مسجد دكس.. دور متميز في خدمة الدعوة
أنشأته الجالية اليمنية في ولاية "ميتشجان" الأمريكية
شيدت الجالية اليمنية مسجد دكس في مدينة ديربورن بولاية ميتشجان الأمريكية وأسهمت في توسعاته الجاليات العربية والإسلامية،
وتأثر في شكله الخارجي بالعمارة الهندية، وهو أكبر وأشهر المساجد الأمريكية.
شارك في عمارة الدنيا بطريقة إيجابية، وأحاط غير المسلمين علما بمبادئ العقيدة الإسلامية، وقدم المساعدات للمضارين في الكوارث الطبيعية.
وللمسجد قبة تحاكي قبة مسجد الصخرة بالحرم القدسي الشريف كما تأثرت أركانه بضريح تاج محل، وله مئذنتان تقدمان مع القبة مشهدا
إسلاميا متميزا في المدينة الأمريكية. يتكون مسجد دكس من طابقين ويشتمل على قاعة رئيسية للصلاة، ومصلى للنساء، وقاعة احتفالات،
ومكتبة إسلامية، ومدرسة للتعليم الديني وتحفيظ القرآن الكريم وتعليم اللغة العربية، وبهذه الإمكانات والخدمات يصبح مسجد دكس أكبر
المراكز الإسلامية في الولايات المتحدة وقارة أمريكا الشمالية.
تقام بالمسجد صلاة العيدين (الفطر والأضحى) سنويا، وصلاة الجمعة أسبوعيا، والصلوات الخمس يوميا، كما يوفر فرص التعارف والتآلف
بين أبناء الجالية الإسلامية التي تتركز في هذه المنطقة.
تم تأسيس الجمعية الإسلامية الأمريكية سنة 1937م، لتصبح بمرور الأعوام من أهم المراكز الإسلامية في الغرب، وتأسس مسجد دكس
سنة 1939 ويقوم بدور متميز في خدمة الدعوة الإسلامية بإقامة الشعائر الدينية، وتنظيم الدروس والمحاضرات للمسلمين وغير المسلمين
لتعريفهم بمبادئ الدين الإسلامي الحنيف.
ويسهم المسجد في حملات الإغاثة للمنكوبين في الكوارث الطبيعية، ويقدم المساعدات المادية والعينية لهم في جميع الولايات الأمريكية.
وقد أقيم حفل كبير في 29 أبريل 2005 بمناسبة افتتاح التوسعات والزيادات الجديدة في مسجد دكس، حضره كبار المسؤولين في
ولاية ميتشجان، ومدينة ديربورن وعدد من أعضاء الكونجرس، وجمع كبير من المسلمين المقيمين بالولاية في المنطقة.
تحدثت السيدة جينيفر جرانهولم حاكمة ولاية ميتشجان خلال الحفل عن الدور الإيجابي للمسلمين الأمريكيين، وعن مبادئ الدين
الإسلامي وسماحته، وشهد الاحتفال القنصل اليمني بولاية متشجان.
يقع المسجد وسط الحي السكني الذي يقيم به المسلمون بمدينة ديربورن، وهي إحدى المناطق الصناعية الشهيرة، ويحمل المسجد اسم الشارع
الذي يقع فيه، ويسمى أيضا مسجد دير بورن، لأنه أقدم مساجد المدينة، وأيضا لوجود عدد من المساجد الأخرى في الشارع نفسه.
ورغم الإمكانات والموارد المحدودة للمسلمين في الولايات المتحدة فإنهم يبذلون قصارى جهدهم في خدمة الدعوة الإسلامية.
أربع مراحل
مر المسجد بأربع مراحل منذ افتتاحه سنة 1939 حتى عمارته الأخيرة في سنة 2005:
المرحلة الأولى عند تأسيسه، وكان مسجدا صغيرا حين أقامته الجالية اليمنية، وتأثر بشكل واضح في مظهره الخارجي بالعمارة الهندية،
خاصة تاج محل.
في المرحلة الثانية أجريت للمسجد عمارة جديدة سنة ،1952 وبلغت مساحته 12000 قدم مربعة.
المرحلة الثالثة جرت سنة ،1986 بعد زيادة أعداد المسلمين بالمنطقة، وبلغت مساحته 24000 قدم مربعة.
المرحلة الرابعة بدأت سنة ،2000 واستمرت إلى سنة ،2005 وبلغت مساحة المسجد 48000 قدم مربعة.
ومساحة المسجد الحالية قابلة للزيادة إلى 126000 قدم مربعة.
يغلب على المسجد ومآذنه ومنشآته اللون الأبيض والطابق الأول فيه مخصص للخدمات والمكاتب الإدارية، أما الطابق الثاني فتشغله قاعة
الصلاة الرئيسية، وتتسع لنحو ألف من المصلين، ومن خلفها مصلى للنساء يتسع ل 500 من السيدات والفتيات.
