الله لأرشد أموره) [الطبراني]. والمشاورة هي عين الهداية، وهي دليل على الحزم وحسن التصرف والتدبير. وبالشورى يستفيد الإنسان من تجارب غيره، ويشاركهم في عقولهم، وبذلك يتجنب الخطأ والضرر، ويصبح دائمًا على صواب.
    وقال أحمد شوقي مخاطبًا عمر -رضي الله عنه-:
    يا رافعـًا رايــة الشُّـورى وحـارسَهـا
    جزاك ربُّكَ خيـرًا عـن مُحِبِّــيـهَا
    رَأْي الجماعةِ لا تَشْقَى البـــلادُ بـــهِ
    رَغْـَم الخـِلاف ورَأْي الْفَـرْدِ يُشْقِيهَا
    وقد قيل: نعم المؤازرة المشاورة.
    وقال الشاعر:
    وإنْ نـَاصِـحٌ منـك يومـًا دَنَــا
    فلا تَنْأَ عنــه ولا تُقْـصـِـــهِ
    وإن بَـابُ أَمْــرٍ عَلَيـــكَ الْتـَـــوَي
    فشـاورْ لَبِيـبـًا ولا تَعْصِــــهِ
    تنأ عنه (تبتعد عنه)، وتقصه (تبعده)، واللبيب (الفطن الراجح العقل).


    الاستخارة:
    وإذا كان المسلم يأخذ آراء العقلاء من الناس ويستشيرهم في أموره، فإن
    الله -سبحانه- أقرب من نلجأ إليه حين تختلط علينا الأمور؛ فنطلب منه الهداية والرشاد، وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الاستخارة، فإذا أقدم المسلم على أمر فليصلِّ ركعتين، ثم يدعو الله بدعاء الاستخارة:
    (اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تعلم ولا أعلم، وتَقْدِرُ ولا أَقْدِرُ، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنتَ تعلم أن هذا الأمر (ويذكر حاجته) خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لـي، ويـسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويذكر حاجته) شرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقْدِرْ لي الخيرَ حيث كان ثم رضِّني به) [البخاري]. فعلى المسلم أن يحرص على تلك الصلاة ويستخير ربه في كل أموره.



    هكذا هم الغرباء يأتون ويرحلون بـصمت ..!

  10. #20
    مراقب المضايف الاسلامية الصورة الرمزية ابو ضاري


    تاريخ التسجيل
    03 2007
    الدولة
    الجبي
    العمر
    45
    المشاركات
    15,733
    المشاركات
    15,733
    Blog Entries
    1


