وبعد فراق طويل . . . جاءت
وقالت :
أني أشعر أن الأقدار التي فرّقت بيننا قد أستطاعة أيضاً أن تجعلك تنسى ذلك الحب الذي كان ينبض بيننا..
وأنك ما عدت تراه في داخلك كما كنت تشعر به قبل فراقنا.. ؟
قلت :
عندما تعبر الأيام لتعبّر عن قسوة الأقدار.. فأن لتعبيرها فاجعة أخرى غير فاجعة الفراق..
فتترك فينا فجوة واسعة يصيح فيها النسيان..
ليثبت أنه لا شئ يبقى على حاله في هذا الزمان..
قالت :
معنى هذا أنك نسيت ما بيننا وبأن تلك المشاعر التي لا تهدأ في أشواقها لم يعد لها وجوداً في حياتك.. ؟
فما كنت أعتقد أن ما بداخلك سيتغير كما يتغير كل شئ حولك..
أني ما عدت إليك إلآ وأنني أعلم أن ما بيننا يبقى الشئ الوحيد الباقي الذي لا تغيره الظروف..
ولا تزلزله رياح الزمان.. ولكنني الآن أجده يرحل كرحيل الأيام ومرورها فلم يبقى منه شيئاً..
قلت :
إنكِ تعلمين جيداً أن ما كنت أشعر به نحوك كان أعظم من أن يشعر به قلب مُحِبْ..
وأكبر من أن يراه عاشق في قلبه..
فكنت دائماً أحاول أن أحقق لكِ كل ما ترغبين به.. لأنني حينما أحببتك وجدتك أحق الناس في مشاعري..
فعطيتكِ كل مافي داخلي دون غيرك.. فماذا غير قلبي كنتِ تريدين.. !؟
قالت :
أعرف قسوة ذلك الفراق على قلبك.. وأعرف مقدار الألم الذي تركه غيابي في داخلك..
وأعرف مرارة واقعه في حياتك.. فلا هروب من هذه الحقيقة المرَّة..
ولكن ليكن لديك يقين.. أنني لم أجد في داخلي لذةً أتلذذ فيها بلحظات البعد عنك..
بل كان الذي يعزي ألمي على فراقك هي لذة الأمل في لقائي بك كقربي منك الآن..
فكان أملي أن يبقى ما بيننا سنوات وسنوات ولا يؤثر به شيئاً أبداً..
لكن بربك قل لي كيف لي أن أستعيدك الآن.. ؟
قلت :
أفترقتِ منذو سنوات بعيدة بملء إرادتك دون إنذار سابق ورحلتِ دون أن تتركي
وراءك شيئاً غير جُرحاً مازال يئن في أعماقي..
وتأتين الآن وتبحثين عن ماضينا.. وكأنكِ مضطربة لسماعك نهايته وتأخذك
دهشتك الكبيرة أين ذلك الحب..!!
يا سيدتي دعينا من ذلك الحب أنه يملك جراحاً كبيرة ويؤلمنا كثيراً.
قالت :
ليس صحيحاً ذلك.. فلم يكن رحيلي عنك إلآ عن خارج إرادتي.. ولو كان الأمر بيدي
لبقيت طوال عمري بين يديك.. ولم أفارقك للحظة واحدة..
لكن مرت بي لحظات ياس وإحباط من الظروف القاسية التي تلقيتها في حياتي..
فلم تترك لي بديلاً آخر غير أن أفترق عنك..
قلت :
الحب في الأصل هو مشاركة إنسانية.. ففيه يتقاسم العشاق حياتهم مع بعضهم
فتكون همومهم وأحزانهم ومتاعبهم واحدة.. فلا يلجأ أحدهما لأحدٍ إلآ من هو قريب إلى قلبه..
لأنه أقرب من جميع البشر التي حوله.. ولكنني أجدكِ تبعدينني عن ذلك..
أليس أحزانك هي أحزاني.. أليس كل ما تعانين منه هو ألمي وجزءً مني.. ؟؟
فكان لابَّد لكِ أن تطلعيني على تلك الظروف.. وبدلاً من أن أكون أول من يقف إلى جانبك ويأخذ بيدك..
أراكِ تأخذين حقائبك وترحلين بعيداً.. ليكون رحيلك خير إثبات لي على أنني مجرد لحظة عابرة في حياتك..
يا سيدتي أيَّ حباً هذا الذي تتحدثين عنه.. ويفترق فيه المحبين لأول لحظة تهز فيها الظروف مشاعرهم وحياتهم..
أني مازلت أذكر لحظات رحيلك كأنها الآن..
ما سألتِ قلبك حينها ماذا سيفعل ذلك القلب الذي أحبك بعد فراقك..
ماذا سيحدث له حينما يتلقى أقسى ما يكون في رحلة حبه.. !؟
إنكِ لا تعلمين كم من المشاعر وقتها راودتني.. وكم أحرقتني لدرجة لم أستطع فيها أن أتعامل معها
حتى أن طواها النسيان..
فلماذا عدتِ الآن.. ولماذا بهذا الوقت بذات.. !!؟
قالت :
عدت لأنكَ منبع هذه المشاعر الطاهرة التي أحياها.. فلا تكابر وتسحق آمالي..
قلت :
إنكِ وحدك كابرتِ وخدعتِ نفسك يوم أعلنتِ رحيلكِ... ألم نتعاهد قبل هذا على ألآ نفترق.. !!؟
قالت :
نعم .. لكن أعذرني لتنكرني وعودي معك.. ولنتسامح... يقولون إذا سقط منا اليوم في الحياة شيئاً..
فغداً مع الحب نجمعه..
قلت :
رغم أن التسامح أعظم وأنبل ما في البشر إلآ أنني لا أستطيع أن أفعل شيئاً يتعارض مع قلبي..
قالت :
تقصد أنه أنتهى كل شئ.. وأنه لم يبقى في داخلك أمنية تتمنى فيها أن نعود لسابق حبنا.. !!؟
قلت :
قُدِّر علينا ألآ نعود لذلك الحب مرةً ثانية.. مع أنني أتمنى أن أبدأ معك من جديد.. لكن ليس الآن...
فربما في حياة أخرى وظروف أخرى غير هذه الظروف..
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حينما يجتمع قلبين على الطهارة.. ويكون ثالثهما الحب..
فأن لا وسيلة لفراقهم عن بعضهم.. غير فراقهم عن أحتياجهم لبعضهم..
. . . . . . . . .
وللمشاعر بقية . . .
المفضلات