يتم خلال شهر رمضان تنظيم برنامج كبير للشعائر والعبادات والندوات والمحاضرات وصلاة التراويح وزيارات الأئمة والفقهاء
والقراء من الدول العربية والإسلامية.
والمسجد حالياً هو مقر للجمعية الإسلامية الأمريكية التي تأسست 1937.
مدرسة الفرقان
وفي المسجد مدرسة تسمى مدرسة الفرقان، وتقع في الطابق الأول وتقوم بنشاط كبير في تعليم الصغار والكبار أصول ومبادئ الدين
واللغة العربية وتحفيظ القرآن الكريم. تتسع مدرسة الفرقان لأكثر من 500 طالب وطالبة، وتتكون من 16 فصلا دراسيا،
وحجرات لتعليم الحاسبات، ومكتبة إسلامية، ويقوم بالتدريس فيها 20 مدرسا ومدرسة في الفترتين الصباحية والمسائية.
وفي المسجد مكتبة إسلامية كبيرة تضم آلاف الكتب والمراجع، بالإضافة إلى مكتبة صوتية ومرئية تتضمن المصاحف
والمحاضرات والدروس الدينية.
وفي المسجد مكتب للإمام، ومكاتب إدارية، وموقف للسيارات، وتحيط به مساحة واسعة خضراء.
ومدينة ديربورن من المناطق الصناعية الشهيرة بالولايات المتحدة، خاصة صناعة السيارات، وبالقرب من مسجد دكس يقع مقر
شركة فورد لصناعة السيارات.
وتمثل اللغة العربية قاسما مشتركا في أسماء المحلات التجارية بمنطقة المسجد، حتى ولو كانت لغير المسلمين، ويبلغ عدد المسلمين
في الولايات المتحدة ثمانية ملايين نسمة.
وللمسجد قبة تحاكي قبة مسجد الصخرة بالحرم القدسي الشريف في فلسطين، وعدد من القباب الصغيرة، وهي جميعا مغطاة بطبقة نحاسية
صفراء، وله مئذنتان مضلعتان، تتكون كل منهما من ثلاثة أجزاء، وشرفة في أعلاها شكل مخروطي يحمل الهلال شعار الإسلام وهو
مغطى بلون القباب، ويعكس من الداخل فنون العمارة الإسلامية في محرابه، وأبوابه، وسجاده، وأعمدته، وثرياته، وأعماله الرخامية،
وأشكاله الزخرفية النباتية والهندسية، ولوحاته الخطية، وتظهر على منبره فنون الخرط الخشبية.
يعكس المسجد من الداخل الروح الإسلامية التي تبدد آلام الغربة، وتشعر من يدخله بالهدوء والراحة والسكينة، وفي شهر رمضان تلتقي
الجالية الإسلامية في مسجد دكس، الذي يقدم الإفطار للصائمين، كما تقدم المحلات المحيطة بالمسجد وجبات بأسعار زهيدة بمناسبة الشهر الكريم،
وينتهي البرنامج الرمضاني الكبير بصلاة العيد التي يؤديها الجميع من رجال ونساء وأطفال في ملابسهم الجديدة في مظهر إسلامي جميل.
انتشر الإسلام في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية والجنوبية عن طريق المهاجرين العرب والمسلمين، وباجتهاد بعض العلماء المخلصين،
وعدد من المستشرقين المنصفين. أي أن الإسلام انتشر في تلك البقاع بالقدوة الطيبة والأسوة الحسنة لشخصيات مسلمة، أو لجماعات محدودة
بدت كأنها جزر صغيرة وسط بحر غير إسلامي، لكنها ازدادت وتوسعت رويدا رويدا بمرور الأيام والأعوام.
يعود المؤرخون بالوجود الإسلامي في العالم الجديد إلى سنة 1492 م، وهو تاريخ رحلة كريستوفر كولومبس من غرب أوروبا إلى العالم الجديد،
وقالوا إن كولومبس استعان بعدد من البحارة المسلمين لإتمام الرحلة لخبرتهم في هذا المجال، وارتيادهم لهذه المناطق من قبل. لكن الوجود
المنظم للمسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية بدأ خلال أواسط القرن العشرين، وازداد في أوائل الستينات من القرن نفسه.
الولايات المتحدة رابعة دول العالم من حيث المساحة بعد روسيا وكندا والصين، وهي الثالثة من حيث عدد السكان بعد الصين والهند، وتمتد أراضيها
من المحيط الأطلنطي شرقا إلى المحيط الهادي غربا، كما تضم ألاسكا وجزر هاواي.
وقد احتفل المسلمون في الولايات المتحدة الأمريكية خلال شهر مايو/أيار الماضي بمرور 70 عاماً على تأسيس مسجد دكس الذي شارك في
عمارة الدنيا، أقام شعائر الإسلام، ودعا إليه بالحكمة والموعظة الحسنة، وعلم الصغار والكبار مبادئ الدين، ولغة القرآن الكريم، وقدم لغير
المسلمين الصورة الحقيقية للإسلام والمسلمين.
المفضلات