    الرفق




    الرفق
    دخل أحد الأعراب الإسلام، وجاء ليصلى في المسجد مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فوقف في جانب المسجد، وتبول، فقام إليه الصحابة، وأرادوا أن يضربوه، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (دعوه، وأريقوا على بوله ذنوبًا من ماء -أو سجلاً (دلوًا) من ماء- فإنما بعثتم مُيسِّرِين، ولم تبعثوا مُعَسِّرين) [البخاري].
    ***
    ما هو الرفق؟
    الرفق هو التلطف في الأمور، والبعد عن العنف والشدة والغلظة. وقد أمر الله بالتحلي بخلق الرفق في سائر الأمور، فقال: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} [الأعراف: 199]، وقال تعالى: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}.
    [فصلت: 34].
    رفق النبي صلى الله عليه وسلم:
    كان النبي صلى الله عليه وسلم أرفق الناس وألينهم.. أتى إليه أعرابي، وطلب منه عطاءً، وأغلظ له في القول، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه، ثم أعطاه حمولة جملين من الطعام والشراب، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يلاعب الحسن والحسين ويقبُّلهما، ويحملهما على كتفه.
    وتحكي السيدة عائشة -رضي الله عنها- عن رفق النبي صلى الله عليه وسلم فتقول: ما خُيرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيء قط إلا أن تُنْتَهَك حرمة الله؛ فينتقم لله -تعالى-. [متفق عليه]. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: (يسِّرُوا ولا تُعَسِّرُوا، وبَشِّرُوا ولا تُنَفِّروا) [متفق عليه].
    أنواع الرفق:
    الرفق خلق عظيم، وما وُجِدَ في شيء إلا حَسَّنَه وزَيَّنَه، قال الله صلى الله عليه وسلم: (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه (حسنه وجمله)، ولا يُنْزَعُ من شيء إلا شانه (عابه) [مسلم].
    ومن أشكال الرفق التي يجب على المسلم أن يتحلى بها:
    الرفق بالناس: فالمسلم لا يعامل الناس بشدة أو عنف أو جفاء، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أبعد ما يكون عن الغلظة والشدة، قال تعالى: {ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك} [آل عمران: 159]. وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أوصني؟ فقال له: (لا تغضب) [البخاري].
    والمسلم لا يُعَير الناس بما فيهم من عيوب، بل يرفق بهم، رُوِي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تُظهر الشماتة لأخيك، فيرحمه الله ويبتليك (أي: يصيبك بمثل ما أصابه) [الترمذي].
    والمسلم لا يسب الناس، ولا يشتمهم، وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فقال: (سباب المسلم فسوف وقتاله كفر) [متفق عليه].
    الرفق بالخدم: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رفيقًا بالخدم، وأمر من عنده خادم أن يطعمه مما يأكل، ويلبسه مما يلبس، ولا يكلفه ما لا يطيق، فإن كلَّفه ما لا يطيق فعليه أن يعينه. يقول صلى الله عليه وسلم في حق الخدم: (من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعْتِقَه (يجعله حرًّا) [مسلم].
    الرفق بالحيوانات: نهى الإسلام عن تعذيب الحيوانات والطيور وكل شيء فيه روح، وقد مَرَّ أنس بن مالك على قوم نصبوا أمامهم دجاجة، وجعلوها هدفًا لهم، وأخذوا يرمونها بالحجارة، فقال أنس: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تُصْبَرَ البهائم (أي تحبس وتعذب وتقيد وترمي حتى الموت). [مسلم].
    ومَرَّ ابن عمر -رضي الله عنه- على فتيان من قريش، وقد وضعوا أمامهم طيرًا، وأخذوا يرمونه بالنبال، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال لهم: مَنْ فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئًا فيه الروح غرضًا (هدفًا يرميه). [مسلم].
    ومن الرفق بالحيوان ذبحه بسكين حاد حتى لا يتعذب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم (أي: في الحروب) فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، ولْيُحِدَّ أحدُكم شَفْرَتَه (السكينة التي يذبح بها)، ولْيُرِحْ ذبيحته) [متفق عليه]. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه قد غفر لرجل؛ لأنه سقى ***ًا كاد يموت من العطش. بينما دخلت امرأة النار؛ لأنها حبست قطة، فلم تطعمها ولم تَسْقِهَا حتى ماتت.
    الرفق بالجمادات: المسلم رفيق مع كل شيء، حتى مع الجمادات، فيحافظ على أدواته، ويتعامل مع كل ما حوله بلين ورفق، ولا يعرضها للتلف بسبب سوء الاستعمال والإهمال.
    فضل الرفق:
    حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على الرفق، فقال: (إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله) [متفق عليه]، وقال الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله رفيق، يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه) [مسلم].
    والمسلم برفقه ولينه يصير بعيدًا عن النار، ويكون من أهل الجنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبركم بمن يحْرُم على النار؟ أو بمن تَحْرُم عليه النار؟ تَحْرُم النار على كل قريب هين لين سهل) [الترمذي وأحمد].
    وإذا كان المسلم رفيقًا مع الناس، فإن الله -سبحانه- سيرفق به يوم القيامة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو، فيقول: (اللهم مَنْ وَلِي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم، فارفق به) [مسلم










صفحة 2 من 15 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 13 (0 من الأعضاء و 13 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. نار....قصة في حلقات
    بواسطة إضحوي الصعيـبـي في المنتدى مضيف الأدب العربي الفصيح
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 19-08-2009, 21:24
  2. أخلاق افتراضيـــة ....!!
    بواسطة شام في المنتدى قضية ورأي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 30-07-2009, 10:44
  3. حق المسلم على أخيه المسلم (بالصور) ...
    بواسطة محتار بأسمي في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 24-02-2007, 03:02
  4. أدعية المسلم في اليوم والليلة ( كتاب حصن المسلم )......شئ جميل صدقوني
    بواسطة مقند الكيف في المنتدى المنتدى الاسلامي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 29-01-2007, 08:55
  5. أخلاق الداعية إلى الله و أعماله و صفاته
    بواسطة مجاهدة في المنتدى منتدى الشباب
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 09-12-2004, 12:33

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع ما يطرح بالمضايف يعبر عن وجهة نظر صاحبه وعلى مسؤوليته ولا يعبر بالضرورة عن رأي رسمي لإدارة شبكة شمر أو مضايفها
تحذير : استنادا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة العربية السعودية, يجرم كل من يحاول العبث بأي طريقة كانت في هذا الموقع أو محتوياته